المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

وضع قلق: قراءة في المشهد اليمني بعهد الهدنة الإنسانية

الثلاثاء 19/مايو/2015 - 10:38 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
إبراهيم نوار
استطاع التحالف السياسي والعسكري بين ميليشيات عبد الملك الحوثي المدعومة من إيران وبين القوات اليمنية الموالية للرئيس المخلوع علي عبد اللـه صالح، أن تحرز خلال أيام الهدنة الخمسة تعزيزا لمواقعها على الأرض في عدن وتعز والضالع، وهي المدن الثلاث الرئيسية التي لا تزال تقاوم انقلاب الحوثي وصالح على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المقيم حاليا في منفاه الاختياري في المملكة العربية السعودية. وعلى العكس من ذلك فقد خسرت المقاومة الشعبية المستقلة التي تقاتل ميليشيات الحوثي وصالح مواقع مهمة على الأرض خصوصا في عدن. بينما يشتد القتال في تعز بين المقاومة المستقلة وبين ميليشيات الحوثي وصالح.
وعلى صعيد عمليات  الإغاثة الإنسانية، فقد حقق تحالف الحوثي وصالح نجاحا ملموسا في توزيع مواد الإغاثة الغذائية والطبية إضافة إلى الوقود، حيث يسيطر التحالف على مطارات وموانئ صنعاء والحديدة والمخا وميدي، ويتحكم عمليا في ميناء ومطار عدن، حيث يحرم الطرف الآخر من استخدام التسهيلات المتاحة فيهما. ولاتزال مدينة البريقة التي تحتضن مصفاة نفط عمان عصية على تحالف الحوثي وصالح حتى الآن. ومع ذلك فإن قوات وميليشيات تحالف الحوثي وصالح تتقدم بمساعدة من ميليشيات القاعدة المرتبطة بالرئيس المخلوع من عدة اتجاهات في محاولة للسيطرة على البريقة، وعلى رصيف الحاويات في ميناء عدن الذي لا يزال هو الآخر تحت سيطرة المقاومة الشعبية.
وحتى الآن لم تستطع منظمات المجتمع المدني ومنظمات الإغاثة الدولية وكذلك منظمات الأمم المتحدة المعنية بتقديم المساعدات القيام بدور حاسم في داخل اليمن على صعيد تجميع وتوزيع المساعدات الإنسانية. وبينما تتمتع المناطق الموالية لتحالف ميليشيات الحوثي وصالح أو الخاضعة لها بمزايا وصول إمدادات الإغاثة الإنسانية، فإن المدن والمناطق المقاتلة ضد هذه الميليشيات مثل عدن والضالع والبريقة ويافع تتعرض لضغوط شديدة ولحملة تجويع وتركيع من جانب الحوثيين وميليشيات صالح الذين يسيطرون عمليا على معظم طرق الإمدادات في كل أنحاء اليمن.

لم تستطع منظمات المجتمع المدني ومنظمات الإغاثة الدولية المعنية بتقديم المساعدات القيام بدور حاسم في داخل اليمن على صعيد تجميع وتوزيع المساعدات الإنسانية
أولا- تحدي سفينة الإغاثة الإيرانية
وبينما تبحر سفينة شحن إيرانية (إيران شاهد) التي تزعم سلطات طهران أنها تحمل 2400 طن من المساعدات الغذائية و100 طن من الأدوية والمساعدات الطبية في طريقها إلى ميناء الحديدة، فإن سلطات التحالف العربي تهدد باعتراض السفينة وتفتيشها، وتدعو إيران إلى التزام قواعد تسليم المساعدات عن طريق مركز الإغاثة.  الدولي في جيبوتي الذي ساعدت دول الخليج على إقامته وتشرف عليه الأمم المتحدة. وقد تتحول هذه السفينة إلى شرارة تشعل نيران مواجهة بحرية مؤلمة قبالة سواحل اليمن بين القوات البحرية لدول التحالف العربي وبين السفن الحربية الإيرانية التي ترافق السفينة. وتعتبر إيران أن وصول سفينتها إلى ميناء الحديدة تحديًا رئيسيًا، وتهدد بشن حرب كبرى إذا اعترضتها السفن الحربية العربية. وقالت إيران إن توجيهات صدرت إلى المدمرة (البرز) وإلى حاملة الطائرات الهيلوكبتر (بوشهر) الموجودتين في المياه الدولية قبالة خليج عدن للإستعداد لمرافقة سفينة الشحن الإيرانية إلى ميناء الحديدة في حال الطوارئ.
إن الأمم المتحدة تسعى بقوة إلى نقل الحوار إلى جنيف ودعوة الفرقاء اليمنيين إضافة إلى كل من السعودية وإير ان للمشاركة في حوار سياسي يهدف إلى رسم معالم الطريق
ثانيا- مؤتمر الرياض
بدأ مؤتمر الرياض لمساعدة اليمن بمشاركة قوى سياسية يمنية يتقدمها حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) وشخصيات من حزب المؤتمر الشعبي العام غير موالين للرئيس المخلوع علي عبد اللـه صالح وقوى سياسية أخرى من الشمال والجنوب وزعماء قبليون بهدف وضع خريطة طريق لحل الأزمة في اليمن. ولم يشارك في المؤتمر ممثلون عن تحالف الحوثي، وصالح الذي يملك مزايا نسبية كثيرة على الأرض. وعلى الرغم من أن الممثل الخاص الجديد للأمين العام للأمم المتحدة ولد الشيخ شارك في جلسة افتتاح المؤتمر، فإن الأمم المتحدة تسعى بقوة إلى نقل الحوار إلى جنيف ودعوة الفرقاء اليمنيين جميعا وعلى قدم المساواة إضافة إلى كل من السعودية وإير ان للمشاركة في حوار سياسي يهدف إلى رسم معالم الطريق لإعادة الإستقرار إلى البلاد التي تعاني من أخطار استمرار الحرب والتقسيم.

ومن الصعب تصور نجاح حوار يمني بدون مشاركة كل من ممثلي علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي في ظل توازن القوى الراهن على الأرض. ولذلك فإن الحوار الذي يجري حاليا في الرياض لن يكون بمقدوره التقدم إلى حل سياسي. وربما يكون الحد الأقصى الذيي يستطيع هذا المؤتمر إنجازه هو تنسيق جهود الإغاثة في المناطق التي تسيطر عليها القبائل حتى الآن وفي المناطق التي لا تزال تقاوم سيطرة تحالف الحوثي وصالح في عدن وتعز والبريقة والضالع ويافع وغيرها.
وهناك بعض الأسئلة الحيوية المعلقة التي ربما يستطيع مؤتمر الرياض أن يقدم إجابات عنها مثل كيفية إقامة سلطة إدارية متماسكة على الأرض في المناطق المقاتلة وغير الخاضعة لنفوذ الحوثي وصالح تقوم بمهام الإدارة وتوفير الأمن والحماية وإدارة أمور الصحة والتعليم وغيرها من المهام الحكومية. وكذلك كيفية إقامة قيادة عسكرية موحدة ومتماسكة وفعالة في مناطق المواجهة مع تحالف الحوثي وصالح. وحتى الآن لا يتضح على وجه التحديد الدور الذي يقوم به المجلس الموحد للمقاومة الذي يرأسه نايف البكري وكيل محافظة عدن الذي يدين بالولاء للرئيس عبدربة منصور هادي وتسانده المملكة العربية السعودية. إن إقامة وتعزيز إدارة حكومية قوية على الأرض وإنشاء مجلس وطني موحد للمقاومة يضم قيادات شباب اللجان الشعبية وقيادات القبائل والقيادات العسكرية من المتقاعدين السابقين والقيادات الحكومية الموالية للرئيس هادي، هما مهمتان حيويتان يتعين على مؤتمر الرياض تقديم إسهامات جدية بشأنهما.
من الصعب تصور نجاح حوار يمني بدون مشاركة كل من ممثلي علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي في ظل توازن القوى الراهن على الأرض
ثالثا- المناطق الحدودية الملتهبة
تعتبر الحدود البرية الجنوبية للسعودية خصوصا في إمارات عسير ونجران وجيزان من المناطق المرشحة للاشتعال في الأسابيع المقبلة في حال عدم التوصل إلى اتفاقات بمساعدة دولية لتهدئة الأزمة اليمنية ووقف القتال على كل الجبهات وليس الطلعات الجوية السعودية فقط. وإذا فشلت جهود دولية في هذا السياق أو تفاعست القوى الدوليةعن القيام بمسئوليتها في وقف القتال فإن الحرب اليمنية ستدخل مرحلة جديدة أشد عنفا عما كانت عليه منذ بدأت. لقد أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2216 والذي يقضي بوقف العمليات العسكرية في اليمن والإفراج عن المختطفين والمعتقلين وإعادة أسلحة الجيش اليمني إلى الثكنات والبدء في مفاوضات بين القوى السياسية من أجل البدء في وضع خطة لمرحلة نتقالية على أسس مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات الأمم المتحدة.

إن الحد من احتمالات التهاب الموقف العسكري يرتبط أيضا بحل مشكلة سفينة الشحن (إيران شاهد) وإلزامها باحترام قواعد الهدنة وتسليم مواد الإغاثة التي تحملها إلى الأمم المتحدة لتتولى المنظمة الدولية مسؤولية توزيعها في كل أنحاء اليمن  وليس في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين فقط. وقد يؤدي الفشل في ذلك إلى نشوب حرب بحرية بين إيران من ناحية وبين القوات البحرية لدول التحالف العربي من ناحية ثانية قد يتسع نطاقها في الخليج.
لقد دخلت الحرب اليمنية منعطفًا حرجًا منذ قمة الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي التي دعت إلى الانتقال بسرعة من أسلوب المواجهة العسكرية إلى أسلوب الحل السياسي السلمي. ومما قد يعقد الأمور أكثر وأكثر تداول أنباء غير مؤكدة عن أن تحالف الحوثي وصالح قد انتهى من نصب 3 صواريخ سكود في قاعدة العند العسكرية موجهة إلى الحدود السعودية، وهو ما يعني أن احتمالات توسيع نطاق الحرب أصبح أقوى من أي وقت مضى منذ 26 مارس 2015. 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟