المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

غياب التجانس: نحو أجندة تشريعية نسائية

الإثنين 29/فبراير/2016 - 11:10 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. يسري أحمد العزباوي
في ظل بيئة سياسية محلية وإقليمية ودولية معقدة ومتشابكة، تطرح عدة تساؤلات: ما طبيعة وحدود الدور الذي يمكن أن تلعبه السلطة التشريعية في الانتقال الديمقراطي؟ وهل تدرك النخبة التشريعية، حقًا، دورها في هذه المرحلة المعقدة من تاريخ الأمة المصرية، وهل هي قادرة على ممارسته في ظل الظروف الدولية والمحلية، وفي ظل مؤسسة رئاسة قوية، يتمتع فيها الرئيس بشعبية كبيرة؟ وهل يمكن تحقيق تنمية اقتصادية بمنأى عن تحقيق تنمية سياسية تلبى تطلعات الشباب؟ وغيرها الكثير من التساؤلات المطروحة على لسان المصريين والعرب الذين يأملون في عودة الدور والمكانة الريادية لمصر، والتي فقدت بفعل فاعل، وفي ظل غياب رؤية واضحة المعالم من جانب من تولى السلطة في العهود السابقة.
ومن دون الدخول في محاولة الإجابة عن التساؤلات السابقة، تحاول الورقة التي توجد بين أيدينا الإجابة عن تساؤل رئيسي يتمثل في: ما التحديات التي تواجه البرلمان بشكل عام والنساء خاصة، وما أولويات الأجندة التشريعية بين البرلمان والناخبين، هل تشكل توافق أم اختلاف في الأهمية، وما أهم مطالب النساء من هذا البرلمان؟

كان تمثيل الشباب والمرأة والمسيحيين في البرلمان أو المجالس المنتخبة هي إحدى الإشكاليات التي تواجه النظام السياسي المصري منذ ثورة 23 يوليو حتى الآن

أولا: النساء داخل البرلمان .. هل هن كتلة متجانسة!

كان تمثيل الشباب والمرأة والمسيحيين في البرلمان أو المجالس المنتخبة هي إحدى الإشكاليات التي تواجه النظام السياسي المصري منذ ثورة 23 يوليو حتى الآن. لذا عمل الدستور الجديد في مواده رقم 243 و 244 على التمييز الإيجابي لفئات ست، وهو ما تم ترجمته في نص المادة (5) من قانون مجلس النواب من تخصيص عدد من المقاعد لكل فئة من الفئات الست في القوائم الانتخابية، حتى يضمن تمثيلًا عادلًا ومناسبًا لكل فئة. ولكن واضح تمامًا بأن مفاجآت هذه الانتخابات لم تنته إلا بنهاية سعيدة لثلاث فئات من الفئات الست، هم المرأة والمسيحيون والشباب، حيث زادت نسبتهم في التمثيل على تلك التي ذكرها القانون.

وقد بلغ عدد النواب المنتخبين 568 نائبًا، فضلا عن 28 نائبًا قام رئيس الجمهورية بتعيينهم، وفقًا للدستور. وعلى الرغم من المفاجأة التي تحققت في المرحلة الأولى بحصول الأحزاب على أغلبية المقاعد الفردية، فإن الظاهرة سرعان ما تراجعت حيث حصلت الأحزاب السياسية على 243 مقعدًا، بواقع 42.8% في حين حصل المستقلون على 325 مقعدًا بواقع 57.2% من إجمالي عدد مقاعد البرلمان.

جدول يوضح إجمالي ما حصلت عليه الأحزاب

م

حزب

المقاعد الفردي

المقاعد القائمة

إجمالي المقاعد

النسبة إلى إجمالي المقاعد (568)

1

المصريين الأحرار

57

8

65

11.4

2

مستقبل وطن

43

10

53

9.3

3

الوفد الجديد

27

8

35

6.1

4

حماة وطن

10

8

18

3.1

5

الشعب الجمهوري

13

-

13

2.3

6

المؤتمر

8

4

12

2.1

7

النور

11

-

11

1.9

8

المحافظين

1

5

6

1

9

السلام الديمقراطي

5

-

5

0.9

10

الحركة الوطنية

4

-

4

0.7

11

المصري الديمقراطي الاجتماعي

4

-

4

0.7

12

مصر الحديثة

3

1

4

0.7

13

الإصلاح والتنمية

1

2

3

0.5

14

الحرية

3

-

3

0.5

15

مصر بلدي

3

-

3

0.5

16

العربي الناصري

1

-

1

0.2

17

التجمع

1

-

1

0.2

18

حراس الثورة

1

-

1

0.2

19

الصرح المصري

1

-

1

0.2

 

الإجمالي

197

46

243

42.8

المصدر: تم تركيب الجدول بمعرفة الباحث معتمدًا في ذلك على بيانات اللجنة العليا للانتخابات.

ملحوظة: قام رئيس الجمهورية بتعيين عضو لحزب الوفد وآخر لحزب التجمع من الـ28 الذين قام بتعيينهم.

تعتبر هذه هي المرة الأولى منذ ثورة يوليو 1952 التي لا يحقق فيها أي حزب أغلبية أو أكثرية مريحة داخل مجلس

من الجدول السابق: أولا، تعتبر هذه هي المرة الأولى منذ ثورة يوليو 1952 التي لا يحقق فيها أي حزب أغلبية  أو أكثرية مريحة داخل مجلس. فالحزب الوطني خلال آخر ثلاثة مجالس حصل على أغلبية بلغت نسبتها 85.8% في مجلس 2000، انخفضت إلى 68.6% في مجلس 2005، ثم ارتفعت مرة أخرى إلى 83.4% في مجلس 2010، كما أن حزب الحرية والعدالة في عام 2012 صاحب "الأكثرية" داخل المجلس يمثله 216 عضوا يشكلون 42.7% من أعضاء المجلس. ثانيًا، وصل عدد الأحزاب الممثلة داخل البرلمان إلى 19 حزبًا ليقل بذلك عدد الأحزاب الممثلة عن برلمان 2012 أربعة أحزاب فقط، حيث وصل عدد الأحزاب فيه إلى 23 حزبًا، وهو عدد لم يشهده برلمان منذ الثورة وربما قبلها. وبذلك يستمر عدد الأحزاب الممثلة في البرلمان مرتفعة عن برلمانات من قبل الثورة، حيث كان عدد الأحزاب الممثلة في مجلس الشعب عام 2000 و2005 خمسة أحزاب فقط، ارتفع في مجلس 2010 ليصل إلى سبعة أحزاب. 

ثالثًا، أن الأحزاب التي نالت شرف العضوية في برلمان 2015 الـ 19 منهم 16 حزبًا نالوا مقاعد في المرحلة الأولى من العملية الانتخابية، ثم استطاعت ثلاثة أحزاب هي الإصلاح والتنمية وحراس الثورة والتجمع أن تحصل على مقاعد في المرحلة الثانية. رابعًا، هناك أربعة أحزاب ممثلة بمقعد واحد فقط، في حين أن هناك ثلاثة أحزاب ممثلة بـ 153 مقعدًا وهي أحزاب المصريين الأحرار ومستقبل وطن والوفد. كما أن هناك ثلاثة أحزاب ممثل كل منها بأربعة مقاعد، وهي: مصر الحديثة والمصري الديمقراطي الاجتماعي والحركة الوطنية. رابعًا، هناك أربعة أحزاب ممثلة بعدد مقاعد ما بين 10 إلى 17 مقعدًا، وهي أحزاب حماة وطن 18 مقعدًا، والشعب الجمهوري 13 مقعدًا والمؤتمر 12 مقعدًا وحزب النور 11 مقعدًا.  وأخيرًا، استطاعت أحزاب المحافظين والسلام الديمقراطي في الحصول على 6 و 5 مقاعد على الترتيب.  خامسًا، لم يفز حزب المحافظين إلا بمقعد واحد فقط مقاعد على النظام الفردي، وكل مقاعده حصل عليها من المشاركة في قائمة حب مصر. وأخيرًا، هناك بعض المستقلين الممثلين في المجلس ينتمون في الأصل إلى بعض الأحزاب، مثل هيثم الحريري المنتمي لحزب الدستور

وبالنسبة لتمثيل النساء، فقد وصلت نسبة تمثيل المرأة من الإجمالي الكلي لمقاعد البرلمان 15.7% بعدد 89 سيدة، منهم 56 في تحالف دعم مصر، و 19 بالانتخاب المباشر و 14 بالتعيين.

جدول يوضح السيدات الفائزات حسب الانتماء الحزبي والمحافظات على المقاعد الفردي

المحافظة/ الحزب

المستقلين

المصريين الأحرار

السلام الديمقراطي

المؤتمر

الناصري

الإجمالي

القاهرة

2

1

0

0

0

3

الجيزة

1

0

0

1

1

3

الإسكندرية

2

0

0

0

0

2

البحيرة

1

0

0

0

0

1

أسوان

1

0

0

0

0

1

الدقهلية

1

1

0

0

0

2

الشرقية

3

0

0

0

0

3

الغربية

0

0

1

0

0

1

القليوبية

1

0

0

0

0

1

بور سيعد

1

0

0

0

0

1

دمياط

1

0

0

0

0

1

الإجمالي

14

2

1

1

1

19

المصدر: تم تركيب الجدول بمعرفة الباحث معتمدًا في ذلك على بيانات اللجنة العليا للانتخابات.

ومن الجدول، يمكن القول إننا أمام تكتل غير متجانس من النساء داخل البرلمان، حيث هناك انتماءات ومرجعيات سياسية مختلفة لهن جميعًا. فمن الـ 19 سيدة منتخبة هناك خمس سيدات ينتمون إلى أحزاب مختلفة و14 عضوا مستقلين. كما أن من 56 المنتمين لتحالف دعم مصر، عدد محدود منهم منتم لأحزاب والأغلبية الساحقة "مستقل"، وهو ما ينصرف أيضًا على النساء المعينات من قبل مؤسسة الرئاسة. وبالتالي نحن أمام أصناف متعددة من النساء من حيث المرجعية والتوجه السياسي، وهو ما ينصرف بالتأكيد على نمط تصويتهم داخل البرلمان، وأيضًا أجندتهم التشريعية المحتملة.  

ويوضح الجدول التالي نسبة عدد النائبات من إجمالي عدد المقاعد


البرلمان

عدد النائبات

إجمالي المقاعد

النسبة المئوية

1957

2

350

0.6

1960

6

350

1.8

1964

8

350

2.3

1969

3

350

0.9

1971

8

350

2.3

1976

6

350

1.2

1979

33

350

9.4

1984

37

448

8.3

1987

14

448

3.1

1990

7

444

1.6

1995

5

444

1.1

2000

7

444

1.6

2005

4

444

0.9

2010

64

508

13.1

2011/2012

11

508

2

2016

 89

 596

15.7


المصدر: تم تركيب الجدول بمعرفة الباحث

ومن الجدول يمكن القول أن نسبة تمثيل النساء في برلمان 2016 هي الأعلى على الإطلاق مقارنة ببرلمانات سابقة. وعلى الرغم من ذلك، فإن تمثيل النساء داخل البرلمان ما زال منخفضًا مقارنة ببرلمانات أخرى في أوربا وحتى أفريقيا.  

وصلت نسبة تمثيل المرأة من الإجمالي الكلي لمقاعد البرلمان 15.7% بعدد 89 سيدة، منهم 56 في تحالف دعم مصر، و 19 بالانتخاب المباشر و 14 بالتعيين

ثانيًا:  التحديات التي تواجه النساء داخل البرلمان

في الواقع، هناك سبعة تحديات أساسية تواجه النخبة التشريعية الجديد لعام 2016- 2021 بشكل عام، والنساء في القلب منها، والتي لا بد من العمل على حلها وخلخلتها من أجل القيام بالدور التاريخي المنوط بها في هذه الفترة الانتقالية، منها: الهجوم المستمر على البرلمان، التحدي الثاني، تفكك وتشرذم النخبة التشريعية، التحدي الثالث، قلة الخبرة أو الممارسة البرلمانية، التحدي الرابع، التحالفات الفئوية والجغرافية، التحدي الخامس، الأوضاع الاجتماعية، التحدي السادس، غياب الإجماع القومي في تدعيم وترسيخ الديمقراطية، التحدي السابع، قلة القدرات الاقتصادية وعبء الديون الخارجية والداخلية:
ويضاف إلى التحديات السابقة، هناك مجموعة من التحديات الخاصة بالنساء فقط، وهي:

أولًا: أن النساء، كما سلف القول، ليسوا كتلة متجانسة داخل البرلمان فهم ألوان سياسية شتى، وبالتالي بينهم اختلاف واضح في الاتجاه والتوجه السياسي، وأن بعضهن ولائه السياسي والحزبي أعلى من الولاء للنوع الاجتماعي.

ثانيًا: عدم وجود أجندة تشريعية محددة للنساء داخل البرلمان، وأن أجندتهم تقع في نطاق أجندة أحزابهم أو الائتلاف الذي أتى بهن إلى البرلمان، أو تتحدد وفقًا لما تمليه عليهم الحكومة.

ثالثًا: نظام التصويت داخل البرلمان، بمعنى أن النساء داخل البرلمان "كتلة مرجعة" وليس "كتلة مسيطرة" حيث تصدر قرارات والقوانين بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وبما لا يقل عن ثلث عدد أعضاء المجلس، وذلك ما عدا القوانين المكملة للدستور التي تصدر بموافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس([1]).

ثالثًا: الأجندة التشريعية بين البرلمان والناخبين

لا شك في أن النظام الانتخابي فرض مجموعة من التحديات على نائب البرلمان، بحيث جعله نائب يسعى طوال الوقت من أجل مصلحة دائرته الانتخابية فقط، وأن يقوم بتلبية احتياجاهم الأساسية، بل والشخصية أيضًا. وعلى الرغم من ذلك فإن أعضاء البرلمان يجب عليهم أن يعلموا تمامًا، التالي: أولا، أن الأصل في النائب هو نائب للأمة ككل، وأن هدفه من دخول البرلمان هو التشريع والرقابة على أعمال السلطتين (القضائية والتنفيذية). ثانيًا، بأن هذا البرلمان يأتي عقب ثورتين، وما زالت هناك الكثير من الآمال المنعقد على مجلس النواب للاستجابة للاحتياجات والمتطلبات الأساسية الناس، والتي تنصرف إلى احتياجات أساسية (شخصية)، وأخرى عامة متعلقة بأهداف هذا الثورات، والتي لم ينجز منها إلا القليل حتى هذه اللحظات. ثالثًا، دستور جديد، فرض ثلة من القوانين التي بحاجة إلى تشريع جديد، فضلًا عن مراجعة ما هو قائم من قوانين متعارضة مع هذا الدستور وبحاجة إلى تنقية وتنقيح ودمج في بعض الأحيان. إن كل هذه الأمور تقع على عاتق البرلمان عامة، والنساء خاصة، وبالتالي فلا يمكن الفصل بين أولويات الأمة وأولويات الدائرة. بمعنى آخر، لا يوجد فصل بين أولوية واحتياجات الدائرة وبين كون النائب هو نائب الأمة. وبناء عليه، نحن أمام أجندتين إحداهما طويلة الأمد، والأخرى قصيرة الأمد.

أ. أجندة طويلة الأمد: تؤكد الخبرة الدولية على أنه في إطار عمليات الانتقال الديمقراطي يمكننا تحديد عدد من القضايا التي من المهم تفعيل دور مجلس النواب الحالي فيها، وهي متعلقة بتعزيز عملية الديمقراطية وإعادة بناء نظام اقتصادي أكثر استجابة لمطالب المواطنين، ومنها ما يلي: تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، ومحاربة الفساد وتحقيق النزاهة والشفافية، وتفعيل دور الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني،  وتفعيل قدرات ومقترحات المواطنين برلمانيًا، وأخيرًا تحقيق العدالة الاجتماعية.

ب- أجندة قصيرة الأمد: نكتفي هنا بذكر عدد من القضايا المباشرة التي تعني الناخب في الأجل القصير، إضافة إلى بعض القضايا العامة المرتبطة بعملية إعادة البناء السياسي والاقتصادي في مصر. وفي هذا السياق فإن مجلس نواب الشعب يجب أن يعمل على صياغة وإصدار عدد من القوانين التي تسهم في مكافحة الغلاء والفساد وتوفير فرص العمل وحماية البيئة. لكن احتياجات مصر في الأجلين المتوسط والطويل تتجاوز ذلك بكثير بما يساعد هذا البلد على النجاح في عدة اختبارات إستراتيجية واقتصادية وثقافية. ومن الاختبارات الاقتصادية الأخرى المهمة التي يجب أن تتعاون سلطات الدولة على النجاح فيها اختبار "تحقيق الأمان الاجتماعي" واختبار "القدرة التنافسية" واختبار "القضاء على الفقر" واختبار "إزالة العشوائيات" وغيرها. وفي هذا السياق فإنني أعتقد أن أولويات الأجندة التشريعية الاقتصادية يجب أن تتضمن ما يلي: ([2]).

أولا: إصدار قانون عاجل ينص على إعفاء كل أنشطة الاستثمار في قطاعات الأعمال الصغيرة والمتناهية الصغر من الضرائب والرسوم الإدارية لمدة 5 سنوات من تاريخ بدء النشاط تحقيقًا للعدالة وإسهاما في زيادة فرص العمل. وسوف ينص مشروع القانون أيضا على تبسيط إجراءات التسجيل الصناعي والتجاري وغيرها، بحيث لا تستغرق الإجراءات الإدارية والفنية اللازمة للتسجيل أكثر من 4 أسابيع كحد أقصى، وإلغاء كل ما يخالف ذلك في القوانين المعمول بها حاليًا. ثانيا: تعديل قانون الضرائب برفع حد الإعفاء الضريبي للأشخاص إلى 24 ألف جنيه سنويًا، وتعديل أسعار الضريبة بحيث يتم رفع الحد الأقصى على الضريبة من نسبته الحالية التي تبلغ 22.5% وذلك لأغراض توفير التمويل الكافي لتشغيل المصانع المتعثرة، وتطوير نظام التأمينات الاجتماعية. ثالثا: العمل على إعداد وإصدار قانون بفرض ضريبة ثروة لمرة واحدة بنسبة تتراوح بين 2% إلى 5% على من تزيد ثروتهم المنتجة للدخل عن 10 ملايين جنيه سنويًا. على أن تستخدم حصيلة هذه الضريبة في إنشاء صندوق وطني لتشغيل المصانع العاطلة وإقامة استثمارات جديدة. رابعا: إصدار قانون موحد للمعاشات والتأمينات الاجتماعية بما يضمن تجريم السطو على موارد المعاشات والتأمينات من جانب الدولة، ورفع الحد الأدنى للمعاشات إلى ما يعادل الحد الأدنى للدخل لكل المصريين الذين بلغوا سن التقاعد، أو غير القادرين على العمل بصرف النظر عن الجهة التي كانوا يعملون لديها أو النظام التأميني المسجلين لديه. إن من حق كل مصري في نهاية مدة خدمته لوطنه أن يحصل على معاش عادل، يصون كرامته ويكفي لتغطية احتياجاته. خامسا: إلزام الدولة بالمشاركة في إنشاء مشروعات التنمية العامة وإقامة الاستثمارات وعدم التوقف عند شعارات بالية عفا عليها الزمن بأن تخرج الدولة من ميادين الاستثمار والإنتاج، وتعديل كل التشريعات التي تحول دون مشاركة الدولة في الإنتاج والتنمية.


[1] - الدستور: نص المادة 121.

[2] - إبراهيم نوار، رؤية لبناء القدرة على المنافسة والتشابك الاقتصادي مع العالم، مجلة آفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 25، 2016.

 

إن النساء داخل البرلمان ليسن كتلة متجانسة، بينهن اختلاف واضح في الاتجاه والتوجه السياسي، وأن بعضهن ولاؤه السياسي والحزبي أعلى من الولاء للنوع الاجتماعي

رابعًا: مطالب النساء من البرلمان

شكلت المرحلة الانتقالية بيئة ضاغطة على المرأة المصرية، وذلك على الرغم من الدور البارز الذي لعبته بعض فتيات ونساء الطبقة الوسطى – الوسطى المدينية، في إطار الانتفاضة الثورية الأولى والثانية في التمهيد والتخطيط والمشاركة الفاعلة فيها بشجاعة استثنائية في مواجهة القوى الأمنية والقمعية للنظام. كما إن المرحلة الانتقالية في أعقاب سقوط الرئيس مبارك وبعض أركان نظامه، شهدت بعض أشكال الفراغات الأمنية، وغياب سلطة الدولة وأجهزتها الأمنية في أعقاب الانتفاضة الثورية الديمقراطية، شكل تهديدًا خطيرًا لأوضاع المرأة والأطفال الواقعية وحقوقهم القانونية. ثمة تهديدات تعرضت لها المرأة – السيدات والفتيات – من خلال الاعتداءات التي تعرضن لها من قبيل التحرش الجنسي، والاغتصاب، أو السرقة للمرأة المعيلة التي تخرج للعمل التابع أو غيره للإنفاق على أسرهن. بعضهن ولا سيما في بعض المناطق الهامشية والعشوائية لم يستطعن الذهاب لأعمالهن في أعقاب الفراغ الأمني خشية التعرض للعنف الذكوري.

وبناء عليه، هناك مجموعة من التشريعات المهمة والعاجلة بالنسبة للنساء على وجه التحديد منها ما يلي:

1- القوانين المتعلقة بالتعليم والصحة: حيث نصت المادة (238) على أن تضمن الدولة تنفيذ التزامها بتخصيص الحد الأدنى لمعدلات الإنفاق الحكومي على التعليم(4%)، والتعليم العالي(2%)، والصحة (3%)، والبحث العلمي (1%) المقررة في هذا الدستور تدريجيًا اعتبارًا من تاريخ العمل به، على أن تلتزم به كاملًا في موازنة الدولة للسنة المالية 2016/2017. وتلتزم الدولة بمد التعليم الإلزامي حتى تمام المرحلة الثانوية بطريقة تدريجية تكتمل في العام الدراسي 2016/2017.

2- إعادة النظر في نسبة تمثيل النساء في المجالس المنتخبة: حيث أكدت ديباجة الدستور على أن الدستور يعمل على تحقيق المساواة بين المصريين في الحقوق والواجبات دون تمييز. وبناء عليه، فهناك مجموعة من القوانين لا بد من إعادة النظر فيها من أجل تحقيق ما نصت عليه المادة 9 والتي تلتزم بموجبها الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، والمادة 11 والتي توجب على الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا في المجالس النيابية، كما تكفل للمرأة حقها في تولى الوظائف في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. كما تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا.

3- التأمين الاجتماعي والصحي: حيث نصت المادة 17 على أن تكفل الدولة توفير خدمات التامين الاجتماعي، وأموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة، تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهي وعوائدها حق المستفيدين منها، وتستثمر استثمارًا آمنًا، وتديرها هيئة مستقلة، وفقًا للقانون. وتضمن الدولة أموال التأمينات والمعاشات.  كما نصت المادة 18 على أن تلتزم الدولة بإقامة تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفاءهم منهما طبقًا لمعدلات دخولهم.

4- قانون السكان: حيث نصت المادة 41 على أن تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، وذلك في إطار تحقيق التنمية المستدامة.

5- نظام قضائي خاص بالأطفال: حيث نصت المادة 80 على تكفل الدولة حقوق الأطفال ذوي الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم في المجتمع. وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري. ولكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتى السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسي، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر. وأن تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائي خاص بالأطفال المجني عليهم، والشهود. ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيًا أو احتجازه إلا وفقًا للقانون وللمدة المحددة فيه. وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه في أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين. وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كل الإجراءات التي تتخذ حياله. 

وخلاصة القول، تعد القوانين من الأهمية بمكان بالنسبة للمرأة لأنها تتحمل العبء الأكبر في الأسرة، فضلا عن إعادة النظر في القوانين المتعلقة بالجنسية والعنف الأسري والأمية والتي بحاجة هي الأخرى لمراجعة لكي تتماشى مع فلسفة وروح الدستور.

 خاتمة                                            

إن التحديات التي تواجه البرلمان، بشكل عام والنائبات على وجه التحديد، توجب عليهن ما يلي: أولا، التركيز على إصدار قوانين محددة، بمعنى مغاير، على النساء داخل البرلمان أن تتوحد حول أجندة تشريعية محددة المعالم، حتى ولو تم التركيز على عدد قليل من القوانين. ثانيًا، التشبيك مع باقي النواب لكي يقوموا بتبني هذه الأجندة التشريعية، ودعمها تصويتيًا. ثالثًا، أن تتوزع التشريعات على الفصل التشريعي كاملا، من خلال محاولة إصدارها خلال دور الانعقاد السنوية للمجلس، وبذلك تصل في نهاية الفصل التشريعي إلى كل ما تصبو إليه.

رابعًا، يجب أن تعمل النائبات على إقناع الأحزاب أو الائتلافات داخل البرلمان على ضرورة تبنى هذه التشريعات، حيث إنها مهمة وتخص المجتمع ككل وليس النساء فقط، حتى يتم خلق حالة من حالات القبول للتشريع المستهدف داخل البرلمان. خامسًا، أن تنسق النائبات مع الجمعيات والمراكز الحقوقية المعنية بحقوق المرأة، وأن يحدث نوع من التواصل المستمر، حتى يكون هناك توافق مجتمعي حول التشريعات المستهدفة. وأخيرًا، التنسيق والتشبيك مع الإعلام، بما يسمح بوجود ضغط إعلامي، وتوضيح أهمية هذه التشريعات للمجتمع ككل.  

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟