المركز العربي للبحوث والدراسات : التدخل الفرنسي في مالي: البعد النيوكولونيالي تجاه أفريقيا (طباعة)
التدخل الفرنسي في مالي: البعد النيوكولونيالي تجاه أفريقيا
آخر تحديث: الأحد 15/02/2015 11:55 ص عبير شليغم *
 التدخل الفرنسي في

تُعتبر مالي إحدى الدول الغنية من حيث الثّروات الطّبيعية، وهذه الأهميّة الجيوبوليتيكية هي التي زادت من حدّة تنافس القوى الغربية على المنطقة، إذْ تعتبرها فرنسا منطقة نفوذ حيوي، باعتبارها مستعمرة سابقة لها، هذا بالإضافة لموقعها الإستراتيجي، فهي تحاذي العديد من الدول الغنية بالثروات المعدنية، ومنها مثلًا: الجزائر، موريتانيا، النيجر، وعلى ضوء ما حدث في مالي إثر الانقلاب العسكري الأخير في 2012 وما تبعه من مختلف الجهود الإقليمية، وحتى الدولية لتسوية النزاع في مالي، فقد كان واضحًا حرص فرنسا وبعض الدول داخل النظام الدولي على تضخيم ما حدث في مالي، وتصويره على أنه إرهابًا، وأنه لابد لفرنسا أن تتدخل لإعادة سيطرة النظام الحاكم في الدولة المالية على استعادة السيادة على أراضيها، إلا أن الواقع يشير إلى أن الدافع الرئيسي لفرنسا هو المحافظة والإبقاء على مصالحها، والسعي لاسترجاع نفوذها ومكانتها وهيمنتها السابقة خلال الحقبة الاستعمارية في القارة الأفريقية، والسيطرة على ما تملكه الدولة المالية وتزخر به من ثروات وموارد أولية هامة.

        وفي ضوء ما تقدم، وبناء عليه تُصاغ الإشكالية والتساؤلات المرتبطة بها على النحو الآتي:

إن الحرص الشديد من جانب فرنسا على الوجود المستمر في القارة الأفريقية، لا يدخل ضمن حسابات المصالح المشتركة للطرفين الفرنسي والأفريقي، وإنما يدخل ضمن الحسابات الفرنسية المتعلقة بالحيلولة دون الابتعاد عن أفريقيا، على اعتبار أن العلاقة فيما بينهما إنما هي علاقات مصيرية، بمعنى أنها تتعلق ببقاء واستمرار الدولة الفرنسية، كقوة عظمى ذات مكانة عالمية، وفي سبيل ذلك فإنها تبرهن على ذلك بتوظيف آلية التدخلات في مناطق الأزمات والصراعات، بغض النظر عن التكاليف والنتائج المترتبة على ذلك.

وسيتم الوقوف على الدور الفرنسي من خلال العناصر الثلاثة الرئيسة التالية:

إن الوضع الجيوبولوتيكي للدولة المالية، يجعل هناك منظومة من المصالح السياسية والاقتصادية للدولة الفرنسية ويحفزها دائمًا على التدخل لحماية تلك المنظومة.

أولًا . محددات التدخل الفرنسي في مالي

  التدخل العسكري الفرنسي في القارة الأفريقية بما فيها مالي يرجع للعديد من الأسباب والمحددات، نوجزها في أهمية الواقع الجيوبوليتيكي وحتى الاقتصادي.

أ‌.      الأهمية الجيوبوليتيكية لدولة مالي:

   مالي دولة إسلامية أفريقية، ومستعمرة فرنسية سابقة، تمتد على مساحة 1,240192 كيلومتر مربع، لتحتل بذلك المرتبة 24 عالميًا من حيث المساحة بين جمهورية جنوب أفريقيا(1.219 مليون كم²) وأنغولا(1.246 مليون كم²)(1)، كما أنها لا تختلف كثيرًا عن مساحة جارتها الشرقية النيجر البالغة 1.267 مليون كم². تقع ضمن ما يعرف بمنطقة الساحل محاطة بسبعة بلدان تتقاسم معهم حدودًا بطول 7243 كيلومترًا؛ وتتوزع على النحو التالي: موريتانيا 2237 كم غربًا، الجزائر1376 كم شمالًا، بوركينا فاسو1000 كم شرقًا، غينيا 858 كم جنوبًا، النيجر821 كم الشمال الشرقي، كوت ديفوار535 كم جنوبًا والسنغال 419 كم، مما يعطيها أهمية إستراتيجية خاصة(2).

  كما تنقسم مالي بدورها إلى ثلاثة أقاليم طبيعية: الصحاري القاحلة في الشمال، والسهول شبه الصحراوية في الوسط بنسبة 65% من المساحة الكلية، وأراضي الحشائش المنبسطة في الجنوب، حيث تصل نسبة المساحة الصالحة للزراعة إلى %5.3 فقط(3وتوجد مرتفعات جبلية قليلة في مالي، تصل أعلى قمة بها نحو 1,155 م فوق مستوى سطح البحر وهي قمة جبل همبوري تندو في الجنوب.

   بالإضافة لذلك، نجد نهري السنغال والنيجر فهما النهران الرئيسيان في مالي، حيث يجري نهر السنغال(*) في الجنوب الغربي من مالي في حين يدخل نهر النيجر في أراضي مالي قرب باماكو، ويعد هذا الأخير ثالث أنهار أفريقيا طولًا بعد نهر النيل والكونغو طوله نحو 4160 كم وتزيد، مساحته على 2 مليون كم مربع فهو صالح للملاحة في ما بين " كوروسا وباماكو " في فصل المطر.

  يتسم المناخ في مالي بثلاثة فصول؛ فيكون الطقس حارًا جافًا (من مارس حتى مايو) وآخر حارًا ممطرًا )من شهر يونيو حتى أكتوبر)، وموسم بارد جاف (من شهر نوفمبر إلى فبراير)(4)، هذا وقد تُحدث الفيضانات من حين إلى حين في نهاية موسم الأمطار، حيث تُصنف مالي في المرتبة 42 من 162 حسب التصنيف المتعلق بخطر الفيضاناتUNISDR، فضلًا عن خطر كل من الجفاف والجراد التي تواجهه(5)

  كما تنقسم دولة مالي إلى ثماني مناطق، تحمل لكل منطقة منها اسما للمدينة الرئيسية بها وهي كالتالي: كايس Kayes، كوليكورو Kolikoro، باماكوBamako   وهي عاصمة مالي، سيكاسوSikasso ، سيغو Ségou، موبتي Mopti، تومبكتوTomboctou، غاو Gao، كيدال  Kidal.

        إن هذا الوضع الجيوبلوتيكي للدولة المالية، من حيث الموقع والمساحة، والموارد، يجعل هناك منظومة من المصالح السياسية والاقتصادية للدولة الفرنسية ويحفزها دائمًا على التدخل لحماية تلك المنظومة، وعلاوة على ذلك فإن وجود دولة مالي في العمق الإستراتيجي للدول المغاربية، يحقق لفرنسا قدرا من الأمن والحماية لأهدافها ولمصالحها المتنوعة في تلك الدول، بالإضافة إلى مجموعة الدول الفرانكفونية الأخرى المجاورة لمالي. ومن ثَم يصبح التدخل في مالي مسألة منطقية ضمن حسابات المصالح المتنوعة للدولة الفرنسية.

ب‌.   النظام السياسي لدولة مالي

   نظام الحكم في مالي ديمقراطي جمهوري، فالسلطة التنفيذية بيد الرئيس المنتخَب لفترة خمس سنوات، ولا يجوز انتخابه لأكثر من ولايتين، إذ يقوم بتعيين رئيس الوزراء وأعضاء وزارته، والسلطة التشريعية بيد المجلس الوطني الذي يتكون من 147 عضوًا ينتخبهم الشعب لمدة 5 سنوات، أما السلطة القضائية فتشرف عليها المحكمة العليا للبلاد(6). حيث شهدت البلاد انتقال زمام الحكم بين خمسة رؤساء منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1960 وهم على الترتيب التالي:

1.  موديبو كايتا Modibo Keita(*) ما بين 22 سبتمبر1960 إلى غاية 19 نوفمبر 1968 أُطيح به بانقلاب عسكري من قبل الملازم Moussa Traoré. (امتاز حكمه بتأسيس نظام الحزب الواحد ذي الميول الاشتراكية الدكتاتورية).

2.  موسى تراوري من19 نوفمبر1968 إلى 26 مارس1991 أطيح به بانقلاب عسكري من طرف الكولونيل توريري Amadou Toumani Touré(7).

3.  أمادو توماني توري: رئيس الهيئة الانتقالية بتاريخ 26 مارس1991 حتى 8 جوان 1992: نظم انتخابات رئاسية ديمقراطية فاز فيها المعارض ألفا عمر كوناري Alpha Oumar Konaré .

4.  ألفا عمر كوناري: انتخب في 8 جوان 1992، وأُعيد انتخابه لفترة ثانية في ماي 1997 إلى غاية 8 جوان 2002 (انتخب لعهدتين متتاليتين حسب ما يسمح به الدستور حيث عمل على محاربة الفساد وتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي، وأصبح وسيطًا بارزًا في النزاعات الأفريقية)(8).

5.  أمادو توماني توري منذ 8 يونيو 2002، وأعيد انتخابه سنة 2007(*)، أطيح به بانقلاب عسكري بقيادة الكابتن أمادو سانوغو Captain Amadou Sanogo في 22 مارس 2012.

6.  ديانكوندا تراوري Doncoundé Traoré يقود الحكومة الانتقالية منذ أبريل 2012، رئيس البرلمان السابق وأحد المقربين من الرئيس المخلوع "أمادو تومانيتوري"(9).

  وهنا لا بد أن نبين أن ما يميز النظام القانوني في مالي أنه مستمد من النظام القانوني المدني الفرنسي الدولة المستعمرة لها سابقًا، إذْ تجرى مراجعة القوانين قضائيا في المحكمة الدستورية والتي تأسست رسميًا في التاسع من مارس 1994 إلا أنّ جمهورية مالي لم تقبل بالسلطة الإلزامية لمحكمة العدل الدولية.

  وفيما يخص القوى السياسية فقد بلغ عدد الأحزاب في مالي91 حزبًا منها 51 حزبًا فاعلًا ومؤهلًا سياسيًا تتلقى الدعم من السلطات المالية.

    وفي ظل هذا الوضع للنظام السياسي المالي، ووفقًا للعلاقات المتميزة للدولة الفرنسية مع الأنظمة الحاكمة في الدولة المالية الموالية لها، تترسخ عقيدة سياسية وأمنية، لدى صناع ومتخذي القرارات والسياسات في الحكومة الفرنسية، بأهمية الحفاظ على تلك الأنظمة المشايع لها، ومن ثم فإن أية تغييرات يمكن أن تطرأ على الواقع السياسي للدولة المالية، ويتعارض مع أهدافها ومصالحها، يحتم عليها التحرك والتدخل السريع والعاجل لاستعادة الأوضاع، والحيلولة دون حدوث تغييرات سياسية يمكن أن يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على منظومة المصالح الفرنسية.  

ج‌.    الأهمية الجيو اقتصادية لدولة مالي: بالإضافة للأهمية الجغرافية المتميزة التي تتمتع بها مالي، فإنها تتميز بمجموعة من الموارد الاقتصادية المهمة والتي زادت من أهمية تلك المنطقة، فهي تزخر بالعديد من المعادن والثروات من الذهب، البوكسيت، اليورانيوم، الحديد، والنحاس، اللتيوم، المنجنيز والفوسفات والملح.. ومعادن أخرى إستراتجية. ويعتبر الذهب أهم المصادر المعدنية للاقتصاد المالي، إذْ تعد ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا وغانا(10).

أما في مجال النفط فقد منحت حكومة الرئيس المالي السابق "أمادو تومانيتوري" عقود التنقيب لـ 6 شركات أجنبية مختلفة، ذلك إلى جانب الشركات الوطنية، وهي شيفرون الأمريكية Chevron وإيكسون Exxon وإيلف الفرنسية Elf تعاقبت على اكتشاف الاحتياطات النفطية منذ السبعينيات، فالأطماع النفطية في منطقة حوض تاودنيTaoudenni  الموجود بموريتانيا والمتوغل شرقًا نحو إقليم مالي أثبت وجود احتياطات مهمة من النفط، حيث إن الجزء المالي من الحوض يحظى باهتمام أيضًا من جانب عدد من الشركات وعلى رأسها الشركة الإيطالية إيني ENI.(11)، بالتعاون مع الشركة الجزائرية سوناطراك اللتين تنقبان في المنطقتين المحددتين من جانب الحكومة المالية برقمي7 و11.

   إضافة لذلك يتصدر القطاع الزراعي أهم القطاعات التي يرتكز عليها اقتصاد مالي، حيث تقدر مساحة الأراضي المزروعة بمالي نحو 3 ملايين هكتار أي ما يمثل 10% من الأراضي الصالحة للزراعة بالبلاد، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف سكان مالي يعتمدون في دخلهم على نشاطهم الزراعي، إذْ تحتل زراعة الحبوب مكانة كبيرة في تأمين المتطلبات المعيشية للسكان. كما تأتي مالي في طليعة الدول المنتجة للأرز على مستوى غرب أفريقيا، وتعتبر البلاد من أكبر منتجي القطن على المستوى العالمي، ويعد المحصول الرئيسي للتصدير ما يقارب نصف الصادر من مالي يُغطي إنتاج البلاد سنويًا من القطن نحو 15% من الناتج المحلي الداخلي، ويعيش علي حساب القطن المالي نحو 3 ملايين مالي.

  فيما تعد الثروة الحيوانية ثاني أكبر ثروة بالبلاد بعد الزراعة، وتمثل نحو 10% من الناتج الوطني الخام ويعتمد عليها نحو 30% من السكان، وتتركز الثروة الحيوانية بالمناطق الشمالية من البلاد، ويعتمد عليها بشكل رئيسي سكان هذه المناطق كالعرب والطوارق والفلان، حيث كشفت إحصائيات اقتصادية حديثة أن هذه الثروة تحتل المركز الثالث في صادرات البلد الخارجية، خصوصًا إلى البلدان المجاورة كالسنغال وساحل العاج وموريتانيا(12).     

   بالإضافة لما سبق هناك قطاع الصيد الذي لا يقل أهمية عن باقي القطاعات، فهو يشكل نحو 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل فيه قرابة ربع مليون شخص، وينتعش نشاط الصيد في المناطق القريبة من دلتا النيجر وبحيرات "سلينكي" و"مانتنلي" وبحيرة "دبو"، ومعظم الإنتاج من أسماك الشبّوط والسلور والأسماك النهرية(13).

    وتتمثل أهم واردات دولة مالي في المواد الكيميائية والمواد الغذائية والآلات والنفط والمنسوجات، فإلى جانب تصدير القطن هناك الأسماك والجلود والماشية واللحوم والفول السوداني ويتم التبادل التجاري أساسًا مع دول غرب أفريقيا وفرنسا وبعض دول غرب أوربا، وتعد السنغال أكبر دولة مصدرة(*) لمالي بعد فرنسا، فيما تعد الصين أكبر دولة مستوردة*) من مالي بنسبة 19.6 %.

        ومعنى هذا أنه إضافةً للمصالح السياسية والفرنسية في مالي، فإن للمصالح الاقتصادية أيضًا اهتمام كبير من جانب الحكومات الفرنسية المتعاقبة، وهو ما يُملي عليها ضرورة التعامل الجاد مع الشأن المالي بأقصى درجات الاهتمام، حتى ولو استخدمن فرنسا في سبيل ذلك التدخل العسكري ذاته.


 التدخل الفرنسي في

ثانيًا- آليات الوجود الفرنسي في مالي

  تعتبر فرنسا الدولة الأوربية الأولى من حيث قوة نفوذها وقدرتها على الحركة والفعل في الساحة الأفريقية، حتى إن أفريقيا تمثّل أحد ثلاثة عوامل داعمة لمكانة فرنسا الدولية بجانب مقعدها الدائم في مجلس الأمن والقدرة النووية، إضافة لذلك فإن هناك عاملًا دوليًا مُهِمّا يُحْسب لمصلحة استمرار الدور الفرنسي في القارة واستعادته لقوته ألا وهو الاتحاد الأوربي الذي يمّثل دعامة حقيقية لفرنسا، فهي تُعد أحد الأعضاء المؤسسين لهذه المجموعة الدولية(14)، حيث تسعى لتحقيق مصالحها في القارة الأفريقية بشكل عام ودولة مالي على الأخص، باتباع مجموعة من الآليات منها ثقافية وعسكرية وحتى اقتصادية نبرزها فيما يلي:

أ‌.      السياسة الثقافية الفرنسية في مالي

   تعتمد فرنسا في علاقاتها الثقافية بالدول الأفريقية على عدة عناصر أهمها اللغة المشتركة، والمؤسسات التعليمية الفرنسية، والمراكز الثقافية في إفريقيا، بالإضافة إلى القمم الفرانكوفونية التي تنعقد كل عامين في باريس أو في إحدى العواصم الأفريقية. وستتم الإشارة إليها كالتالي:

1.  الفرانكفونية: حكمت فرنسا قبضتها في هذا المجال من خلال إنشاء المنظمة الفرانكفونية التي أُعلن عنها رسميا في 1970، بمفهومها الجديد باسم "وكالة التعاون الثقافي والفني للتبادل الثقافي مع الحكومات"، واعتبر تاريخ تأسيسها الموافق 20 مارس بمثابة اليوم العالمي للفرنكوفونية. وسعت فرنسا من وراء تأسيسها للمنظمة الفرانكفونية لتوثيق الروابط الثقافية والدبلوماسية والاقتصادية وغيرها بين أعضائها، واعتبار أن اللغة الفرنسية هي لغة عالمية بإمكانها التصدي للمد المعاكس المتمثل في الأنجلوفونية(15).

2.  اللغة الفرنسية: استمرت فرنسا في علاقاتها بمستعمراتها من خلال غرسها للقيم والثقافة واللغة الفرنسية، أين أصبحت اللغة الرسمية في بعض الدول الأكثر استعمالًا في دول أخرى فلم تسمح لهم بتعلم لغتهم المحلية سواء العربية أو لغات أخرى، وحتى أماكن التعليم والتدريس الخاصة بلغاتهم المحلية لا توجد، بل عملت على تعليم ونشر اللغة الفرنسية فقط دون منازع.

3.  المراكز الثقافية الفرنسية: عملت فرنسا على إنشاء المراكز الثقافية والمدارس والجامعات في الدول الأفريقية (16)، تعمل أيضًا على ترجمة بعض الأعمال الأدبية المختارة من اللغات المحلية إلى اللغة الفرنسية، هذا بالإضافة لاستخدام الطلاب الأفارقة في الدراسة وإقامة محطات البث الإذاعي.

ب‌.    السياسة العسكرية الفرنسية في مالي

تتبنى فرنسا سياسة عسكرية في مالي كالتالي:

1.  القواعد العسكرية: بلغ عدد القواعد العسكرية الفرنسية بأفريقيا سنة1960نحو100 قاعدة، اختزلت إلى 5 قواعد عسكرية توزعت على دول إفريقية عديدة(*).

2.  اتفاقية الدفاع العسكري المشترك: عبارة عن اتفاقيات ثنائية تشمل العديد من مجالات المساعدات العسكرية والفنية، المساعدات المباشرة لجيوش وأجهزة الشرطة، المنح الدراسية العسكرية، برامج التدريب للضباط الأفارقة من خلال إنشاء فرنسا أكاديميات عسكرية بحجة تكوينهم للقيام بعمليات حفظ السلام بالقارة(17). وتجدر الإشارة إلى أن هذا النّوع من الاتفاقيات يجمع فرنسا بـ21 دولة أفريقية، معظمها مُنتمية للمنظمة الفرانكفونية من بينهم دولة مالي(18) ترتبط معها بمواثيق ومعاهدات دفاع مشتركة تُحتِّم عليها مساعدة السلطات المالية في حالة نشوب صراعات تهدد كيان الدولة المالية (19).

ج‌.   السياسة الاقتصادية الفرنسية في مالي

  عملت فرنسا على ربط مستعمراتها السابقة بما فيهم دولة مالي مع الإبقاء على نظام "منطقة الفرنك الفرنسي الأفريقي"CFA، وكان ذلك يقتضي مساعدة الأنظمة القائمة وحمايتها(20)، حتى ولو كانت استبدادية، من أجل ضمان ولائها لفرنسا في مواجهة المنافسة الأميركية واليابانية والألمانية، وأخيرًا الصينية تلك التي حصلت خلال حكم الرئيس السابق أمادو توماني توري في عام2010 على حق التنقيب عن اليورانيوم في شمال مالي.

        ولم تكتف فرنسا بنظام الفرنك السابق بل استخدمت جهازًا آخر يدعى بـ "الوكالة الفرنسية للتنمية" مهمتها مرافقة الدول الإفريقية خاصة الأكثر تخلفًا بهدف تنميتها، ولتحقيق ما سبق خصصت الوكالة للقارة ما يقارب 60% من إمكانياتها، ومن بين الأسباب التي جعلت دول صحراء أفريقيا تتمتع بالأفضلية حسب رئيس مجلس إدارة الوكالة "بيير أندري وليتزر" Pierre André Wiltzer هو تأخرها في الإقلاع سواء على مستوى النمو الاقتصادي أو مستوى معيشة السكان(21)، حيث قدرت الميزانية المخصصة للوكالة عام 2006 بـ0,47 من حجم إنتاجها الداخلي الخام أي ما يعادل 9 مليار يورو(22)، وتسهر المؤسسات المانحة لرؤوس الأموال على فرض إجراءات رقابية على مسار تلك الموارد حتى لا تكون عرضة للاختلاسات والنهب. ومن بين الأمثلة التي يمكن إيرادها عن إسهامات تلك الوكالة هو تقديمها لقرض قدّر بـ 7,2 مليار سيفة(*) لشركة القطن المالية قصد إعادة هيكلتها، التي تعد أكبر شركة بمالي إذْ توظّف ثلث السكان بعد أن وصل عدد العمال فيها 4 ملايين عامل سنة 2006(23).

  إضافة لذلك، فقد اعتمدت فرنسا على التجارة البينية مع الدول الأفريقية، إذْ تُعتبر فرنسا المستورد الأول للمواد الخام من غالبية دول غرب أفريقيا بشكل عام ودولة مالي على الأخص، كما تعد المُصدِّر الأول للسلع المصنعة لبعض هذه الدول. والجدير بالذكر أن بعض الإحصاءات ومنها موقع وزارة الشئون الخارجية الفرنسية يشير إلى أن دولة مالي هي المستورد رقم 87 لفرنسا والمصدر رقم 165 لفرنسا ومعظم صادراتها من الذهب والقطن وتبلغ 10 ملايين يورو سنويًا، مما يعادل 0.002% من الواردات الفرنسية، كما تسيطر المؤسسات والشركات الفرنسية في مالي علي 65% من قطاع الخدمات و20% في التجارة و15% في قطاع الصناعة(24)، أما عدد المستثمرين الفرنسيّين في مالي فيبلغ حوالي 5 آلاف مستثمر، وفي المقابل أن الجالية المالية في فرنسا التي تعدّ نحو 80 ألف شخصٍ(25).



تُعتبر فرنسا المستورد الأول للمواد الخام من غالبية دول غرب إفريقيا بشكل عام ودولة مالي على الأخص، كما تعد المُصدِّر الأول للسلع المصنعة لبعض هذه الدول.

ثالثًا: طبيعة التدخل الفرنسي في مالي

إن التدخّل الفرنسي العسكري في مالي ليس أول تدخّل لها في أفريقيا، فمنذ 1960 تدخّلت أكثر من أربعين مرّة في نزاعاتٍ أفريقية وأزماتٍ داخلية في بلدانٍ أفريقية كانت مستعمرات لها، وتشير مراجعة سريعة لمسوّغات تدخّلات فرنسا العسكرية إلى أنّه لا يمكن إجمال هذه المسوغات في إطارٍ واحد، فأحيانًا كانت تتدخّل لفائدة أنظمةٍ سلطويّة أو ديكتاتورية، وأحيانًا أخرى لفائدة تحوّلات ديمقراطية، ومرّات لمساندة جانبٍ سياسي على حساب آخر، بيد أنه كانت مصالح فرنسا دائمًا الدافع الثابت لتدخّلاتها العسكرية في أفريقيا بمسوغات متغيّرة(26)، فحاربت في تشاد، واشتركت في الحرب مع ليبيا، وساندت الأنظمة في جيبوتي وجمهورية أفريقيا الوسطى في مواجهة المتمردين، ومنعت الانقلاب في جزر القُمر، وتدخلت في ساحل العاج لتمكين المنتخب الرئاسي الفائز في الانتخابات الرئاسية حسن وتارا من توليه السلطة، وغيرها.

أ‌.      أسباب التدخل الفرنسي في مالي

   يرجع التدخل العسكري الفرنسي في مالي للعديد من الأسباب، تنوعت بين أسباب معلنة صَرحت عنها الحكومة الفرنسية رسميا من خلال وزرائها وممثليها السياسيين، وأُخرى خفية لم تعلنها فرنسا بشكل رسمي إلا أنها كانت دافعًا بارزًا وراء هذا التدخل الأخير.

1.  الأسباب المعلنة للتدخل الفرنسي في مالي: عندما بدأ التدخل الفرنسي في مالي أعلن وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس" إن هذا التدخل يهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف: أولها، وقف زحف المجموعات الإرهابية نحو الجنوب. وثانيها، الحفاظ على وجود حكومة مالي واستعادة وحدة أراضيها وسيادتها الكاملة. وثالثها، التحضير لنشر قوة التدخل الإفريقية المرخَص لها بموجب قرار مجلس الأمن(27).

   لكن توغل الإسلاميين في موبتي دق ناقوس الخطر في الدوائر الحكومية في كل من باماكو وباريس، فرأت هذه الأخيرة، في تقدم الإسلاميين نحو مدينة كونا، وتفاقمت المخاوف بأن الجيش المالي سوف ينهار ببساطة أمام هجمات المقاتلين الإسلاميين المتزايدة، وبعد الهجوم المشترك من قِبل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وأنصار الدين وجماعة التوحيد والجهاد على بلدة كونا في 10 يناير 2013، ويضاف إلى هذا المزيج وجود نحو 6000 مواطن فرنسي يعيشون في مالي، ناهيك عن كون تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به العاملة في منطقة الصحراء والساحل يعتبر الفرنسيين- من بين الغربيين الآخرين- هدفًا أوليًا للخطف(28).

حيث شهدت فرنسا العديد من الاختطاف لرعاياها في شتى الدول الأفريقية لعلّ أولها كان في موريتانيا سنة 2008 باختطاف خمسة رعايا فرنسيين، يليها بعد ذلك اختطاف الرعية بيار كامات Pierr Kamette"" الذي اختطف في 26 نوفمبر 2009 من مالي، وتمّ الإفراج عنه سنة 2010(29)، وذلك بدفع فدية وإطلاق سراح أربعة من الإرهابيين كانوا معتقلين لدى السلطات المالية، إضافة الإفراج عن إرهابيين جزائريين كانوا محل بحث من طرف الأمن الجزائري، وهو ما دفع لتوتر العلاقات بين حكومتي الجزائر ومالي(30).

  تواصلت عمليات الاختطاف للرعايا الفرنسيين، وهذه المرة باختطاف الرعية الفرنسي والمهندس "ميشال جيرمانوMichel Germanea " 78عامًا، الذي كان يعمل في مجال العمل الإنساني شمال النيجر في22 يوليو 2010(31 وقد سعت فرنسا من أجل إنقاد رعيتها بالتنسيق مع موريتانيا في عملية عسكرية بعد أن طلبت القاعدة 8 ملايين يورو مقابل الإفراج عن الرهينة، إلا أنه تم إعدامه في 27 يوليو 2010. وعقب إعدام الرعية الفرنسي شهدت فرنسا عمليات اختطاف أخرى؛ ففي شهر سبتمبر 2010، تم اختطاف سبعة أشخاص يعملون في النيجر من بينهم خمسة فرنسيين وشخص من توجو وآخر من مدغشقر، الأشخاص السبعة كانوا يعملون في" مدينة أرليت في شمال النيجر "في موقع لاستخراج اليورانيوم تابع لشركة "أريفا" الفرنسية Areva أكبر الشركات العاملة في هذا المجال، وأعلن تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي" المنتشر في هذه المنطقة، والذي يتخذ ملاذًا له في منطقة صحراء مالي، مسئوليته عن عملية الاختطاف(32)، تلا ذلك اختطاف المواطن الفرنسي سيرج لازارفيتش من قِبل تنظيم القاعدة، مع فرنسي آخر يدعى "فليب فيردون" (53سنة) بتاريخ 24 نوفمبر 2011 من الفندق الذي كانا ينزلان فيه في هومبوري شمال شرقي مالي، واغتيل هذا الأخير برصاصة في الرأس أطلقت عليه من قِبل منتسبي تنظيم القاعدة في 19 مارس 2013(33).

فضلًا عما سبق، وجب الإشارة أنّ الحكومة الفرنسية استغلت حادثة احتجاز الرهائن في عين أمناس (الجزائر)، وذلك لإضفاء الشرعية على تدخلها معتبرة أن التهديد الإرهابي لا يستهدف فرنسا بل المجموعة الدولية بأكملها، كون الرهائن ينتمون إلى جنسيات مختلفة هذا ما سهَّل من مهمتها في تعميم التهديد الإرهابي(34).

2.  الأسباب غير المعلنة للتدخل الفرنسي في مالي: يظهر البعد الإستراتيجي في هذا التدخل الفرنسي خاصة مع وجود لاعبين جدد في القارة الأفريقية كالولايات المتحدة، والصين والهند والبرازيل ومحاولة الوجود في القارة على حساب المعسكر القديم المتمثل في فرنسا وأمريكا وبريطانيا، وهو ما يعتبر دافعًا لهذه القوى الثلاث أن تبذل الجهود في محاولة لاستعادة مكانتها القديمة مرة أخرى في أفريقيا(35). والجدير بالذكر أنه تم اكتشاف البترول واليورانيوم والفوسفات في شمال مالي، من قِبل شركة إيطالية في 2010، لذا تسعى فرنسا لإيجاد موطئ قدم لها في منطقة الساحل الإفريقي الذي يحتوي على احتياطي نفطي كبير، يكون بديلًا عن أي نقص قد ينتج جراء إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي الذي يمر عبره جزء كبير من بترول الخليج العربي إلى الخارج(36).

        إلى جانب هذه الأهمية الاقتصادية، فإن الساحل الأفريقي يمثِل منطقة عبور إستراتيجية لمشروع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء والذي يربط النيجر، نيجريا والجزائر، ويمتد على مسافة 4128 كم بإمكانات سنوية تصل إلى 30 مليار متر مكعب، ينطلق من واري في نيجيريا ويصل إلى حاسي الرمل بالجزائر(*)مرورًا بالنيجر، ويَسمح لأوربا التزود بالغاز الطبيعي، الذي بدأت أعماله بعد الاتفاق المبرَم بين الدول الثلاث في 3 يوليو 2009 من جهة. من جهة أخرى، فإن جارتها النيجر تحتل المرتبة الثالثة عالميًا في إنتاج اليورانيوم بعد كندا وأستراليا بنسبة 8.7% من الإنتاج العالمي وتغطي ما نسبته 12% من احتياجات الاتحاد الأوربي UE، وهذا دون أن ننسى أن فرنسا لوحدها تعتمد على نحو 75% من الطاقة النووية لتلبية احتجاجاتها من الكهرباء(37)، حيث تعد شركة "أريفا" الفرنسية من أهم الشركات المستخرِجة لليورانيوم(38)، في النيجر أساسًا في منطقة "أرليت، إيمورارين وأزواك" المحاذية لمنطقة أزواد في شمال مالي.

علاوةً على ذلك، فإن مالي تحاذي العديد من دول الساحل التي يمتاز باطنها بثروات بترولية كبيرة منها موريتانيا الغنيّة بالنفط، إذْ تحصل شركة "توتال" الفرنسية على النصيب الأكبر منه، إضافة لامتلاكها مخزونًا مهمًا من الحديد المهم لصناعة الصلب في أوربا، هذا بالإضافة لحقول النفط الجزائرية التي تشكل مطمعًا كبيرًا للفرنسيين(39إلى جانب ساحل العاج (كوت ديفوار) التي تعد عاصمة منطقة الفرنك الأفريقي. بل إن هناك من ذهب إلى حدّ اعتبار هذا التدخل محاولة من الرئيس الفرنسي لتصريف الأزمات التي يعيشها المجتمع الفرنسي نحو الخارج، شملت الأزمة الاقتصادية من ضعف التنافس الاقتصادي، تراجع الصناعات وحتى ارتفاع الإنفاق العام، إضافة لما تخلفه الأزمة الأخيرة من تبعات اجتماعية في ارتفاع نسبة البطالة(40).

ب. موقف الداخل الفرنسي من التدخل

أجمعت القوى والنخب السياسية الفرنسية بيمينها ويسارها على الوقوف جبهة واحدة وراء الرئيس فرنسوا هولاند في القرار الذي اتّخذه بإرسال القوّات الفرنسية إلى مالي، ولم يسمع صوت معارض لهذا التدخّل باستثناء صوت النائب في الجمعية الوطنية الفرنسيّة وأحد أقطاب تيّار الأيكولوجيين، "نوال مامير"، الذي رأى أنّ التدخّل هو استمرار لسياسة فرنسا- إفريقيا "Françafrique" ذات الخلفية الإستعمارية41. فبمجرد إعلان الرئيس هولاند التدخل في مالي، عبرت قيادات اليمين عن دعمها للقرار مؤكدة على ضرورة الالتزام بالوحدة الوطنية التي شدد عليها الخطاب الرسمي، وقد أشاد رئيس الحكومة السابق في عهد ساركوزي "فرانسوا فيون" بالعملية معتبرًا أنها تأتي في إطار "الشرعية الدولية" وأن "فرنسا وفية لقيمها الكونية"، أما منافسه في الحزب، جون فرانسوا كوبي، فقد تحدث عن "مستلزم الوحدة الوطنية" ضد الإرهاب وتجاوز الانتماءات الحزبية، فيما وصفت مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية (اليمينية المتطرفة) عملية التدخل في مالي بـ"الشرعية"(42).

   بيد أنه بعد نحو أسبوع من بدء الحرب بدأ تصدع الوحدة الوطنية والإجماع بمبادرة من المعارضة اليمينية من تساؤلات منذرة ببدء نقاش سياسي وربما بنهاية الإجماع الوطني، حيث جاءت هذه التساؤلات من الحزب اليميني المعارض الاتحاد من أجل الحركة الشعبية (حزب الرئيس السابق ساركوزي)- والتي لم تلق ردًا واضحًا من الحكومة الاشتراكية لخصها زعيم الحزب كوبي بقوله :"وحدة وطنية ولكن تساؤل شرعي، وحدة ولكن حيطة"، بمعنى أن الوحدة الوطنية لا تعني عدم انتقاد خيارات الحكومة وأدائها في حرب مالي.

        في المقابل، هناك من عارض هذا التدخل فنجد مثلًا في حزب اليسار كل من "فاليري جيسكار ديستان"-رئيس فرنسا الأسبق (1974-1981)- حذّر من تطور التدخل "الذي قد يكون من النوع النيوكولونيالي"، وكذا دومينيك دو فيلبان - وزير الخارجية ورئيس الحكومة في عهدة شيراك الثانية (2002-2007)- انتقد الإجماع على الحرب على أساس ذريعة مواجهة الإرهاب مطالبًا "باستخلاص الدروس من الحروب الخاسرة" (أفغانستان، العراق وليبيا)، مضيفا بأن "كل حرب هي تحضير لحرب أخرى(43). وفي الأخير، يمكن اعتبار  التدخل العسكري الفرنسي في مالي ضمن إجماعٍ فرنسي داخلي، دلالة على أنّ سياسة "فرنسا المهيمنة" في أفريقيا لا تزال حاضرة خلافًا لما أعلنه الرئيس(*) "فرانسوا هولاند" أنّ سياسة "فرنسا- أفريقيا"Françafrique  ذات الأبعاد الاستعمارية قد أصبحت ماضيًا(44). 

د‌.     مراحل التدخل العسكري الفرنسي في مالي

        بدأ تصوير المشهد في مالي على أنه حالة من الاستنفار والتعبئة الدولية للمشاركة في حرب عالمية جديدة على الإرهاب، ولكن هذه المرة ليست في أفغانستان، أو العراق، بل حرب داخل القارة الإفريقية، فاعتمدت فرنسا في تدخلها على قواتها وعتادها الموجود مسبقًا في القارة الأفريقية، حيث لجأت إلى المروحيات التابعة للقوات الخاصة، ومقرها في بوركينافاسو، وطائرات«ميراج» متمركزة في تشاد، وأربع مقاتلات «رافال» من إحدى القواعد الفرنسية في الخليج انضمت إلى القتال لتعزيز القدرات الجوية(45).

وهكذا شنت القوات الفرنسية بالتعاون مع القوات الحكومية المالية وبمشاركة جنود من نيجيريا والسنغال، في انتظار إكمال نشر القوة الإفريقية لتتولى قيادة العمليات، وبمساعدة لوجستية محدودة من جانب الدول الغربية، ضربات جوية طالت حزامًا واسعًا من معاقل الإسلاميين(46)، يمتد من غاو ويمر بكيدال في شمال شرق البلاد، بالقرب من الحدود مع الجزائر، ويصل بلدة ليري في الغرب بالقرب من الحدود مع موريتانيا(47). وقد عُيِّن الجنرال "غريغوري سان كوينتين" لقيادة هيئة الأركان العملياتية للحرب في مالي، التي أُطلق عليها اسم "سيرفال" أو "القط النمر". ويقود الجنرال غريغوري، قائد القوات الفرنسية في السنغال، هيئة بنحو 80 عسكريًا مقرّها في داكار وباماكو، وتُسند هذه الهيئة على الأرض من قِبل جنرال فرنسي آخر يدعى "برنار باريرا"، أما التركيبة الجوية فستكون بقيادة العقيد " لوران راطو" ، ومقرها بالعاصمة التشادية نجامينا(48).

    عرف التدخل العسكري الفرنسي في مالي ثلاث مراحل مختلفة، بداية من يناير 2013 إلى غاية انسحابها جزئيا من مالي، وهي على النحو التالي:

الأولى. تعمل الخطة في المرحلة الأولى على توطيد سيطرة القوات الحكومية على جنوب مالي من خلال الدعم اللوجستي الاستخباراتي والتدريب والتنظيم والتسليح بهدف وقف انتشار الجماعات الإرهابية إلى الجنوب.

الثانية. بدأت القوات الفرنسية التي تقود العمليات العسكرية في إقليم أزواد بشمال مالي، المرحلة الثانية من العملية العسكرية، بعد استعادة المدن الرئيسية في الإقليم والسيطرة على محاور الطرق الكبرى، وعملت القوات الفرنسية في هذه المرحلة على الإطاحة بمجموعة من أخطر قادة التنظيمات المسلحة وتدمير مخازن السلاح لدى هذه المنظمات في عمليات نوعية(49). وتلى ذلك نشر ثلاث إلى أربع كتائب عسكرية مالية، تعتمد عليها القوات الأوروبية والأفريقية، بعد الاستيلاء على المدن الرئيسية في شمال مالي– غاو وتومبوكتو-، حيث قصف الطيران الفرنسي مواقع للجماعات الإرهابية المسلحة في "كيدال"(**) وضواحيها في أقصى شمال شرق مالي ودمّر منزل زعيم جماعة أنصار الدين.



 التدخل الفرنسي في

الخريطة رقم(2): خريطة توضح الأماكن التي استهدفتها الغارات الجوية بمالي

الثالثة. تأمين العاصمة باماكو لضمان الاستقرار للمدينة واستدامة مؤسساتها، وتعزيزها بقوات فرنسية إضافية مرابطة في الدول الإفريقية المجاورة، خاصة من ساحل العاج وتشاد، بغرض توفير الحماية للمواطنين الفرنسيين والأوربيين والمصالح الفرنسية(50). وفي الأخير العمل على توطيد الاستقرار في شمال البلاد، وتشمل الخطة قصف مواقع الجماعات الأصولية، وطبيعة تدخل القوات الخاصة، فيما ستوفر الولايات المتحدة الدعم الاستخباراتي، ومن الممكن أن تقوم القوات الفرنسية بتوفير الغطاء الجوي للعمليات العسكرية(51).

        والجدير بالذكر أن فرنسا تلقت في إطار تدخلها العسكري في مالي للعديد من المساعدات الدولية سواء من جانب الدول الأفريقية تحت راية مجموعة غرب إفريقيا "الإيكواس"، وحتى دوليًا:

1.  مساندة التدخل إفريقيًا: بدأ انتشار طلائع الدول الإفريقية للمشاركة في القتال الدائر هناك، وذلك بنشر 5300 جندي بقيادة النيجيري " شيهو عبد القادر" لإسهام بلاده الأكبر بـ 900 جندي في تلك القوة التي تتكون من ثماني دول من غرب أفريقيا، وهي إلى جانب نيجيريا، توغو وبنين والسنغال والنيجر وغينيا وغانا وبوركينافاسو(52). وذلك مع مشاركة تشاد منفردة بنحو ألفي جندي، كما تعهدت كل من: "السنغال وبوركينا فاسو والنيجر" بإرسال خمسمائة جندي من كل واحدة منها، أما نيجيريا بتسعمائة جندي، وبنين بثلاثمائة جندي(53).

   إضافة لذلك، أعلن الاتحاد الأفريقي هو الآخر المشاركة في دعم المهمة العسكرية بمالي بـ 50 مليون دولار، كما قدمت الدول الأفريقية إلى جانب الدعم العسكري ما مجموعه 26 مليون دولار، موزَّعة بين كل من بنين وكوت ديفوار، والسنغال 2 مليون دولار، أما جنوب أفريقيا (10 ملايين)، إثيوبيا(5 ملايين)، نيجيريا (5 ملايين)، غانا (3 ملايين)، جامبيا (مليون)(54)، وإضافة للتبرعات النقدية والعسكرية تعهدت غينيا الإستوائية بتوفير الوقود لكل من قوات "الأفيسما" وقوات الجيش والأمن الماليين(55).

   وقد أسهمت دولة نيجيريا بأكبر القوات كما أنها خصصت أكثر من 35 مليون دولار لهذه المهمة، ولعلّ ذلك راجع لسببين: أولاهما أن نيجيريا القوة الاقتصادية الكبرى في غرب أفريقيا، وهي كذلك القوة العسكرية ذات الخبرة الواسعة في عمليات حفظ السلام، وثاني سبب ويتعلق بالتهديد المتزايد للعلاقة الإيديولوجية والتكتيكية التي تربط الجماعات الإسلامية في مالي واثنتين من الجماعات الجهادية في نيجيريا هما: جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد المعروفة بــ"بوكو حرام" وجماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان(56).

     بالإضافة لقوات دول غرب أفريقيا، فقد أسهمت بعض الدول العربية هي الأخرى في دعم وتمويل التدخل الفرنسي فعلى غير العادة قدمت مملكة البحرين 10 ملايين دولار، كما قال الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" خلال الزيارة التي قام بها إلى أبو ظبي في 15 يناير "أن الإمارات العربية المتحدة قد تقرر المشاركة فورًا إما على المستوى اللوجستي وإما المالي" لدعم التدخل في مالي(57).

2.  مساندة التدخل دوليًا: فضّلت أمريكا على غرار العديد من الدول الغربية تقديم مساعدة لوجستية وتدريب الجيش المالي، إذْ وعد البنتاجون بتوفير طائرات نقل وتزويدها بالوقود في الجو، وأخرى طائرات تجسس لدعم العملية الفرنسية(58)، فشرعت الولايات المتحدة في نقل جنود فرنسيين ومعدات إلى مالي في إطار الدعم اللّوجيستي الذي تقدمه للقوات الفرنسية التي تحارب مقاتلين متشدّدين في شمال البلاد(59)، حيث أفاد "بنجامين بنسون" المتحدث باسم القيادة الأمريكية في أفريقيا «أفريكوم» أنه: "دعمنا النقل الجوي للقوات الفرنسية والمعدات إلى باماكو من إستريس"(60). وانطلاقًا من العديد من الدراسات التي تم الإشارة لها سابقا يمكن تلخيص ما تقدم في الجدولين التاليين:

الجدول رقم (1): يلخص المساعدات الدولية للتدخل العسكري الفرنسي في مالي

التأييد السياسي

الدعم بالقوات البرية على الأرض

الدعم المالي

الدعم عبر فتح الأجواء البرية والجوية

المساعدات بالدعم الاستخبراتي واللوجستي

 

مساعدات بالطائرات والمعدات

الاتحاد الأوربي، أمريكا .

نيجيريا،السنغال، بوركينافاسو، بنين، توجو، تشاد  النيجر،غانا، غينيا الجيش المالي،

حركة تحرير أزواد

الإمارات، البحرين اليابان، الاتحاد الأوربي الاتحاد الأفريقي، بنين، كوت ديفوار السنغال، نيجيريا، غانا، إثيوبيا، جنوب أفريقيا، جامبيا

الجزائر والمغرب

أمريكا، الدنمارك، بلجيكا، روسيا

بريطانيا، ألمانيا، أمريكا، كندا، الدنمارك، إسبانيا، هولندا، بلجيكا، الإمارات.

المصدر: الباحث بالتصرف

جدول رقم (2) التعهدات الرئيسية التي قدمت في مؤتمر المانحين

الدول أو المنظمات

قوات ميسماMISMA

(مليون دولار)

دعم قوات المسلحة لمالي ومساعدات إنسانية

الاتحاد الأوربي

67,2

 

الولايات المتحدة الأمريكية

96

 

فرنسا

53,8

9,4 مليون دولار (قوات مالي )

الاتحاد الافريقي 

45

5 ملايين دولار  ( قوات مالي )

جنوب أفريقيا

10

10 ملايين دولار مساعدات إنسانية

اليابان

 

120 مليون دولار مساعدات إنسانية

كندا

 

مساعدات بالطائرات،إضافة ل13مليون دولار

الصين

 

 مليون دولار

المملكة المتحدة

4,7

3,2مليون دولار قوات مالي 12,6مليون دولار للمساعدات الإنسانية

ألمانيا

20

4,5 مليون دولار للمساعدات الإنسانية

أستراليا

5,2

22,6 لقوات مالي

Source: Sénat,Rapport d’ information,(Paris: Sénat, N ° 513, Session Ordinaire De 2012 – 2013)P. 82

   بيد أن هذا التدخل لم يدم طويلًا، حيث أن فرنسا قامت بسحب قواتها وطائراتها، وذلك وفقًا لما جاء في تصريح رئيسها هولاند بقوله: "إن الانسحاب سيكون "تدريجيًا" وتبعا لتطور الوضع، وستعوض وجودنا القوات-الأفريقية التي سيكون لها الفعالية نفسها وذلك سيتطلب وقتا(61) كما صدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2100 بتاريخ 25 أبريل 2013، القاضي بإنشاء بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في مالي MINUSMA يبلغ عدد أفرادها اثني عشر ألفا وستمائة شخص، إلاّ أن القوات المسلحة الفرنسية ستبقي بعض عناصرها على الأرض بغرض تقديم المساعدة في الظروف الصعبة، وستقوم بوضع الآليات الملائمة بين الأمم المتحدة وفرنسا لتحديد أفضل سبل العمل(62)، وقد بدأت البعثة مهامها رسميًا في يوليو 2013.

 

خاتمة في ضوء ما تم تناوله في هذه الدراسة، يمكن الإشارة إلى عدد من النقاط الأساسية كالتالي: أولاها. أن التدخل العسكري الفرنسي في البلدان الإفريقية عامة تتم بذريعة حماية الرعا

خاتمة

   في ضوء ما تم تناوله في هذه الدراسة، يمكن الإشارة إلى عدد من النقاط الأساسية كالتالي:

  أولاها. أن التدخل العسكري الفرنسي في البلدان الإفريقية عامة تتم بذريعة حماية الرعايا الفرنسيين وتحرير الرهائن في هذه الدول أو محاربة المجموعات الانفصالية والمتمردين الذين لهم مشاكل مع الحكومة المركزية في هذه البلدان كما حدث في مالي، بيد أنّ حقيقة هذا التدخل مرده للمصالح الاقتصادية الفرنسية، وذلك بعد تراجع نفوذ المستعمر السابق مقابل تنامي وتزايد نفوذ قوى صاعدة في تعاملاتها الاقتصادية والتجارية في مالي خاصة الولايات المتحدة والصين والهند وكذا اليابان وغيرها.

 ثانيتها. تعرضت دول الاتحاد الأوربي لأزمات اقتصادية بما فيها فرنسا، فلم يكن للأخيرة أي منفذ غير اللجوء لاسترجاع مكانتها في القارة الأفريقية، واستغلال ما تملكه القارة من ثروات وموارد متنوعة، فضلًا عن تخوفها من سيطرة الجماعات الإسلامية على الشمال الذي يمكن أن يمثل تهديدا أمنيًا وعسكريًا للشمال الأوربي، فضلًا عن إمكانية سيطرة هذه الجماعات على مناطق تحتوي على ثروات معدنية ضخمة، وخاصة البترول، الفوسفات، الحديد واليورانيوم، فبعد هذا التدخل وقعت فرنسا صفقات اقتصادية كثيرة مع شركات استغلال مناجم الذهب والفوسفات والبحث عن البترول.

ثالثتها. أن التدخّل العسكري الفرنسي في مالي حقّق على الأقل بعض أهدافه المعلنة، أولها: وقف تقدم المجموعات الإسلامية المتطرفة نحو جنوب البلاد، والحيلولة دون تهديد العاصمة بماكو، وتدمير ما كانت تملكه من أسلحة متطورة، وثانيها: تحرير معظم المدن الرئيسة في الشمال ممّا دفع هذه المجموعات للاحتماء بالمناطق الجبلية الوعرة في الشمال الشرقي لمالي على الحدود الجزائرية.

رابعتها. يبدو أن فرنسا حريصة استراتيجيًا على التواجد في مناطق الأزمات والصراعات في أفريقيا وخصوصًا في الدول الفرانكفونية، وأنها على استعداد للقيام بمهام عسكرية كبيرة على غرار ما قامت به في ليبيا على سبيل المثال على الرغم من كونها دولة غير فرانكفونية، طالما أن ذلك سيعزز من بقائها واستمرار وجودها في أفريقيا، ومن ثم فإن الرؤية المستقبلية للتدخلات العسكرية الراهنة والمحتملة تتحرك باتجاه تعظيم هذه الآلية والتعويل عليها، طالما كان هناك توافق أمريكي وأوربي، لهذا التوجه الفرنسي على الأقل في المستقبل المنظور.


* باحثة في الدراسات الأمنية والإستراتجية، جامعة الجزائر


قائمة الهوامش والمراجع

1.       -CIA 2012, en ligne :  https://www.cia.gov/library/publications/the-worl-factbook/geos/ml.html, consulté le : ( 15-11-2012 ) .( 21.33)

2.       - عبد الجليل زيد المرهون، مستقبل القاعدة في مالي، جريدة الرياض،(العدد 15873، 9-12-2011)، ص 7.

3.      - FAO 2003; IFAD 2010; HewsWeb 2011; CIA 2012), en ligne : www.ruralpovertyportal.org/web/guest/country/statistics/tags/mali , consulté le : ( 14-11-2012) , (21,37 ) .


     (*)نهر السنغال مصنّف سادس أنهار العالم من حيث الطول وكمية المياه المتدفقة طوله حوالي 1633 كم .

4.      [1]- CIA 2012 ,op. cit.,.

5.       [Ibid .

6.       [- مالي ، النظام السياسي ، موسوعة مقاتل من الصحراء .


(*)موديبو كايتا رجل سياسي ولد بتاريخ 4 جوان 1915 بمدنية باماكو " مالي " ، وتوفي في 16 ماي 1977

7.      ] - Alexis Arieff , Crisis in Mali,CRS Report for Congress, Analyst in African Affairs, R42664, ,January 14, 2013, p6 ,www.crs.gov  .                    

8.   -International Crisis Group," Mali: Avoiding Escalation", Crisis Group Africa Report, Dakar/Bruxelles , n° 189, 18July 2012, p 26 .


.  (*)أعيد انتخاب أمادو توماتي توريAmadou Toumani Toure رئيسا للجمهورية ،بنسبة 71,2 % من إجمالي الأصوات ،وحصل منافسه إبراهيم بوبكر كايتا Ibrahim Boubacar Ketta على 19.2 % ،وآخرون على 9.6 % .

9.   [ - Alexis Arieff , Crisis in Mali,  op.cit ,p 6 .

10.  [- مادي إبراهيم كانتي، التدخل العسكري الفرنسي في مالي، آفاق أفريقية،المجلد 11، العدد 38، 2013،ص112 .

11.  [- عادل مساوي، المواقف الدولية من الأزمة في شمال مالي، ورقة مقدمة في ندوة :"المغرب العربي والتحولات الإقليمية الراهنة"، الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، (17-18فيفري2013ص 6 .

12.   [- عصام عبد الشافي، التداعيات الاقتصادية على القضية المالية، قراءات إفريقية،  مصر، العدد 16، أفريل-جوان 2013، ص 57 .

13.   - نفس المرجع .


  (*)أهم الدول المصدرة لمالي هي: فرنسا 12.9 %، السنغال 12.7 %، ساحل العاج 10.9 %، الصين 4.9 %، ذلك طبقا لتقديرات عام 2007.


  (*)أهم الدول المستوردة من مالي هي: الصين 19.6 %، تايلاند10.5 %، البرازيل 4.6 %، فرنسا 4.5 %، إندونيسيا 4.5 %، ذلك طبقا لتقديرات عام 2007 .

14.   - يوناس بول دي مانيال، الدور الفرنسي في إفريقيا التاريخ والحاضر، قراءات إفريقية، مصر، العدد 11، (جانفي-مارس 2012)، ص 64.

15.   -جميل مصعب محمود، تطورات السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا وانعكاساتها الدولية،الأردن، دار مجدلاوي،ط 1، 2006، ص 99.

16.   -J-EPondi , op cit  ,  p 130 .


   (*)قاعدة جيبوتي: أكبر وأهم قاعدة، لموقعها الإستراتيجي، إذ تسمح لفرنسا بممارسة قدر من التأثير العسكري في الشرق الأوسط، ليتمركز  لها 2900 جندي،كما تتمركز بها ثلاث سفن إنزال بإمكانها استقبال العديد من القطع البحرية،بها سريتين من الدبابات، 26 مركبة مدرعةللاستطلاع، 6 مدافع من قياس 155مم،سرب جوي، 10 طائرات نقل،2 طائرة بحث و إنقاذ هيلوكبتر.


   قاعدة داكار : غرب إفريقيا  يحتوي على 2 كتيبة مشاة من 170 جندي، 14 مركبة مدرعة، طائرة مقاتلة، طائرة نقل هيلوكبتر.


   قاعدة ليبرفيل (الغابون) : بها كتيبة مشاة من 800-900 جندي,4 مركبات مدرعة أمل,14 هيلوكبتر.

.   قاعدة بوربون في كوت ديفوار : بها كتيبة مشاة البحرية,18 مركبة مدرعة امل,هيلوكبتر.

26.  قاعدة نجامينا) تشاد(   :بها قاعدة للعميات الخارجية تحتوي على 2 كتيبة مشاة من 1200  جندي، عدد من المركبات المدرعة أمل إضافة إلى 3 طائرات متعددة المهام، طائرتين للاستطلاع، وطائرتين للنقل و 3 هيلوكبتر .

17.   -J-EPondi ,op . cit  , p 129  .

18.  - شمسة بوشنافة ، إستراتيجية الاتحاد الأوربي للأمن والتنمية في منطقة الساحل: الرهانات والقيود، المجلة الأفريقية للعلوم السياسية ، من الرابط :http://www.bchaib.net ،تاريخ دخول الموقع : (13-3-2013) ،على الساعة :( 14,27 )

19.  -عبد السلام سكية ، لفرنسا مبررها في التدخل العسكري ومالي لن تقرّر أي شيء دون استشارة الجزائر ، من الرابط : http://www.echoroukonline.com ،تاريخ دخول الموقع :( 12-1-2013) ، على الساعة :(17,24) .

20.  - مادي إبراهيم كانتي ، مرجع سابق ، ص22 .

21.   [1] - Pierre-Luc Seguillon : «  Accompagner la construction d’ une Afrique modérne » , Léssentrél des relations internationales ,( Paris : Groupe Prestige Communication , Hors série n ° 6 , Décembre-Janvier 2007), pp 28-29.

22.   [1] - Ibid, pp31-32.

(*)عملة مجموعة دول غرب أفريقيا بما فيها مالي " منظمة الفرنك الإفريقي ." CFA

23.  - Pierre-François Naudé :" Mali privatisation : la grande panne", Jeune Afrique, (Paris : Ed. Maghreb et Moyen-Orient, N° 2520-2521, 26 avril-9 mai 2009), pp 114-115.

24.   -عصام عبد الشافي ، مرجع سابق ، ص59 .[1]

25.   - حسين جواد قبيسي، ملابسات التدخل الفرنسي العسكري في مالي ،مجلة أفق ،العدد 301 ،( 25-1-2013)،ص13 .

26.  -عزمي بشارة، "أزمة مالي والتدخل الخارجي" ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ، من الرابط :http://www.dohainstitute.org

27.  [1]-Le ministre de la Défense rencontre  des militaires engagés dans l’opération SERVAL, Ministére De La Défense , (Dossier De Presse , vendredi 25 janvier 2013) , p 3 .

28. - فريدوم أونوها،  التدخل العسكري الفرنسي الأفريقي في مالي والمخاوف الأمنية المتفاقمة ، من الرابط :http://studies.aljazeera.net/reports،تاريخ دخول الموقع:(14-2-2013)، على الساعة:(12,59).

29. -جان بيار فيليو ، هل تصبح القاعدة إفريقية في منطقة الساحل ؟، أوراق كارينغي ،العدد 112 ، ماي 2010 ، ص 9.

30. - بوعلام غمراسة، القاعدة  تهدد بإعدام رهينة فرنسي ما لم تفرج مالي عن 4 من عناصرها ، جريدة الشرق الأوسط ، العدد 11368، ( 12-1-2013) ، ص 12 .

31.   - Christophe Boislouvier," le Mali simple spectateur", Jeune Afrique, n°2634, 9/07/2011, p 34.

32.  - حازم فودة ، مالي الرهائن الفرنسيون والطريق المسدود ، الأهرام اليومي ،الصادرة بتاريخ :( 23-11-2012)،ص4 .

33.   -ح . س،الرهينة الفرنسي فيليب فيردون اغتالته القاعدة برصاصة في الرأس ، الخبر ، الصادرة بتاريخ : (19-7-2013 )،ص7.

34.  - عبد النور بن عنتر ، " التدخل في مالي ـ نظرة من الداخل الفرنسي الرسمي والشعبي  "، مركز الجزيرة للدراسات ، من الرابط : http://www.aljazeera.net/news/pages، تاريخ دخول الموقع: ( 27-1-2013) ،على الساعة:( 13.16 ).

35.   - عبير الفقي، أزمة مالي والوجود الفرنسي: الاستعمار في شكله الجديد، المجلة الأفريقية للعلوم السياسية ،من الرابط :http://bchaib.net/mas/index.php?option=com،

36.  [1]-Jean-Philippe Rémy, « Au Mali, "le pétrole est pour le moment unmirage"», Le monde  , en ligne :http:// www.lemonde.fr /afriquhtml, consulté le : (, 04.04.2012) .

  (*)الجنوب الجزائري غني بالنفط والغاز حيث يبلغ المخزون الاحتياطي من البترول بـ 1.2 مليار طن، أما احتياطي الغاز الطبيعي 3800 مليار م3.

37  - حمدي عبد الرحمن، فرنسا وإعادة غزو أفريقيا، من الرابط : http://www.aljazeera.net.

38.  [1]- Issouf ag Maha, ’’La Malédiction de l’Uranium –le Nord Niger Victime de Ses Richesses : Le Compte a Rebours d’une Catastrophe Annoncée.’’Areva à Arlit et Akokan Depuis 40 ans ‘’ 2008: en ligne :  www.tchinaghen : Tchinaghen /40 Pourcent .numeric,consulté le : (12-3-2013),  (17 ,45) .

39.  [1]- Luis Sémon , Alexander Mattelaer , Amelia .Une stratégie cohérent de  l’UE pour  le sahel , en ligne :http ://www.europarl.europa.eu , consulté le : ( 15-2-2013), (10.33)  .                    

40.  - إدريس لكريني، أحداث مالي بين خطورة الوضع وتعدّد المواقف، مركز راشيل كوري، (05-04-2013 ).

41.   -Bernard Adam ,op.cit , p9 .              

42.  - شريف شعبان مبروك، أهداف التدخل العسكري الفرنسي في مالي، من الرابط :http://ar.qawim.net

43.   - عبد النور بن عنتر ،مرجع سابق .


ألقى فرنسوا هولاند  خطابا خلال زيارته السنغال في أكتوبر 2012.(*)

44.  [1]- François Hollande à Dakar : ‘Le temps de la Françafrique est révolu' ", Le Monde,) 12/10/2012(  , p 16. 

45.  -حنان فهمي، أمريكا تلعب وراء الستار واليورانيوم كلمة السر في الحرب ، من الرابط :http://www.alwafd.org،

46.   إيمان أحمد عبد الحليم، عوائق التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي، من الرابط:http://www.siyassa.org.eg،

47.  - فريدوم أونوها، مرجع سابق .

48.   -ح .س، جنرالات فرنسا يهيمنون على مراكز قيادة الحرب في مالي، الخبر،الصادرة بتاريخ(25-1-2013)،ص3.

49.   - محمد بن أحمد، إطلاق المرحلة الثانية من الحرب في مالي، الخبر ، الصادرة بتاريخ :( 5-2-2013)، ص 6 .


  (**)منطقة (كيدال) 1500 كلم عن (باماكو) 

50.  [1]-Le ministre de la Défense rencontre  des militaires engagés dans l’opération SERVAL, op.cit p 3.

51.  [1]Ibid.p4.

52.   - إيمان أحمد عبد الحليم ، عوائق التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي، مرجع سابق .

53  - قصف لشمال مالي تمهيدا لقوة أفريقية، من الرابط : http://www.aljazeera.net

54.   - رئيس مالي يناشد المجتمع الدولي تقديم دعم كبير لبلاده ، جريدة الرياض، الصادرة بتاريخ :( 24-3-2013)، ص7.

55.   - مهاري تادلي مارو،بعثة الدعم الدولي لمالي التدخل العسكري أولا والعمل السياسي ثانيا ، مركز الجزيرة للدراسات ، من الرابط : http://www.aljazeera.net،

56.   [1] - Freedom C Onuoha , “Boko Haram’s Tactical Evolution”, African Defence Forum, Vol. 4, No. 4, (2011), pp. 26-33                                        . 

57.  -  إيمان أحمد عبد الحليم، مرجع سابق.

58.   - القوات الفرنسية في مالي تتقدم بصعوبة .. والمقاتلون يؤكدون سيطرتهم على كونا ، من الرابط :

59.  http://www.alriyadh.com/2013/01/17/article802196.html ،            

60.  - Sénat , op .cit, p 31 .

61.  - زهير آيت سعادة،قوات بريطانية في حالة تأهب للتدخل العسكري في مالي، من الرابط :http://ar.elayem.com،

62.  -وصول الرهائن الفرنسيين السبعة الذين أفرج عنهم إلى باريس ، الأهرام ، الصادرة بتاريخ (21-4-2013 )،ص4.

63.   -مجلس الأمن يقرر نشر بعثة حفظ سلام في مالي، وكالة أنباء الأمم لمتحدة ، من الرابط :http://www.un.org/arabic/news/story.،