المركز العربي للبحوث والدراسات : مرة أخري‏..‏رئاسة الجمهورية وظيفة (طباعة)
مرة أخري‏..‏رئاسة الجمهورية وظيفة
آخر تحديث: الأربعاء 08/01/2014 10:54 ص
د. ليلي تكلا د. ليلي تكلا
منذ سنتين كتبت مقالا بنفس هذا العنوان كان الهدف منه تأكيد ضرورة صدور دستور يحدد مواصفات ومسئوليات منصب الرئاسة
 قبل انتخابات رئيس. مع الأسف حدث العكس وأصابنا ما أصابنا, واليوم نعود لقضية الأولويات لنؤكد أننا نحتاج لرئيس قادر علي إنقاذ الوطن مما أصابه ليجري انتخابات برلمانية نزيهة سلمية نظيفة.
إن نقطة البداية في مجال الخدمة المدنية واختيار العاملين هي تحديد المسئوليات المطلوبة للمنصب وما تفرضه من الصفات والمواصفات التي يجب توافرها في شاغل المنصب, ثم بعد ذلك البحث عمن تتوافر فيه هذه الصفات. ورئاسة الجمهورية وظيفة وهي إلي جانب ذلك وظيفة عامة بمعني أنه بجانب اعتبارات الكفاءة الفنية والقدرة المهنية لابد من توافر قدرات وصفات معينة تتعلق بالحنكة السياسية وفهم أبعاد ممارسة العمل العام, والقدرة علي الاتصال بالجماهير والإيمان بالسياسة العامة المطلوب منه الإشراف علي تنفيذها ومواجهة مشاكل المرحلة.
هذه القدرات والكفاءات والصفات لا يمكن حصرها في قالب واحد جامد, فهي تختلف من مكان لمكان ومن زمان لزمان ومن مجتمع لآخر.
يصبح السؤال: ما هي الصفات المطلوب توفرها فيمن يشغل وظيفة رئيس مصر في هذه المرحلة الصعبة والمصيرية التي نمر بها؟ يمكن رصد أهمها فيما يلي: أن يكون انتماؤه لمصر خالصا واضحا, وأن يكون أثبت ذلك الانتماء وأن يكون قادرا علي حماية الوطن ممن يتربصون به خارجيا وداخليا, وأن يكون أثبت تلك القدرة وأن يكون لديه الحس السياسي الذي به يدرك ويفهم ويقدر ويحترم مشاكل المواطنين ومطالبهم ورغباتهم ولديه القدرة علي تحديد الأهداف المطلوبة وحصر الإمكانات المتاحة واختيار الآليات في ذلك الإطار دون المبالغة في الوعود وبدون نشر الإحباط ولديه الثقة والقدرة علي تنفيذ ما يعـد به, وألا يقدم وعودا أو آمالا لا يمكن تنفيذها وينتمي لكل المصريين. خبرته وممارسته مهنيا واجتماعيا اكتملت في إطار مؤسسة لا تفرق بينهم تضم كل المصريين وتعمل لكل المصريين دون تفرقة. ارتباطه ليس بحزب واحد إنما بالوطن. وكذلك يجب أن يكون متواضعا في كبرياء دون تعال أو نرجسية, بسيط في شفافية الصدق وأمانة الكلمة, هادئ الطبع حاد في الإصرار والعزيمة. ونريد رئيسا يحارب الفساد في شتي أشكاله وصوره, قادرا علي حسن استثمار القدرات الهائلة الكامنة في مصر وشعبها وذلك بما له من ملكات القيادة بالقدوة والتخطيط الواقعي والتنظيم العلمي والإدارة الرشيدة. ونريد رئيسا يؤمن بأن مصر لها مكانتها ومنزلتها واستقلالها وإرادتها الحرة ودورها الحيوي والاستراتيجي, وأن يكون أثبت ذلك دوليا وله شعبية وسماحة تجعل الشعب يلتف حوله, يحملان معا هموم الوطن ومشاكله بهدف إصلاح ما أصابه. واضعين مصلحة مصر قبل أي مصالح فئوية أو حزبية أو شخصية وألا يكون مر بتجربة فاشلة في خسارة إنتخابات لم ولن تحقق سوي تفتيت الأصوات بين مؤيديه ومعارضيه. وقادرا أن يغرس في الشعب بالقدوة, حب العطاء وثقافة العمل والالتزام بالمواطنة والعدالة والكرامة بما له من ملكات.
لا يغلق الأسوار حوله, أو يحيط نفسه بالأصدقاء والحاشية دون غيرهم, إنما يختار معاونيه حسب قدرتهم علي تحقيق الأهداف المطلوبة. ونريد رئيسا يحبه الشعب, ويحب الشعب قادر أن يأخذ بيده معه يعبران هذه المرحلة إلي أخري أكثر إشراقا. رئيس يدرك أن رئاسة الجمهوية مرحلة مؤقتة وأن انتهاء فترة رئاسته لا تعتبر نهاية لكن بداية جديدة يشارك فيها مع غيره بخبرته وقدراته من أجل الوطن.
وكما أن تحديد المواصفات لاختيار الشخص مهم, فإن التوقيت له نفس الأهمية. المرحلة التي نمر بها مرحلة استثنائية تحتاج لقدرات معينة وآليات خاصة. إن الجرائم التي ترتكب يوميا ضد المنشآت والبشر وسقوط عشرات القتلي والجرحي من المدنيين والعسكريين جعلت الشعب يطالب بكثير من الحزم والضبط والانضباط ومواجهة العنف بالصرامة العادلة المشروعة التي تحمي المجتمع, ومعاقبة المارقين دون المساس بحقوقهم أو كرامتهم.. إن تحقيق الأمن والاستقرار هو ركيزة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبناء المؤسسات السياسية التي تستحقها مصر.
إنها مهمة صعبة لا يجوز أن يتقدم إليها أو يصبو لها إلا كل من تتوافر فيه هذه الصفات بمعني أنه أصبح علي من تتوافر فيه أن يتقدم, وعلي الآخرين أن يمتنعوا حرصا منهم علي أنفسهم.. ..... وعلي مصر.