المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
سكينة فؤاد
سكينة فؤاد

هل يصنع المصريون معجزة ثالثة؟

الأحد 18/أكتوبر/2015 - 12:44 م

حجم فرحة المصريين بفوز بلدهم بعضوية غير دائمة في مجلس الأمن، كشف عن اشتياق لتجدد الزهو والنصر بعد أن كنا نغرق في آبار الفساد والتخلف اللذين أصابا جميع جوانب الحياة، وسائر ما ترتب علي الجرائم التي ارتكبت بحق المصريين خلال عشرات السنين الماضية، ورغم أن مصر سبق أن فازت مستندة إلي تاريخها ومكانتها وحضارتها، ولكن الفوز هذه المرة بطعم انتصارات شعبها، وفرض إرادته في ثورتيه، وبعد التحديات المستحيلة التي واجهها وانتصر عليها داخليا وخارجيا علي مخططات إسقاط المنطقة، ومصر في القلب من المخطط أو جائزته الكبري، فوز يعلن إسقاط جبال الأكاذيب ، والمليارات التي دفعت لاستعداء العالم علي شعبها وثورته، وإيقاف استكمال مسيرتها لبناء مصر الجديدة، وبما يجعل الفوز تصحيحا لمواقف دولية كثيرة، وانتصارا جديدا لدولة 30/6، وللدبلوماسية الرئاسية، ولطواف للرئيس لم يتوقف حول العالم، وللدبلوماسية المصرية ووزيرها المحترم، وبما يدعم دورا منتظرا لمصر ولمصلحة شعوب قارتها والعالم العربي، وعلي جميع القوي المحترمة من الدول الشريكة احترام إرادة وسيادة الشعوب لإيقاف تمادي المخططات الأمريكية والصيهونية ووكلائهم من الجماعات الإرهابية، وتضميد جراح المنطقة، وإيقاف نزيف دولها وأبنائها، ومحاولة إيجاد فاعلية حقيقية للمنظمة الدولية في الأزمات العالمية.

> ومن انتصار في مجلس الأمن إلي أمل في أقل قدر من الألم، في معركة مجلس النواب المقبل!! أثق أن العملية الانتخابية لن يشوبها شيء، ولكن مخاوفي بما يمكن أن يقودنا إلي نتائج لا تقل خطورة!! أتحدث عما وضع فيه الناخب من أحجيات وتعقيدات وطلاسم تملأ المشهد الانتخابي، وإذا كان الناخب الذي يتوافر لديه قدر من المعرفة والثقافة الانتخابية، يبدو حائرا وظل حتي إعلان الصمت الانتخابي يتساءل من وكيف ينتخب وسط الحشد الهائل من المرشحين من الفردي والقوائم؟ عن القاعدة العريضة من الناخبين ناسنا البسطاء الذين لا يسعفهم معرفة بالتفاصيل والذين سيدخلون اللجان ليختاروا الرموز التي تم تحفيظها لهم، والصواب والخطأ وارد مع من يعرف، فماذا عمن لا يعرفون، وهل عرفوا في الأصل شيئا عن السادة المرشحين الذين يقاتلون الآن ليحصلوا علي ثقة وترشيح من لا يعرفون أغلبهم، وعن أحزاب لم يسمعوا عنها وعن برامجها الانتخابية!! وما يدعو أكثر للأسف أن الفقر والقضاء عليه أصبح البرنامج المشترك عند أغلبهم، كأن مقعد البرلمان كان الشرط لأداء واجب من أوجب الواجبات عمن تربحوا وكونوا الجانب الأكبر من ثرواتهم الطائلة من شراء واستثمار ممتلكات وثروات شعب وفق أحدث حوار للواء أبو بكر الجندي رئيس التعبئة والإحصاء (الوطن 16/10) أن الفقر وصلت معدلاته إلي 26.3%، بينما وقائع الألم والعوز المصري تؤكد أن معدلات الفقر لابد أن تكون أكبر بما يمثل أيضا أن لدينا فقط 3.6 مليون عاطل.

الشعب الذي يعاني هذه المعدلات من الفقر والبطالة، هل صحيح ما نشر حول المبلغ الذي ستخصصه المالية لصعود بعض من لم يرحموا آلام وأوجاع الشعب؟ هل المبلغ 1.5 مليار جنيه؟!! الخطر الأعظم من حجم المبلغ الذي سيقتطع في وقت تلوح نذر ارتفاع الديون الخارجية والدين الداخلي أن ننجز انتخابات تأتينا مطورة ومحدثة من سطوة نفوذ المال علي الحكم إلي جانب الطبقات الأحدث من جماعات التطرف والفاشية الدينية.

أعرف ان استكمال خريطة الطريق ومؤسسات دولة 30/6 ضرورة حياة، لكن للأسف لم تتخذ إجراءات قانونية واجبة لتأمين الحاضر والمستقبل، ولم تشيد علي الأرض قواعد لأحزاب مدنية وقوي شبابية تمثل الثورة، وتؤمن وتسعي لتحقيق أهدافها، وتستطيع الملايين التي خرجت واستردت ثورتها في 30/6 أن تحتمي بها وتيسر اختياراتهم لمن يعرفونهم ويثقون أنهم سيكونون خير تمثيل لثورتهم، والأهداف التي خرجوا وماتوا من أجلها!!.

> مسئولية من ألا يوضع نظام انتخابي ييسر ويساعد الناخب ويحميه من الوقوع في أخطاء حتما سيقع فيها وسط تعقيدات المشهد الانتخابي، ويحترم الدستور وموقفه من الأحزاب الدينية، وعدم تفعيل ما قضت به الدائرة الأولي بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار المحترم يحيي الدكروري بقبول الدعوي المقامة من المحامي عصام الإسلامبولي لإلزام لجنة شئون الأحزاب باتخاذ الإجراءات القانونية لحل الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية، ومنعها من خوض الانتخابات البرلمانية، والتحقيق في دستورية 11 حزبا دينيا، واعتبارها أحزابا دينية مؤكدة وصريحة، ومهما ادعت آنها سياسية فهى مخالفة دستوريا، ومشاركتها الانتخابية محل طعن مؤكد، أيضا ألم يكن من أوجب الواجبات الوطنية وضع قواعد وشروط دقيقة لاشتراك أعضاء الحزب الذين استقوي بهم واعتمد عليهم من دمروا مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وزراعيا وصحيا وتعليميا خلال عشرات السنين الماضية؟!! كل الطرق تركت مفتوحة لهم ليعودوا ويسيطروا ويتسيدوا!!.

> أثق أن عشرات الملايين من المصريين الذين دفعوا الدم والحياة لاسترداد بلدهم وكرامتهم، وأمن لقمة عيشهم وحاضرهم ومستقبلهم، وخدعوا في جماعة كادت تبيع تراب وطنهم، وتدمر هويتهم الإيمانية والحضارية والثقافية، وخرجوا في 30/6 ليستردوها من خاطفيها، وواصلوا دفع الدم والحياة، ووقفوا مع جيشهم الوطني في حربه ضد إرهاب كان من أهم أدواته الاستقواء والتفكيك والتمكين، يعرفون مدي أهمية استكمال خريطة الطريق، وفريضة خروجهم لانتخاب نواب يعبرون عن آمالهم وآلامهم وأحلامهم وتطلعاتهم، ولكن للأسف أنهم في الوقت الذي لا ينقصهم الوعي الوطني، يفتقدون المعلومات ووضوح الرؤية، وسبل الاختيار السليم وسط المشهد المؤسف لغزوات الثروات وكثافة الحملات الدعائية التي تتدفق من جميع وسائل الإعلام والإعلان، بينما تحت طبقات الفقر والظلم والتجريف والأمية، وغياب أولويات استحقاقات الحياة والمواطنة، يواصل التمدد جماعات التطرف الديني، منظمة وجاهزة للانقضاض لاستعادة ما يتوهمون أنه ضاع من بين أيديهم.. فالأيدي واحدة مهما اختلفت المسميات.

> في هذه اللحظات المصيرية من عمر الثورة، وحيث ضرورة استكمال خريطة الطريق واختيار أخطر مجلس نيابي في تاريخ مصر ستحدد به مصائر أشياء كثيرة، هل ترك المشهد بلا ضوابط قانونية حامية لإرادة ولاختيار عشرات الملايين للوصول إلي النتائج المؤسفة والمهددة التي لابد أن تترتب عليه؟! مرة أخري نعم.. أعرف أن عشرات الملايين من المصريين أسقطوا نظامين في أقل من ثلاث سنوات، ويستطيعون أن يوقفوا من يريدون إعادة اختطاف ثورتهم، ولكن السؤال وسط هذا المشهد الملتبس والمرتبك: هل تتاح لهم الفرصة والإمكانات والمعلومات والوعي لاختيار من يليقون بتمثيل كل ما فعل من معجزات؟!!.

> أرجو أن تخيب هواجسي وشكوكي ومخاوفي، وتنتصر إرادة شعب طيب وعظيم رغم ما ارتكبه بحقه من قصروا وأخطأوا عندما لم يساعدوه علي اختيار من يمثلونه تمثيلا صادقا وأمينا، ويجسدون ثورته وأهدافها، وينتمون إلي تاريخ آلامه ومعاناته، ولا يسعون وراء السلطة والنفوذ لدعم أطماع ومصالح تعمق وتضاعف دوائر الخطر والتهديد التي يعيش داخلها المصريون، ورغم كل التحديات شارك بقوة، فليس بعيدا أن يصنع المصريون معجزتهم الثالثة ويأتون بمجلس نيابي يليق بهم وبها.

 الأنباء المتواترة عن أزمة اقتصادية، وما أعلنه رئيس مجلس الوزراء وفق المنشور عن السعي لاقتراض 4 مليارات دولار من البنكين الدولي والإفريقي بكل مهددات الاقتراض والاتهامات الموجهة إلي السياسات النقدية، وانعكاسات الأزمة علي المواطنين وعلي الأسعار التي هي بالفعل »نار«!! ألا تفرض مصارحات بلا تهويل ولا تهوين بأبعاد الأزمة وأسبابها والمسئوليات المطلوب تحقيقها من الدولة، ومن المواطن، لا أعرف هل لم يسمع السادة أصحاب المليارات بالأزمة؟ وهل لم يفرض عليهم ضميرهم الوطني بكل ما أعطاه هذا الوطن أن يتقدموا ويقدموا فروض المشاركة في تخفيف الأزمة، وهم يعرفون جيدا قدر التحديات والمخاطر التي تتربص لتستكمل المخططات الآثمة لإيقاف قدرته علي النمو الثقافي والبناء والتنمية، أم أن الفرار إلي الخارج بما أخذوا ليلحقوا بمن سلبوا ونهبوا وما أخذوا من دم ولحم هذا الشعب دون أن يجدوا من يحاسبهم، أولي من عقد مؤتمرات اقتصادية يتسابق إليها وزراء لإطلاق تصريحات ملونة ومبهرة تتناقض مع نذر الأزمة أن يتشارك الأمناء والخبراء في البحث عن حلول، وكيف لا نحمل الآثار المتوقعة للملايين الذين طال حرمانهم، وأين التشريعات التي تتصدي للفساد المالي وترد الحقوق المنهوبة لأصحابها، وكيف نرتب الأولويات والضرورات، ونوقف مظاهر السفه وفجور الإنفاق.. وإدارة الاقتصاد لمصلحة الأقوي والأقدر!!. نقلا عن الأهرام

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟