وفي
هذا السياق يمكن رسم ملامح السيناريوهات المحتملة للأزمة العراقية وذلك على النحو
التالي:
1- سيناريو انهيار داعش وتحقيق المصالحة العراقية
ينطلق
هذا السيناريو من أن قوات التحالف تنجح في القضاء على "داعش" وتحجيم تأثيرها
في الأراضي العراقية، لتعمد إلى نقل نشاطها إلى مناطق أخرى، على غرار ما حدث مع
القاعدة من نقل نشاطها بين أكثر من دولة فور توجيه المجتمع الدولي الضوء عليها وتوجيه
ضربة عسكرية لها في أفغانستان.
وهذا
يمكن أن يحدث في حالة نجاح التحالف الدولي في القضاء على قوته العسكرية أو في حالة
مقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، حيث يتم انهيار المعنويات القتالية لداعش في حال القضاء على خليفتها، وقد
يتم انتخاب خليفة آخر، ولكنه سيكرر على الأرجح
السيناريو الفاشل لبن لادن/الظواهري، فالعاطفة الدينية التي تنعش روح العديد من مقاتلي داعش
ستخمد وتفقد تركيزها .
وعلى
أن يتبع القضاء على داعش وضع إطار مصالحة بضغوط خارجية من أجل تحقيق مصالحة
مجتمعية في العراق، ولكن هذا الأمر لن يفضي إلى مصالحة حقيقية واقعية على أرض
الواقع، فمثلا استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002 مع حلفائها القضاء على
حركة طالبان الأفغانية، وتدمير مركز القاعدة وتشتيت قيادته، لكن المشكلة عادت
للظهور سريعًا بعد أعوامٍ قليلة، حيث لم تخلق هذه العملية الاستقرار في كابول.
وربما يكون هو الأقرب في النموذج العراقي، لأن المصالحة يجب أن تنبع من رغبة
الأطراف الداخلية في العراق وليس بضغوط خارجية.
2-
سيناريو استمرار خطر "داعش" وتقسيم الدولة العراقية:
ينطلق
هذا السيناريو من فشل قوات التحالف في القضاء على داعش واستمرار وجوده، وإن تم
تحجيم دورها داخل الأراضي العراقية، ليستمر الوضع داخل العراق على هذا المنوال من
العنف والعنف المضاد سواء بين الطوائف العراقية بعضها البعض، حيث يرتفع مستوى
العنف بين الشيعة والسنة،
وتدخل بعض دول الخليج على سبيل المثال لمنع العنف ضد السنة، فيما تدعم إيران الحكومة الشيعية. حينها لن
يستطيع أحد التنبؤ بكم الدماء التي يمكن أن تسيل، بسبب حرب أمريكية أخرى
(25)، أو استمرار العنف بين الحكومة العراقية و"داعش" الأمر الذي
يستنزف الجهود والقدرات العسكرية العراقية ويخلق نوع من الفوضى الداخلية.
فداعش
تختلف عن القاعدة، حيث إن الأخيرة منظمة إرهابية صرف ولم تحاول الاستيلاء على أراضٍ وإقامة دولة،
وكانت تهدف إلى غرس الخوف، ولكن "داعش" تشبه أكثر حركة طالبان، التي غزت
أفغانستان وحكمتها بالفعل لفترة حتى تم القضاء عليها بهجمة من التحالف الدولي على
هذا النحو.
أما
"داعش" وفقا زعيمها أبو بكر البغدادي أعلنت أن هدفها إقامة دولة خلافة
إسلامية، تكون منطقة العراق والشام مركزها الرئيسي، ثم تتوسع إلى باقي المناطق
الإسلامية، وتقضي في طريقها على الشيعة(26).
ويعد
هذا السيناريو هو استمرار للوضع في العراق منذ حرب العراق لعام 2003 وسيطرة
الولايات المتحدة الأمريكية على الدولة العراقية، وقيام نظام سياسي قائم على فكرة المحاصصة
السياسية بين الطوائف السياسية المختلفة، وعزز من هذا التوجه سياسات رئيس الوزراء
السابق نوري المالكي وقمع المعارضة في العديد من المحافظات مثل صلاح الدين والرمادي
والموصل وديالي، حيث بلغ هذا القمع ذروته في فض اعتصام الأنبار وأحداث الحويجة في
أبريل 2013، وبات
العراق أمام سيناريو التقسيم لعدد من الدويلات والأقاليم، وطبقًا للدستور هذا جائز خاصة مع حصول
إقليم كردستان العراق عليه وإقامة إقليم كردى داخل الدولة الفيدرالية، حيث
أكد الدستور على إمكانية إقامة نظام فيدرالي ومبدأ
اللامركزية الإدارية، وتنشيط دور الإدارات المحلية (27).
المراجع:
1.
Kirk Semple, "After Delay, Iraq
Appoints Two to Posts for Security", The New York times , 18 October 2014,
http://www.nytimes.com/2014/10/19/world/middleeast/after-delay-iraq-appoints-two-to-posts-for-security.html?_r=0
2.
طارق
عبد الحميد، "العراق وحكومة كل وجوه الأزمة"، جريدة الشرق الأوسط،
العدد 13070، 10 سبتمبر 2014.
3. مشرق عباس، "العبادي ينقذ حكومته ..ويواجه
اختبارات عصبية"، 10 سبتمبر 2014
http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2014/09/abadi-prime-minister-new-government-challenges.html#ixzz3OgUDOl2c
4.
محمد
الأنوار، "حكومة العبادي وحصاد سياسات المالكي"، مجلة السياسة
الدولية، العدد 198، (أكتوبر ، 2014)، ص ص 146-147.
5. تقرير واشنطن قلقة إزاء جدية العبادي بالتصالح
مع السنة، 16/12/2014،
http://alghadpress.com/ar/news/24286/
6.
أحمد
علاء، "مخاوف أمريكية من فقدان ثقة المجتمع السني بالعبادي"، جريدة
الغد، 16/12/2014،
http://alghad-iq.com/ar/news/18638
7.
ماجد
السامرائي، "هل يحقق العبادي المصالحة الوطنية"، جريدة العربي،
العدد 9741، 17/11/2014.
8.
عبد
الإله بلقزيز، "نكبة العراق :الاحتلال، المذهبية، داعش"، مجلة
المستقبل العربي، العدد 427 (سبتمبر ،
2014)، ص 118.
9.
صافيناز
محمد أحمد، "المواقف العربية من الأزمة في العراق"، مجلة السياسة
الدولية ، العدد198 ، (أكتوبر، 2014)، ص 152.
10.
الحواس
تقية، "حافة الانهيار: العراق يتأرجح بين سلطة توافقية وحرب أهلية"، تقرير
مركز الجزيرة للدراسات، 20 يونيو 2014، ص2.
11.
تقرير
اتجاهات الحرب الدولية على تنظيم الدولة الإسلامية، مركز الجزيرة للدراسات،
29 سبتمبر 2014، ص 3.
12.
صافيناز
محمد أحمد، مرجع سبق ذكره ، ص 152.
13.
علي
بكر، "العنف في العراق وصعود النمط الداعشي"، مجلة السياسة الدولية،
العدد 198 (أكتوبر، 2014)، ص 49.
14.
حسن
أبو هنية، "البناء الهيكلي لتنظيم الدولة الإسلامية"، في فاطمة
الصمادي" تنظيم الدولة الإسلامية: النشأة، التأثير ، المستقبل، ملفات مركز
الجزيرة للدراسات، نوفمبر 2014، ص 33.
15.
طارق
أبو العينين، "داعش ومستقبل النظام السياسي العربي"، جريدة الحياة ،1
يوليو 2014.
16.
محمد
صالح صديقان، داعش لا يمثل السنة والجيش العراقي لا يمثل الشيعة" ، جريدة
الحياة ، 20 سبتمبر 2014.
17.
المرجع
السابق.
18. راهب صالح، "رؤيا في وضع العراق"،
جريدة الرقيب السياسي، 26/12/2014.
http://www.ahraralrafidain.net/news/402?language=arabic
19.
سيروان
قجو، "مستقبل الأكراد في ظل صعود تنظيم الدولة الإسلامية"، دراسة
لمركز الجزيرة للدراسات، 15 أكتوبر 2014، ص 4.
20.
سياسة
العراق الخارجية...ملف عاجل أمام حكومة العبادي، جريدة الراية، العدد 445،
13 يناير 2015.
21.
طارق
الهاشمي، "قبل المصالحة خليجيا...المصالحة وطنيا"، جريدة الحياة،
27 نوفمبر 2014.
22.
صافيناز
محمد أحمد، مرجع سبق ذكره ، ص 153.
23.
صافيناز
محمد أحمد، مرجع سبق ذكره ، ص 153.
24.
عبد
الإله بلقزيز، "العراق بين أنفاق طائفية وآفاق وطنية"، مجلة المستقبل
العربي، العدد 429( نوفمبر، 2014)، ص 126.
25. هيثم نوري ، "أسوا 7 سيناريوهات فى الحرب
على داعش ، جريدة
الشروق، 19 أكتوبر 2014 نقلا عن
http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=19102014&id=aa43faee-47ae-4a48-afd8-6972fbfc7db8
Peter
van buren, 7 Worst-Case Scenarios in the Battle With ISIS, 17 October 2014
http://www.motherjones.com/politics/2014/10/7-worst-case-scenario-fight-isis-iraq-iran
26.
الحواس
تقية، مرجع سبق ذكره، ص 6.
27. راهب صالح، مرجع سبق ذكره.