المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
آلان بارلويه
آلان بارلويه

هل نستطيع التدخل عسكرياً في ليبيا ؟

الأربعاء 04/فبراير/2015 - 12:02 م

بعد ثلاث سنوات على سقوط معمر القذافي، ما زال السؤال مطروحاً حول إمكان القيام بعملية دولية في ليبيا لوضع حد للفوضى، رغم عدم ظهور جواب عنه. وتلتقي الآراء على اعتبار ليبيا «ثقبا أسود». ويشدد العقيد في سلاح البر (الفرنسي) الباحث ميشال غويا على ان البلد «في طريقه الى الصوملة، مع اختلاف رئيس هو ان الصومال الجديد هذا يهدد في شكل مباشر الدول الغربية، خصوصاً فرنسا».

للفوضى الليبية وجوه عدة. ثمة برلمانان في الشمال وحكومتان متنافستان تتعايشان منذ الصيف الماضي في طرابلس وطبرق-برلمان وحكومة طرابلس قريبان من الميليشيات الإسلامية، واللذان في طبرق يحظيان باعتراف المجموعة الدولية. وانطلقت لعبة تحالفات بين هاتين السلطتين وبين الميليشيات القوية التي تتقاتل للسيطرة على المدن وعلى مكامن النفط. وجرت مفاوضات في جنيف بإشراف الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص برناردينو ليون، في محاولة لتشكيل حكومة وحدة وطنية. ورغم اعلان تحالف ميليشيات «فجر ليبيا» والجيش الموالي (لحكومة طبرق) وقف اطلاق نار كبادرة دعم للمفاوضات، فإن عوامل انعدام الاستقرار القوية ما زالت قائمة. العوامل الجغرافية والقبلية والسياسية سهلت تمدد الجماعات الجهادية. وتضرب جماعة «انصار الشريعة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي» جذورها في بنغازي. أما درنة فهي المدينة الأولى في افريقيا التي اعلنت الولاء لـ «الدولة الإسلامية» في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي.

وانقلب الجنوب الليبي «ملتقى» ارهابياً وتسعى القوى الشمالية الى الاستفادة من الصــــدامات القبلية التي لا يمكن السيطرة عليها. وارتبطـــت «فجر ليبيا» بالطوارق في صراعهم ضد قبــــائل التوبو للسيطرة على واحة عرابي وحقل «الشرارة» النفطي. وباتت فزان نقطة الانطلاق لكل التجارات الصحراوية (في السلاح والمخدرات والبشر...). كما تشكل المنطقة «قاعدة خلفــية اقتصادية وعملانية للقاعدة و»المرابطين» (الجماعة الجهادية السلفية النشطة في شمال مالي والنيجر)»، كما يؤكد غويا. وظهر إياد آغ غالي، زعيم جماعة «انصار الدين» والشخصية الرئيسة بين جهاديي الساحل في درنة. ويرسل الركود الليبي موجتَي صدمة الى الشمال والجنوب، ما يمس الأوروبيين مساً مباشراً.

خيارات الاستقرار في ليبيا محدودة. وفي اطار بحثها عن محاورين يتسمون بالقدرة التمثيلية والشرعية، حددت المجموعة الدولية الحل السياسي أولوية لها. وعلى رغم الاجتماع الذي عقد أخيراً في جنيف، فإن نتائج جهود الوساطة التي تتولاها منذ أيلول (سبتمبر) الماضي بعثة مساندة الأمم المتحدة في ليبيا، ما زالت نظرية جداً. في وسع الأمم المتحدة ان تعـــمل لتــعزيز العقوبات على الجماعات المسلحة وفـــق ما جرى التصويت عليه في آب (اغسطس) الماضي، لكن عملية دولية لفرض الاستقرار تبــدو في المرحلة هذه غير مطروحة للبحث. وعلى رغم تعاون روسيا في مكافحة الإرهاب الا ان استياءها من طريقة التدخل الدولي في 2011، يرجّح أن يحول دون تفويضها مجلس الأمـــن السماح للدول الغربية بالتدخل. ويخشى الأميركيون الذين ما زالوا يحتفظون بالذكرى الأليمة لاغتيال سفيرهم في بنغازي في أيلول 2012، تطور الأمور «على الطـــريقة العراقية». ويقول مدير «مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية» كميل غران: «لن يفتحوا جبهة ثانية». وتضاف الى حدود العمل الديبلوماسي والسياسي عوائق عسكرية. ويوضح العسكري السابق، الديبلوماسي والمتخصص في ليبيا باتريك حاييمزاده ان «وجود القوات الأجنبية سيولد تــــوترات مع المجموعات الرافضة لحضورنا في مناطقها. وسيكون من العسير نشر قـــوات على الأرض في بلد كبير تزيد مساحته على ضـــعف مساحة فرنسا، ناهيك عن السيطرة على المناطق المدنية حيث لن نكون موضع ترحيب».

ويرفض وزير الدفاع الفرنسي تحديد هل يأخذ أي «عمل» فرنسي شكلاً عسكرياً. فدور المجموعة الدولية ما زال هو المفضل من دون اسقاط امكان حصول تدخل عسكري على صورة عملية محددة الهدف. وضمن هذا التصور نشرت قوات في النيجر ومالي.

في ما يتعلق بتدخل جيران ليبيا، فقد دعا في 19 كانون الأول (ديسمبر) رؤساء «مجموعة دول الساحل الخمس» (تشاد وموريتانيا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو) الى التدخل. وحض الرئيس التشادي ادريس ديبي حلف «الناتو» على «انهاء العمل» الذي تركه غير منجز في 2011. وتملي هذا الخطاب جداول الأعمال الوطنية ولم يكن لإثارة غضب المسؤولين في باريس. وتتمنى تونس التي تؤوي مليون لاجئ ليبي حصول «عمل مناهض للإرهاب» في ليبيا. وتمسك مصر أيضاً جارها بقوة، ودعمت في آب الماضي غارات ضد مواقع «الدولة الإسلامية» في ليبيا. اما الجزائر اللاعب الأساس في المنطقة، فتعارض أي تدخل خشية تدفق الجهاديين نحو حدودها. ويقول باتريك حاييمزاده ان «تدويل الأزمة الليبية بدأ فعلاً». وفي رأيه ان تدخلاً أجنبياً ينطوي على خطر «إنهاء سيادة ليبيا الموحدة على أراضيها».

نقلاً عن الحياة

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟