من عجائب بعض ما استمع إليه وأشاهد هذه الأيام, شائعات وأكاذيب واتهامات أن المؤسسة العسكرية قامت بدورها التاريخي في7/3 لتعود إلي الحكم!!
لا أحد ينتبه أن مخططات تخريب مصر التي تدار من الخارج والداخل لتدمير جسور الثقة التاريخية بين المصريين وجيشهم الوطني, أحدث وثيقة ما نشرته الوفد في1/30 الحالي بقلم لواء حسام سويلم عما كشفته روسيا في تقرير سري أمريكي عن خطة أوباما لإشعال حرب أهلية في مصر, وتوريط الجيش في مواجهات داخلية قبل2015 للإطاحة بالسيسي وتقسيم الدولة!! بذور الفتنة تحاول تشويه ما حدث في7/3, كأن المصريين لم يعيشوها ويصنعوها بأنفسهم, ويفرضوها بإرادة عشرات الملايين منهم!!
شهادة أقدمها للتاريخ وقد شرفت أن أكون واحدة من القوي الوطنية والسياسية التي شاركت في الساعات الست أو السبع التي خرجت عن القياسات المعتادة للزمن في الاجتماع مع قادة أفرع القوات المسلحة, يتقدمهم القائد الأعلي ووزير الدفاع, استغرقت السيارة يومها زمنا مضاعفا لسلك طرق بعيدة عن الشوارع والميادين التي أغلقتها الكتل البشرية الهادرة والغاضبة, كانت انتهت مهلة الأسبوع التي طالب فيها القائد العام المعارضة والنظام بصيغة توافق تحفظ أمن مصر والمصريين من الدخول في نفق مظلم, تجمع أنصار الجماعة في ميدان رابعة ـ أكثر من22 مليون مصري وقعوا استمارات تمرد لسحب الثقة من الجماعة وممثلهم في الحكم وطالبوا برحيله طوعا وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة, أو أن يجهز نفسه لمحاكمة فورية ـ جبهة الإنقاذ ترفض مبادرة المؤسسة العسكرية للتوافق وتدشين جبهة30 يونيو التي دعت تمرد لتشكيلها لإدارة المشهد السياسي في6/30 وما بعده, ويطلقون خمس مسيرات إلي الاتحادية و4 إلي التحرير, ومسيرة من الأزهر إلي التحرير, وقتلي ومئات الجرحي, واشتباكات في4 محافظات, والجماعة تحشد حول القصور الرئاسية, ومسلحون يطلقون النار علي معتصمي التحرير.
> الأحد6/30 انتهاء مهلة الجيش للتوافق الوطني,9 مسيرات غاضبة من التحرير إلي الاتحادية, وثلاثة لاءات من الرئاسة للمصريين: لا حكومة جديدة ـ لا استفتاء ـ لا انتخابات مبكرة ـ لا تنازلات لحل الأزمة الحالية ـ لا تراجع في موقف الرئاسة الثابت في الدفاع عما يطلقون عليه الشرعية ـ مصر في خطر... انتشار القوات المسلحة قرب السجون والمنشآت الحيوية وقناة السويس, وطائرات حربية ترصد وتصور الحشود المليونية الغاضبة.
> الاثنين7/1 تقدمت المطالب وغادرت الاستفتاءات وتحولت إلي الشعب يريد إسقاط الإخوان ورحيل مرسي في القاهرة والمحافظات ـ متظاهرون يحرقون بوابة مقر الإخوان بالمقطم, وسقوط قتلي في الفيوم وأسيوط وبني سويف ـ انتشار الجيش في المناطق الحيوية لقطع الطريق علي حملة اعتقالات واسعة لسياسيين وإعلاميين, ومنع اقتحام مدينة الإنتاج الإعلامي, والجيش يعود لهدم الأنفاق الذي كان قد أوقفه مرسي ومنع تسلل مزيد من الغرباء إلي مصر, والقبض علي عناصر من القناصة, ومنع تكرار ما حدث في بداية الثورة في25 يناير2011 ـ أكبر مظاهرات في تاريخ مصر, والملايين في الميادين ارحل ـ مئات الآلاف أمام الاتحادية يهتفون بسقوط مرسي أول أيام الزحف ـ التحرير يفيض بالمتظاهرين ويعلنون الاعتصام ـ الحشود تمتد من سيمون بوليفار حتي دار القضاء العالي مطالبة بسقوط النظام ـ أول أبناء بورسعيد أول من طالبوا بإسقاط حكم الجماعة يواصلون الاعتصام بميدان الشهداء ـ إخوان القليوبية يطلقون النار علي المتظاهرين ـ في دمياط70 ألف متظاهر يحاصرون مبني المحافظة ـ ائتلاف7 مارس الآلاف من ضباط الشرطة انضموا للمتظاهرين في التحرير.
> الثلاثاء7/2 القيادة العامة للقوات المسلحة تكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميع48 ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن ـ يؤكد البيان أن الوطن لن يتسامح أو يغفر لأي قوي تقصر في تحمل مسئولياتها ـ مصادر سياسية تعلن أن بيان القوات المسلحة جاء بعد فشل مهلة الأيام السبعة للتوصل إلي إقناع رئيس الجمهورية وجماعته بالنزول علي رغبة الملايين وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
> الأربعاء7/3 رئيس الجمهورية يتمسك بالشرعية ويكررها74 مرة في خطاب لم يكن يعلم أنه الأخير, ويجدد رفض الاستجابة لمطالب ملايين المتظاهرين بتحديد موعد لانتخابات رئاسية مبكرة, وأن القوات المسلحة واجهته بصور الحشود الملتقطة من الجو لملايين30 يونيو فقال: إنه تدليس علي الواقع, وإنهم لا يزيدون علي160 ألفا! وماذا بعد.. هل تخذلهم قواتهم المسلحة؟ سؤال ذروة الغضب والانتظار والإصرار لعشرات الملايين, وماذا بعد تعالي تهديدات بأن يتوجهوا للمطالبة بإنهاء حكم الجماعة باقتحام القصور الرئاسية! احتمالات الخطر والصدام تتضاعف بين مؤيدي الجماعة والملايين التي قدمت مطالبها الرفض البات والقاطع لاستمرارهم في الحكم.
> هل لم يكن مفروضا علي القوات المسلحة بمسئولياتها القانونية والدستورية والوطنية في الحفاظ علي سلامة الوطن أن تستجبب لإرادة هذه الملايين؟! هل كان الحلم المتوحش للأعداء والمتآمرين والمخططين لإسقاط الدولة وتقسيم مصر أن يترك الجيش المصريين يغرقون في بحور من الدماء والصراع تتيح نجاح المخططات التي تتكشف أبعادها الخطيرة يوما بعد يوم, التي يعيد تجديدها مخطط التآمر الأمريكي الذي كشفته روسيا أخيرا للإيقاع بين المصريين ومؤسستهم العسكرية, وإشعال حرب أهلية في مصر قبل2015!!
> في ذروة زلزال6/30 كان اجتماع7/3 وسبق وأشرت إلي أن أكثر ما لفتني بين نقاط الاهتمام الأساسية للقائد العام ووزير الدفاع الخوف علي دماء المصريين, كان الشاغل الأول في تساؤلاته: كيف تتم الاستجابة لنداءات الملايين بأقل قدر من الألم والتوابع المهددة, وانقسامات وصراع, وهل يكون من بينها إجراء استفتاء علي بقاء مرسي أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة, وكانت الإجابة قاطعة: لا مجال للعودة إلي ما تجاوزته مطالب عشرات الملايين, وضرورة احترام وإنفاذ إرادتها.
> الجيش لم يطلب دورا أو حكما, ولكن أدي فريضة إيمانية ووطنية وقانونية ودستورية, وعشرات الملايين من المصريين هم الذين فرضوا إرادتهم.. أتحدث عن تاريخ ووقائع وأحداث لم يمض عليها العام بعد, فأي مجال لادعاءات واتهامات وشكوك تسهم بقصد أو دون قصد في تحقيق مخططات هدم وتقسيم وتآمر وإرهاب أسود, ويوم استجابت القوات المسلحة لإرادة عشرات الملايين لم تكن لقائد الجيش المصري الشعبية والجماهيرية التي له الآن, التي أتت بها متتاليات الأحداث عندما وجدت منه الملايين النموذج للقوي والأمين الذي تحتاج إليه بلاده في مرحلة مصيرية, وآمنت أنه يستطيع أن يقود سفينتهم وسط أنواء ومخططات الإرهاب والتقسيم والتآمر, ويواجه بشعبه العظيم ميراث نظامين أسبق وسابق, وكان الله في عون من يحمل أمانة وتكليف حكم مصر في أيام من أقسي وأصعب ما عرف تاريخها العميق والطويل.
نقلا عن الأهرام