و. انخفاض التأثير
الاقتصادي العالمي للإرهاب:
كان
التأثير الاقتصادي العالمي للإرهاب 33 مليار دولار أمريكي في عام 2018 ؛ انخفاض
كبير بنسبة 38 ٪ عن العام السابق مقارنةً بأشكال العنف الأخرى مثل القتل والنزاعات
المسلحة والنفقات العسكرية. فقد مثل الإرهاب نسبة مئوية صغيرة من التكلفة الإجمالية
للعنف التي بلغت 14.1 تريليون دولار في عام 2018.
ح. ميل
النزاعات المسلحة ذات المستويات المرتفعة من الإرهاب إلى الاستمرار لفترة أطول
وتكون أكثر فتكًا:
خلص التقرير إلى أن النزاعات التي كان أحد أطرافها مجموعة
إرهابية منذ البداية، كان متوسط طول النزاع 33 عامًا، في حين أن النزاعات التي لم يبدأ
المتمردون فيها كإرهابيين كان متوسط طولها 17 عامًا.
ط. زيادة مشاركة الإناث في التنظيمات الإرهابية:
بين عامي 1985 و 2018، كان هناك 300 هجوم انتحاري تضمن
امرأة واحدة على الأقل نجم عنها مقتل أكثر من 3000 شخص. وقد ارتفعت معدلات
مشاركتهن على مدى السنوات الخمس الماضية، حيث ارتفع عدد الهجمات الانتحارية الإناث
بنسبة 450% بين عامي 2013 و 2018. وعلى النقيض من ذلك، انخفضت الهجمات الانتحارية
من الذكور بنسبة 47% خلال نفس الفترة. ربما تعزى هذه الزيادة إلى عدم اكتشاف المهاجمات
الانتحاريات من قبل قوات الأمن بسهولة مقارنة بالمهاجمين الانتحاريين الذكور ومثال
على ذلك أن ما يقرب 80% من هجمات بوكو حرام في السنوات الخمس الأخيرة نفذتها إناث.
ثانيًا-
الدلالات
أ. نجاح الجهود الدولية في جعل الموجة الرابعة من العنف الإرهابي الأقل من
حيث عدد الضحايا:
حدثت أربع موجات من العنف الإرهابي منذ 11 سبتمبر 2001،
شهدت الموجة الأولى التي تمتد من 2002 إلى 2007 زيادة في عدد الحوادث والوفيات،
بينما تضمنت الموجة الثانية انخفاضًا طفيفًا في الفترة من 2007 إلى 2011 تلاها
ارتفاعًا هائلًا في عدد أعمال العنف والوفيات الناجمة عنها في الموجة الثالثة
(2012-2014) بسبب ظهور عدة جماعات إرهابية مثل داعش وشباب المجاهدين، وكذلك اندلاع
الربيع العربي والموجة الرابعة في الفترة من 2014 وحتى منتصف 2019 شهدت انخفاضًا حادًا في الحوادث
والإصابات. يرجع هذا الانخفاض إلى عدة عوامل منها الهجمات التي تعرضت لها داعش،
تعزيز الأمم المتحدة والعديد من الحكومات أنشطتها في مجال مكافحة الإرهاب، بما في
ذلك المنتدى العالمي للإنترنت لمكافحة الإرهاب (GITFCT) ومبادرات مكافحة الإرهاب التي تضم
أكثر من 100 شركة تقنية. وربما تكون الاستثمارات الضخمة في مكافحة الإرهاب والشرطة
والاستخبارات قد أسهمت في تعطيل الشبكات الإرهابية والمؤامرات في مناطق عدة مثل أمريكا
الشمالية وأوروبا الغربية.
ب. ظهور تهديدات إرهابية جديدة:
رغم تراجع تأثير
الجماعات الحالية مثل داعش وبوكوحرام تشمل المقاتلين الأجانب والمسلحين
الذين يغيرون تركيزهم من الشرق الأوسط وأوراسيا في أعقاب الخسائر المادية الأخيرة
التي لحقت بداعش في سوريا والعراق. كما أنه سيتم إطلاق سراح العديد من المقاتلين
الأجانب والدعاة الإرهابيين المسجونين على مدار السنوات العشر إلى العشرين الماضية
قريبًا (خاصة في أوروبا)، مما يثير مخاوف جديدة. يُضاف لذلك تنامي النشاط
الإرهابي في مناطق جديدة مثل جنوب وجنوب شرق آسيا، ولا سيما
الهند وميانمار والفلبين وسريلانكا وتايلاند.
يضاف لذلك ظهور الإرهابي الفرد الذي لا يكون عضوًا بجماعة إرهابية
معينة فقد نفذ ما يقرب من 60 % من الهجمات اليمينية المتطرفة من 1970 إلى 2018 من
قبل أفراد غير منتسبين، مقارنة بأقل من 10 % لكل من الجماعات الإرهابية اليسارية
المتطرفة والانفصالية.
ج. لا يزال هناك عدد كبير من الحوادث
والإصابات الإرهابية في عدد صغير من البلدان ويرتكبها عدد محدود من الجماعات.
تحدث
الغالبية العظمى من الأحداث والوفيات في عدد صغير من البلدان أبرزها العراق
وأفغانستان وسوريا والصومال وباكستان وأوكرانيا ونيجيريا وبدرجة أقل مصر واليمن
والهند والفلبين وميانمار مسؤول عن العمليات بها خمس مجموعات فقط من داعش وطالبان
والشباب وبوكو حرام وجمهورية دونيتسك الشعبية وهو ما يدعو للقلق حيث إن هذه
الجماعات محدودة العدد يمكن أن تزداد خطورتها وآثارها المدمرة باستخدامها وسائل
متطورة والتي بدأت بالفعل في استخدامها كونها تجعل قدرتها على التأثير أكبر رغم
صغر عددها. فأضحت الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وبوكو حرام، شباب
المجاهدين بارعة في استخدام المنصات الرقمية لاستقطاب أعضاء جدد ونشر أفكارهم
بجانب القيام بالعمليات الإرهابية.
د. تغير الأساليب الإرهابية يزيد خطورة الظاهرة ويطيل
أمدها:
أصبح العديد
من الهجمات يتميز بتطور أقل من حيث التنظيم، ولكن تأثيرها أكبر من حيث الخسائر
البشرية. ففي السابق كانت تستخدم الأسلحة النارية والأسلحة الأخرى شائعة مثل الأجهزة
المتفجرة المرتجلة والعبوات الناسفة، ولكن الآن يتم استخدام تطبيقات الذكاء
الاصطناعي العسكرية مثل السيارات والشاحنات الصغيرة وحتى الطائرات بدون طيار التي
أضحت أكثر شيوعًا لأنها تحقق عدة مزايا أهمها صعوبة معرفة مصدر إطلاق الهجمات،
وصعوبة التتبع، زيادة القدرة التدميرية، قلة التكلفة بالمقارنة بالأسلحة
التقليدية. يُضاف لذلك إمكانية استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، خاصة
-ولكن ليس حصريًا- من قبل الجماعات الإرهابية المدعومة من الدولة. ففي التسعينات
استخدمت القاعدة الأسلحة الكيميائية والتي استخدمتها داعش أيضًا في الفترة بين
2015 و2017 في سوريا والعراق.
وختامًا؛
يمكن القول إن تركيز تقرير مؤشر الإرهاب العالمي على عدد الحوادث والضحايا أمر غير
كاف لتقدير انتشار الإرهاب حيث إنه يمكن أن يتسبب في إخفاء رصد مجموعة كبيرة من
التهديدات الفعلية والناشئة. فمعرفة ورصد الانخفاض العالمي في المعدلات الإجمالية
وفتك الحوادث الإرهابية هو أمر جيد ولكن ظهور الإرهاب اليميني العابر للحدود وليس
فقط المحلي، والإرهابي الفرد، والأجانب، وتطور الأساليب والأدوات المستخدمة هو
مدعاة للقلق، ويستوجب رصدها كونها تمثل تهديدًا كبيرًا. يضاف لذلك أن اختزال ظاهرة
الإرهاب في الجماعات الإرهابية فقط دون رصد إرهاب الدولة والإرهاب غير الجهادي يضيق
يؤدي لتجاهل تهديداتها المحتملة.