المركز العربي للبحوث والدراسات : إيران قد لا تكون في عجلة من أمرها للحصول على أسلحة نووية (طباعة)
إيران قد لا تكون في عجلة من أمرها للحصول على أسلحة نووية
آخر تحديث: الثلاثاء 06/07/2021 11:57 ص مايومي فوكوشيما.. عرض: أحمد سامي عبد الفتاح
إيران قد لا تكون

في الوقت الذي يشير فيه الزعيم الإيراني المقبل، الرئيس المنتخب إبراهيم رايسي، إلى تصلب سياسة طهران الخارجية، قد تصبح الفرص أقل بكثير للوصول إلى اتفاق نووي جديد بهدف وضع حد للأزمة النووية الإيرانية. بعد أن قام الرئيس الأمريكي بسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018 وقيام الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية قاسية، لجأت إيران إلى زيادة نسب تخصيب اليورانيوم خلف الحدود التي حددتها الإتفاق النووي. وجاءت هذه الخطوة كرد فعل على العقوبات الأمريكية بهدف ممارسة المزيد من الضغوط على الدول الغربية من أجل القيام بمهامها ومحاولة تخفيف آثار العقوبات الأمريكية على ايران. جميع الناقمين على الإتفاق الإيراني يطالبون بضرورة توقيع اتفاق جديد شامل من أجل تحديد مدى الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى، فضلا عن فرض المزيد من القيود على الدور الإيراني في الشرق الأوسط والذي يمثل تهديدا جوهريا لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. بالمقابل من ذلك، تصر ايران على عدم ربط اي اتفاق نووي بنشاطها في الشرق الأوسط وتعتبر ذلك أمرا سياديا لا يجوز منازعته.

يخبرنا التاريخ أن الدول التي تمتلك تكنولوجيا نووية، دون قنابل، تفضل أن تظل على هذه الحالة مع الاحتفاظ بقدرتها على إنتاج قنابل نووية في أي وقت. وهناك بعض الأسباب التي قد تجعل إيران تتبنى هذا النهج، خاصة أنها تمنح اصلاح الاقتصاد أهمية قصوى في الوقت الحالي بسبب مخاوفها من فقدان التأييد الشعبي، الأمر الذي قد يؤدي لإسقاط النظام الحاكم. ولذلك، يجب أن تكون المفاوضات الأمريكية مع إيران أكثر تقدمية، كما يجب على الأمريكيين أن يعرفوا تماما ما الذي يمكن أن يقدمونه لإيران.

القوى النووية المبكرة، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، على وجه الخصوص، صنعتا أسلحة نووية بأسرع ما يمكن. وبالنظر إلى الدول الأخرى من خلال عدسة التجارب الأميركية السوفياتية، قد يفترض صناع السياسات الذين يشيدون بسياسة منع انتشار الأسلحة النووية الأمريكية رغبة كل دولة نووية في الحصول على "الأسلحة المطلقة" في أسرع وقت ممكن، في غياب عقوبات منع انتشار الأسلحة النووية وأنظمة التفتيش الصارمة.

ولكن في السنوات الخمسين الماضية، سلكت دول كثيرة مسار تقليل قدراتها النووية التي تفوق قدراتها واحتياجاتها. وحتى بعض الدول التي انضمت في نهاية المطاف إلى النادي النووي مثل الهند لم تكن متأكدة من أهدافها النهائية وأمضت قدرا كبيرا من الوقت في مناقشة طبيعة برامجها النووية.

بعد تجربة الهند في عام 1974 لجهاز نووي، جلست نيودلهي على السياج النووي لمدة ستة عشر عاما قبل أن تبدأ أخيرا في التسليح في عام 1989. ولم تختبر كوريا الشمالية قنبلتها النووية الأولى حتى عام 2006، أي بعد أكثر من نصف قرن من إطلاقها برنامجها للأسلحة النووية، على الرغم من أن قدراتها النووية كانت متقدمة للغاية في عام 1993 لدرجة أن محللي الاستخبارات الأمريكية قدروا أن بيونغ يانغ طورت قنبلة نووية أو قنبلتين نوويتين بالفعل.

ومن الناحية السياسية، لم تثبت الأسلحة النووية أنها أداة قسرية مفيدة على نطاق واسع، حيث يصعب التهديد بمصداقية باستخدام هذه القوة التدميرية ما لم تكن ردا على تهديدات أمنية خطيرة. وعلى النقيض من ذلك، فإن التوقف عن بناء قنابل نووية مع الاحتفاظ بالتكنولوجيات ذات الصلة أو تحديثها يمكن أن يشتري نفوذا مساوما من الدولة غالبا ما يكون غير متناسب مع قدراتها. ويبدو أن هذا هو السبب في أن إيران تشارك حاليا في أنشطة نووية ليس لها مبرر مدني.

ومن الناحية الاقتصادية، فإن بناء ترسانة نووية عاملة وصيانتها مهمة مكلفة للغاية بالنسبة لمعظم الدول. وفقا للخبراء النوويين الأمريكيين وخبراء جنوب آسيا، أنفقت الهند وباكستان أكثر من 5 مليارات دولار على قواتهما النووية بحلول أوائل القرن الحادي والعشرين. وعلاوة على تكاليف التطوير الأولية، يتعين على القوى النووية أن تستمر في الإنفاق بكثافة لصيانة وتحديث أسلحتها النووية وأنظمة إيصالها لسنوات قادمة، وسرعان ما تتراكم هذه النفقات.

وتنفق القوى النووية الإقليمية مثل الهند وباكستان ما بين مليار وثلاثة مليارات دولار سنويا لهذه الأغراض. وتنفق فرنسا سنويا قرابة 6 مليارات دولار من أجل الحفاظ على فعالية برامجها وأسلحتها النووية. علاوة على ذلك، امتلاك السلاح النووي لا يحد من قدرة الدول على تطوير ترسانتها التقليدية، لأن الجميع يعلم جيدا أن استخدام الأسلحة النووية لن يتم إلا في حالات التهديد الأمني العليا.

                وبالإضافة إلى ذلك، لا تميل الترسانات النووية إلى تحقيق وفورات في القوات العسكرية التقليدية؛ بل إنها لا تؤدي إلى زيادة الترسانات النووية في القوات العسكرية التقليدية. وتواصل معظم القوى النووية الحفاظ على قدراتها التقليدية والارتقاء بها مع تحسين قواتها النووية في الوقت نفسه.

ومن الناحية الاستراتيجية، لا توفر الأسلحة النووية ضمانا للحماية، ما لم تكن مصحوبة بقدرات إيصال قوية بهدف مساعدة هذه القنابل على ضرب أهدافها في عمق أراضي المعتدي المحتمل ولا تتعرض للتدمير من قبل العدو بالضربة الأولى. وفي غياب أنظمة إيصال قابلة للبقاء بما فيه الكفاية، تجد دولة ناشئة مسلحة نوويا نفسها عادة في معضلة "استخدامها أو خسارتها". وكادت البرازيل والأرجنتين أن يذهبا الي سباق تسلح نووي، لكنّ الدولتين تمكنا من تجنب هذا الأمر.

في النهاية، قد تعمد بعض الدول إلى امتلاك تكنولوجيا نووية دون أن تمتلك قنابل نووية.وقد لا تكون ايران في عجلة من أمرها لامتلاك قنابل نووية في الوقت الراهن، ولكنها تريد بكل تأكيد أن تمتلك تكنولوجيا نووية قادرة على صناعة قنابل بأسرع وقت ممكن بهدف استخدام ذلك كورقة تفاوضية مع الغرب.  

 المصدر

Mayumi Fukushima, No-Go Negotiations: Iran may not be in a rush to get nuclear weapons. The national Interest. https://nationalinterest.org/feature/no-go-negotiations-iran-may-not-be-rush-get-nuclear-weapons-188540?fbclid=IwAR1mJftUibFv262Eibk6WOTKeAGs4bWvcCNGy_uTfEbCwEIrX7_oq5sIqU4