أبرز
اللقاءات على هامش القمة
شهدت القمة مجموعة من اللقاءات بين قادة دول المجموعة وباقي
الدول المشاركة، جاءت في مقدمة هذه اللقاءات، اجتماع الرئيس الروسي "فلاديمير
بوتين" بنظيره التركي " رجب طيب أردوغان" في 26 يوليو/تموز 2018 لتعزيز
التعاون الاقتصادي داخل دول "البريكس"، وقد أعرب "بوتين" عن
التوافق بين البلدين في إدارة بعض الملفات
الإقليمية والدولية المثارة بما في ذلك تسوية الأزمة السورية، وزيادة التجارة وتنفيذ
مشاريع البنية التحتية الرئيسية.
وفي المقابل أوضح الرئيس التركي أهمية التعاون الوثيق مع
دول "البريكس"، وقد تمت دعوة "أردوغان" إلى "جوهانسبرج"
بوصفه رئيس منظمة التعاون الإسلامي (OIC). بالإضافة إلى أن مشاركة أنقرة في أنشطة
"البريكس" التي تتزايد بشكل مستمر فقد بلغ حجم التجارة تركيا معهم في
2017 إلى ما يقرب من 61 مليار دولار، فيما بلغت صادرات أنقرة إلى دول البريكس 7.3 مليار
دولار(3).
وهنا لابد من إيضاح نقطة مهمة وهى رغبة تركيا المستمرة في
توسيع نطاق تحركها ليس فقط في مناطق النزاعات، ولكن مع الدول ذات الاقتصاديات
الواعدة للمناورة لاكتساب شرعية جديدة لها خارج نطاقها الاستراتيجي، وخلفًا عن
فشلها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. تحاول أنقرة فعليًا التفاعل مع قادة "البريكس"
لضمان إمكانية انضمامها في المستقبل للمجموعة، على غرار انضمامها إلى مجموعة
العشرين ((G20 بعد أن حققت أنقرة تقدمً ملحوظًا في المجال الاقتصادي
يرتقي إلى الحد المأمول للانضمام إلى المجموعة.
"فلاديمير بوتين"... أولوية
الاقتصاد الرقمي
أوضح "بوتين" أهمية التعاون الوثيق مع دول المجموعة
من خلال زيادة حجم النشاط التجاري للحد المأمول، الذي زاد خلال عام 2017 بنسبة 30%
متجاوزًا الـ 102 مليار دولار، وفي هذا الإطار رحب الرئيس الروسي بمبادرات مجلس
أعمال "بريكس" في مجال التجارة الإلكترونية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة
وتحفيز التجارة من خلال تقليص العوائق الإدارية.
وعليه؛ فقد أكد على ضرورة تطوير الاقتصاد الرقمي الذي من
شأنه زيادة إنتاجية العمل، موضحًا أن موسكو قد أطلقت برنامجًا للاقتصاد الرقمي
سيوفر أكثر من 10 % من الناتج المحلي الإجمالي الروسي، وذلك بالتزامن مع حماية أمن
المجتمع ورجال الأعمال والمواطنين(4).
أفريقيا
في مرمى قادة "البريكس"
أضحت القارة الأفريقية منذ عقود محط أنظار القوى الدولية
والإقليمية الصاعدة والكبرى، كما إنها باتت ساحة للتنافس والصراع، لذا فقد تبنت
هذه القوى عدد من الاستراتيجيات تجاه دول القارة برغم اختلاف آلياتها إلا إنها رسخت
من تواجدها داخل القارة.
كما سعت هذه القوى إلى توسيع علاقاتهم الدبلوماسية والاقتصادية
وخاصة مع الدول الغنية ذات الاقتصاديات النشطة والواعدة مثل رواندا التي تمثل ثالث
أسرع اقتصاد في أفريقيا وذلك وفقًا لما صرح به صندوق النقد الدولي تجلى على النحو التالي:
1-
بالنسبة للهند؛ قام "مودي" بعدد من الزيارات الرسمية قبل
توجه إلى دولة جنوب أفريقيا لحضور القمة؛ حيث توجه نحو رواندا ليصبح بذلك أول رئيس
وزراء هندي يقوم بزيارتها. كما وقع معهم عدة اتفاقات تعاون عدد من المجالات مثل الثقافة
والتجارة والزراعة والدفاع، ثم توجه بعدها إلى أوغندا.
تتطلع نيودلهي إلى توسيع نفوذها في جميع أنحاء أفريقيا
على كافة الأصعدة بدون التدخل في الأزمات الداخلية، وذلك بما يتوافق مع مصالحها
الوطنية، تمثل ذلك في دفعها زيادة حجم التبادل التجاري الذي بلغت قيمته أكثر من 50
مليار دولار.
بدا هذا التوجه مع قدوم "مودي" إلى السلطة في مايو/
أيار 2014؛ حيث انخرطت الهند بشكل متزايد مع دول القارة، وتوج هذا التعاون في حضور
أكثر من 40 رئيس دولة وحكومة قمة "منتدى الهند وأفريقيا" في أكتوبر/
تشرين الأول 2015.
2-
الصين؛ توجه "شي" إلى "رواندا" قبل انعقاد
القمة، وقام بتوقيع اتفاقيات متعددة خاصة بتوسيع مبادرة "الحزام
والطريق" مع الرئيس الرواندي "كاغامي" الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي،
ثم توجه نحو "جوهانسبرج" لحضور القمة وبعدها اتجه نحو
"موريشيوس" التي ستكون محطته الأخيرة كجزء من أول رحلة خارجية له منذ إعادة
انتخابه رئيساً في مارس/ آذار 2018.
تنظر الصين إلى إفريقيا كبوابة لتوسيع نطاق مبادرة
"الحزام والطريق"، الذي يستلزم استثمار مبالغ ضخمة في البنية التحتية، كما
تسعى إلى بناء علاقات وثيقة على كافة الأصعدة لتعميق العلاقات، -فعلى سبيل المثال-
أقامت الصين أول قاعدة بحرية خارج بلادها في جيبوتي، فيما أصبحت السنغال أول دولة في
غرب أفريقيا توقع عقود الحزام والطريق مع الصين(5).
ختامًا؛ أضحت قمم
دول "البريكس" منصات بديلة ورادعة لقمم الناتو والاتحاد الأوروبي، التي
تساهم في استعادة التوزان بين الأقطاب المتعددة في النظام العالمي، برغم من كون
هذه الدول مازالت متباعدة في إدارة عدد من الملفات الدولية إلا إنها تواجه نفس
التحديدات والتهديدات التي فرضت عليها التوافق للمواجهة، لذا فمن المحتمل أن
تتكاتف هذه الدول لتصدي للسياسات الأميركية بما يُعيد الاستقرار العالمي على كافة
الأصعدة.