المركز العربي للبحوث والدراسات : الشباب في قلب المعادلة .. سيناء ومعضلة التطرف الفكري (طباعة)
الشباب في قلب المعادلة .. سيناء ومعضلة التطرف الفكري
آخر تحديث: الأحد 09/06/2019 12:50 م د. شريف درويش اللبان
الشباب في قلب المعادلة

أصبح الإرهاب من الظواهر التي تهدد الأمن القومي، وتهدد وحدة المجتمع وتماسكه ، وتستنفذد كثيرًا من الجهود الأمنية والسياسية وتضيع كثيرًا من الجهود التنموية والمقدرات المالية التي تخصص لمحاربة هذه الظاهرة في المجتمع المصري، وقد تناولها الكثير من الباحثين والمتخصصين بالدراسة والتحليل للوقوف على حقيقة هذه الظاهرة في المجتمع المصري.

فحينما يفتقد أفراد المجتمع الوعي السليم، والقدوة الرشيدة، ويقعون فرائس للصراعات النفسية بين الحلال والحرام، بين الفطرة ومستجدات العصر، يبحثون عن سبل وأساليب أخرى يجدون فيها تعبيرًا عن الرفض للصور غير المقبولة بالمجتمع ويتمردون على واقع يرون أنه لا يعبر عن حاجاتهم ومتطلباتهم؛ كاللجوء إلى شكل من أشكال التطرف أو التكفير وهجرة المجتمع، أو الغلو في العبادة أو التعصب في الأفكار والممارسات، أو حتى التفريط والتهاون في الأصول.

في هذا الإطار، جاءت الدراسة الكاشفة للدكتور فرج خيري عبد الجيد درويش المدرس بقسم الصحافة المطبوعة والإلكترونية بكلية الإعلام جامعة سيناء والمعنونة: "انقرائية الأخبار ومقالات الرأى بالصحف الإلكترونية العربية وعلاقتها بالاتجاه نحو التطرف الفكري لدى الشباب السيناوي".

تمثلت مشكلة البحث في اطلاع الباحث على بعض مواقع الصحف الإلكترونية العربية ووجد أنها تحمل في طياتها شيئًا من الفكر المتطرف ، كما لاحظ الباحث أن شباب سيناء ، وخاصة الجامعيين منهم، لا يقرأون الصحف الورقية نظرًا لعدم وصولها إليهم في كثيرٍ من الأحيان، أو أن اهتمامهم الأكبر ينصب على استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في الحصول على الأخبار. هذا بالإضافة إلى أن منطقة شمال سيناء تم استغلالها من جانب الجماعات المتطرفة  كمسرح لنشر الفكر المتطرف والذي كلف الدولة المصرية الكثير من الأرواح والأموال سعيا للقضاء عليه ، ومن ثم فإن مشكلة البحث تركزت في تساؤل مهم وهو : ما علاقة انقرائية الصحف الإلكترونية العربية بالاتجاه نحو التطرف الفكري لدى الشباب السيناوي ؟.

ويأتى هذا البحث مواكبًا للنداءات المتكررة من الدولة لمحاربة التطرف بشكل عام، ومن بين أشكاله التطرف الفكرى، وتزايد معاناة المجتمع المصري من الإرهاب بكل أنواعه في الفترة منذ ثورة 30 يونيو وحتى الآن، وتزايد استقطاب الشباب الذي يعاني من مشاكل وأزمات اجتماعية لجماعات الفكر المتطرف والإرهاب بكل أشكالها، كما تنبع أهمية الدراسة من أن الدولة تولي للشباب بصفةٍ عامة وشباب سيناء بصفةٍ خاصة عناية فائقة، لأنه تقع على عاتقهم مسئولية بناء وتطوير وتنمية هذه البقعة الغالية من أرض مصر. وتنبع أهمية الدراسة كذلك من أهمية الصحف الإلكترونية كمصدر للمعلومات، لما تتميز به من قدرتها التأثيرية على الجمهور عامة باختلاف مستوياته العمرية والثقافية والمهنية، فضلاً عن انتشارها  بحيث أصبحت متاحة لمعظم أفراد المجتمع. وتستمد الدراسة أهميتها التطبيقية من خلال رصد بعض العوامل الداعمة للاتجاه نحو التطرف الفكري لدى شباب سيناء.

مجتمع وعينة البحث

تمثل مجتمع البحث فى الصحف العربية الإلكترونية التى يقرؤها الشباب السيناوى، وقد حددها الباحث بإجراء دراسة استطلاعية على عينة قِوَامِها 40 مبحوثًا من شباب محافظة شمال سيناء والتى تمثلت فى صحف (الأيام - القدس – عكاظ السعودية - اليوم السابع - المصرى اليوم) وقد تعرف الباحث من خلال تلك الدراسة على أكثر الصحف قراءة لدى الشباب السيناوى واختارها عينة للدراسة التحليلية.

وقد تمثلت عينة الدراسة التحليلية في أربع صحف إلكترونية، صحيفتيْ "القدس" و"الأيام" الفلسطينيتيْن و صحيفتيْ "اليوم السابع" و"المصرى اليوم" المصريتيْن، وتم تحليل الأخبار ومقالات الرأى بهذه الصحف لمدة شهر فى الفترة من 10 أكتوبر 2018 حتى 10 نوفمبر 2018 والتى بلغ عدد مفرداتها 4041 خبرًا و861 مقالاً.

كما تم اختيار عينة من الشباب السيناوى والذين تتراوح أعمارهم بين (18-30 سنة) من محافظة شمال سيناء قوامها200  مبحوثًا من الجنسين،  وينتمون لمستويات تعليمية مختلفة، لإجراء الدراسة الميدانية عليهم.

الأفكار المتطرفة في الصحافة المصرية والفلسطينية

 تبين من الدراسة التحليلية أنه فيما يتعلق بمدى وجود الأفكار المتطرفة فى الأخبار ومقالات الرأى بالمواقع والصحف الإلكترونية المصرية والفلسطينية، فقد قام الباحث بحصر الأخبار بصحف (القدس –الأيام – اليوم السابع – المصري اليوم) في الفترة من أول سبتمبر 2018 وحتى أول نوفمبر 2018، والتي بلغ مجموعها 4041 خبرًا، وقد تباينت الصحف من حيث عدد الأخبار بكل صحيفة حيث بلغ عدد الأخبار بصحيفة "القدس" (1020) خبرًا وبصحيفة "الأيام" (960) خبرًا وبصحيفة "اليوم السابع" (1058)، وبصحيفة "المصري اليوم" (1003)  خبرًا، كان من بينها (704) خبرًا يحمل فكرًا متطرفًا بنسبة  17.4% من جملة  الأخبار التي خضعت للتحليل.

وجاءت صحيفة "القدس" في المركز الأول في عدد الأفكار المتطرفة، حيث بلغ عدد الأخبار المتطرفة بها 306 خبرًا بنسبة 30% من إجمالي الأخبار التي خضعت للتحليل، تلتها صحيفة "الأيام" والتي بلغ عدد الأفكار المتطرفة بها 210 خبرًا بنسبة 21.9%، ثم موقع "اليوم السابع" (97 خبرًا) بنسبة 9.2%، وجاء موقع "المصري اليوم" في الترتيب الأخير، حيث بلغ عدد الأخبار المتطرفة به 91 خبرًا بنسبة 9% .

كما قام الباحث بحصر المقالات بصحف (القدس –الأيام – اليوم السابع – المصري اليوم) في الفترة نفسها، حيث بلغ مجموعها 861 مقالاً، كان من بينها 166 مقالاً يحمل فكرًا متطرفًا بنسبة  19.3% من جملة  المقالات التي خضعت للتحليل.

وقد جاءت صحيفة "القدس" في المركز الأول حيث بلغ عدد المقالات المتطرفة بها 81 مقالاً بنسبة 9.4% من إجمالي المقالات التي خضعت للتحليل، تلتها صحيفة "الأيام"، والتي بلغ عدد المقالات المتطرفة بها 76 مقالاً بنسبة 8.8%، ثم صحيفة "اليوم السابع"، والتي بلغ عدد المقالات المتطرفة بها 6 مقالات بنسبة 0.7%، وجاءت صحيفة "المصري اليوم" في الترتيب الأخير حيث بلغت عدد المقالات التي تحوي أفكارًا متطرفة (3 مقالات) بنسبة 0.34% من جملة  المقالات التي خضعت للتحليل، ومن ثم فإن أخبار ومقالات الصحف الفلسطينية أكثر تطرفًا من أخبار الصحف الإلكترونية المصرية، وقد يرجع ذلك إلى مناهضة الصحف الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي، وقد يلجأ في سبيل ذلك إلى التطرف والشطط، بمنأى عن الوسائل السلمية التي تنتهجها السلطة الفلسطينية.

الصحف الفلسطينية أكثر انقرائية من الصحف المصرية

فيما يتعلق بنتائج الدراسة الميدانية، أجابت الدراسة عن تساؤل مهم يتصل بانقرائية الأخبار ومقالات الرأى بالمواقع الإلكترونية المصرية والفلسطينية لدى الشباب السيناوي، حيث أشارت نتائج الدراسة إلى أن الشباب السيناوى عينة الدراسة يميلون لقراءة الصحف الإلكترونية الفلسطينية أكثر من الصحف الإلكترونية المصرية، حيث جاءت صحيفة "القدس" فى الترتيب الأول بعدد 109 قراء بنسبة 54.5% من إجمالي العينة، تلتها صحيفة "الأيام" فى المركز الثانى من حيث سهولة القراءة بالنسبة للشباب السيناوى وموافقة ميولهم وطبيعة الموضوعات التي يفضلونها بعدد 96 قارئًا بنسبة 48%، فى حين جاءت صحيفة "اليوم السابع" فى الترتيب الثالث بعدد 53 قارئًا بنسبة 26.5%، تلاها موقع "المصرى اليوم" فى المركز الرابع من حيث سهولة القراءة بالنسبة للشباب السيناوى وموافقة ميولهم، وطبيعة الموضوعات التى يفضلونها بعدد 42 قارئًا ونسبة 21% من إجمالي المبحوثين، وقد يرجع السبب فى ذلك إلى القرب المكانى بين محافظة شمال سيناء ودولة فلسطين، بالإضافة إلى رابط الدم والنسب بين بعض القبائل السيناوية والفلسطينيين مما يزيد من اهتمام الشباب السيناوى بمعرفة أخبار وقضايا الفلسطينيين.

وفيما يتعلق بطبيعة الموضوعات والقضايا الأعلى قارئية فى المواقع والصحف الإلكترونية لدى الشباب السيناوي، جاءت الموضوعات السياسية على رأس ما يقرؤه الشباب السيناوي عينة الدراسة بنسبة 94.5%، تلتها في الترتيب الموضوعات الدينية، حيث أجاب 78% من أفراد العينة أنهم يقرأون الموضوعات الدينية بالصحف والمواقع محل الدراسة، ثم جاءت أخبار الحوادث في المركز الثالث حيث بلغت نسبة قرائتها 60% من العينة، تلتها الموضوعات الاقتصادية والتى بلغ عدد قرائها 96 مبحوثًا بنسبة 48% من عينة الدراسة، كما احتلت قراءة الموضوعات الاجتماعية المركز الأخير فيما يقرأ الشباب السيناوي حيث يقرؤها ربع مفردات العينة.

ويرى الباحث أن اهتمام الشباب السيناوي بقراءة الموضوعات السياسية يرجع إلى رغبتهم فى متابعة الأحداث السياسية الجارية التى تتعلق بمنطقة شمال سيناء، أما اهتمامهم بقراءة الموضوعات الدينية فيرجع إلى ظهور الجماعات التي تزعم انتماءها للإسلام بكثرة في محافظة شمال سيناء مما يجعل الشباب يبحث عن حقيقة الدين وجوهره، خاصة أن ظاهر أفكار تلك الجماعات وشعاراتها تبدو عند من لا يعرفهم وكأنها من الدين. ويفسر الباحث قراءة الشباب السيناوي لأخبار الحوادث بأنهم كأقرانهم من الشباب يقرأون ما هو مثير أو غريب أو مشوق وهو ما تتصف به أخبار الحوادث.

دوافع قراءة شباب سيناء للصحف الإلكترونية

وبالنسبة لدوافع قراءة الشباب السيناوى للصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية، فقد تنوعت دوافع قراءة الشباب السيناوى للصحف والمواقع الالكترونية ما بين أسباب تخص الصحيفة منها مواكبة الأحداث الجارية واستخدام الصحيفة للصور المصاحبة للنص وترتيب الأفكار والصدق الذى تتمتع به الصحيفة من وجهة نظر المبحوثين، والتفرد عن وسائل الإعلام الأخرى فى نشر بعض الموضوعات، وأسباب تخص القارىء منها فهم الموضوعات التى تتناولها الصحيفة والميل إليها، بالإضافة إلى تناول الصحيفة لموضوعات جذابة ومشوقة ويثق فيها القارىء.

وفيما يتعلق بمدى قراءة الشباب السيناوى للأخبار والمقالات بالصحف الإلكترونية العربية، اتضح أن الذكور يقرأون الأخبار بالصحف الالكترونية العربية بصفةٍ دائمة بنسبة 57%، بينما بلغت نسبة من يقرأونها أحيانًا 38 % ، أما نسبة من لا يقرأون تلك الأخبار فبغلت نسبتهم  5% من عينة الذكور، أما الإناث فكانت نسبة من يقرأن الأخبار بالصحف الإلكترونية بصفةٍ دائمة 52.4% بينما بلغت نسبة من يقرأنها أحيانًا 35.7 %، وبلغت نسبة من لايقرأنها 12 %. ومن ثم يتضح أن الذكور أكثر قراءةً للأخبار بالصحف الإلكترونية من الإناث، حيث أن نسبة من يقرؤونها بصفةٍ دائمة أو أحيانًا بلغت 95.5% من الذكور، بينما بلغت نسبتهم عند الإناث 88%.

 أما بالنسبة لمتغير التعليم، فقد اتضح أن طلاب الدراسات العليا من أفراد العينة أكثر قراءةً من طلاب الجامعة والذين يتفوقون على حاملي الشهادات المتوسطة في قراءة أخبار الصحف العربية الإلكترونية بصفةٍ دائمة أو أحيانًا، حيث بلغت نسبة من يقرأون تلك الأخبار من طلاب الدراسات العليا 100% بينما بلغت نفس النسبة عند الجامعيين 90.7%مقابل 88% عند ذوي التعليم المتوسط .

وبالنظر إلى العينة من حيث التخصص، وجد الباحث أن أصحاب التخصص الأدبى يقرؤون الأخبار بالصحف الإلكترونية العربية بنسبة 96.3% سواءً بصفةٍ دائمة أو أحيانًا يليهم في الترتيب ذوو التخصص العلمي والذين بلغت نسبتهم 91.8% ، ويأتي في المرتبة الأخيرة حاملو الشهادات الفنية حيث بلغت نسبة قراء الأخبار بالصحف الإلكترونية منهم 87.8%.

كما اتضح أن الذكور يقرأون مقالات الرأى بالصحف الإلكترونية بصفةٍ دائمة بنسبة 47%، بينما بلغت نسبة من يقرأونها أحيانًا 28 %، أما نسبة من لا يقرأون تلك الأخبار فبلغت نسبتهم  4% من عينة الذكور، أما الإناث فكانت نسبة من يقرأن مقالات الرأى بالصحف الإلكترونية العربية بصفةٍ دائمة  57.1%، بينما بلغت نسبة من يقرأنها أحيانًا 30.9 %، وبلغت نسبة من لايقرأنها 12 % من عينة الإناث. ومن هنا يتضح أن الذكور أكثر قراءةً لمقالات الرأى بالصحف الإلكترونية من الإناث، حيث أن نسبة من يقرؤونها بلغت 94.9% بينما بلغت نسبتهم عند الإناث 88% من إجمالي العينة.

 أما بالنسبة لمتغير التعليم، فقد اتضح أن طلاب الدراسات العليا أكثر قراءةً  لمقالات الرأى من طلاب الجامعة، والذين يتفوقون على حاملي الشهادات المتوسطة في قراءة مقالات الرأى الصحف الإلكترونية بصفةٍ دائمة أو أحيانًا، حيث بلغت نسبة من يقرأون تلك المقالات من طلاب الدراسات العليا 100% بينما بلغت نفس النسبة عند الجامعيين 59.3% مقابل 56.7% عند ذوي التعليم المتوسط.

وبالنظر إلى التخصص، وجد الباحث أن أصحاب الدراسات الأدبية يقرأون مقالات الرأى بالصحف الإلكترونية بنسبة 61.5% سواءً بصفةٍ دائمة أو أحيانًا يليهم في الترتيب ذوو التخصص العلمي والذين بلغت نسبتهم 72.9%، ويأتي في المرتبة الأخيرة حاملو الشهادات الفنية حيث بلغت نسبة قراء مقالات الرأى بالصحف الإلكترونية العربية 54%.

التطرف الفكرى لدى شباب سيناء

وقد أجابت الدراسة عن تساؤل مهم يتعلق باتجاه شباب سيناء عينة البحث نحو التطرف الفكرى، حيث اتضح للباحث وجود تطرف فكري بأنواعه السياسي والديني والإجتماعي لدى بعض أفرد العينة، حيث أشارت النتائج إلى وجود تطرف سياسي بنسبة 27% لدى مفردات العينة، منهم 42 شابًا بنسبة 26.5% من الذكور و12 فتاة بنسبة 28.5% من الإناث، بينما بلغ عدد المتطرفين دينيًا 74 مفردة من مفردات العينة منهم 41.7% من الذكور و19% من الإناث، كما بلغ عدد المتطرفين اجتماعيًا 80 مفردة من مفردات العينة منهم 45.5% من الذكور و 19% من الإناث .

وهذا يعني أن الذكور أكثر تطرفًا فكريًا من الإناث  في المجتمع السيناوي، سواء من الناحية السياسية أو الدينية أو الاجتماعية، حيث أن نسبة ذوى الاتجاه الإيجابى نحو التطرف الفكرى بلغ متوسطها لدى الذكور 38%، بينما بلغت عند الإناث 22.2%، وهى نتيجة منطقية تتماشى مع طبيعة الإناث، حيث يملن إلى الهدوء أكثر من ميلهن إلى التطرف.

    وأوضحت الدراسة أن الشباب الجامعي داخل عينة البحث الأكثر تطرفًا من الناحية السياسية كانوا من حملة الشهادات المتوسطة وذوي التعليم فوق الجامعي، حيث بلغت نسبة ذوي الإتجاه الإيجابي نحو التطرف السياسى من الشباب الجامعي 33.8%، بينما بلغت 17.5% لدى حملة الشهادات المتوسطة، و12.5% لدى التعليم فوق الجامعي، كما بلغت نسبة التطرف الدينى لدى الشباب الجامعي 45.7%، بينما بلغت 27% لدى حملة الشهادات المتوسطة، وانعدم الاتجاه الإيجابى نحو التطرف الدينى لدى ذوي التعليم فوق الجامعي، فى حين بلغت نسبة التطرف الاجتماعى لدى الشباب الجامعي 43.2% ، بينما بلغت 39.1% لدى حملة الشهادات المتوسطة، وانعدم الاتجاه الإيجابى نحو التطرف الاجتماعى لدى ذوي التعليم فوق الجامعي .

    وبحساب متوسط نسبة ذوى الاتجاه الإيجابى نحو التطرف الفكرى بشكل عام، وجد الباحث أنها بلغت عند ذوى التعليم فوق الجامعى 12% بينما بلغت عند ذوى التعليم الجامعى 40.9%، فى حين بلغت عند ذوى التعليم المتوسط 27.9%، مما  يعني أن الشباب الجامعي أكثر ميلاً للتطرف الفكرى مقارنة بأقرانهم ممن يعلونهم في مستوى التعليم أو الذين هم أقل منهم فى مستوى التعليم .

 ويمكن تفسير ذلك بأن الشباب الجامعى أكثر فراغًا فكريًا من طلاب الدراسات العليا الذين تُكسبهم الحياة العلمية الموضوعية والتريث أثناء الحكم على الأمور، أما ذوو التعليم المتوسط  فيشغل بعضهم السعى وراء الرزق والخوف من المستقبل.

وأشارت الدراسة إلى أن الشباب ذوى المستوى الاقتصادى المنخفض داخل عينة البحث أكثر تطرفًا سياسيًا و دينيًا واجتماعيًا من ذوى المستوى المرتفع والمتوسط ، حيث بلغت متوسط نسبة ذوي الإتجاه الإيجابي نحو التطرف الفكرى منهم 49.8% ، مقابل 34.4% و19% لدى ذوى المستوى المتوسط والمرتفع على التوالى.

 ويفسر الباحث ذلك بأن الفقر يولد الإحساس بعدم الانتماء لدى الشباب، مما يدفعهم للتطرف السياسى، حيث يظن بعض الفقراء أن الحكومات هى السبب فى تدنى مستواهم الاقتصادى، وقد يكون الفقر أحد أسباب اندفاع بعض الشباب إلى اعتناق أفكار دينية تحيد عن الصواب، كما يولد الفقر نقمة على المجتمع من قبل ذوى الدخول المنخفضة.

وتبين من الدراسة أن الشباب الجامعي عينة البحث أكثر تطرفًا مقارنةً بحملة الشهادات المتوسطة وذوي التعليم فوق الجامعي، حيث بلغت نسبة ذوي الإتجاه الإيجابي نحو التطرف الديني من الشباب الجامعي 45.7%، بينما بلغت 27% لدى حملة الشهادات المتوسطة، وصفر% لدى أصحاب التعليم فوق الجامعي.

وبحساب متوسط نسبة ذوى الاتجاه الإيجابى نحو التطرف الفكرى بشكل عام وجد الباحث أنها بلغت عند ذوى التعليم الأدبى34.7% ، بينما بلغت عند ذوى التعليم العلمى 48.6%، فى حين بلغت عند ذوى التعليم الفنى 36%، وهذا يعني أن الشباب الجامعي ذوى التعليم العلمى أكثر ميلاً للتطرف السياسي مقارنةً بذوى التعليم الفني، والذين هم أكثر ميلاً للتطرف الفكرى عن ذوى التعليم الأدبي، وقد يكون السبب فى ذلك أن الدراسة العلمية تجعل التفكير فى اتجاهٍ واحد لدى البعض، وانعدام التفكير النقدي فيما يقرأون.

مظاهر التطرف الفكرى لدى الشباب

توصلت الدراسة إلى أن مظاهر التطرف الفكري عند الذكور تختلف عنها عند الإنات من حيث الترتيب، فكان ترتيبها عند الذكور رفض المناقشة وتبادل الرأي، ثم الغلظة في التعامل، ثم رفض آراء الأخرين، يليها الاعتقاد بأن أفكاره فقط هى الصحيحة ما يعنى احتكار الحقيقة، يعقبها سوء الظن بالآخرين، ثم فرض المعتقدات والأفكار، وأخيرًا التعصب ضد الثقافات الأخرى.

أما ترتيب مظاهر التطرف عند الإناث فكانت الميل إلى الإنعزالية، يليها رفض المناقشة وتبادل الرأي، ثم رفض آراء الأخرين، ثم فرض  المعتقدات والأفكار، يليها الاعتقاد بأن أفكارها فقط هى الصحيحة،  ثم الغلظة في التعامل،  يعقبها سوء الظن بالآخرين، وفى الترتيب الأخير التعصب ضد الثقافات الأخرى.

ومن الملاحظ اتفاق الذكور والإناث فى وجود مظاهر التطرف ولكن بمتوسطات مختلفة أعلاها الميل إلى الانعزالية، ثم  رفض المناقشة وتبادل الرأى، وقد يرجع هذا لطبيعة البيئة التى نشأوا فيها.

ولا شك أن ظاهرة التطرف الفكري لشباب سيناء تبحث عن حلولٍ إعلامية وثقافية في ظل غياب تأثير وتواجد وسائل الإعلام المصرية من صحف وإذاعات وقنوات تليفزيونية، واتجاه الشباب السيناوي إلى شبكات التواصل الاجتماعي أو الصحف الفلسطينية، كما تغيب وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف والأزهر عن المواجهة الفكرية للتطرف بأشكاله المختلفة في سيناء .. إن مواجهة التطرف الفكري في سيناء هو من أعمال السيادة الإعلامية والثقافية بشكلٍ خاص، وسيادة الدولة المصرية على جزءٍ غالٍ وثمين من تراب الوطن بشكلٍ عام.