المركز العربي للبحوث والدراسات : من جمال عبد الناصر إلى محمد مرسي المرأة في المجالس المنتخبة (طباعة)
من جمال عبد الناصر إلى محمد مرسي المرأة في المجالس المنتخبة
آخر تحديث: الأحد 29/12/2013 01:11 م د. يسري العزباوي
لفتت المرأة المصرية أنظار العالم بشجاعتها في ثورة 25 يناير، عندما وقفت بجانب الرجال في ميدان التحرير، مسرح عمليات الثورة، حتى سقط النظام. لكن مع مرور الوقت كانت المرأة محور الكثير من الأحداث، وأثارت جدلاً حول دورها في المشاهد السياسية المتلاحقة، التي كان أبرزها الانتخابات البرلمانية، وتشكيل الأحزاب السياسية، واحتجاجات الموجة الثانية من الثورة، وإعادة تشكيل المجلس القومي للمرأة، ومظاهر التحرش الجماعي التي تزامنت مع الذكرى الثانية للثورة. ولا شك في أن المرأة المصرية كانت تعاني التهميش والعنف قبل قيام ثورة يناير حتي أن النظام السابق كان يستخدم ملف المرأة لتجميل وجهه أمام العالم.

أما النظام الحالي فلديه قناعاته ونظرته الخاصة للمرأة، والتي تأتي على النقيض تمامًا من تطلعات الحركة النسائية المصرية لمستقبل المرأة المصرية، خاصة بعد ثورة عظيمة فتحت الباب على مصراعيه أمامها لمشاركة أكثر فعالية في المجال العام. فالمرأة المصرية صاحبة الريادة بين الدول العربية في خروجها إلى المظاهرات للمطالبة باستقلال أوطانها، فخرجت المرأة سنة 1919 للمطالبة باستقلال مصر عن الاحتلال الإنجليزي، وكانت المرأة رائدة في حث المواطنين على لنضال ضد الاحتلال، كما فعلت أم المصريين (صفية زغلول)، والمرأة المصرية هي أول امرأة عربية لها حق التصويت في الانتخابات، وكانت دائمًا في الريادة لحقوق المرأة، ولكن أكثر من 30 عامَ تهميشٍ من الأنظمة الحاكمة سمح بتقليص فرص المرأة في المشاركة في إدارة الشأن العام واستغلال ملفات وقضايا المرأة لتجميل صورة النظم المختلفة.

وفي الواقع، لا يمكن تقييم المشاركة الانتخابية عامة بدون التعرض بشكل مفصل لبعض الفئات شبه الغائبة أو المغيبة عن البرلمان. فلكي يكون البرلمان كفؤًا في تمثيله للمواطنين يجب أن يحتوي على تمثيل متوازن لهؤلاء المواطنين. فغياب فئة أو فئات عن البرلمان لا بد وأن يثير التساؤل عن أسباب غيابهم هل هو عزوف من جانبهم، أم أن قواعد اللعبة الانتخابية لا تتيح لهم المشاركة والنجاح. وتعد مشكلة التمثيل السياسي والانتخابي للمرأة في البرلمان والأحزاب والحكومة والسلطة القضائية‏،‏ واحدة من أبرز إشكاليات‏ ومشكلات تطور النظام والمؤسسات السياسية المصرية منذ ‏23‏ يوليو‏1952‏ وحتى اللحظة الراهنة‏.‏ وتتجلى أهمية هذا الموضوع في أنه يعكس نقاط تقاطع عديدة في تطور نظم الأفكار والجماعات السياسية على اختلافها‏،‏ فضلاً عن أنظمة القيم والتقاليد والعادات في الريف والحضر‏.‏

وبعد ثورة 25 يناير، ثمة تداخلات بين موضوع التمثيل البرلماني للمرأة،‏ والبيئة الدينية‏،‏ ومحمولاتها من التأويلات والتفسيرات الدينية المحافظة‏،‏ بل إن موضوع التمثيل البرلماني للمرأة في الحزب والبرلمان والحكومة والقضاء‏..‏ إلخ‏، هو ذروة تصادم بين المدارس الفكرية والأيديولوجية والسياسية في مصر الآن.

ويمكن القول إنه طبقًا لمحددات المشاركة السياسية فإنه يلاحظ غياب للمرأة بشكل عام عن المشاركة السياسية، فطبقًا لما كشفته دراسة للاتحاد البرلماني الدولي عام 2008 جاءت مصر في المرتبة 134 من مؤشر متضمن 188 دولة، مسجلةً 2% فقط، كما أكد أيضًا المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره حول “,”الفجوة الجندرية العالمية The Global Gender “,”، على تدني وضع المرأة في مصر؛ حيث وصلت مصر على مستوى التمكين السياسي إلى المرتبة 124 من 130 من ضمن الدول التي تناولها التقرير، وحصلت مصر على المرتبة 122 من حيث وضع المرأة في البرلمان. ( [1] )

والمفارقة الجديرة بالملاحظة هنا أنه رغم تدني نسب المشاركة للمرأة فإن نسب قيدها في الجداول الانتخابية كان في ارتفاع مستمر؛ حيث تم توظيف الأصوات النسائية من طرفين رئيسيين هما الحزب الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين، حيث اعتمدا على القوة التصويتية للنساء، واستغلا في ذلك ظروف الفقر والجهل للمرأة، خصوصًا في الأرياف والمناطق النائية، وقد تضاعفت نسب النساء المقيدات في جداول الانتخابات، فنلاحظ تضاعف نسبة النساء نحو مرتين خلال الفترة (1986-2000)، فقفزت من 18% عام 1986 إلى 35% عام 2000 ثم إلى 38% عام 2005، واستمرت زيادة نسب المقيدات في جداول الانتخابات إلى 40% مقابل 60% للرجال عام 2007 ( [2] ) ، وقد بلغت في انتخابات الرئاسة 2012 حوالي 40% ممن لهم حق التصويت.

وقد اقتصرت المشاركة السياسية للمرأة المصرية قبل ثورة يناير على النخب النسوية المحدودة التي كانت تتحرك في إطار المجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية والخيرية، وقد غابت هذه النخب عن المشاركة الحزبية إلا في الحزب الحاكم وبمستوى تمثيل رمزي. كما ينعكس وجود هذه النخب بشكل محدود في وسائل الإعلام كمشاركات في النقاش العام بشأن الحراك السياسي، فلا تنتبه وسائل الإعلام المرئية للمرأة إلا بشكل محدود جدًّا، بينما وجودها المنتظم في أعمدة الرأي بالصحف هو وجود رمزي ويرتبط أحيانًا بمنصب الزوج في الصحف القومية. وفيما يتعلق بالأحزاب فإن هناك قصورًا يخص دعم الأحزاب لفكرة مشاركة المرأة السياسية، وذلك من خلال الأعداد الضئيلة التي تدفع بها لخوض الانتخابات البرلمانية، فمن بين 24 حزبًا قبل الثورة لم يُقْدِم إلا أربعة فقط على دفع المرأة لخوض الانتخابات، فضلاً عن جماعة الإخوان المسلمين التي كانت محظورة في هذا التوقيت حتى انتخابات عام 2010. ولعل هذه الحقيقة كانت سببًا لصدور القانون رقم 149 لسنة 2009 الخاص بزيادة عدد الدوائر البرلمانية وتخصيص مقاعدها للمرأة، وهو ما أسفر عن تخصيص 64 مقعدًا للمرأة، مع الإبقاء على إمكانية ترشحها للمقاعد العامة. وعلى الرغم من ارتفاع عدد الأحزاب السياسية بعد ثورة 25 يناير إلا أن ترشيحها للمرأة لا يزال ضعيفًا جدًّا.

أولاً: مفهوم المشاركة الانتخابية

لا شك في أن مفهوم المشاركة السياسية يلعب دورًا مهمًّا في تطوير آليات وقواعد الحكم الصالح، كمفهوم بات قيد التداول السياسي في الوقت الراهن، وفي إطار ما يعرف “,”بالتنمية المستدامة“,” ( Sustainable development ) للمجتمعات، خاصة مجتمعات العام الثالث، التي توصف أنظمتها بالشمولية أو بسيادة المفاهيم الإرثية على مفاهيم المواطنة في تحديد النخب السياسية.

واختلف الباحثون في تحديد مفهوم المشاركة السياسية، فيرى وينر ( Wener ) أن المشاركة السياسية “,”تعني نشاطًا اختياريًّا يهدف إلى التأثير في اختيار السياسات العامة، أو اختيار القادة السياسيين على المستويين المحلي والقومي، سواء أكان هذا النشاط ناجحًا أو غير ناجح، منظمًا أو غير منظم، مستمرًّا أو مؤقتًا“,”.

أما ماكلودسكي ( Maclosky ) فيرى أن المشاركة السياسية “,”تعني تلك النشاطات الإرادية التي يشارك بمقتضاها أفراد مجتمع ما في اختيار حكامه، وفي صياغة السياسات العامة بشكل مباشر أو غير مباشر، أي إنها تعني اشتراك الفرد في مختلف مستويات النظام السياسي“,”.

وتعني المشاركة السياسية عند صموئيل هانتجنتون وجون نلسون ذلك النشاط الذي يقوم به المواطنون العاديون بقصد التأثير في عملية صنع القرار الحكومي، سواء أكان هذا النشاط فرديًّا أو جماعيًّا، منظمًا أو عفويًّا، متواصلاً أو متقطعًا، سلميًّا أو عنيفًا، شرعيًّا أو غير شرعي، فعالاً أو غير فعال. والمعنى الأكثر شيوعًا لمفهوم المشاركة السياسية هو “,”قدرة المواطنين على التعبير العلني، والتأثير في اتخاذ القرارات، سواء بشكل مباشر أو عن طريق ممثلين يفعلون ذلك“,”.

وعلى الرغم من التعريفات السابقة، لا نجد تعريفًا محددًا حتى الآن لمفهوم المشاركة السياسية؛ باعتبارها مفهومًا حمل نوعًا من القصدية المسبقة في تبنيه أثر موجة العولمة، ومحاولة تعميمها من البلدان المتقدمة باتجاه البلدان التي انهارت فيها أنظمة تخطيط الدولة المركزية، والتي أدخلت الأفراد في آلة الحركة المخططة والدور المحدد اجتماعيًّا؛ باعتباره في هذه الآلة، وأن مشاركته تدخل في إطار نوع من الإكراه على الدور.

أما المشاركة الانتخابية، فهي إحدى صور المشاركة السياسية، وهي تتخذ أشكالاً ومستويات مختلفة، فالتصويت في الانتخابات، والمشاركة في الحملات الانتخابية والالتحاق بالتجمعات الانتخابية، والعمل من أجل مرشح أو حزب سياسي، كلها مستويات مختلفة من أشكال المشاركة الانتخابية. ويمكن تعرف المشاركة الانتخابية: “,”بأنها عملية يقوم من خلالها الفرد أو الجماعة بالإسهام الحر والواعي والمنظم في صياغة نمط الحياة السياسية من خلال صندوق الانتخابات“,”.

وعادة ما تقاس درجة المشاركة السياسية في الانتخابات العامة وفق العديد من الإحصاءات، التي ترصد عدد المرشحين، وعدد الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في الانتخابات، وعدد الناخبين المقيدين بالجداول الانتخابية، وإجمالي الأصوات، ونسبة الإدلاء بالأصوات، والأصوات الباطلة، والأصوات الصحيحة.. الخ. ويشكل مجموع الناخبين الذين لهم حق التصويت ما يطلق عليه الهيئة الناخبة، وتمثل مشاركتهم إحدى مستويات أو مظاهر المشاركة السياسية، وهذه المشاركة ليست تلقائية، وإنما تعتمد على عوامل عديدة سياسية واجتماعية وثقافية، كما يمثل الناخبون فئات وطبقات وعناصر متنوعة. ( [3] )

إن الممارسة الفعلية لأي مستوى للمشاركة السياسية يتطلب اقتناعًا بجدوى وأهمية المشاركة، إلى جانب أن يتسم الفرد بالمسئولية والالتزام واحترام الواجب؛ ومن ثم فإن تنمية المشاركة السياسية تتطلب توفير الظروف الاجتماعية والثقافية والتربوية التي تكسب الفرد ثقافة سياسية مشاركة. ويناقش البعض مشاركة المرأة من خلال ثلاثة أنماط هي: المشاركة الرسمية، والشكلية، والمشاركة الفعلية.

“,” “,”

1- المشاركة الرسمية ( Formal ):

وتستند على أن المرأة لها الحق القانوني والدستوري في المشاركة، وإن جاء متأخرًا في بعض السياقات وصاحبه في بعض الأحيان بعض الشروط. فالتصويت للمرأة في الكويت مثلاً بدأ في 2005. وأحد متطلبات التصويت في لبنان كان التعليم. ورغم أن التمثيل العادل للمرأة تم طرحه منذ 100 عام، وتم تبنيه من مواثيق حقوق الإنسان، وخاصة في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان في عام 1946، حينما كان الهدف من هذا الإعلان منح نفس الحق السياسي لكل من الرجل والمرأة، فإن المشاركة القانونية قد لا تترجم دائمًا إلى مشاركة فعلية أو تؤدي إلى شغل حيز من هيكل القوة داخل الدولة.

ورغم منح كثير من الدول هذا الحق للمرأة فإن المرأة لا يزال تمثيلها في المجالس التشريعية والمحلية، وفي مراكز صنع القرار، ضعيفًا، فهناك فقط 20% من المجالس الشعبية تضمن تمثيلاً للمرأة. ومن ثم فإن التمثيل العادل للمرأة ( Formal ) لا يعني أوتوماتيكيًّا زيادة نسب تمثيل المرأة في السياسة.

2- المشاركة الشكلية ( Descriptive ):

يطرح التيار النسوي ( Feminist ) ضرورة طرح أشكال أخرى من المشاركة؛ كهدف لتفعيل المشاركة القانونية، والبحث عن صيغة مثالية لذلك، وكانت صيغة تساوي نسبة تمثيل المرأة في المجالس التشريعية والتمثيلية مع نسبتها في الهيكل الديموجرافي للدولة، وهو ما اصطلح على تسميته بالمشاركة الشكلية. ومع ذلك؛ فالمشاركة الشكلية لا تعني القضاء على أشكال اللامساواة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين الرجل والمرأة داخل أي مجتمع؛ حيث إن الاستبعاد الدائم قوّى لدى السياسيين قبول الوضع المتدني للنساء في عالم السياسة؛ مما يستدعي طرحًا أكثر مصداقية؛ ومن ثم، فإن أصحاب تيار المشاركة الشكلية يعتبرون المشاركة القانونية الخطوة الأولى لتمثيل المرأة. فالقوانين-من وجهة نظرهم- تؤكد الحق المتساوي للمرأة في التصويت وفي العمل السياسي والتدرج فيه، ولكن واقعيًّا المرأة لا تزال على خط السباق الأول مع الرجل، فهي أشبه بشخص مكبل بالقيود لفترة زمنية، ثم يطلب منه أن يدخل سباقًا مع شخص حصل على حريته منذ آلاف السنين؛ ولذا يعتبر أصحاب هدا النمط أن “,”... هؤلاء الذين ظلوا فترات طويلة تقليديًّا خاضعين، مهمشين، أو ليس لهم صوت، في حاجة لتأمين منحهم صوتًا وضمان ذلك الصوت“,”، وذلك من خلال تغيير قوانين الانتخاب ومنح حصة نسبية ( Quota ) للمرأة“,”.

3- المشاركة الفعلية للمرأة ( Substantive Representation ):

إن هذا النوع من المشاركة يستدعي وجود سياسيين مدعمين لحق المرأة، ولكن التأييد والتدعيم ( Standing for ) ليس كالفعل ( Acting upon )، فوجود عدد كبير من النساء داخل المجالس ليس كافيًا لتمثيل مصالح المرأة؛ إذ يجب أن تكون المرأة الممثلة للمرأة قادرة على اتخاذ قرار والقيام بفعل، بغض النظر عن التفضيلات الذكورية داخل المجالس السياسية. ويطرح هذا النوع من المشاركة ثلاث إشكاليات نظرية: الأولى : السياسيات النساء Female Politicians ، اللائي قد لا يكون لديهن الرغبة ولا القدرة في أن يفعلن شيئًا للمرأة. الثانية : النساء اللائي لديهن الرغبة ولكن ليس لديهن القدرة على التغيير المؤسسي حتى يستطعن أن يبقين لفترة طويلة في هيكل القوة؛ ولذا يتآلفن ويتعايشن مع نفس سلوك ومنهج السياسيين الرجال في اتخاد القرارات. و أخيرًا: النساء اللائي لديهن الرغبة والقدرة ولكن انحيازاتهن الطبقية أو التعليمية أقوى من خدمتهن وتمثيلهن لكل النساء ؛ لأن النساء لا يمثلن كتلة متجانسة.



ثانيًا: واقع مشاركة المرأة بعد الثورة

خلال الفترة الوجيزة الماضية ونحن نرى مظاهر التدين الظاهري والتشدد الديني تتزايد وتتنامى في المجتمع المصري بشكل واسع، وفي الوقت ذاته نرى اضمحلال المنظومة الأخلاقية والقيم العامة للفرد داخل المجتمع؛ مما يدلل على انحراف مجتمعي، وتردٍّ للأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، والتضييق على المرأة ومكتسباتها. وقد انصرف هذا التضيق على مؤسسات الدولة، كما يلي:

1- الجمعية التأسيسية:

أكد الدكتور سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب المنحل، على أن اختيار المائة شخصية الذين توافق عليهم القوى السياسية والحزبية، بما تمثله من تنوع سياسي وفكري وثقافي ومهني وجغرافي، جاء طبقًا لاختيارات القوى السياسية وترشيحاتها التي توافقت عليها على النحو التالي: 9 من فقهاء الدستور، و6 من الهيئات القضائية المختلفة، و5 من مؤسسة الأزهر الشريف، و4 من مرشحي الكنائس المصرية الثلاث، و7 من النقابات المهنية، و4 من ممثلي العمال والفلاحين، و33 عضوًا يمثلون 8 أحزاب سياسية، و3 يمثلون السلطة التنفيذية (القوات المسلحة والشرطة والحكومة)، و29 من الشخصيات والشباب .

وقد جاء تشكيل الجمعية التأسيسية معيبًا للغاية، وقائمًا على نظام المحصصة. فقد كان من للأحزاب السياسية 8 مرشحين، بواقع 4 رؤساء أحزاب ونائبين لرؤساء أحزاب وسكرتير عام لأحد الأحزاب . أما الشباب ومصابو الثورة فكانوا 7 فقط و10 من علماء الدين الإسلامي من الأزهر الشريف وباقي الهيئات الشرعية، و8 من الأقباط (4 من ترشيحات الكنائس و4 من ترشيحات الأحزاب)، و28 فقيهًا قانونيًّا، منهم 6 من الأساتذة والباقون من المستشارين وفقهاء القانون، و10 من الكتاب والمفكرين، و7 نقباء للصحفيين والمعلمين والمهن التمثيلية والأطباء والصيادلة والمهندسين، و30 أستاذًَا جامعيًّا، و4 يمثلون النقابات العمالية ونقابة الفلاحين، وعضو واحد يمثل المصريين بالخارج . ( [4] )

ومن الأهمية القول: أولاً: أن تمثيل المرأة في هذه الجمعية ضعيف للغاية، ولا يقارن بحجمها الحقيقي في المجتمع؛ حيث مثلت المرأة في الجمعية بـ 7% فقط، وهن: د. منار الشوربجي، ود. أميمة كامل، ود. سعاد كامل رزق، ود. أماني أبو الفضل، ود. هدى غنية، ومنال الطيبي، وشهيرة حليم دوس. ثانيًا: جاء تمثيل النساء المنتميات لتيار الإسلام السياسي الأعلى من حصة النساء في الجمعية التأسيسية.

2- على مستوى تشكيل الحكومة والمحافظين:

بعد ثورة 25 يناير حظيت المرأة بحقيبة واحدة في حكومة عصام شرف؛ حيث احتفظت فايزة أبو النجا بوزارة التعاون الدولي. أما عن حكومة الجنزوري فقد ارتفع عدد الحقائب التي حظيت بها المرأة إلى ثلاث حقائب، هي: التخطيط والتعاون الدولي، والتأمينات والشئون الاجتماعية، والدولة للبحث العلمي. وقبل انتخاب الدكتور محمد مرسي قطع على نفسه وعدًا بتمكين والعمل على اتساع المشاركة السياسية والاجتماعية للنساء، ووضع سياسات تدعم المساواة ومناهضة العنف تجاههن، إلا أن الوعد هذا، هو الآخر، لم يرَ النور بعد، وجاء تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل مخيب للآمال حيث قام باختيار سيدتين فقط هما الدكتورة نجوى خليل وزيرة للتأمينات، والدكتورة نادية زخاري وزيرة للبحث العلمي، وهو الأمر الذي يعيد إلى الذاكرة نهج سياسات الحزب الوطني في تمثيل النساء ومشاركتهن الضعيفة، حيث كان تمثيل المرأة في الحكومة السابقة أعلى من حكومة الدكتور قنديل؛ فقد جاء تمثيل النساء فيها حوالي 5.7% فقط.

وعلى مستوى حركة المحافظين، سبقت حركة المحافظين، التي تمت في أغسطس 2011، توقعات بتولي سيدة واحدة على الأقل منصب محافظ، غير أن هذه التوقعات لم تتحقق، وأوضح وزير التنمية المحلية أن السبب وراء استبعاد المرأة من هذه الحركة هو الفراغ الأمني الذي تشهده البلاد، وأكد على أن المرأة “,”غير قادرة على النزول للشارع لحل مشاكل الجماهير في الوقت الحالي على الأقل“,”. وجاءت أيضًا حركة المحافظين التي تمت مؤخرًا خالية تمامَا من جود المرأة على عكس ما كان متوقعًا من الثورة والرئيس الجديد.

3- تشكيل الفريق الرئاسي والمساعدين:

جاء قرار السيد رئيس الجمهورية محمد مرسي بتشكيل فريق رئاسي ومساعدين له دلالة فارقة وتأكيدًا على المشاركة السياسية لكل فئات المجتمع، إلا أن المعايير الخاصة بالتشكيل جاءت معيبه وغير مبرره أو مفهومة على الإطلاق، فكان نصيب النساء ثلاث سيدات، اثنتين منهن ينتمين إلى تيارات إسلامية أصولية، والرئيس تراجع عن وعده باختيار نائبه امرأة له. كما جاء قرار رئيس الجمهورية بإعادة تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، مخيبًا لآمال وتطلعات الجماعة الحقوقية الوطنية، واعتمد الاختيار على بعض الشخصيات التي تدعم وتكرس لحالات الفرز الطائفي والانشقاق المجتمعي.

وقد جاءت تصريحات د. أميمة كامل، مستشار رئيس الجمهورية لشئون النساء، مخيبة للآمال، ومحطمه للطموحات؛ لما تحمله من أفكار رجعية ونظرة دونية للنساء جميعًا. وطالعنا -خلال الفترة التي قام عليها التقرير- العديد من المواقف الاحتجاجية الاجتماعية؛ فقد خرج المعلمون من جديد يطالبون بحقوقهم المسلوبة، وكذلك اجتمعت الجماعة الحقوقية المصرية في 9 سبتمبر 2012، في مؤتمر المشاركة الشعبية لإعداد الدستور، الذي أجمعوا فيه على وجوب تمثيل كافه فئات الشعب، والفئات المهمشة، والأقليات، تمثيلاً مشرفًا يليق بمصر وتاريخها ومجدها.

إن مشاركة المواطنين الكاملة –رجل كان أو امرأة- تفتح بابًا للتعاون البنَّاء بين المواطنين والمؤسسات الحكومية، كما تفتح قنوات للاتصال السليمة بينهما. وتساعد على ترشيد السياسات والقرارات المتعلقة بمشروعات وبرامج التنمية ومتطلباتها.

ثالثًا: واقع المشاركة الانتخابية للمرأة

ترجع مشاركة المرأة المصرية في العمل السياسي في العصر الحديث إلى عام 1881، عندما شاركت في الثورة العرابية، من خلال جمعية حلوان وجمعية مصر الفتاة؛ حيث ساهمت في توزيع المنشورات، ونقل الأخبار دون أن يتطرق إليها الشك. كما ساهمت المرأة في ثورة 1919، وشاركت في المظاهرات ضد الاحتلال، وسقطت شهيدة من النساء في المواجهة مع القوات البريطانية؛ مما أدى إلى امتداد الثورة، وزيادة مساهمة النساء في كافة أنحاء الجمهورية.

ومن واقع الإحصاءات فإن نسبة مشاركة المرأة المصرية في الحياة السياسية لا تتعدى 5%، بينما لا تتعدى مشاركتها كنائب في البرلمان 2%، وتأتي مشاركتها في الانتخابات المختلفة لتعكس تدنيًا واضحًا في نسب المشاركة؛ حيث لا يذهب للتصويت، من بين 3.5 مليون مواطنة لها حق التصويت، سوى أقل من مليون.

وعندما تأسست الأحزاب أصبح للمرأة حق في المشاركة في النشاط الحزبي والتمثيل في اللجان الحزبية، وقد شاركت المرأة في العمل السياسي، بالتعيين في وظائف: الوزيرة، والسفيرة، ورئاسة تحرير الصحف، ورئاسة القنوات التليفزيونية والشبكات الإذاعية، وغيرها. وقد شاركت المرأة في عضوية اللجان النقابية العمالية منذ عام 1945، وكان أول تنظيم نقابي خاص بالعاملات المصريات عام 1946 هو “,”رابطة عاملات القطر المصري“,”؛ للدفاع عن حقوق المرأة العاملة، والمطالبة بتحسين ظروف العمل للمرأة؛ لمساعدتها على تحقيق التوازن بين دورها الأسري ودورها في العمل والإنتاج. وشاركت النساء في الريف في عضوية مجلس إدارة الجمعيات التعاونية عام 1957. ( [5] )

1) المرأة في المجالس الشعبية المحلية

وفي ظل قانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 أنشئت مجالس للأحياء، ومجالس للمدن، ومجالس للقرى، والمجلس الشعبي المحلي للمحافظة خصص للمرأة في كل منها مقاعد تتراوح نسبتها بين 10% - 20% من إجمالي عدد الأعضاء، بالإضافة إلى حقها في مقاعد أخرى من خلال المنافسة في الانتخابات مع الرجل.

جدول يوضح تطور نسبة مشاركة المرأة في عضوية المجالس الشعبية المحلية

“,” “,”

* فازت المرأة في انتخابات 2008 بـ ‏2495‏ من بين‏ 6054 مرشحة على مستوى كل من مجلس المحافظات والأحياء والمراكز والقرى.

يرصد الجدول السابق تمثيل المرأة المصرية في عضوية المجالس الشعبية المحلية على مستوى الجمهورية خلال ربع قرن تقريبًا. ويؤكد هذا الجدول ضعف تمثيل المرأة المصرية في تلك المجالس، حيث بلغ المتوسط العام لتمثيلها في هذه المجالس طوال هذه الفترة 4.4%. كما يلاحظ أيضًا من معطيات هذا الجدول الهبوط المستمر في نسبة تمثيل المرأة في المجالس المحلية على مستوى مجالس المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى على حد سواء. حيث هبطت نسبة التمثيل من 11.2% عام 1979م إلى 0.8% عام 2002. ولا يلائم تمثيل المرأة المصرية في المجالس المحلية على الإطلاق حجم تمثيلها في المجتمع، وحجم مشاركتها في التنمية المحلية بكافة المحافظات والمراكز والأحياء والمدن والقرى على مستوى الجمهورية، كما لا يتلاءم في الوقت ذاته مع حجم جهودها في خدمة المجتمع المحلي. ويؤكد هذا الجدول أن المرأة المصرية تكاد لا تتواجد على مستوى صنع واتخاذ القرار على المستوى المحلي. ( [6] )

2) المرأة في مجلس الشورى

لا شك في أن تطور تمثيل المرأة في مجلس الشورى كان ضعيفًا للغاية، حيث بلغت نسبة تمثيلها 3.3% من إجمالي الأعضاء في عام 1980، وزادت بنسبة ضعيفة في عام 1996 لتصل إلى 5.7%، واستمرت النسبة ذاتها في عام 2002. مع الأخذ في الاعتبار أن هذه النسب تشمل المعينات والمنتخبات في الوقت ذاته، ولا تلائم هذه النسب حجم مشاركة المرأة المصرية في مجالات التنمية المختلفة، كما لا تناسب أيضًا حجم الخبرة والكفاءة التي تتمتع به المرأة المصرية في العديد من المجالات العلمية، والاجتماعية، الفنية، الأدبية، القانونية... الخ، والتي يمكن أن تثري أعمال المجلس في لجانه المختلفة. ( [7] )

ولضعف إقبال المرأة والأقباط على الانتخابات في مجلس الشورى، تأتي أغلبية التعيينات من هاتين الفئتين. فلا شك في أن التعيين في مجلس الشورى يعتبر فرصه جيدة لوصول النساء والأقباط، بالإضافة لأصحاب الكفاءات والخبرات، إلى المجلس، وأصبح التعيين وسيلة لضم عدد من أعضاء وقيادات أحزاب المعارضة؛ في محاولة لتأكيد الطابع التعددي للقوى السياسية التي يعبر عنها المجلس.

جدول يوضح عدد المعينون والمعينات في مجلس الشورى (1980- 2012)





العام



عدد المعينين



عدد المعينات



نسبة المعينات%





80-83



74



4



4.5





83-86



13



2



15.4





86-89



21



1



4.8





89-92



56



11



19.6





92-95



11



1



9.1





95-98



22



5



22.7





98-2001



19



5



26





2001- 2004



26



5



19





2004- 2007



17



8



47.1





2007-2010



17



4



23.5





2010-2011



11



2



18.5





2012



90



6



6.7





الإجمالي



377



54



14.3






ومن الجدول السابق يمكن القول إنه قد تم تعيين عضوتين جديدتين بالمجلس من إجمالي 11 عضوًا جديدًا بنسبة 18.5%، وهي نسبة صغيرة جدًّا مقارنة بالدورة السابقة، والتي تم تمثيل النساء فيها بـ(4) عضوات، بنسبة تجديد بلغت 23.5%. واللافت أيضًا أنه من بين السيدتين المعينتين واحدة قبطية، تصنف ضمن الكوتة القبطية أيضًا. ويتضح أيضًا بأن المجلس العسكري اتبع نفس سياسات نظام مبارك، حيث قام بتعيين النساء لسد فجوة عدم انتخابهن، كما قام بتعين قبطية من المعينات.

3) المرأة في مجلس الشعب

سعت المرأة المصرية منذ زمن طويل للحصول على حقوقها السياسية؛ فنجد النساء في حفل افتتاح البرلمان في مارس 1924 أقدمن على تقديم طلب لحضور هذا الحفل، وحملن لافتات كتب عليها: “,”احترموا حقوق نسائكم“,”، تطلب منح النساء حق الانتخاب، ولما أصرت النساء على مطلبهن لحضور جلسات البرلمان، تم تخصيص مقصورة لهن عام 1925 ثم مقصورتين، ثم تبع ذلك إعلان البرلمان بأنه سيناقش بالفعل حق المرأة في التصويت أثناء انعقاد جلساته، توالت الأحداث التي طالما طالبت فيها النساء بضرورة أخذ حقوقهن السياسية وحقهن في الانتخاب وترشيح أنفسهن كعضوات داخل البرلمان ( [8] ) .

وقد أثبتت التجربة المصرية نجاح المرأة في مجال العمل البرلماني، حيث مثلت المواطنين خير تمثيل. وكان لها بصماتها الواضحة في مسيرة الحياة النيابية، سواء في مجالس الرقابة أو التشريع. وقد برزت كفاءتها كذلك من خلال عملها في لجان المجلس؛ فانتخبت أمينة لسر بعض اللجان، ووكيلة لبعضها، بل إنها انتخبت رئيسة لواحدة من أهم لجان المجلس، هي لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، وذلك للمرة الأولى على مدى الحياة النيابية في مصر ( [9] ) .

ويوضح الجدول التالي نسبة عدد النائبات من إجمالي عدد المقاعد





البرلمان



عدد النائبات



إجمالي المقاعد



النسبة المئوية





1957



2



350



0.6





1960



6



350



1.8





1964



8



350



2.3





1969



3



350



0.9





1971



8



350



2.3





1976



6



350



1.2





1979



33



350



9.4





1984



37



448



8.3





1987



14



448



3.1





1990



7



444



1.6





1995



5



444



1.1





2000



7



444



1.6





2005



4



444



0.9





2010



64



508



13.1





2011/2012



11



508



2





متوسط النسبة











2.9






يوضح الجدول أن متوسط نسبة تمثيل المرأة المصرية خلال نصف القرن الماضي في مجلس الشعب لا يتعدى 2.9% في المتوسط، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه النسبة تشتمل على المعينات والمنتخبات في الوقت نفسه.

كما يوضح الجدول ذاته أن أعلى معدلات المشاركة للمرأة المصرية في مجلس الشعب خلال نصف القرن الماضي ارتبطت بمجلسي 1979- 1984، حيث بلغت نسبة تمثيل المرأة فيهما 8.9%، 7.8% على التوالي، وارتبط ذلك بصدور قانون يخصص 30 مقعدًا للمرأة، بحد أدنى مقعد لكل محافظة، خلاف منافستها للرجل على بقية المقاعد. وباستثناء هذين المجلسين، فإن نسب تمثيل المرأة في البرلمان كانت محدودة للغاية، حيث تراوحت بين 0.57% في حدها الأدنى و3.9% في حدها الأقصى. ( [10] )

كما يوضح الجدول التالي نسبة تمثيل السيدات المنتخبات والمعينات في المجالس التشريعية

(1957 – 2012)

“,” “,”

ويتضح من الجدول السابق أنه من بين 110 معينين خلال الفترة من 1964 حتى 2005 لم يعين سوى 27سيدة، بنسبة حوالي 24% من إجمالي عدد المعينين. وفي مجالس برلمانية عدة لم تعين سوى سيدة واحدة مثل برلمانات (69 – 71- 1984)، وكان أكبر عدد للنساء في التمثيل في البرلمان كان 35 و 36، وذلك في برلماني 1979 و 1984 على التوالي.

ويوضح لنا الجدول التالي نسبة تمثيل النساء في البرلمانات المصرية منذ انتخابات 1957 حتى آخر انتخابات برلمانية تمت عام 2005 طبقًا لنوع النظام الانتخابي التي جرت في ظله الانتخابات (1957- 2012):





البرلمان



عدد الفائزات



عدد المعينات



إجمالي عدد النائبات



النظام الانتخابي





1957



2







2



النظام الفردي





1960



-



7 منهن 2 من سوريا



7



النظام الفردي





1964



8



-



8



النظام الفردي





1969



2



1



3



النظام الفردي





1971



7



1



8



النظام الفردي





1976



4



2



6



النظام الفردي





1979



33



2



35



القائمة النسبية





1984



37



1



38



القائمة النسبية





1987



14



4



18



القائمة النسبية





1990



7



3



10



النظام الفردي





1995



5



4



9



النظام الفردي





2000



7



4



11



النظام الفردي





2005



3



5



8



النظام الفردي





2010



64



1



65



النظام الفردي





2011 / 2012



9



2



11



النظام المختلط






ويتضح من الجدول أن نسبة المرأة في المجلس كانت منخفضة للغاية، حتى صدر القرار بقانون رقم 21 لسنة 1979 في شأن مجلس الشعب، والذي أشار للمرة الأولى إلى تخصيص 30 مقعدًا للمرأة، موزعة على عدد 30 دائرة انتخابية من إجمالي عدد الدوائر وعددها 176 دائرة، مع إمكانية ترشيح المرأة للفوز بأية مقاعد إضافية. كما يتضح أيضًا بأن نسبة تمثيل المرأة في برلمان الثورة جاءت أقل بكثير عن البرلمان السابق، وفي المتوسط العام لتمثيل المرأة في عهد مبارك، كما أن اتباع نظام انتخابي مختلط لم يؤدِّ إلى زيادة نسبة تمثيل المرأة في البرلمان.



رابعًا: معوقات وسبل تفعيل المشاركة الانتخابية للمرأة

تعد المشاركة السياسية للمرأة والأقباط في الحياة العامة وصنع القرار، واحدة من القضايا الأساسية التي تطرح نفسها بشكل دائم في الأوساط العلمية والسياسية، خاصة وأن الدستور المصري والقوانين المنظمة للعمل السياسي يؤكدان حق المرأة في التصويت والترشيح، كما يؤكد الدستور على مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، وعدم وجود أي تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين. وتقر كافة البحوث والدراسات التي تصدت لقضية المشاركة السياسية للمرأة المصرية ضعف مستوى المشاركة على مستوى الترشيح، وكذلك على مستوى التصويت في الانتخابات التشريعية والنقابية، فالمتتبع لمشاركة المرأة المصرية في عضوية مجلسي الشعب والشورى والنقابات المهنية والمجالس المحلية، يدرك المشاركة الضعيفة للمرأة المصرية في مواقع صنع القرار.

ويمكن القول إن هناك معوقات عامة تؤثر على مشاركة المرأة بشكل عامة، منها على سبيل المثال النظام الانتخابي وتأثيره على المشاركة الانتخابية للفئات المهمشة، والثقافة السائدة والنظرة السلبية للعمل بالسياسة لدى المرأة. بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تواجه المرأة، والإعلامية التي تتمثل في قيام وسائل الإعلام، بمختلف أنواعها، وخاصة التليفزيون، بتهميش الوعي لدى المرأة؛ حيث تكثر من الاستهلاك الترفي دون التثقيفي، وتكريس الأدوات النمطية للمرأة كربة البيت، والربط الدائم بين خروجها للعمل وفشل حياتها الأسرية، واختزال المرأة في أدوار تجردها من إنسانيتها وتحولها لسلعة، ويظهر ذلك جليًّا في الإعلانات التي تركز على المرأة الجميلة، وأخيرًا، محدودية معالجة الموضوعات الخاصة بالمشاركة السياسية للمرأة وارتباطها بشكل أساسي بالاهتمام الرسمي بالقضية. ( [11] )

أما الحلول المقترحة لإزالة كافة العقبات الانتخابية أمام المرأة، فتتمثل في:

أ) ضبط إدارة العملية الانتخابية: وفي هذا الإطار يمكن طرح مجموعة الرؤى المستقبلية الآتية:

· تحديد ضوابط قوية لاستخدام المال في العملية الانتخابية.

· تحديد ضوابط تمنع استخدام العنف في العملية الانتخابية.

· تحديد ضوابط لتجريم شراء الأصوات الانتخابية.

· تنفيذ الضوابط الخاصة بنزاهة العملية الانتخابية.

ب) تتصل بتيسير إجراءات مشاركة المواطنين في الانتخابات: ويمكن طرح
مجموعة مقترحات تفصيلية في هذا الإطار تتصل بما يلي:

· تيسير إجراءات إثبات المواطنين الساقطين من القيد.

· تنقية كشوف الانتخابات بشكل مستمر.

· تيسير إجراءات استخراج البطاقة الانتخابية للمواطنين.

· دراسة إمكانية إجراء الانتخابات باستخدام بطاقة الرقم القومي.

· ميكنة العملية الانتخابية في مختلف مراحلها بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية، خاصة في إعداد كشوف الناخبين.

ج) مقترحات تتصل بالإعداد السياسي للكوادر النسائية: وتشمل البرامج
المتخصصة في التأهيل السياسي الموضوعات الآتية:

· تنمية مهارات الاتصال لدى المرأة.

· تنمية الثقافة العامة السياسية.

· تنمية المعرفة بنظام الانتخابات.

· تنمية مهارات إدارة الحملات الانتخابية.

· تنمية مهارات الدعاية الانتخابية.

· تنمية الوعي بالجوانب القانونية العامة.

· نقل خبرات القيادات النسائية الناجحة.

· التعريف بتجارب الدول الأخرى.

د) مقترحات تتصل ببناء ثقافة مجتمعية مساندة لمشاركة المرأة سياسيًّا:
وتطرح هذه المقترحات عدة بنود يمكن اختصارها في النقاط الآتية:

· إبراز تعدد الأدوار التي تقوم بها المرأة في الحياة العامة والخاصة.

· إبراز نجاح المرأة في المواقع السياسية التي شغلتها.

· توضيح الآثار الإيجابية المترتبة على المشاركة السياسية الفاعلة للمرأة.

· توضيح تجارب الدول الناجحة في مجال المشاركة السياسية للمرأة.

· تقديم صحيح الدين فيما يتصل بمشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية.

· مواجهة العادات والتقاليد التي تعوق دور المرأة في الحياة العامة والسياسية.

· إبراز قيم المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل وفقًا لمبادئ الدين والدستور والقانون. ( [12] )

هـ) مقترحات لمواجهة المعوقات الاقتصادية لمساهمة المرأة في العمل
السياسي:

· الاهتمام بتحسين الظروف الاقتصادية للمرأة.

· تخصيص مصدر تمويل لنفقات الحملات الانتخابية التي تخوضها المرأة المؤهلة للعمل السياسي، وبناء على تزكية من الحزب التابعة له أو اللجان النقابية أو العمالية أو الغرف التجارية أو الغرف الصناعية أو الجمعيات الأهلية غير الحكومية.

· اعتماد التنمية البشرية للمرأة المصرية ضمن إستراتيجيات وسياسات الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واعتبارها مكونًا أساسيًّا من مكوناتها جغرافيًّا وقطاعيًّا.

· اعتبار المشاركة السياسية للمرأة أحد عناصر تقرير الكفاية في العمل، سواء أكانت هذه المشاركة في التنظيمات النقابية العمالية أو في المجالس المحلية أو الشعبية بالمحافظات والمراكز والقرى، مع التأكيد على أن العمل السياسي للمرأة لا يتعارض مع العمل التنفيذي، خاصة إذا تطلبت ظروف العمل السياسي تفرغ المرأة من العمل بشكل كلي أو جزئي خلال ساعات العمل.



والخلاصة ، أن قضية التمثيل النيابي للمرأة ليست مجرد قضية نوعية أو فئوية ( Gender )، ولكنها قضية سياسية في المقام الأول، فاستمرار ضعف –وأحيانا غياب- التمثيل المتكافئ للمرأة، خاصة على مستوى الوظائف العامة والمواقع القيادية وأيضًا على مستوى الهياكل السياسية ودوائر صنع السياسة والقرار، إنما يغذي -سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة– ثقافة التطرف أو يصب في النهاية لصالحها.

وإذا كنا نريد بالفعل مواجهة التطرف الفكري والحركي، فإننا لن نستطيع ذلك بدون إعادة تشكيل النخبة السياسية؛ بما يضمن مشاركة أكثر توازنًا وتنوعًا؛ وبالتالي فالمقصود برفع نسبة التمثيل السياسي للمرأة لا يقتصر على مجرد رفع نسبة تمثيلهما في البرلمان، وإنما يعني مواجهة شاملة للسياسات القديمة؛ لضمان تمثيلها الفعلي وليس الشكلي على مستوى مؤسسات الدولة والوظائف العامة والحكومية.

بعد استعراض أهم ما طُرح فيما يتعلق بقضايا المرأة منذ قيام ثورة 25 يناير حتى الآن؛ يمكن الخروج بعدد من الملاحظات، يتلخص أهمها في الآتي:

§ استمرار الجدل والانقسام حول طرح قضايا المرأة بين فريقين أحدهما مؤيد والآخر معارض. وأُضيف إلى هذا الجدل بُعدان جديدان منذ اندلاع الثورة، هما: ربط قضية المرأة بالنظام “,”السابق“,”، وخاصة زوجة الرئيس المخلوع، باعتبار أنها كانت ترأس المجلس القومي للمرأة، والنظر إلى إثارة قضايا المرأة ومطالبها باعتبارها مطالب “,”فئوية“,” ليس من اللائق إثارتها في الوقت الحالي؛ حيث تبرز قضايا أخرى أهم يجب أن تحتل المراتب الأولى على سلم الأولويات في الوقت الحالي.

§ أوضاع المرأة لم تتحسن كثيرًا إلى الآن منذ اندلاع الثورة، بل إنها في بعض الأحيان شهدت تراجعًا، مثلما حدث من انتهاكات صارخة بحق المتظاهرات في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، وفي هذا السياق يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الأحوال في مصر بشكل عام لم تتقدم للأفضل كما كان مرجوًّا، وأن الانتهاكات لم تقتصر على المرأة فحسب.

§ أما عن الأحزاب السياسية التي تم التعرض لما يخص المرأة في برامجها فمن الملاحظ أن عددًا منها يضع بندًا أو اثنين على الأكثر في برنامجه عن المرأة، من باب ذر الرماد في العيون، ولكي يستكمل “,”شكل“,” البرنامج. أما الأحزاب الأخرى التي فصّلت حديثها عن المرأة وقضاياها، ومنها الأحزاب ذات الأغلبية في البرلمان؛ فإنها تركز أكثر على الجوانب الاجتماعية وعلى دور المرأة كزوجة وأم. وعلى الرغم من اختلاف المرجعيات الفكرية بين العديد من الأحزاب التي خاضت الانتخابات الماضية، فإنها تشابهت –بدرجات متفاوتة- في تهميش دور المرأة وقضاياها إلى حد كبير، سواء في برامجها أو في طريق ترشيحها على نظام القوائم؛ حيث إن معظم الأحزاب وضعت المرأة في ذيل القائمة؛ مما أضعف من فرصها في الحصول على نسبة تمثيل أفضل في البرلمان.

§ أما عن البرلمان فإن البعض يُرجع ضعف تمثيل المرأة فيه إلى إلغاء كوتة المرأة، التي كانت ستضمن لها تمثيلاً “,”عادلا“,”، غير أن البعض الآخر –ومنهم جمعيات تدافع عن حقوق المرأة- يرى الكوتة التي طُبقت في برلمان 2010 لم يكن الغرض منها تمكين المرأة، وإنما كانت لها أغراض سياسية أخرى ضمن مشروع التوريث، ويضيفون إلى ذلك أن الكوتة ليست علاجًا ناجعًا؛ لأنها في حد ذاتها تُعتبر تمييزًا –وإن كان إيجابيًّا- كما أنها ترسخ ثقافة الاتكالية لدى المرأة، التي لن تهتم بالعمل الفعلي؛ باعتبار أنها تضمن هذه النسبة. وبالإضافة إلى ضعف التمثيل العددي في البرلمان الحالي، فإنه لا يبدو أن ممثلات المرأة في مجلس الشعب على وجه الخصوص لهن تأثير ملموس، سواء فيما يتعلق بالشأن العام أو بقضايا المرأة. ويمكن الإشارة هنا إلى أداء نائبات حزب الحرية والعدالة باعتبارهن ممثلات عن حزب الأكثرية، حيث برزت على السطح مواقف وتصريحات إحداهن فيما يخص بعض قضايا المرأة كالتحرش وغيرها؛ باعتبار أن المرأة هي التي تتحمل السبب فيما يقع لها من مثل هذه الحوادث، وهو ما عُد تراجعًا واضحًا عما حققته المرأة على مدار سنوات طويلة من الكفاح، هذا بالإضافة إلى مطالب أخرى طرحتها نفس النائبة أثارت استياء شديدًا، مثل المطالبة بفحص السجل الجنائي للشهداء.

§ رغم أن أوضاع المرأة بدت مثالية خلال الـ 18 يوم الأولى من الثورة وهو ما استبشر به الكثيرون خيرًا، إلا أن هذه اللحظة -مقارنة بما تلاها من أحداث- مثّلت استثناءً، ليس فيما يخص المرأة وحدها، وإنما العلاقة بالآخر بشكل عام. وهو ما يشير إلى أن البعد الأهم في قضية المرأة هو المتعلق بثقافة المجتمع ونظرته لها.

وعلى ضوء ما سبق يمكن الإشارة إلى عدد من التوصيات الختامية للتقرير يتمثل أهمها في:

1) لتحقيق تمثيل أفضل للمرأة على المستوى السياسي يجب العمل على بناء كوادر سياسية نسائية على المستوى المحلي؛ بحيث يمثل بداية لترقي المرأة للوصول إلى مستويات أعلى، ولكي تجد الأحزاب مرشحات قويات قادرات على المنافسة والفوز في الانتخابات.

2) فيما يتعلق بقضية الكوتة؛ فإن عددًا من الدول التي نجحت المرأة فيها في الوصول إلى نسب عالية من التمثيل في البرلمان، لم تكن تتبع نظام كوتة المقاعد، وإنما بدأ الأمر تطوعيًّا من الأحزاب التي أدركت أهمية إدماج المرأة في العملية السياسية؛ ومن ثم حددت نسبة داخلية لطرح النساء كمرشحات، وهو ما حقق نجاحًا ملحوظًا، ومن ثم يمكن أن تتبع الأحزاب المصرية مثل هذا المنهج لزيادة تمثيل المرأة في البرلمانات القادمة.

3) إفساح المجال أمام منظمات المجتمع المدني التي تُعنى بشئون المرأة كي تقوم بدورها بالطرق المختلفة، كحملات التوعية والتثقيف وغيرها، ويجب أن تستهدف هذه الحملات النساء والرجال معًا؛ لتصحيح الصورة الذهنية السلبية عن المرأة.

4) ضرورة أن تركز المنظمات المعنية بالمرأة على العمل على أرض الواقع، والاهتمام بالمشكلات الفعلية التي تواجه المرأة المصرية يوميًّا، وألا يقتصر نشاطها على الحديث عن المجال السياسي فقط والاهتمام بالظهور الإعلامي؛ مما يفقدها تعاطف الفئة المستهدفة بالأساس وهي المرأة.

5) محاولة تحقيق قدر من التوازن بين الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة التي وقعت عليها مصر، والخصوصية الثقافية للمجتمع المصري، وهو ما لن يتم إلا بالحوارالجاد بين جميع الأطراف المعنية بهذا الأمر، دون الدخول في صراعات وسجالات لا تفضي إلى شيء.

6) إعادة النظر في المجلس القومي للمرأة بما يتناسب واحتياجات المرأة المصرية في الريف وفي الصعيد، والتأكيد على تمكين المرأة سياسيًّا واجتماعيًّا، لا أن يكون مجلسًا استشاريًّا ليست له آليات أو صلاحيات، ويجب النظر في تشكيله؛ فإنه لا يمكن أن يكون المجلس القومي بلا متخصصين في حقوق المرأة.

7) يجب وضع خطط طويلة وقصيرة المدى لتفعيل دور المرأة في المجتمع، بدعم وإشراف من الحكومة القادمة؛ للنهوض بالمرأة المصرية، لبناء مجتمع ديمقراطي.



وختامًا ؛ فإن قضية المرأة بشكل عام تتعلق بثقافة المجتمع؛ ومن ثم فإنه لم يكن متوقعًا أن تتغير هذه النظرة المجتمعية بين عشية وضحاها، وإنما يحتاج الأمر إلى جهد ومثابرة لتحقيق وضع أفضل للمرأة المصرية على مختلف المستويات.





[1] - مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، “,”استطلاع رأي المواطنين حول مكانة المرأة في المجتمع المصري - تقرير مقارن -“,”، مارس2010، ص ص1 ـ 37.

[2] - مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، “,”وصف مصر بالمعلومات. سنوات من التنمية“,”، الإصدار الثامن،2009، ص9.

[3] - د. عمرو هاشم ربيع، المشاركة السياسية: مؤشرات كيفية وكمية، في د. هالة مصطفى (محررا)، انتخابات مجلس الشعب 2000، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، 2001)، ص 165.

[4] الأهرام 13 يونيو 2012.

[5] - نجاد البرعي، مرجع سابق، ص ص 65-67.

[6] - د. عادل عبد الغفار، مرجع سابق، ص 94.

[7] - د. عادل عبد الغفار، الإعلام والمشاركة السياسية للمرأة.. رؤية تحليلية واستشرافية، ط1، (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2009)، ص 62.

[8] - د. سامر سليمان، المشاركة السياسية في الانتخابات النيابية 2005، (القاهرة: الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، 2006)، ص47.

[9] - د. عمرو الشوبكي، المرأة والأحزاب المصرية.. مشكلات التمثيل والمشاركة السياسية، في د. أماني الطويل (محررًا)، حالة المرأة في مصر دراسة في مستويات التمثيل بالمناصب القيادية، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، 2009)، ص 132.

[10] - د. عادل عبد الغفار، الإعلام والمشاركة السياسية للمرأة رؤية تحليلية واستشرافية، ط1، (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2009)، ص 91.

[11] - د. عادل عبد الغفار، الإعلام والمشاركة السياسية للمرأة، رؤية تحليلية واستشرافية، ط1، (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2009)، ص 109.

[12] - المرجع السابق، ص 111.