المركز العربي للبحوث والدراسات : إلى أي مدى وصل تطور الأسلحة الإيرانية المهربة إلى الحوثيين؟ (طباعة)
إلى أي مدى وصل تطور الأسلحة الإيرانية المهربة إلى الحوثيين؟
آخر تحديث: الأربعاء 31/10/2018 05:38 م علي عاطف حسان
إلى أي مدى وصل تطور

أعلنت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية يوم الأحد 28 من أكتوبر الجاري عن استعراض ميليشيات الحوثيين لصاروخ متقدم من طراز "بدر 1P" الذي قالت إنه صناعة الحوثيين. وانتقدت العديد من الجهات العربية والغربية ما أقدمت عليه ميليشيات الحوثيين مستنكرين في الوقت نفسه الدعم الإيراني إلى هذه الميليشيات الحوثية قائلين إنه على الرغم من فرض هيئة الأمم المتحدة عقوبات على إرسال الأسلحة للحوثيين إلا أن إيران تجاهلت هذه العقوبات وأقدمت على تقديم المساعدات الحربية إلى ميليشيات الحوثيين متجاهلة مثل هذه القرارات الأممية.

              وعلى ذلك، لا يمكن للمراقبين والباحثين تجاهل التقارير الدولية والإعلامية التي أعلنت تقديم طهران لمساعدات عسكرية إلى الحوثيين والتي من بينها صواريخ متطورة كان آخرها ما تم الإعلان عنه من قِبل وكالة أنباء إيران "بدر 1P".

طبيعة التدخل الإيراني في الأزمة اليمنية

               تُعد طبيعة التدخل الإيراني في اليمن ذات طبيعة خاصة واستراتيجية تعتمد على أهداف سياسة إيران في المنطقة وهي تهديد دولها في إطار الصراع الإقليمي. ولم يكن التدخل الإيراني من قبيل الصدفة بعد اندلاع أحداث عام 2011 في اليمن، فقد كانت هناك العديد من التقارير التي أكدت تدخل طهران في اليمن من خلال دعم الحوثيين في صراعهم مع نظام الرئيس السابق لليمن علي عبد الله صالح.

             ومع تعاقب الأحداث في اليمن بعد عام 2011 وبروز دور الحوثيين تصاعدت التحركات الإيرانية داخل اليمن في دعم واضح للحوثيين؛ وذلك من أجل خدمة أهدافها الإقليمية، كما سبق ذكره، في صراعها مع بعض القوى الإقليمية في المنطقة وكذلك خدمة لمشروعها التوسعي وصراعها كذلك مع القوى الدولية كالولايات المتحدة الأمريكية.(1)

             فالحوثيون لم يكفوا منذ بروز دورهم في اليمن عن إطلاق صواريخ على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية مهددين بذلك إحدى الدول ذات السيادة، وهو انتهاك للمواثيق الدولية.

أهداف التدخل الإيراني في اليمن

إن هذا التدخل يخدم من ناحية أخرى المشروع الاستراتيجي الإيراني في توسيع النفوذ بهدف تصدير الثورة الإيرانية إلى دول الجوار والتي ينص عليها الدستور الإيراني نفسه في ضرورة قيام النظام الحاكم بما بسميه "الدفاع عن المستضعفين" وفقاً لأدبيات المفاهيم الإيرانية.

             من ناحية أخرى، ترغب إيران من خلال تواجدها على الأراضي اليمنية في كسب أوراق تفاوض سياسية مع القوى الدولية الكبرى، وأبرزها الولايات المتحدة الأمريكية. حيث إن الولايات المتحدة تملك هي الأخرى نفوذاً داخل اليمن ومن هذا المنطلق، تعمل إيران على تعزيز نفوذها داخل الأراضي اليمنية لمحاولة كسب أرضية للتفاوض مع القوى الكبرى في ملفات أخرى كالملفات الصاروخية على سبيل المثال أو حتى الملف العراقي.  

             وإلى حد كبير تتلاقى أهداف الحضور الإيراني داخل اليمن بشكل جزئي مع الأهداف الاستراتيجية الإيرانية داخل الأراضي السورية. حيث إنه وإن كان النشاط والنفوذ الإيراني داخل الأراضي السورية يأخذ أبعاداً أكبر من أهداف الحضور الإيراني في اليمن إلا أنه يتشابه فيرغبة إيران في مقايضة ومساومة القوى الدولية في نفوذها في المنطقة.

              وعلى ذلك، يمكن القول إن طبيعة النفوذ الإيراني في اليمن ينبع بشكل عام من السياسة الهجومية الإيرانية حيث إنها تشعر دائماً بأنها محاطة بالأخطار من العديد من الجهات، ولذلك فإنها تسارع باستباق الأحداث ومحاولة السيطرة على الأوضاع، حسب اعتقادها، قبل أن تهددها.

تطور نوعية الأسلحة الإيرانية للحوثيين في اليمن

               لم يتوقف الدعم الإيراني إلى الحوثيين عند الأسلحة التقليدية الحربية، بل إنها تطورت لتشكل انواعاً حديثة من الصواريخ المتطورة والباليستية.

              وتعمل إيران بشكل كبير على دعم العديد من الجماعات والميليشيات المسلحة عبر منطقة الشرق الأوسط، فهي تجد سوقاً رائجاً لها في هذه المنطقة في العديد من الدول، خاصة تلك التي تشهد اضطرابات أمنية أو عسكرية. وتقوم إيران بتقديم الدعم العسكري لميليشيات الحوثيين في اليمن من خلال العديد من المنافذ التي تقوم أغلبها اعتماداً على المياه البحرية.

               وخلال السنوات السابقة، وتحديداً منذ عام 2011، عملت إيران على تحويل الأراضي اليمنية إلى سوق لتصدير السلاح إليها؛ وذلك ليس للتجارة بل خدمة لمشروعها في المنطقة. ولم تكن إيران ترسل أسلحة عادية بل إنها طوّرت من أنواع الأسلحة التي ترسلها إلى الحوثيين حتى أصبحت تهدد الدول المجاورة في المنطقة.

    ومن ناحية أخرى، تعمل إيران على تزويد الحوثيين بالمستشارين العسكريين والخبراء والتقنيات الجديدة التي تُستخدم في العمليات الهجومية.

كيف يتم تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

             تتم معظم هذه العمليات عن طريق البحر، حيث إن العديد من السفن الكبيرة التي تحمل شحناً مختلفة، سواء أغذية أو غيرها، تستغلها إيران في شحن الأسلحة إلى حوثيي اليمن والتي يصعب على الجهات الدولية القيام بتفتيش بعضها لصعوبة ذلك عملياً مثل السفن المحملة بالحبوب الغذائية، هذا بالإضافة إلى المساحات البحرية الواسعة التي يصعب كذلك مراقبتها بشكل دقيق للغاية.

             ولذا، فإن التقارير الدولية المختلفة التي تناولت هذه القضية تكاد تجمع على أن إيران تنقل الأسلحة إلى الحوثيين بالطرق البحرية؛ وذلك انطلاقاً من امتداد هذه الحدود وقرب الحدود الجغرافية ما بين اليمن وعدد  الدول الأفريقية.

             وكانت إيران تستخدم على سبيل المثال الصومال في نقل الأسلحة إلى اليمن، بينما أقدمت في وقت لاحق؛ بسبب الاحتكاك بالسفن الأجنبية والدولية على استخدام مياه الخليج العربي حيث يتم نقل هذه الأسلحة من سفن كبيرة إلى قوارب صغيرة في المياه ثم يتم إرسالها إلى الحوثيين. وليس ذلك فحسب، فباستخدام هذه الطرق لا يتم فقط نقل الأسلحة والمعدات الصاروخية، بل يتم نقل الأموال كذلك عبر هذه المنافذ.

               الجدير بالذكر الإشارة إلى أن عمليات التهريب هذه لا يتم خلالها إرسال بعض أنواع الأسلحة بشكل كامل، بل يتم تفكيكها جزياً ثم إعادة تركيبها داخل الأراضي اليمنية من قِبل الحوثيين بالتعاون وبإشراف الخبراء الإيرانيين الذي قدموا خصيصاً لمثل ذلك.

أنواع الأسلحة الإيرانية التي تهرب إلى الحوثيين

تتنوع الأسلحة التي تم إرسالها من جانب إيران إلى ميليشيات الحوثيين منذ تفاقم الأزمة في اليمن وحتى الآن من قذائف وصواريخ بسيطة وحتى الصواريخ الباليستية. ويمكن تتبع تلك الأنواع من خلال رصد عدد من عمليات ضبط السفن الإيرانية المتجهة إلى الأراضي اليمنية لتقديم مختلف المعدات العسكرية إلى الحوثيين، وذلك على النحو التالي(2):

1-      صواريخ إيرانية مضادة للدبابات:

  حينما بدأت الأزمة اليمنية في التبلور عام 2011، قالت السلطات في اليمنية إنها ضبطت مركب صيد إيرانية كانت تقل 90 صاروخاً مضاد للدبابات مصنوعة في إيران، وأشارت إلى أن هذه الحمولة كانت متجهة إلى الحوثيين على الأراضي اليمنية.

2-     صواريخ ومواد تفجيرية:

    ضبطت في بداية العام 2013 سفينة "جهان 1" التي كانت تحمل مواداً تفجيرية وأسلحة وصواريخ ومعدات عسكرية أخرى كانت متجهة إلى الأراضي اليمنية. وفي نفس العام ضبطت سفينة أخرى "جهان 2" بالقرب من الممر الدولي باب المندب وكانت تحمل تقريباً شحنات متشابهة من "جهان 1".

3-      صواريخ وأسلحة متطورة وتهديد بتدخل عسكري:

     ضبطت المقاومة اليمنية في يوليو من عام 2016 قارب صيد يحمل أسلحة إيرانية وذلك بالقرب بالقرب من السواحل الإفريقية.  الشعبية وفي العام نفسه أعلن الجيش الأمريكي عن ضبط سفينة إيرانية كانت تحمل 1500 بندقية من نوع كلاشينكوفو حوالي 200 قذيفةصاروخيةو21 بندقية آلية.

 وفي فبراير من العام نفسه قامت البحرية الأسترالية بضبط زورق كانت يحتوي على عدد كبير من البنادق والقذائف الصاروخية، بينما قامت القوات البحرية الفرنسية في العام نفسه باعتراض مماثل وصادرت أسلحة شبيهة. وهددت إيران من ناحية أخرى بإرسال قوات عسكرية لدعم ميليشيات الانقلابيين.

4-     دعم وتدريب الحوثيين:

اعترفت قيادات في الحرس الثوري الإيراني عام 2015 بدعم وتدريب ميليشيات الحوثيين وتقديم الدعم اللوجيستي لهم.ولا يقتصر تدريب إيران للحوثيين على استقدام مستشارين سواء من حزب الله أو غيره، بل إن مراكز التدريب الإيرانية للحوثيين امتدت من إيران إلى القارة السمراء.

 وعلى سبيل المثال، تقوم إيران قامت إيران بتدريب الحوثيين في مراكز تقع في إريتريا على أيدي مدربين إيرانيين، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن قرب الحدود الإريترية نسبياً مع اليمن يمثل عامل مساعداً لإيران في نقل هؤلاء الحوثيين إلى الأراضي اليمنية.(3)

الكوادر الفنية الإيرانية ودعم الحوثيين

               بالنظر إلى طبيعة الحوثيين كجماعة، فمن الصعب لهم التعامل مع الأسلحة الإيرانية التي تهرب إليهم، ولذا فإنهم بحاجة إلى كوادر خارجية كي تدربهم أو تساعدهم على إطلاق الصواريخ أو تركيب أدوات التوجيه الصاروخية.

               وكان الحل في المستشارين الإيرانيين الذين عملوا على تطوير الصواريخ التي تم إرسالها إلى الحوثيين. حيث تطورت هذه الصواريخ تدريجياً حتى بات في يد ميليشيات الحوثيين صواريخ باليستية إيرانية التصدير ليست هنالك تقارير واضحة حول عددها الحقيقي، إلا أن الحوثيين يستخدمونها بشكل مستمر في تهديد الدول المجاورة خاصة المملكة العربية السعودية.

وليس ذلك فحسب، بل يقوم المستشارون الإيرانيون بصيانة هذه الأسلحة والمعدات العسكرية حتى لا تعطب. ولا يتم تطوير هذه المعدات العسكرية فقط عن طريق مستشارين إيرانيين، ولكن يتم ذلك بالتعاون مع عناصر من حزب الله اللبناني. وكان آخر هذه الأنواع الصاروخية التي قدّمت إيران العون في تطويرها إلى الحوثيين هي صواريخ "بدرP1" التي احتفت وسائل الإعلام الإيرانية بامتلاك الحوثيين إياها.

الهوامش:

1)      نجاح عبد الله سليمان، "الوجود الإيراني في اليمن ... إلى أين؟"، الحياة، 11 أبريل 2018، الرابط:

http://cutt.us/0mFir

2)      صالح حميد، "تفاصيل دعم إيران لميليشيات الحوثي والتدخل في اليمن"، العربية. نت، 16 ديسمبر 2017، الرابط:                                                                                                                                               http://cutt.us/ccE8w

صالح حميد، "تفاصيل شحنات الأسلحة الإيرانية للحوثيين"، العربية .نت، 17 أغسطس 2016، الرابط:                                                                                                                                                    http://cutt.us/5PZjo