المركز العربي للبحوث والدراسات : الانتخابات الرئاسية... ومستقبل الإصلاحيين في إيران (طباعة)
الانتخابات الرئاسية... ومستقبل الإصلاحيين في إيران
آخر تحديث: السبت 22/05/2021 11:45 م علي فتح الله نجاد وأمين نعيني – عرض: مرﭬت زكريا
الانتخابات الرئاسية...

ثارت مجموعة من النقاشات المحتدمة بين التيارين الرئيسيين في إيران(الإصلاحيين والمعتدلين) مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 18 يونيو2021، وفي هذا السياق، يكشف الكاتبان عن أن هوية المعسكر الإصلاحي ومستقبله السياسي بات موضع شك إيران؛ حيث يريد البعض الاقتراب من مواقف المحافظين بينما تكرر أقلية أخرى شعارات تمتد إلى ربع قرن دون تقديم مقترحات ملموسة حول كيفية تحقيقها.

فمنذ عام 1997، عندما فاز محمد خاتمي في الاستحقاقات الرئاسية التى عقدت في هذا العام، سعى الإصلاحيون إلى عدد من التغييرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتمييز أنفسهم عن مراكز القوة الأخرى داخل الجمهورية الإسلامية. ومع ذلك، على الرغم من التطور الكبير في الأعراف الاجتماعية في إيران، فقد فشل الإصلاحيون في إضفاء الطابع المؤسسي على تغيير كبير في ظل ولايتي خاتمي (1997-2005) والرئيس الوسطي حسن روحاني (2013-2021). ومن هنا، تسبب فشل الإصلاحيين في تدهور حاد في سمعتهم ودعمهم السياسي، وكما قال أستاذ العلوم السياسية البارز في جامعة طهران صادق زيباكلام، لقد "فشلوا في تقديم بيان عملي يوضح من هم وماذا يريدون بالفعل".

والشاهد على ذلك، عندما ناقش اثنان من الإصلاحيين البارزين في منتصف أبريل، بشدة مفهوم الإصلاح ذاته على تطبيق وسائل التواصل الاجتماعي Clubhouse في المناقشة ، سأل رئيس بلدية طهران السابق غلام حسين كارباشي مصطفى تاج زاده ، وهو شخصية إصلاحية بارزة ونائب وزير سابق في عهد خاتمي، عن مصير الإصلاحات التي ساعد في تحقيقها، بعد ثلاثة وعشرين عامًا، حيث جاء التساؤل: ما الذي تريد إصلاحه وكيف تريد إصلاحه؟" ورد زاده على ذلك مُكرراً بعض  المُثل الإصلاحية دون تقديم حل عملي لتحقيقها.

ونظراً لضآلة الأمل في فوز الإصلاحيين أو المعتدلين بالرئاسة هذه المرة ، فإنهم يتطلعون إلى تجنب الانغماس في الإهمال التام؛ حيث  اقترح الناشط الإصلاحي "محمد أتريانفار "، وهو زميل مقرب من الرئيس الراحل رفسنجاني، أن يسعوا إلى السيطرة على وزارة أو إدارة صناعة. وفي غضون ذلك، تم تقديم بعض المقترحات للمعتدلين للاحتفاظ ببعض النفوذ في الهيكل السياسي للجمهورية الإسلامية، من قبيل التركيز على قضايا الأمن القومي، لأنه إذا كان هناك خطر على البلاد، فلن يكون هناك فرق بين الإصلاحيين والمتشددين لأن "الجميع سيغرقون معًا".

وفي هذا السياق، كشف الناشط الإصلاحى  المخضرم إبراهيم أصغر زاده  عن أن الإصلاحيين الذين يتذوقون السلطة يصبحون أحيانًا محافظين وهذه المحافظة هي وباء الإصلاح، ومن هنا، أشارت صحيفة شرق الإصلاحية إلى أن الجو الانتخابي في معسكر الإصلاح لم يتضح بعد. وليس من المستبعد أن يمروا بجميع خيارات "المرشح الإصلاحي" في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات وأن يدعموا فجأة مرشحًا آخر، حتى وأن كان غير إصلاحيًا، كما فعلوا في عام 2013.

واللافت للانتباه في هذا السياق، أن هذا الموقف البراغماتي يتناقض مع الجهود الإصلاحية الطويلة الأمد، على أن يعد الاستثناء في ذلك هو الموقف الذي اتخذته العضوة السابقة في البرلمان وابنة رفسنجاني فايزة هاشمي، في تصريح لها عندما قالت: " أنا أكثر غضبًا من إدارة روحاني من المتشددين "، مضيفة " إن الغرض من الإصلاح هو إحداث التغيير وتحقيق الرخاء، وليس أن نكون أداة لخدمة الذات ".

وتجادل مدرسة فكرية أخرى داخل الإصلاحيين بأنه يمكن القضاء على هذا التراجع بعد فترة توقف يمكن فرضها ذاتيًا  فيما يتعلق السعي وراء السلطة، فعلى سبيل المثال، صرح عضو سابق في البرلمان ومرشح رئاسي محتمل وهو محمود صادقي"  يجادل البعض بأن نوع السياسة يجب أن يتغير وأن الإصلاحيين يجب أن يتنحوا جانباً لبعض الوقت ويعودوا إلى المجتمع حتى يتمكنوا من إحياء رأس مالهم الاجتماعي ". ويدعم هذا الرأي مجموعة من المؤيدين، لكن يعتقد البعض أيضًا أن الانسحاب من السياسة سيسبب ضررًا هائلاً للمعسكر الإصلاحي وسيوفر أرضية للقضاء التدريجي على هذا الفصيل.

وعليه، يُظهر هذا التوتر إحجامًا عميقًا عن الانسحاب من المنافسة على السلطة على الرغم من تضاؤل ​​الشعبية. ومع ذلك، قد يؤدي الفشل في التغيير إلى مزيد من التآكل في السمعة، وهو ما كشفه أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران صادق زيباكالام في تصريح له قائلاً:" فقد الإصلاحيون أكثر من 90 % من ثقة الجمهور، وإذا أرادوا دعوة الناس إلى صناديق الاقتراع بنفس الطريقة التي فعلوها في الماضي، سيفقدون بالتأكيد بقية ثقة الجمهور ".

وكتبت في ذلك أيضًا صحيفة أفتاب يزد اليومية الإصلاحية في أكتوبر 2020، في ذلك:"  كان الناس يحسبون على وعود الإصلاحيين بأن هناك فرقًا بين تفكيرهم وتفكير المتشددين، ولكن بعد أكثر من عشرين عامًا على تأسيس المعسكر الإصلاحي، لاحظ الناس أن الإصلاحيين لم يكونوا مصممين على وعودهم، وبالتالي، من الناحية العملية، لم يعد هناك فرق بين الإصلاحيين والمتشددين  ".

في الختام: يبدو أن إحياء ثروة الإصلاحيين أو المعتدلين يتطلب معجزة بناءًا على الموقف الحالي لكثير من الإيرانيين. ففي العقدين الماضيين ومنذ ظهور المعسكر الإصلاحي، بات من الواضح أن جميع القرارات الرئيسية المتخذة في كل من الشؤون الداخلية والخارجية تتبع العقيدة الرئيسية لـ "مصلحة النظام"، والتي تضع بقاء النظام السياسي فوق كل شيء آخر. وفي هذا السياق ، أثبت الإصلاحيون أنهم متعاونون مطيعون أكثر من كونهم عامل تغيير كما زعموا لفترة طويلة.

 

المصدر:

Ali Fathollah-Nejad and Amin Naeni, Iran’s ‘reformists’ contemplate their post-election future, Atlantic Council, MAY 13, 2021, available at https://www.atlanticcouncil.org/blogs/iransource/irans-reformists-contemplate-their-post-election-future/?fbclid=IwAR3H4TSKYf_-4YOltG1EV_zOq7sag2aIVzh_ac7NE_CzVk06OmgXYQ_xHQA