المركز العربي للبحوث والدراسات : التجديد بين الأستاذ والإمام: جهود مبذولة وواقع مخذول* (طباعة)
التجديد بين الأستاذ والإمام: جهود مبذولة وواقع مخذول*
آخر تحديث: الإثنين 18/09/2017 12:51 م عبده إبراهيم
التجديد بين الأستاذ

لا يزال سؤال التجديد وإشكالاته كما هو وكأن جهدا لم يبذل، أو تضحيات لم تقدم، وهو أمر لا يمكن التغاضي عنه وإن كان يطرح إشكالات جديدة ليس هنا مقامها جميعا ومع ذلك فإن سؤال: لماذا لا نزال نفتقد أي فعالية للتجديد رغم الجهود المبذولة؟ أمرا يستحق المحاولة ومن ذلك قد يكون في استعراض جهود بعض من رواد التجديد ورموزه أمرا مهما في هذا السياق ومن تلك الجهود ما قام بها كلا من الاستاذ جمال الدين الأفغاني والامام محمد عبده، حيث ارتبطا الرجلان بما قدماه من تجديد في الخطاب الإسلامي بعروة وثقى جعلت المفكرين والمحللين يجمعان بينهما في أي حديث عن التجديد عند أحدهما، حيث عرف عنهما انتمائهما  "للتيار التجديدي وبشكل أدق الإصلاحي الذي يريد تقديم فهم جديد معاصر للدين الإسلامي من داخل المنظومة الثقافية الإسلامية(1) وهنا لا نبتدع جديدا في الربط بينهما وإن كان إعادة الحديث من مداخل مختلفة، والظرف التاريخي الذي تمر به الأمة المصرية في الوقت الراهن قد يحملان مسوغا لإعادة تناول التجديد لديهما.

اهتم العديد من العلماء والمفكرين بحديث الرسول (ص) "أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" وعددوا من تنطبق عليهم شروط المجدد ومعظم ما كتب حول هذا الموضوع جمع بين محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، وهناك من تناول أحدهما فقط وخصوصا محمد عبده الذي وصف بأنه من رواد التنوير الفكري(2)؛ إلا أن الكتاب القيم لعبد المتعال الصعيدي "المجددون في الإسلام من القرن الأول إلى القرن الرابع عشر"(3) خصص لكل منهما فصلا خاصا به باعتبارهما ممن ينطبق عليهما حديث الرسول (ص) المشار إليه، وهو ما يدفعنا لتبني مقولة أن "الأفغاني بنشاطه وأفكاره يمثل حلقة أساسية من حلقات تطور الفكر والتحرك الإسلامي في العصر الحديث، وهو يمثل مع الشيخ محمد عبده وعبدالرحمن الكواكبي قمة الصعود التجديدي في الفكر الإسلامي المعاصر"(4).

في هذا الإطار يجدر بنا تناول أسس ومفهوم التجديد بشكل عام، وما قدمه الرجلين جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده من خلال ثلاثة مجالات رئيسية تتمثل في المجال الديني، والمجال السياسي، والمجال الاجتماعي والمجتمعي، إضافة إلى محاولة الربط بين هذه الجهود بواقعنا الراهن.

أولاً- الأسس الفكرية للتجديد

يستند التجديد إلى أسس فكرية(5) ومقومات مفاهيمية ترسخ التجديد وتوضح معناه ومبناه وفقا لقواعد منهجية تتمثل فيما يلي:

-       الإسلام دين جامع لصلاح الدنيا والأخرة، كما أنه نهضة دينية ومدنية معا للبشرية جميعا، ويتسع للتجديد في كل زمان لأن غايته النهوض العام بالإنسانية جميعا.

-       الانسان لا يبلغ الكمال في العلم وإن امتد به الزمان ووصل إلى آخر هذه الحياة وإنما هناك جهودا تراكمية يجب البناء عليها.

-       المجدد يجب أن يتعالى على التعصب الممقوت بين الفرق الإسلامية وخصوصا السنة والشيعة، فلا يصح أن يكون لمذهبه أثرا في غايته من التجديد، ولا فيما يرمي إليه من نهوض بالمسلمين، بل يجب أن ينظر في دعوته إلى المسلمين جميعا ويسعى في خيرهم والنهوض بهم دون طائفية أو فئوية.

-       أهمية التجديد والإصلاح في كل شيء في الأصول والفروع مع ضرورة ممارسة الاجتهاد في حدود أن يكون التجديد أساسه الحاجة ويأتي ملائما ومتوافقا مع كتاب الله وسنة رسوله(6)، مع التنبه إلى أن هناك فرقا بين الاجتهاد والتجديد باعتبار أن التجديد يستوعب الاجتهاد ومناهجه ويقدم فهما أوسع له بما يتناسب مع مفاهيم العصر(7).

-       شغلت مشكلة المواءمة بين الإسلام ومتطلبات العصر ذهن الإمام محمد عبده مثلما شغلت ذهن أستاذه جمال الدين الأفغاني، حيث كانت جانبا مهما من المشكلة العامة التي واجهاها؛ ألا وهي تخلف المجتمعات الإسلامية أمام المجتمعات الأوروبية واقتنعا بأن الحل هو في إعادة فهم الأصول الاسلامية التي هي في حقيقتها مجموعة العقائد التي تتفق مع متطلبات العقل البشري، كما أن الشريعة ما هي إلا التطبيق العملي لهذه الأسس على الأحوال الاجتماعية المتغيرة بمعنى آخر يتطلب الأمر إعادة تفسير النصوص الدينية بما يساعد على حل المشكلات الاجتماعية للمسلمين، واستيعاب الحضارة الغربية في مميزاتها(8).

-       التجديد اصطلاحا: يقصد به تقديم رأي أو فهم جديد للدين الإسلامي بعدما تقادم الفهم السابق وصار غير قادر على مجاراة التطورات السائدة في المجتمعات الإسلامية أو العصر الراهن(9).

ثانياً- رؤية التجديد عند جمال الدين الأفغاني

لجمال الدين الأفغاني (1838-1897) رؤية في التجديد اختص بها وساهمت تجربته الثرية في تميزها وطبعها بطابعه الخاص الذي لا يمكن إنكاره في ترسيخ هذه الرؤية وتأثيرها في الأقطار التي نزل بها وفي الفكر الإسلامي والعربي بما تركه من إسهامات فكرية وحركية، إضافة إلى تتلمذ أبرز رواد الإصلاح علي يديه ومن بينهم الإمام محمد عبده، وقد انشغل الأفغاني بالإصلاح وهدف إلى التغيير المباشر مستهدفا  الحاكم، على أن يكون ذلك من جانب الشعب، وكان يربط بين الاستعمار والحكام باعتبار أن الاستعمار كان له الدور الأكبر في تخلف المسلمين ووأد نهضتهم، وكان يقوم في ذلك بتوعية الناس من خلال المؤسسات الأهلية (جمعيات ـ أحزاب)، والمجلات التي كان يعمل على نشرها في كل مكان يصل إليه(10).

وتنوعت إسهامات جمال الدين الأفغاني في الإصلاح والتجديد وكان لريادته في مثل هذه المجالات دورا في اختلاف وجهات النظر حوله؛ حيث انهالت عليه الاتهامات ـ ولا تزال ـ من  كل حدب وصوب إلا أن من أنصفه ونفى عنه تلك الاتهامات كثر، وما يهمنا هنا إسهامه المتنوع في قضايا الإصلاح والتي يمكن الإشارة إليها على النحو التالي:

أ ـ المجال الديني:

اعتمد الأفغاني في تقديم أفكاره والدعوة إليها ونشرها بمهاجمة البدع والخرافات وطالب بتنقية الإسلام مما علق به من الشوائب، ومحاربة اليأس الذي غرسته الهزائم المتتالية نتيجة التواكل والجبرية بتغذية النفوس بعقيدة الأمل في النجاح واقتلاع ما رسخ في في عقول العوام والخواص من فهم بعض الكلمات الدينية على غير وجهها، مجتهدا في تحرير العقول من الجمود وتطهير العقيدة من الإضافات التي شوهتها ففتح الطريق لتجاوز التخلف بالتفاعل مع الحضارة الغربية ومعرفة مواطن القوة فيها للاستفادة من النافع منها، ووضعه في خدمة الإنسان وفي حل مشكلاته، وأعاد إلى العلم مكانته الرفيعة التي أعلاها الإسلام، وأعلى من شأن العقل، وفتح باب الاجتهاد، وربط بين الفكر والعمل(11) وذلك انطلاقا من موقف فسلفي ناضج تجاه الكون وأسراره والحقيقة الموضوعية وقيمتها، وقدرة الإنسان على تحصيلها وامتلاكها؛ حتى أنه رأى أن القرآن يجب أن يجل عن مخالفته للعلم الحقيقي خصوصا في الكليات فإذا لم يوافق القرآن صريح العلم يتم الاكتفاؤ بما جاء فيه من الإشارة والاعتماد على التأويل(12).

ولإيمان الأفغاني بالعقل والعلم وقدرتهما على فعل المعجزات وحل مشكلات الإنسان، رفض الجمود ودعا إلى الاجتهاد باعتباره ضرورة حيوية لتجديد حياة الأمة، لتغير الزمان، وتبدل المصالح وتجدد القضايا(13)، وحينما رحل من مصر إلى الهند، ألف كتاب الرد على الدهريين وقد ركز فيه على رد المطاعن الحديثة أنذاك، التي توجه إلى الدين(14)، إضافة إلى العديد من المسائل الأخرى، كما كان له أفكار في إصلاح الأزهر، لإدراكه أن إيقاظ المصريين لا يكون إلا بتعليمهم محددا ثلاثة شروط أساسية لتقدم الأمم وسعادتها أولها صفاء العقول من الخرافات والأوهام باعتبارها أكبر عائق أمام التقدم الفكري للمجتمع، وثانيها أن تبنى عقائد الأمة على أدلة وبراهين صحيحة وتبتعد عن الأوهام والاكتفاء بتقليد السابقين، وثالثها أن تبرز في كل أمة مجموعات محددة تعمل في تعليم وتنوير العقول، وكذلك في تهذيب النفوس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(15).

ب ـ المجال السياسي:

تميز الأفغاني بثوريته ولم يكتف بالتنظير لذلك وإنما كانت له إسهامات وصولات وجولات في هذا الأمر في معظم البلاد التي حل بها ولم يكن قلق القائمين على الحكم في تلك البلاد وسعيهم بالتخلص منه بأي وسيلة كانت إلا خوفا على عروشهم، نظرا لكفاحيته وإيمانه بالحرية والعمل على مواجهة الاستبداد والاستعمار معا وتمكين الشعوب من السعي لنيل حريتها باعتبار أن ذلك سيكون الطريق لتوحيد كلمة المسلمين في سائر أقطار العالم في دولة إسلامية واحدة تحت ظل الخلافة العظمى وقد بذل في هذا المسعى جهده وانقطع عن العالم من أجله(16).

اهتم في كتاباته بدراسة أنماط الحكم والحكومات التي عرفتها البشرية وعرفها الشرق على وجه الخصوص وبالتبشير بالفكر الديمقراطي والدعوة إلى اتخاذ المؤسسات الشورية النيابية سبيلا لتطبيق روح الشريعة الإسلامية الداعية إلى الحرية والشورى والعدل والمساواة(17)، وحينما وصل إلى مصر أسس حزبا سياسيا سماه الحزب الوطني ليقوم بالدعوة إلى إصلاح الحكم، ويقاوم نفوذ الأجانب في مصر (1288 هـ الموافق 1871م)(18)، ورفع شعار مصر للمصريين ودعا إلى الحرية والديمقراطية والدستور(19)، بذلك يكون الأفغاني أول من أقام تنظيما سياسيا في مصر في العصر الحديث(20)، وذلك انطلاقا من اهتمامه بالجماهير باعتبارهم أصحاب المصلحة الحقيقية في الحرية وباعتبار أن الحرية بالنسبة ليست ترفا فكريا وإنما هي سبيلهم للتحرر من الاستغلال(21)، وكانت أعظم أمانيه وأهدافه أن تتحقق الوحدة الإسلامية، ونهضة الإسلام عن طريق الأخذ بالحضارة الإسلامية، وتجديد عظمة الإسلام وتحرره من سلطان الأوروبيين(22).

كان جمال الدين الأفغاني في ذلك يهدف لانهاض نموذج تحتذيه بقية الدول الإسلامية في التجديد والتطور، وكان يتمنى أن تكون مصر هي هذا النموذج، لتاريخها الحضاري وانصهار شعبها في وحدة قوية وما تملكه من طاقات بشرية واقتصادية وسياسية(23)، إضافة إلى خبرتها في تجربة الحكم المدني التي عرفتها مع محمد علي وأبنائه، مدركا في الوقت نفسه أن نظام الحكم الفردي الاستبدادي هو ما يحول دون قيام مصر بهذا الدور(24) رغم إدراكه أن هناك ظروفا موضوعية معاكسة لمشروعه الساعي لتجديد حياة الأمة وانقاذها من عاصفة الاستعمار الغربي منها ما هو داخلي كالتخلف العثماني والرجعية والجمود والضعف الموروث، ومنها ما هو  خارجي كتسلح الهجمة الاستعمارية بأسلحة القوة والجبروت التي هيأتها لها النهضة الأوروبية الحديثة والثورة الصناعية العملاقة لكن محاولات الأفغاني تمثلت في تقليل خسائر هذا السقوط الذي بدا مقدورا، وتقصير المدى الذي ترزح فيه الأمة تحت عوامل هذا السقوط، وأن يحدد بمشروعه في النهضة معالم الطريق للقوى الإسلامية التي ستحمل على عاتقها مستقبلا الخروج بالشرق من حقبة هذا السقوط(25).

        من هنا يتأكد أنه ما كان لجمال الدين الأفغاني أن يحقق مساعيه في الإصلاح إلا بما امتلكه من أسلوب يرتكز على العمل السياسي وعلى الكلمة الجهيرة وعلى الصحافة بالذات والخطابة وجعل الخط الأول في عمله مواجهة أو مقاومة خط السيطرة الأوروبية على الشرق الإسلامي(26)، إضافة إلى المؤسسية التي كان يلجأ إليها في كل مكان يذهب إليه، مما يؤكد على عمق رؤيته وقدرته وما امتلكه من إرادة للإصلاح الحقيقي، معتبرا أن وسائل الثورة السياسية هي أسرع الطرق إلى تحرير الفكر الاسلامي والعمل الإسلامي ورأى أن وسائل الإصلاح والتربية والعلم بطيئة(27).

ج ـ المجال الاجتماعي:

 لم يقصر جمال الدين الأفغاني رؤيته للجوانب السياسية فقط، وإنما تطرق لحقوق المرأة في الإسلام من زوايا متعددة، وأعلن رأيه في قضية تحرير المرأة من النقاب، وكان لا يرى مانعا للسفور بشرط ألا يكون السفور مطية للفجور(28)، كما دعا إلى الفكر العلمي وإلى الاستفادة من علوم العصر التي ازدهرت في أوروبا، وربط بين التقدم العلمي وتحصيله وبين الرقي بالمجتمع البشري والتصدي لحل مشكلاته خاصة مشكلات الفقر والجهل والعجز واليأس وضعف الانسان أمام الطبيعة وأمام أخيه الانسان، وأكد الصلة الوثيقة بين الفكر والعمل على أساس أن كلا منهما يؤثر في الآخر في علاقة جدلية لا تنتهي(29).

كما اعتنى الأفغاني بتأسيس الجمعيات الأهلية والخيرية والمجلات الصحفية لتقديم أفكاره والدعوة إليها في كل مكان ذهب إليه؛ ففي بدايته رحلته إلى أرض الحجاز حينما وصل إلى مكة عام 1273ه الموافق 1857م أخذ ينشر فكره بين الحجاج من مختلف الأقطار، وأنشأ جمعية سماها جمعية أم القرى، وكان أعضاؤها من جميع الأقطار الإسلامية، ثم أنشأ لها مجلة بنفس اسمها "مجلة أم القرى"،  وحينما أقام في فرنسا قام بإنشاء جمعية في باريس من مسلمي الأقطار المختلفة وسماها جمعية العروة الوثقي، وأنشأ مجلة بنفس الاسم "مجلة العروة الوثقى"؛ لدعوة المسلمين إلى النهوض في دينهم ودنياهم وتحرضهم على الثورة على المستعمرين لبلادهم وخصوصا الانجليز، كما تحرضهم على الثورة على المستبدين من ملوكهم، وحينما ذهب إلى انجلترا أسس مجلة سماها "ضياء الخافقين"، وكان من نتيجة ما يكتبه فيها أن قامت ثورة على ناصر الدين شاه سلطان فارس الذي لقى حتفه على يد أبناء شعبه(30)، وهو ما دفع بعض الباحثين بأن يعتبروه رمزا لتيار الحرية والوحدة الإسلامية، وهو التيار الذي يعتبر قضيته الكبرى هي الحرية باعتبارها منطلقا أساسيا لتحقيق أمرين: شجب استبداد الأمراء، والقضاء على النفوذ الأجنبي(31).

يمتاز جمال الدين الأفغاني فيما دعا إليه من الإصلاح بأنه كان يقوم بدعوة إصلاحية عامة لأنه كان يدعو إلى الإصلاح في الدنيا والدين، ويقصد به جميع المسلمين في كل الأقطار وينادي فيه بالثورة على حكامهم من المستعمرين والملوك المستبدين، وعلى الجامدين من علماء الدين، وهو يقصد الثورة التي تستعمل القوة في السر والجهر ولا يكتفي بالثورة  الكلامية التي لا تدعو إلى استعمال القوة(32)، كما لعبت سماته الشخصية بحسب العديد من الباحثين دورا هاما في نشر أفكاره ورؤاه فقد امتاز بالشجاعة والجرأة وقوة الحجة، واستطاع من خلال هذه السمات الشخصية أن يخترق جدار التقليد ويبدد كثيرا من الأوهام والخرافات العالقة بالدين، وكان صوته عاليا ضد الرجعية الدينية وضد الزحف الاستعماري على السواء، ودعا الى الاجتهاد وأبان عن ضرورته في تجديد حياة الأمة واقتلاع ما رسخ في عقول العوام ومعظم الخواص من فهم بعض العقائد الدينية والنصوص الشرعية على غير وجهها الحقيقي، وشرح فكرة القضاء والقدر وكشف ما خالطها من أفكار جبرية غير محمودة لا دينا ولا عقلا(33).

ثالثاً- رؤية التجديد عند محمد عبده

كان محمد عبده صاحب منهج إصلاحي نابع من البيئة المصرية خاصة، ومن المجتمع الإسلامي بصورة عامة(34)، وهدف من خلال كتاباته المتعددة ومساعيه الإصلاحية والتجديدية المتنوعة(35) إلى تحرير الفكر من قيد التقليد وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعه الأولى واعتباره من ضمن موازين العقل، وإصلاح أساليب اللغة العربية في التحرير سواء كان في المخاطبات الرسمية بين دواوين الحكومة ومصالحها أو فيما تنشره الجرائد على الكافة منشئا أو مترجما من لغات أخرى أو في المراسلات بين الناس، وكذلك الدعوة إلى التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب وما للشعب من حق العدالة على الحكومة، فالحاكم وإن وجبت طاعته هو من البشر الذين يخطئون وتغلبهم شهواتهم وأنه لا يرده عن خطئه ولا يوقف طغيان شهوته إلا نصح الأمة بالقول وبالفعل(36)، وقد تمكن من خلال ذلك إلى أن يترك بصمته الفكرية والتجديدية المتماسكة التي لا تزال تحتفظ بجودتها ومناسبتها حتى الآن خصوصا وأنها قامت على أسس علمية رصينة ومن ذلك تقريره لإصلاح المحاكم الشرعية(37)، إضافه إلى تمسكه  الدائم والشامل بوسطية الإسلام وجامعيته(38).

أ ـ المجال الديني

إن الإسلام كما فهمه الإمام هو مبدأ ردع من شأنه أن يمكن المسلمين من التمييز بين الصالح والطالح وبين مختلف وجوه التغيير الحاصل، لذلك  كانت المهمة الأولى التي اضطلع بها ذات شقين إعادة تحديد ماهية الإسلام الحقيقي، والنظر في مقتضياته بالنسبة إلى المجتمع الحديث، وقد ركز جهوده في الإصلاح الديني على الأزهر، وكان يرى أنه إذا تم إصلاحه فإنه سيقدم للعالم الإسلامي خدمة جليلة(39) لإدراكه أنه المنارة التي تشع بنورها على كافة أنحاء العالم الإسلامي فوضع كل آماله فيه وفي إحيائه والنهوض برسالته وكانت سياسته تجاه الأزهر تتسم بالطابع العلمي، وكانت خطوته الأولى في هذا السبيل أن توضع مقررات ثابتة تحل محل المقررات العشوائية التي تقوم على الاتجاه الفردي للتعليم، وثانيها أن يمتحن الطلاب سنويا فيما يدرسون للحصول على الدرجات العلمية والمقررة والمعتمدة، وثالثا أن يزود الطلاب بالموسوعات الأصلية لأعلام الفكر الإسلامي بدلا من الشروح التي يقوم بها العلماء من وحي أفكارهم وتفسيرهم لها دون أفكار السابقين الأثيرة، ورابعا أن تزود المناهج بالبحوث الحديثة مهما كانت حداثتها واتجاهاتها، وخامسا أن تكون للأزهر مكتبة مركزية جامعة تحل محل المكتبات الملحقة بالأروقة، وأخيرا اهتمامه بتحسين وإصلاح المرافق الصحية للأزهر جامعا وجامعة، وقد كان لشجاعته واستنارته وقدرته أن بعث في الأزهر من اليقظة والقدرة ما واجه به العالم الجديد في تقدمه(40)، فقد كان محمد عبده يعتقد أن تربية الأمة وتعليمها وإعدادها للرقي خير وسيلة لضمان نهضة حقيقية قوية ثابتة(41).

كما أن نظرة الإمام للمواءمة بين الإسلام والعصر تتبلور حول ثلاث نقاط: الأولى أنه أراد إثبات أن الدين ليس عقبة أمام التطور والتغير المادي ومن ثم فإن حرية نقل مظاهر الحضارة الأوروبية يجب أن توجد وذلك في إطار يحفظ ويصون الدين الإسلامي، أما الثانية أنه أراد الخروج عن ذلك التفكير التقليدي الذي صور الإسلام بصورة الأيديولوجية الجامدة والمغرقة في الغيبية وأن يقدمه في صورة الفكر الذي يحث على العمل والاتصال بالحياة وتطويرها ومن ثم فهو يتصور الدين على أنه صديق للعلم، الثالثة أن جهده في مجال الربط بين الإسلام وقضايا العصر كان جزءا من عملية التطور الثقافي التي كان يشهدها المجتمع المصري في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فقد سعى إلى توضيح أسس الدين الإسلامي التي لا تتنافى مع المدنية الحديثة وذلك للرد على هجمات التيارات المناهضة للإسلام من ناحية ومناقشة الآراء العلمانية من ناحية أخرى، وهكذا سعى الإمام لتحقيق غرضين أساسيين أولهما إحياء الإسلام أو تقديم الإسلام في صورته الصحيحة  والنقية بعيدا عما أحاط به من تغييرات جامدة، وثانيهما ربطه بالعصر وإعادة تفسيره بما يجعله يلاحق تطورات العصر والظروف المتغيرة مع الحفاظ على جوهره وأسسه (42).

وقد اعتبر أن أبرز أدوات ذلك إصلاح اللغة وأساليبها، وبدأ بنفسه في هذا المقام؛ حيث طور أسلوبه وخلصه من الأسلوب المعتاد في ذلك الوقت وصولا إلى تأسيسه جمعية برئاسته سميت "جمعية إحياء الكتب العربية" كان من أهم أعمالها نشر كتاب المخصص في اللغة، وإعداد مدونة الإمام مالك للطبع، إضافة إلى مساعدة المتخصصين في هذا الشأن للقيام بدورهم ومنهم محمد محمود الشنقيطي الذي كان يعلم اللغة ويصحح وينشر البحوث اللغوية، وكذلك طلب من سيد المرصفي تدريس كتب الأدب في الأزهر(43).

ويؤكد على أهمية هذه المسألة زكي نجيب محمود الذي يشير إلى أن ثورة التجديد تبدأ من اللغة باعتبارها هي الفكر وهي الوسيلة لنشأة المعرفة الإنسانية وتكوينها وتطويرها أو جمودها في بعض الحالات، ويقر بدور الإمام محمد عبده عند حديثه عنه ومجايليه من الإصلاحيين في النهوض بالوطن في وقتهم، وذلك بقوله "إنه لا يغيب عني أن نهضتنا الحضارية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ـ أو قل إلى يومنا هذا ـ قد صحبها بالضرورة نهضة في مجال اللغة فذلك أمر محتوم في دورات التطور لا مفر منه"(44)

ب ـ المجال السياسي

انشغل محمد عبده بهذا الأمر وكان له دور سياسي مباشر في بعض الأحيان سواء بعلاقته الجيدة بالمسئولين من جانب وصداقة وأستاذية من جانب آخر وعضويته ونشاطه بمجلس الشورى من جانب ثالث حيث عين عام 1899م، وقد كان له نشاط بارزا في تقريب وجهات النظر بين المجلس والحكومة وشكل العديد من اللجان برئاسته لدراسة المشروعات التي تقدمها الحكومة سواء كانت قانونية أو اجتماعية أو شرعية وذلك انطلاقا من رؤيته لدور المجلس باعتباره وسيلة لتربية للرأي العام، كما عمل على الأصعدة غير الرسمية ولاسيما في موقف الأمة من الحكام، حيث يرىدها رقيبا عليهم مؤمنا أنه بدون سلطة الشعب لا يمكن للعدل أن يقام في الدولة، وأن الأمة عليها أن تكون يقظة حتى ترشد الحكام الضالين إلى طريق الحق والعدل، ورغم ذلك فإن تركيزه انصب على التربية والتعليم كطريق للإصلاح فقد كان معلما ومفتيا وكان عمله في الإصلاح بعيد المدى(45).

كما رأى الشيخ محمد عبده أن المسلمين بلغوا حالة من التخلف والتردي والضعف تدعو إلى الأسى والحزن وأن المحاولات الإصلاحية التي سبقته لإصلاح حال المسلمين لم يكتب لها النجاح الكامل وأن الإصلاح السياسي لا يمكنه وحدة القيام بعبء النهوض، وكان لابد من تحديد الأجواء التي ألمت بالأمة وتشخيص الأمراض التي أنهكت جسدها العليل فأرجع ما حل بها إلى غلبة الجهل وتغييب العقل وسوء فهم الدين وظهور الفرق والشيع التي أدت إلى تمزيق وحدة الأمة بما أحدثته من اضطراب في فهم الأصول الإسلامية، يضاف إلى ذلك غلق باب الاجتهاد وجمود الفقهاء عند ما وصلهم من الأسلاف دون تغيير أو تبديل (46)

اعتبر محمد عبده  أن تحرير الفكر من التقليد والأخذ بالسلفية المستنيرة في فهم الدين واستخدام العقل في إقامة صداقة وطيدة بينه وبين العلم هو جوهر السياسة والإصلاح السياسي كما فهمه ودعا إليه(47)، وأيضا الاستناد إلى أدوات تقوي الصلة بين الإسلام ومتطلبات العصر وتشير إلى العوامل التي تبرز الجانب الذي ينظم حياة المسلمين وأعمالهم والتي تجعل الإسلام حيا وقويا دائما ومتمشيا مع قوانين العصر(48).

ج ـ المجال الاجتماعي والمجتمعي

طرح محمد عبده في كتاباته قضايا مهمة في هذا الإطار أبرزها قضايا المرأة والتعليم والعديد من القضايا المجتمعية الأخرى التي كان حاضرا فيها بكتاباته وفتاويه منتصرا للأمة وللمجتمع(49).

وحرص محمد عبده على بيان موقف الإسلام الحقيقي من قضية المرأة لكي يرد على هجمات الغربيين الطاعنين على الإسلام ويشير إلى أن المدنية التي يدعونها لأنفسهم ولنسائهم هي مدنية مستحدثة وهي مدنية لم تمنح نساءها بعض الحرية إلا مؤخرا، مؤكدا أن وضع المرأة في الإسلام المتراجع لا يعود إلى الإسلام وإنما إلى الأحوال الاجتماعية التي عاشها المسلمون في بعض البلدان الإسلامية والتي قضت تقاليدها بحجب النساء عن الحياة العامة ومنعهن من التعليم، وكثير من الأمور التي يسير عليها المسلمون ليست من الإسلام في شىء وإذا حللت وجدت تعود إلى عوائد الناس وتقاليدهم الاجتماعية؛ وعليه فقد حرص محمد عبده على تقديم فهم صحيح للقرآن فيما يخص المرأة وهذا من خلال التأكيد على أمرين؛ أولهما: بيان موقف الإسلام الحقيقي بالرجوع إلى ما ذكره القرآن وذكره السلف الصالح. وثانيهما: الرد على ادعاءات المغرضين بأن الإسلام هو سبب تأخر المسلمين وهذا غير صحيح، مؤكدا أن الإسلام نظيف وإنما لوثه المسلمون بإعراضهم عن كل ما في القرآن(50).

يعتبر أن التربية والتعليم هما أساس النجاح في كل مشروع سياسي أو اجتماعي، ويذهب أبعد من ذلك باعتقاده أن الأولوية في كل شيء ينبغي أن تعطى للتربية والتعليم بل يمكن التغاضي حتى عن وجود مفاسد اجتماعية واقتصادية وسياسية من أجل تأسيس العملية التربوية والسير نحو المستقبل لأنه إذا انتشرت التربية والتعليم يمكن للمجتمع أن يستأصل جذور كل المفاسد والانحرافات مهما كان نوعها، وأسس وأشرف على الجمعية الخيرية الإسلامية التي كانت تستقبل أبناء الفقراء من الشعب المصري الذين لم يكن لهم حظ في المدارس الحكومية، وكان هدفها تهذيب النفوس وصقل السلوك وتكوين شخصية من يرتادها وإبقائهم على مهنهم المختلفة التي ورثوها من أبائهم وليس العمل في الإدارة العامة أو المحلية(51).

كما اتخذ الإمام محمد عبده من العمل العام من خلال الجمعيات الأهلية سنة لا يخالفها في مسيرة حياته الإصلاحية والتجديدية والتعليمية والخيرية مقاوما للاستبداد والاستعمار وداعيا إلى توحد الأمة وتقارب عناصرها من المسلمين وغير المسلمين وداعيا وعاملا على رقي الوعي لاستخلاص الحقوق وعلى الإصلاح بالتعليم وللتعليم(52)، وكان في ذلك يتبع مسلك أستاذه جمال الدين الأفغاني الذي أسس في كل محل حل به جمعية أهلية، ومن أبرز الجمعيات التي نشأت برعاية الإمام الجمعية الخيرية الإسلامية، وجمعية العروة الوثقى، وجمعية المقاصد الخيرية، وجمعية المساعي الخيرية، وجمعية التقريب بين بين الإسلام والمسيحية(53).

ونستطيع أن نؤكد أن التعليم كان بالنسبة للإمام مشروع حياته الذي يهدف من خلاله إلى تحقيق النهضة والاستقلال، وأنه عمل على أن يكون التعليم وتطويره وتجديده هو المشروع القومي للأمة والمجال المشترك بين الجهود الحكومية والأهلية، ودعا إلى تجديد التعليم الديني التقليدي من داخله ليستجمع متطلبات النهضة والاستقلال، وصاغ مشروع المدارس الإسلامية المستقلة التي تسعى بجمعها بين التعليم الديني والحديث المهني إلى المحافظة على الهوية وتحقيق النهضة والنفع العلمي ودعا مع غيره من الوطنيين إلى وضع اللبنة الأولى لمشروع الجماعة الوطنية(54).  

هكذا يتأكد لكل صاحب عقل أن الإمام محمد عبده كان مهموما بإصلاح الزمن الإسلامي انطلاقا من صميم التكوين العقدي والحضاري لهذا الزمن ووقف حياته من أجل تحرير الفكر من قيد التقليد وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى، فقد كان واحد من كبار أولئك العلماء المجتهدين والدعاة المصلحين ليس في مصر وحدها بل في تاريخ الإسلام الحديث (55).

خاتمة

ما يحدث في المجال العام في الوقت الراهن حيال تجديد الخطاب الديني يدفعنا للتمسك بمقولة مركزية تتمثل في أن ما يحتاج إلى تجديد ليس الخطاب الديني فحسب ولكن الجدل حول هذا التجديد أيضا، من هذا المنطلق وبعدما استعرضنا جهود الرجلين "جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده" يمكن الإحاطة بمجموعة من المداخل الحاكمة لتجديد الخطاب الديني والتي يمكنها أن تسهم في وضع تصورات لمستقبل هذا الخطاب والعمل على تطويره وتجاوز الماضي وتحقيق حسم وكسر للدائرة المفرغة التي يدور فيها وذلك على النحو التالي:

-         فك الارتباط بين الخطاب الديني والمؤسسات الدينية والسياسية وربطه بالمنهج العلمي محاطا بسياج المجتمع ومراعيا لاحتياجاته وساعيا لتحقيق أهدافه.

-         الاحاطة بأن ما يحتاج إلى تجديد ليس فقط الخطاب الديني ولكن خطاباتنا في مجالات الحياة المختلفة من فكرية وعلمية وثقافية وتربوية وقانونية وإعلامية وفنية، ...إلخ.

-         افتقاد فئات المجتمع وتياراته لآلية النقد الذاتي وإلقاء اللوم على الآخرين والاكتفاء في أحيان كثيرة بالقول فقط دون المبادرة إلى العمل.

-         غياب الخطاب العلمي من معظم مناحي الحياة بما في ذلك الجوانب العلمية، والمعالجات السطحية على مجالات يفترض أنها أبعد عن ذلك بكثير.

-         المناخ السائد من هيمنة وسائل الإعلام على مقدرات حياتنا وصياغة أنماط وقوالب معينة تدفع المجتمع دفعا إلى مسايرتها.

-         الاستقطاب وخطورته وتدخله في قضايا أشد ما تحتاج إليه هو البعد عن هذه الحالة من الاستقطاب والطائفية وحروب الوكالة.

-         ضرورة الوعي بالإطار السياسي المحلي والإقليمي والدولي وما يفرضه علينا من تحديات خطيرة ومنها حول تجديد الخطاب الديني.

-         بروز جماعات تنتهج الوحشية والتطرف بزعم أن ذلك له منطلقات دينية ويعبر عن الإسلام ولديها ما يثبت ذلك في الكتب التراثية والنصوص الدينية بحسب تأويلاتها، وهو الأمر الذي يدفعنا إلى التنبه إلى مناهج التعامل مع التراث وعدم التطرف بإقصائه بالكامل أو قبوله بصورة كلية وإنما علينا أن نعتمد المنهجية العلمية في التعامل معه وما يناسب عصرنا وتقدمنا.

-         ما قام به محمد عبده بالأساس لا يزال حاضرا حتى الآن فتأثيره (توفى منذ 110أعوام) إضافة إلى جمال الأفغاني (توفى منذ 118عاما) لا يزال حاضرا رغم انقسام دعاة الإصلاح النهضوي إلى تيارين رئيسيين أحدهما علماني والآخر تقليدي- سلفي (56)، ولا يزالان يهيمنان على قطاع كبير من الحياة الفكرية العربية والإسلامية، حيث يزعم كل منهما انتماءه وتتلمذه على محمد عبده وتياره وهو الأمر الذي وضعنا في ثنايات الفكر السياسي العربي من الدائرة وعدم الحسم ولعل سؤال أين نحن من محمد عبده آن الأوان أن تكون الإجابة عنه مشروع تأسيسي لمراكز الفكر والهيئات البحثية المعنية، التي عليها أن تتصدى لهيمنة قطاعات المتطرفين من الجانبين على الخطاب السائد واستعادة مكانة الديني والثقافي والسياسي إلى محاضنها الرئيسية وإتاحة الفرصة لمجتمعاتنا أن تنهض، وأن تتطلع إلى الحرية والبعث من جديد.

-         علينا الاستفادة من درس الاختلاف والائتلاف الرئيسي بين محمد عبده والأفغاني في الرؤية من التجديد والإصلاح، حيث يرى محمد عبده أن الإصلاح لا يكون إلا بالتطوير، ذلك أن الثورات أو الطفرات غير مقبولة، حيث تأتي بآثار سلبية على المجتمعات ومضارها أكثر من نفعها(57)، وهو ما اختلف معه فيه الأفغاني الذي كان يعول على الثورات ومقاومة الاستعمار الخارجي والاستبداد الداخلي مما يؤكد أنه لا توجد وصفة جاهزة للتجديد أو الإصلاح وإنما لكل مجتمع ظروفه واحتياجاته ومتطلباته وقدرته على التعاطي معها.

 

 

الهوامش

1.      حسين رحال، إشكاليات التجديد الإسلامي المعاصر(شمس الدين ـ الترابي ـ الغنوشي نموذجا)، بيروت، دار الأمير، 2011، ص19-20.

2.      شبل بدران، رواد التنوير الفكري، سلسلة المواجهة، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993.

3.      عبد المتعال الصعيدي، المجددون في الإسلام: من القرن الأول إلى القرن الرابع عشر، القاهرة، مكتبة الآداب، 1996م.

4.      السيد يوسف ، جمال الدين الأفغاني والثورة الشاملة ، سلسلة تاريخ المصريين (151) القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999، ص11.

5.      عبد المتعال الصعيدي، مرجع سابق، ص 5-14.

6.      ماجدة علي صالح، منهج الامام محمد عبده في إصلاح الأزهر، في إبراهيم البيومي وصلاح الجوهري (محرران) الامام محمد عبده مائه عام على رحيله، الاسكندرية، مكتبة الاسكندرية، والقاهرة، دار الكتاب المصري، وبيروت، دار الكتاب اللبناني، الطبعة الأولى 2009،  ص580.

7.      حسين رحال، مرجع سابق، ص456.

8.      عبدالعاطي محمد أحمد، الفكر السياسي للإمام محمد عبده، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2012، ص97.

9.      حسين رحال، مرجع سابق، ص17.

10.  عبد المتعال الصعيدي، مرجع سابق، ص 373.

11.  السيد يوسف ، جمال الدين الأفغاني والثورة الشاملة ، مرجع سابق، ص72-74.

12.  محمد عمارة، جمال الدين الأفغاني: موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام، القاهرة، دار الشروق، 1988، ص 270-271.

13.  السيد يوسف ، جمال الدين الأفغاني والثورة الشاملة ، مرجع سابق، ص82.

14.  عبد المتعال الصعيدي، مرجع سابق، ص 370 -373.

15.  ماجدة علي صالح، مرجع سابق،  ص583.

16.  محمد عمارة، جمال الدين الأفغاني، موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام، مرجع سابق، ص 150.

17.  محمد عمارة، جمال الدين الأفغاني، موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام، مرجع سابق ، ص 232.

18.  عبد المتعال الصعيدي، مرجع سابق، ص 370 -373.

19.  السيد يوسف ، جمال الدين الأفغاني والثورة الشاملة ، مرجع سابق ، ص99.

20.  محمد عمارة، جمال الدين الأفغاني، موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام، مرجع سابق ، ص 235.

21.  محمد عمارة، جمال الدين الأفغاني، موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام، مرجع سابق ، ص 233.

22.  عبد النعيم حسين، حقيقة جمال الدين الأفغاني، الجزء الأول، المنصورة، دار الوفاء، الطبعة الثانية، 1990، ص98.

23.  السيد يوسف ، جمال الدين الأفغاني والثورة الشاملة ، مرجع سابق، ص111.

24.  محمد عمارة، جمال الدين الأفغاني، موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام، مرجع سابق ، ص 232.

25.  محمد عمارة، جمال الدين الأفغاني بين حقائق التاريخ وأكاذيب لويس عوض، القاهرة، دار الرشاد، 1997، ص208.

26.  أنور الجندي، مرجع سابق، 1978، ص82.

27.  أنور الجندي، مرجع سابق، ص92.

28.  منى أبوزيد، محمد عبده وقضايا المرأة، في إبراهيم البيومي وصلاح الجوهري (محرران) الامام محمد عبده مائه عام على رحيله، الاسكندرية، مكتبة الاسكندرية، والقاهرة، دار الكتاب المصري، وبيروت، دار الكتاب اللبناني، الطبعة الأولى، 2009،  ص 741-742.

29.   السيد يوسف ، جمال الدين الأفغاني والثورة الشاملة ، مرجع سابق، ص9.

30.  عبد المتعال الصعيدي، مرجع سابق، ص 370 -373.

31.  أنور الجندي، اليقظة الإسلامية في مواجهة الاستعمار (منذ ظهورها إلى أوائل الحرب العالمية الأولى)، الطبعة الأولى، القاهرة، دار الاعتصام، 1978، ص77.

32.  عبد المتعال الصعيدي، مرجع سابق، ص 373.

33.  السيد يوسف ، جمال الدين الأفغاني والثورة الشاملة ، مرجع سابق، ص8.

34.  عبدالكريم أبوصفصاف، حركة محمد عبده وعبدالحميد بن باديس وأبعادها الثقافية والاجتماعية والسياسية، الجزء الأول، سلسلة تاريخ المصريين (272)، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007، صص318-326.

35.  انظر الكتابات حول محمد عبده في هذه الجزئية حيث تنوعت المعالجات والصياغات إلا أنها لمن تخرج عن هذه النقاط، محمد عمارة، الامام محمد عبده، مجدد الدنيا بتجديد الدين، القاهرة، دار الشروق، 1988، ص 181-182.

36.  طاهر الطناحي، مذكرات محمد عبده، القاهرة، دار الهلال ، سلسلة كتبا الهلال (501) مارس 1993، ص 26 -28..

37.  عبد المتعال الصعيدي، مرجع سابق، ص 402.

38.  محمد عمارة، المنهج الإصلاحي للإمام محمد عبده، الإسكندرية، مكتبة الاسكندرية، 2005، ص41.

39.  عبدالكريم أبوصفصاف، حركة محمد عبده وعبدالحميد بن باديس ...، مرجع سابق،  ص 354 ـ 362 .

40.  بيارد دودج، الأزهر في ألف عام، ترجمة حسين النجار، سلسلة الألف كتاب الثاني (154)، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1994  ص 13-131.

41.  محمد السعدي فرهود (إشراف)، الأزهر تاريخه وتطوره، القاهرة، الأمانة العامة للاحتفال بالعيد الألفي للأزهر، الأزهر الشريف، 1983، ص 126.

42.  عبدالعاطي محمد أحمد، مرجع سابق، ص98-99.

43.  عبدالكريم أبوصفصاف، حركة محمد عبده وعبدالحميد بن باديس ..، مرجع سابق،  ص 363 ـ 364.

44.  زكي نجيب محمود، تجديد الفكر العربي، القاهرة، دار الشروق، 1980، ص 205- 223.

45.  عبدالكريم أبوصفصاف، حركة محمد عبده وعبدالحميد بن باديس ..، مرجع سابق، ص 380 ـ 384.

46.  أحمد تمام، تلامذة الامام محمد عبده في التجديد الفكري والثقافي، في إبراهيم البيومي وصلاح الجوهري (محرران) الامام محمد عبده مائه عام على رحيله، الاسكندرية، مكتبة الاسكندرية، والقاهرة، دار الكتاب المصري، وبيروت، دار الكتاب اللبناني، الطبعة الأولى، 2009،  ص 802 ـ 803.

47.  فاروق عثمان أباظة، دور الامام محمد عبده في السياسة وموقفه من الخديوي والاحتلال البريطاني، في إبراهيم البيومي وصلاح الجوهري (محرران) الامام محمد عبده مائه عام على رحيله، الاسكندرية، مكتبة الاسكندرية، والقاهرة، دار الكتاب المصري، وبيروت، دار الكتاب اللبناني، الطبعة الأولى، 2009، ص571-572.

48.  عبدالعاطي محمد أحمد، مرجع سابق، ص113.

49.  عبدالكريم أبوصفصاف، حركة محمد عبده وعبدالحميد بن باديس ..، مرجع سابق،  ص 384 ـ402 .

50.  منى أبوزيد، محمد عبده وقضايا المرأة، مرجع سابق،  ص 745-746.

51.  عبدالكريم أبوصفصاف، حركة محمد عبده وعبدالحميد بن باديس ..، مرجع سابق، ص 365 ـ 380 .

52.  رضوان السيد، الامام محمد عبده والإصلاح في الأوقاف والمحاكم الشرعية، في إبراهيم البيومي وصلاح الجوهري (محرران) الامام محمد عبده مائه عام على رحيله، الاسكندرية، مكتبة الاسكندرية، والقاهرة، دار الكتاب المصري، وبيروت، دار الكتاب اللبناني، الطبعة الأولى، 2009،  ص611 ـ 613.

53.  مجدي سعيد، الامام الشيخ محمد عبده والجمعيات الأهلية، في إبراهيم البيومي وصلاح الجوهري (محرران) الامام محمد عبده مائه عام على رحيله، الاسكندرية، مكتبة الاسكندرية، والقاهرة، دار الكتاب المصري، وبيروت، دار الكتاب اللبناني، الطبعة الأولى، 2009،  ص 701 ـ 703.

54.  مجدي سعيد، الامام الشيخ محمد عبده والجمعيات الأهلية، مرجع سابق،  ص 731.

55.  ابراهيم البيومي غانم، معالم في سيرة الأستاذ الإمام محمد عبده الأصول الاجتماعية والتكوين الثقافي، في إبراهيم البيومي وصلاح الجوهري (محرران) الامام محمد عبده مائه عام على رحيله، الاسكندرية، مكتبة الاسكندرية، والقاهرة، دار الكتاب المصري، وبيروت، دار الكتاب اللبناني، الطبعة الأولى، 2009، ص 50-51.

56.  حسين رحال، مرجع سابق، ص446.

57.  ماجدة علي صالح، منهج الامام محمد عبده في إصلاح الأزهر، مرجع سابق، 2009،  ص578.

 

* دراسة منشورة، نقلاً عن مجلة أحوال مصرية، العدد57، عام 2015