المركز العربي للبحوث والدراسات : تعزيز الديمقراطية؟: المسارات المحتملة لدور البرلمان القادم في التحول الديمقراطي في مصر بعد ثورة 30 يونيو (طباعة)
تعزيز الديمقراطية؟: المسارات المحتملة لدور البرلمان القادم في التحول الديمقراطي في مصر بعد ثورة 30 يونيو
آخر تحديث: الأربعاء 24/12/2014 11:16 ص
تعزيز الديمقراطية؟:

عقدت دورية "بدائل" الاثنين الموافق 22 ديسمبر ورشة عمل بعنوان "دور البرلمان في تعزيز الديمقراطية" وذلك بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وافتتح الورشة الأستاذ "ضياء رشوان" مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وأدارها الدكتور "علي الدين هلال" أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتورة "إيمان رجب" رئيس تحرير دورية "بدائل"، وشارك فيها الدكتور "يسري العزباوي" رئيس برنامج النظام السياسي المصري ومعد الورقة الرئيسية للورشة، فيما شارك بالتعقيب كلٌ من: الدكتور "عمرو هاشم ربيع" نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والدكتورة "هناء عبيد" رئيس تحرير مجلة الدمقراطية.

تعزيز الديمقراطية؟:

وشارك في النقاش العام حول الورقة الرئيسية الأستاذ "عصام شيحة" عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، والكاتبة الصحفية الأستاذة "أمينة شفيق"، والأستاذ "أحمد بهاء الدين شعبان" أمين عام الحزب الاشتراكي المصري، والمهندس "صلاح عبد المعبود" عضو الهيئة العليا لحزب النور.

وقد أوضح الأستاذ "ضياء رشوان" في كلمته الافتتاحية أهمية مركز الأهرام ك "مركز فكر"، وفي نفس الوقت قيامه بدعم صانع القرار بالرؤى والتوصيات إزاء القضايا المختلفة، وهو الدور الذي تقوم به دورية "بدائل" باعتبارها إحدى إصدارات المركز، وهو نفس ما أكد عليه الدكتور "علي الدين هلال" بإشارته إلى أن التطورات التي تشهدها الساحة المصرية تؤدي إلى الاهتمام بالمجال البحثي وتقديم بدائل سياسات إلى صناع القرار.

وفي كلمتها التعريفية، أكدت الدكتورة "إيمان رجب" أن دورية "بدائل" تتعامل مع قضايا السياسات الهامة والتي يثار حولها الجدل في الشارع المصري، وأشارت إلى أن دراسة قضايا السياسات حقل يغيب عنه الاهتمام في مصر، ويتطلب دراسة كافية لأبعاد القضية المطروحة للبحث وتقديم توصيات حولها إلى صناع القرار، كما أشارت إلى أن الدورية تركز على قضايا السياسات بشكل عام إضافةَ إلى القضايا الأمنية والسياسة الخارجية التي تؤثر في المجتمع فيما هو قادم، مثل قضية التطرف الفكري وسبل مكافحته، والأجيال الجديدة من التنظيمات الجهادية.

كما شهدت الورشة عرض الدكتور "يسري العزباوي" لورقته البحثية بعنوان "تعزيز الديمقراطية؟ المسارات المحتملة لدور البرلمان القادم في عملية التحول الديمقراطي بعد ثورة 30 يونيو 2013"، والتي جاءت فيخمسة محاور، وهي: سلطة مجلس النواب في دستور 2014، حيث استعرض "العزباوي" في المحور الأول سلطات البرلمان القادم التي تمثلت في السلطة التشريعية، والسلطة الرقابية على أعمال الحكومة، وكذلك الوظيفة المالية للبرلمان، ومشاركته في صنع السياسات العامة للدولة. كما اهتمت الورقة في المحور الثاني بالقوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية المقبلة، مثل قانون مجلس النواب، وتطرق المحور الثالث إلى التحالفات المحتملة بين القوى السياسية في البرلمان القادم، مثل تحالف الجبهة المصرية والتحالف الوفد المصري، وتحالف 25 – 30، وما يمكن أن تُشكله كتلة المستقلين في البرلمان.

تعزيز الديمقراطية؟:

أما في المحور الرابع، فقد اشارت الورقة إلى مسارات العلاقة المحتملة بين رئيس الجمهورية وبين مجلس النواب، والتي لخصها "العزباوي" في ثلاثة سيناريوهات، يكمن الأول في السيناريو التعاوني وهو الأكثر تفاؤلاً، وستكون فيه الحكومة أكثر قوةً من البرلمان، ثم سيناريو الشد والجذب حيث سيحافظ البرلمان والرئيس على علاقة يسودها شكل من أشكال التعاون تارةً، ونوع من الجذب في فترات أخرى، ولكنها لن تصل إلى حد الصدام، أما السيناريو الثالث فيتمثل في الصدام بين الرئيس والبرلمان بما يؤدي إلى دخول البلاد مرة أخرى في حالة من الفوضى السياسية.

واختتم "العزباوي" حديثه بالإشارة إلى المحور الخامس، والذي يناقش ست قضايا يناط بالبرلمان القادم معالجتها لتعزيز عملية التحول الديمقراطي، وهي: تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وتمسك البرلمان القادم بصلاحياته، ومحاولة خلق توافق وطني، ومحاربة الفساد وتحقيق الشفافية والنزاهة، وتفعيل دور الأحزاب السياسية، وأخيراً، تفعيل قدرات ومقومات المواطنين برلمانياً.

وقد أكد الدكتور "علي الدين هلال"خلال تعقيبه على أن دور البرلمان إنما يتمحور حول تمثيل المصالح الطبقية والاجتماعية ويقوم ممثلو الشعب بالتعبير عن تلك المصالح، وتشريع السياسات العامة ونقد تلك المطروحة من قبل الحكومة وتقديم أخرى بديلة، والرقابة على أداء الحكومة من خلال الأساليب المختلفة. وأشار إلى ثلاثة عوامل تساهم في ضعف المشهد السياسي والحزبي في مصر، وهي، أولاً: فشل الأحزاب حشد وتعبئة الجماهير، وبما يؤثر سلباً على عملية المشاركة السياسية ككل، فنسب المشاركة في غالبية الاستحقاقات الانتخابية كانت أقل من 50% عدا الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة 2012 والتي بلغت 52%، ثانياً: عدم قدرة الحركات والائتلافات الثورية في التحول إلى أحزاب سياسية، باعتبار الأخيرة الآلية الوحيدة في الديمقراطية للتنافس السياسي، ثالثاً: استمرار حالة السيولة السياسية المفرطة، وازدياد وتيرة الانتقال من قبل الأحزاب والأشخاص من حزب لآخر ومن ائتلاف لغيره.

وأشار "هلال" إلى أن المشهد الحزبي يتسم بغياب التمايزات بين الأحزاب وبعضها البعض خاصة بين الأحزاب المدنية، كما تعد التعددية الحزبية تعددية نخبوية وليست تعددية للمصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك، شيوع التعبيرات "الشعبوية" التي تتخطى التمايزات بين المواطنين، بما يؤخر من الشعور بالتمايز والتمثيل السياسي للفئات والشرائح الاجتماعية المختلفة. كما أكد على أن البرلمان القادم ليس له دور كبير في تعزيز الديمقراطية، لعدم وجود حزب قوي أو ظهير سياسي للرئيس، فالأحزاب السياسية تعاني من التفتت وتتسم بالتنافس فيما بينها إلا في دعم الرئيس، كما أنه –أي البرلمان القادم -سيشهد تمثيلاً لأحزاب كثيرة ودور كبير للمستقلين، كما أنه لن يقدم على اصدار تشريعات ضد إرادة رئيس الدولة، وأكد أن الاخوان لن يكون لهم تمثيل في البرلمان القادم، لأنها تنظيم محظور قانونياً، وإذا ما تسلل أحدهم للبرلمان فإنه سيفصل لو أفصح عن هويته. وأوضح "هلال" في نهاية تعقيبه على أن أخر سيناريو يُحتمل حدوثه هو الصراع بين البرلمان ورئيس الجمهورية، ولكن من الوارد حدوث شد وجذب بين البرلمان والحكومة.

تعزيز الديمقراطية؟:

فيما أشاد الدكتور "عمرو هاشم ربيع" بما عرضته الورقة من التفرقة بين النظام الانتخابي وبين طرق الترشح، فلا يوجد نظام انتخابي فردي او قائمة فهي طرقاً للترشح، ولكن النظام الانتخابي إما أن يكون نظام أغلبي أو نظام نسبي، كما أشار "ربيع" إلى ضعف الأحزاب السياسية وأنها تواجه مشكلة في تشكيل القوائم، وأن المستقلين سيكون لهم نصيب كبير من مقاعد البرلمان، وأضاف أن مجلس النواب القادم لن يمثل فيه قطاع الشباب بشكل جيد، وسيشكل فرصة لعودة نظام مبارك والتي سيتم من خلالها شرعنة عودة الإخوان المسلمين، وأن جدول أعمال المجلس ستكون بمثابة جدول أعمال مجلس محلي، وأوضح أن من عيوب قانون مجلس النواب الحالي استثناء المرأة من اسقاط العضوية بتغيير صفتها الانتخابية، وأن عدد المقاعد التي تحظى بها 16 محافظة تقل عن مقاعدها في البرلمان القادم، وفي ختام كلمته، أكد "ربيع" أن البرلمان القادم طيع بصورة كبيرة، وما يزيد من هذا الوضع هي حالة الهلع من عودة الإخوان المسلمين مرة أخرى.

كما ناقشت الدكتورة "هناء عبيد" دور البرلمان كمؤسسة في تعزيز الديمقراطية، وكذلك، الصلاحيات المتاحة للبرلمان وفقاً لدستور 2014، واختلافها مع تلك التي نص عليها دستور 2012، والتحول من نظام الغرفتين إلى نظام الغرفة الواحدة. وأشارت إلى أهمية تفعيل دور البرلمان في عملية التحول الديمقراطي، وإلى محددات العلاقة المحتملة بين الرئيس والبرلمان، والتيتتمثل في ثقافة مؤسسة الرئاسة وتحديد الأجندة التشريعية والتفاعلات السياسية التي تشهدها مصر.

وأشار الأستاذ "عصام شيحة" إلى أن البرلمان القادم هو الأخطر على الإطلاق لأنه يعطي لمجلس النواب صلاحيات لم تكن موجودة من قبل كسحب الثقة من رئيس الجمهورية، وأن البرلمان سيغير من الخريطة السياسية في مصر، كما أن القوى المدنية فشلت في تقديم بديل سياسي بعيداً عن ثنائية حزب الدولة أو حزب الجماعة، وأن الصراع الحالي بين الأحزاب السياسية لا يعكس رغبة في اقصار تيار الإسلام السياسي، واختتم "شيحة" بقوله أن شعور المواطنين بالخوف على الهوية المصرية تحول ليصبح خوفاً على الدولة المصرية نفسها، وهو ما يدفع بأغلبية الشعب المصري إلى تأييد رئيس الجمهورية.

وناقشت الأستاذة "أمينة شفيق"ظاهرة تكالب النساء على مقاعد القوائم دون المقاعد الفردية، والتي أرجعتها إلىاتساع حجم الدوائر، وشيوع ظاهرة العنف السياسي، والتأثير الكبير الي سيلعبه المال السياسي في الانتخابات القادمة. وأكدت على أن مشاركة المرأة ستكون بمثابة المفاجأة في انتخابات المحليات. ولفتت الانتباه إلى ضرورة توجه الجهود نحو البنية التحتية للسياسة في مصر بما يؤهل لقيام ديمقراطية حقيقية، وأشارت إلى أن ذلك يتطلب وقتاً أطول، لكن حتماً ستكونالنتائج أفضل.

بينما أكد الأستاذ "أحمد بهاء الدين شعبان" على أن مايحدث الأن على الساحة هو هدم للأحزاب السياسية ويصب في اتجاه إضعافها أكثر فأكثر في إشارة إلى السخط المجتمعي وفقدان الثقة في الأحزاب وما يروج له الإعلام بأنها أحزاب كرتونية، وأوضح "بهاء الدين" إلى أن هناك أسباب موضوعية لضعف الأحزاب، أهمها: تجريف العمل السياسي طول 30 سنة من حكم الرئيس الأسبق "حسني مبارك"، كما أوضح أن المجلس القادم ما هو إلا عملية استنساخ للبرلمانات السابقة حيث سيشهد استخدم موسع للمال السياسي والشعارات الدينية، وهو ما يعني إمكانية كبيرة لعودة الفلول مرة أخرى للحياة السياسية، في حين سيُمَثّل الشباب في البرلمان بنسبة ضعيفة.

وناقش المهندس "صلاح عبد المعبود" حالة الضعف التي تعتري الأحزاب السياسية، الأمر الذي يضعف من إمكانية تشكيل تحالف قوي، كما أوضح أنه لم يتم الأخذ بتوصيات القوى السياسية عند إصدار قانون مجلس لنواب، وأنه يتوجب إتاحة الفرصة للقوى السياسية كي تشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومتعجباً "عبد المعبود" من دعاوى الاقصاء والتهميش التي يروج لها البعض لإبعاد حزب النور عن المشهد السياسي، مع أنه الحزب الوحيد الذي كان حاضراً إبان 3 يوليو، وأن حزب النور لن يستخدم الشعارات الدينية في الانتخابات المقبلة، وأن أي حزب سيلجأ لاستخدام الشعارات الدينية سيتم حله دستورياً.