المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أحمد موسى مختار
أحمد موسى مختار

دور الدولة في إصلاح منظومة دعم السلع التموينية من 2016-2020

الأحد 22/نوفمبر/2020 - 12:01 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات

        في اطار سعي الدولة المصرية نحو الاصلاح، وضعت الحكومة خطة لإصلاح منظومة الدعم، وخاصة دعم السلع التموينية، تقوم على عدة ركائز، من أهمها اصلاح الدور الرقابي، والعمل على توفير مخزون استراتيجي للسلع المدعمة، وتنقية قاعدة بيانات المستحقين للدعم لمنع غير المستحقين من التمتع بمزايا الدعم.

         وقد أثبتت الحكومة المصرية نجاح خطتها في مواجهتها لجائحة كورونا، حيث مثلت سياسات اصلاح الدعم حائط الصد ضد اثار جائحة كورونا المدمرة. فمن ضمن السياسات الاصلاحية التي اتخذتها الدولة نحو اصلاح منظومة دعم السلع التموينية اصلاح الدور الرقابي لضبط سير العمل في الأسواق ومنافذ البيع، والحفاظ على الاستقرار النسبي لدعم السلع التموينية قدر الامكان من خلال التأكد من توافر مخزون استراتيجي من السلع المدعمة بشكل مستمر.

        ولكن على الرغم من نجاح الدولة في الحد من اثار كورونا على دعم السلع التموينية، الا أن هناك عدد من الاختلالات التي يجب القضاء عليها عن طريق:

1-تطبيق سياسة الدعم السلعي بدلا من الدعم النقدي المشروط.

2-رفع مستوى الثقافة الاستهلاكية للمواطنين من خلال حملات التوعية.

3-توسيع دور الأجهزة الرقابية لتحسين كفاءة سياسات تنقية المستحقين للدعم.

4-تأهيل العاملين والمواطنين وتوعيتهم بمختلف الوسائل التي تقلل من الروتين الحكومي قبل تطبيقها من جانب الحكومة.

 

المقدمة

        في اطار حرص الدولة المصرية على تحقيق مصلحة المواطنين، وخدمة الصالح العام، بدأت الحكومة المصرية في اتخاذ العديد من الاجراءات الهامة نحو التنمية والاصلاح. فبعد انتهاء ثورة 30 يونيو 2013 بدأت مصر عهد جديد نحو التنمية، لذلك كان لابد من وضع خطة محكمة وجادة للإصلاح والتطوير. وقد بدأت مصر في تنفيذها منذ بداية عام 2014، حيث وضعت الحكومة المصرية في خطتها جميع الجوانب والقطاعات.

        ومن أهم القطاعات التي كان لزاما على الحكومة المصرية سرعة التدخل لإصلاحها قطاع الدعم نظرا لكثرة الأعباء المالية التي تتحملها الموازنة العامة للدولة في سبيل توفير الدعم للمواطنين. لذلك وضعت خطة لإصلاح منظومة الدعم، وخاصة دعم السلع التموينية، حيث عانى ذلك القطاع من سوء الادارة والتنسيق سنوات طويلة. وقد نجحت الدولة المصرية في تحقيق الاستقرار النسبي لتلك المنظومة المهمة.

       وفي ظل انهماك الحكومة المصرية في وضع وتنفيذ خطط الاصلاح الاقتصادي ظهر فيروس كورونا المستجد، والذي أثر على جميع دول العالم اثارا في غاية الخطورة والسوء. وبالنسبة للاقتصاد المصري، فعلى الرغم من النجاح الذي حققه تنفيذ خطة الاصلاح، الا أنه لابد من اتخاذ عدد من الاجراءات الهامة والخطيرة لتفادي اثار الصدمة الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، وهذا ما فعلته الحكومة المصرية.

أولاً- واقع منظومة دعم السلع التموينية في مصر

       منذ بداية عهد جديد نحو التنمية عام 2014، وقد اتخذت الدولة المصرية عدة خطوات جادة للتغيير، منها اعداد خطة استراتيجية لإصلاح منظومة الدعم، وخاصة دعم السلع التموينية، حيث بدأت عام 2016 بتنفيذ خطة اصلاح ترتكز على عدة أسس، منها:

1-الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات في اصلاح منظومة الدعم.

2-اعداد قاعدة بيانات متكاملة لا تضم سوى المستحقين للدعم.

3-تخصيص جزء من الموازنة العامة للدولة لتوفير السلع المدعمة.

4-زيادة تدريجية لنصيب الفرد من منظومة الدعم ليصل الى نصيب كافي ليفي باحتياجاته اليومية.

5-تشديد الرقابة والمتابعة الدورية للتأكد من عدم ادراج شخص غير مستحق لقاعدة بيانات المسحقين للدعم والتأكد من عدم التلاعب بكميات السلع المدعمة أو أسعارها.

       على الرغم من نجاح جهود الدولة في تحقيق الاستقرار النسبي لمنظومة دعم السلع التموينية المتمثل في عدم حدوث أي ارتفاع في أسعار السلع المدعمة أو نقص ملحوظ في كمياتها، الا أن هناك بعض الاختلالات التي تعوق تطوير منظومة الدعم، وتقلل من فاعلية سياسات الاصلاح.

السؤال الان: ماهي تلك الاختلالات وكيف يمكن القضاء عليها؟

1-مخصصات الدعم وعدد المستحقين:

        طبقا لأحدث البيانات المنشورة، فان منظومة دعم السلع التموينية قد امتدت لتشمل 28 محافظة مصرية، حيث وصل عدد المستحقين للبطاقات التموينية عن شهر أغسطس 2019 الى 22074121 بطاقة، بواقع 64504502 من حيث عدد أفراد البطاقة. ويمثل ذلك زيادة قدرها 695240 بطاقة عن شهر أغسطس 2018، بواقع انخفاض قدره 2640565 من حيث عدد أفراد البطاقة.

        ويرجع انخفاض عدد أفراد البطاقات التموينية الى توقف اضافة المواليد الى منظومة دعم السلع التموينية الذي بدأ في 2017 بعد تلقي وزارة التموين طلبات اضافة حوالى 7 مليون مما سبب عبئا ماليا على الدولة. كما أن مخصصات الدعم التي تخصصها الدولة من الموازنة العامة تمثل ضغوطا مالية على موازنة الدولة.

        ولذلك كان لابد من تخفيض عدد المستفيدين من الدعم لتخفيف تلك الضغوط، حيث وصلت مخصصات الدعم في العام المالي 2018/2019 الى 332291 مليون جنيه، ثم انخفضت لتصل الى 327699 مليون جنيه في العام المالي 2019/2020، أي انخفضت حوالى 4592 مليون جنيه.

       أما عن نصيب الفرد من منظومة الدعم، فقد بدأ بتخصيص 14 جنيها للفرد المقيد على بطاقة التموين، وزادت الى 21 جنيها للفرد، ثم وصلت الى 50 جنيها، والتي تمثل أكبر زيادة في معدلات الدعم منذ عدة سنوات، حيث تعادل الزيادة 4 اضعاف قيمة الدعم الحالية المخصصة للسلع التموينية، وذلك للتخفيف عن المواطنين خاصة محدودي الدخل.

      وبسبب المعوقات التي تنتج عن الفساد، وتزايد أعداد المستحقين للدعم سنويا، الأمر الذي يمثل عبئا ماليا كبيرا على الدولة تدرس الحكومة مشروع تطبيق سياسة الدعم النقدي المشروط بدلا من سياسة الدعم العيني. يقصد بالدعم النقدي المشروط اعطاء المواطن قيمة الدعم المخصص له نقودا بدلا من السلع بشرط أن يهتم بإضافة نفسه وعائلته في التأمين الصحي، وادخال أولاده المدارس للتعليم، وذلك كمحاولة لتحقيق التنمية المستدامة.

2-دور الأجهزة الرقابية في اصلاح منظومة الدعم:

       تقوم الأجهزة الرقابية المكونة من شرطة التموين والرقابة المركزية والرقابة بالمديريات بدورها على أكمل وجه، حيث أسفرت جهود الأجهزة الرقابية في شهر أغسطس عام 2019 عن تحرير حوالى 520 محضر بمخالفات متنوعة بالنسبة لقطاع التجارة الداخلية. كما قامت الأجهزة الرقابية بتحرير حوالى 39464 محضر بمخالفات متنوعة للأسواق.

        يمثل ذلك انجازا يحسب للأجهزة الرقابية في تخفيض نسبة المخالفات والمحافظة على استقرار منظومة الدعم، حيث أسفرت جهود الأجهزة الرقابية عن تحرير حوالى 39492 محضر للأسواق بمخالفات متنوعة أي انخفض عدد المحاضر المحررة حوالى 28 محضر من أغسطس 2018 الى أغسطس 2019.

        لقد ذكرنا أن الأجهزة الرقابية تقوم بدورها على أكمل وجه، ولكنه ليس كاملا، اذ أن جهودها مقتصرة فقط على متابعة الأسواق ومنافذ البيع دون أن يكون هناك متابعة ومراقبة دورية لعملية اضافة المواطنين في قاعدة بيانات المستحقين للدعم، حيث يمثل ذلك عائق كبير أمام قيام الدولة بأي سياسة تخص المستحقين للدعم بسبب استمرار وجود عدد كبير من غير المستحقين ضمن قاعدة البيانات.

3-منظومة دعم الخبز:

       تقوم منظومة دعم الخبز على تحمل الدولة أكثر من 50 قرش من ثمن الرغيف الواحد مقابل أن يشتريه المواطن بثمن 5 قروش، حيث تضمن منظومة دعم الخبز حصول المواطن الواحد على عدد 5 أرغفة يوميا. تخصص الدولة جزءا من الموازنة العامة لدعم الخبز سنويا، حيث بلغت مخصصات دعم الخبز في عام 2020 حوالى 53 مليار جنيه مقابل 50 مليار جنيه في عام 2019.

        نظرا لكون زيادة مخصصات دعم الخبز سنويا يمثل عبئا ماليا كبيرا على الدولة ولضمان استمرار قدرة الدولة على توفير تلك المخصصات سنويا كان لابد من تخفيض وزن رغيف الخبز مقابل استمرار توفره، حيث تقرر تخفيض وزنه من 110 جرام الى 90 جرام في مقابل ثبات عدد أرغفة الخبز المقررة لكل مواطن كما هي.

ثانياً- جهود الدولة لحد من تأثير كورونا على دعم السلع التموينية

مع بداية ظهور فيروس كورونا في يناير 2020 اتخذت الدولة اجراءات استباقية للحفاظ على استقرار منظومة دعم السلع التموينية، منها:

1-تخصيص مبلغ 100 مليار جنيه لدعم القطاعات الاقتصادية والتخفيف من الاثار السلبية لجائحة كورونا.

2-توفير مخزون استراتيجي من السلع التموينية يكفي حاجة المواطنين لمدة 6 أشهر على الأقل.

3-توفير مليار جنيه للمصدرين خلال شهري مارس وأبريل 2020 لسداد جزء من مستحقاتهم .

4-رفع الحجوزات الإدارية على كافة الممولين الذين لديهم ضرائب واجبة السداد مقابل 10% فقط من الضريبة المستحقة عليهم .

5-ولدعم الطلب الكلي تم تخفيض أسعار العائد لدى البنك المركزي 3%، مع إتاحة الحدود الائتمانية لتمويل رأس المال، وبالأخص صرف رواتب العاملين بالشركات .

6-كما قامت وزارة التموين بتشديد الرقابة على منافذ البيع والأسواق لمنع حدوث أي مخالفات.

وقد نجحت تلك الاجراءات الاستباقية في تحسين وضع منظومة دعم السلع التموينية بدرجة كبيرة، حيث:

1-ارتفع عدد شهور الواردات السلعية التي يغطيها صافي الاحتياطيات الدولية إلى 8.6 أشهر في فبراير 2020، مقارنة بـ 7.8 أشهر في فبراير 2019 بسبب التغير في هيكل الواردات.

2-كما ارتفع رصيد مخزون السلع الأساسية للبلاد في أبريل عام 2020، حيث يكفي رصيد القمح حاجة الاستهلاك لمدة 3 شهور، كما يكفي رصيد الأرز 4.2 شهر، والمكرونة 4.8 شهر، والزيوت 5.8 شهر، واللحوم المجمدة 6.2 شهر، فضلاً عن أن رصيد السكر يكفي حاجة الاستهلاك لمدة 8.6 شهر، بجانب كفاية رصيد الدواجن لمدة 11.7 شهر، واللحوم الحية 28.9 شهر.

3-كما حققت مصر اكتفاءً ذاتياً لعدد من السلع خلال عام 2019، وتشمل الفواكه بنسبة 116.7%، والخضروات بنسبة 107,1%، والدواجن والطيور بنسبة 98%، والأرز بنسبة 95.9%، والأسماك بنسبة 90%.

4-وقد شهد متوسط أسعار أهم السلع الغذائية انخفاضاً ملحوظاً خلال عام واحد، فبشأن مجموعة الحبوب والبقول، انخفض سعر الفول المجروش البلدي بنسبة 1.4%، ليصل سعره إلى 22.57 جنيه/كيلو جرام خلال فبراير 2020، مقارنة بـ 22.89 جنيه/ كيلو جرام خلال نفس الشهر من عام 2019، كما انخفض سعر الفاصوليا الجافة البلدي بنسبة 1.9%، ليصل سعرها إلى 29.62 جنيه/كيلو جرام خلال فبراير 2020، مقارنة بـ 30.2 جنيه/كيلو جرام خلال الشهر ذاته من عام 2019.

5-كما نجحت الأجهزة الرقابية في يونيو 2020 في ضبط أكثر من 385 قضية في مجال احتكار وحجب السلع والتلاعب بالأسعار.

ثالثاً- تحليل البيانات السابقة

من خلال عرضنا للمعلومات والبيانات السابقة توضح أن هناك عدد من الاختلالات تعوق تطوير منظومة دعم السلع التموينية، منها:

1-اقتصار دور الأجهزة الرقابية على ضبط منظومة الدعم في الأسواق ومنافذ البيع من خلال المحافظة على ثبات السعر والكمية التي تحددها وزارة التموين للسلع المدعمة ومنع التلاعب بهما.

2-توقف اضافة المواليد للبطاقات التموينية:

       على الرغم من كون اضافة المواليد للبطاقات التموينية يثل ضغوطا مالية على الموازنة العامة للدولة الا أن عدم اضافتهم يمثل عبئا ماليا أكبر على المواطنين. ولذلك يجب بحث ودراسة الوسائل اللازمة لحل هذه المشكلة.

3-مشروع سياسة التحول الى الدعم النقدي المشروط:

       ان تطبيق مختلف الوسائل التي تهدف الى تحقيق التنمية المستدامة سياسة جيدة ورشيدة، ولكن ليس في هذه الحالة، اذ لا يجوز العمل بمقولة الغاية تبرر الوسيلة. ان التحول الى الدعم النقدي لن يحقق الهدف المنشود لأن هناك الكثير من الاختلالات التي تعوق تطوير منظومة التعليم والتأمين الصحي، مما قد يمثل ذلك عبئا ماليا كبيرا على المواطن اذا تحمل تكلفتهما، بالإضافة الى تكلفة شراء السلع الغير مدعمة، حيث تلعب الثقافة الاستهلاكية دورا هاما في تطبيق تلك السياسة.

         يوجد ثلاثة أنواع للدعم الحكومي، الأول هو الدعم السلعي، ويعني أن تبيع الدولة المنتجات بأسعار مخفضة مع تحديد الكميات المستحقة لكل مواطن من كل سلعة. والثاني هو الدعم العيني، ويعني أن تبيع الدولة المنتجات بأسعار مخفضة مع ترك تحديد الكميات المستحقة من السلع لحرية المواطنين وتفضيلاتهم. أما الثالث فهو الدعم النقدي، ويعني أن تخصص الدولة مبلغا من المال لكل مواطن بديلا عن السلع المدعمة. قد يكون الدعم النقدي غير مشروطا، أي تخصص الدولة للمواطنين تلك المبالغ المالية دون شروط سوى أن يكون من مستحقي الدعم، وقد يكون الدعم النقدي مشروطا، وهذا ما تسعى اليه الدولة المصرية.

       بعض المواطنين ينقصهم الوعي بضرورة الاهتمام بالصحة والتعليم. ولذلك تضع الحكومة شروطا على المواطن، بمعنى أن يلتزم بتعليم أطفاله في المدارس والجامعات، وأن يلتزم بقيد نفسه ضمن المستحقين للتأمين الصحي ليتمتع بتقديم الخدمات الصحية له ولأسرته، وذلك شرطا ليصبح من مستحقي الدعم الحكومي. تهدف الحكومة المصرية من اتخاذ ذلك الاجراء الى تحقيق التنمية الشاملة من خلال الزام المواطنين لتصل الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم وخدمات المرافق العامة الى جميع مناطق مصر، وخاصة القرى والنجوع الفقيرة، ويتمتع بها كافة مواطني الدولة.

       ان الدعم النقدي وان كان يؤدي الى تحقيق التنمية الشاملة، الا أن النفقات المخصصة للدعم لن تقل، بل من الممكن أن تزيد بسبب تخلى الدولة عن دعم المواطنين لتخفيض أسعار السلع الأساسية، بالإضافة الى تأثر دخول الأفراد الحقيقية بالعديد من العوامل مثل تخفيض قيمة العملة الحقيقية بسبب تعويم الجنيه. كما أنه لرفع قيمة العملة المصرية لابد أن يصاحبها زيادة في الانتاج في كافة القطاعات، وذلك لن يتحقق في وجود البيروقراطية والفساد الاداري الذي يؤدي الى خسارة الدولة مليارات الجنيهات سنوياً.

       إن تفضيلات الأفراد ليست واحدة، فما يفضله مواطن معين قد لا يفضله مواطن اخر، بل ان ما يفضله شخص ما في وقت معين قد لا يفضله في وقت اخر. اذن فتفضيلات الأفراد تتسم بعدم الاثبات والتقلب الناتج عن رغبات الأفراد في اختيار ما يريدونه من السلع.

       كما أن تفضيلات الأفراد تتأثر بعدد من العوامل مثل الدخل، فجودة السلع التي يرغب الفرد في شرائها سواء كانت سلع ضرورية أو كمالية تتوقف على ما يمتلكه من النقود. ومن العوامل المهمة المؤثرة على تفضيلات الأفراد معيار التفضيل، تتسم رغبات الأفراد بالتقلب الدائم وعدم الاستقرار، ويرجع ذلك الى عامل الدخل السابق ذكره، بالإضافة الى عدم وجود ثقافة منطقية للاستهلاك، حيث أن دخل الفرد قليلا كان أو كثيرا أو سوء ادارته لشئون حياته من الناحية الاقتصادية قد يدفع به الى شراء سلع كمالية غالية الثمن في ظل احتياجه للسلع الأساسية أو قد يشترى كميات كثيرة من سلعة ما لا يحتاج منها في الوقت الحالي الا كميات محدودة، وذلك لاقتناعه بفكرة أهمية تخزين السلع في مواجهة الظروف الطارئة.

     ونظرا لتلك الأسباب فان التحول الى الدعم النقدي لن يحقق الأهداف المرغوب فيها بقدر ما سيؤدي الى زيادة النفقات العامة المتمثلة في الأجور والاعانات المخصصة للتجار. ولذلك يجب على الدولة التخلي عن تطبيق الدعم النقدي وتطبيق سياسة الدعم السلعي، مع وضع قاعدة بيانات متطورة لحصر من يستحق الدعم فعلا، بالإضافة الى تفعيل دور حملات التوعية ومنظمات المجتمع المدني لتوعية المواطنين بأهمية التعليم والصحة في تحسين المستويات المعيشية للأفراد.

رابعاً- مقترحات لتطوير منظومة دعم السلع التموينية

1-تطبيق سياسة الدعم السلعي مع قيام المؤسسات البحثية التابعة للدولة بعدد من الدراسات والاستبيانات التي تساعد على تحديد الحكومة للكميات التي يستحقها المواطن من السلع المدعمة.

2-اطلاق عدد من حملات التوعية من جانب الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني للعمل على رفع مستوى الثقافة الاستهلاكية للمواطنين، وتوعيتهم بضرورة مساعدة الدولة في تحسين كفاءة وفاعلية السياسات التي تخص منظومة دعم السلع التموينية وخاصة تنظيم النسل.

3-توسيع الدولة لدور الأجهزة الرقابية لمتابعة عمليات اضافة المواطنين لقاعدة بيانات المستحقين للدعم لمنع اضافة أي مواطن غير مستحق، الأمر الذي قد يسهم في تخفيف العبء المالي على الحكومة، ومن ثم القدرة على اضافة المواليد مرة ثانية.

4-العمل على تأهيل العاملين والمواطنين وتوعيتهم وتدريبهم على تطبيق مختلف الوسائل التي تسهم في تقليل الروتين الحكومي والبيروقراطية، وذلك قبل تطبيق تلك السياسات من جانب الحكومة مثل تطبيق سياسة التحول الرقمي.

الخاتمة

        في اطار حرص الدولة المصري على تحقيق مصلحة المواطنين، وخدمة الصالح العام، بدأت الحكومة المصرية في اتخاذ العديد من الاجراءات الهامة نحو التنمية والاصلاح. فبعد انتهاء ثورة 30 يونيو 2013 بدأت مصر عهد جديد نحو التنمية، لذلك كان لابد من وضع خطة محكمة وجادة للإصلاح والتطوير. وقد بدأت مصر في تنفيذها منذ بداية عام 2014، حيث وضعت الحكومة المصرية في خطتها جميع الجوانب والقطاعات.

        ومن أهم القطاعات التي كان لزاما على الحكومة المصرية سرعة التدخل لإصلاحها قطاع الدعم نظرا لكثرة الأعباء المالية التي تتحملها الموازنة العامة للدولة في سبيل توفير الدعم للمواطنين. لذلك وضعت خطة لإصلاح منظومة الدعم، وخاصة دعم السلع التموينية، حيث عانى ذلك القطاع من سوء الادارة والتنسيق سنوات طويلة. وقد نجحت الدولة المصرية في تحقيق الاستقرار النسبي لتلك المنظومة المهمة.

       وفي ظل انهماك الحكومة الصرية في وضع وتنفيذ خطط الاصلاح الاقتصادي ظهر فيروس كورونا المستجد، والذي أثر على جميع دول العالم اثارا في غاية الخطورة والسوء. وبالنسبة للاقتصاد المصري، فعلى الرغم من النجاح الذي حققه تنفيذ خطة الاصلاح، الا أنه لابد من اتخاذ عدد من الاجراءات الهامة والخطيرة لتفادي اثار الصدمة الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا، وهذا ما فعلته الحكومة المصرية.

قائمة المصادر

1-النشرة المعلوماتية عن شهر أغسطس 2018، وزارة التموين والتجارة الداخلية، الرابط:

 http://www.msit.gov.eg/details.html?topicID=719

2-النشرة المعلوماتية عن شهر أغسطس 2019، وزارة التموين التجارة الداخلية، الرابط:

 http://www.msit.gov.eg/details.html?topicID=345

3-البيان التحليلي للموازنة العامة للعام المالي 2018/2019.  / الرابط:

http://www.mof.gov.eg/MOFGallerySource/Arabic/budget2018-2019/Analytical-Separated-Statement-2018-2019.pdf

4-البيان التحليلي للموازنة العامة للعام المالي 2019/2020، الرابط:

http://www.mof.gov.eg/MOFGallerySource/Arabic/budget2019-2020/Analytical-Separated-Statement-2019-2020.pdf

5-جهود الدولة الاقتصادية لمواجهة فيروس كورونا، الهيئة العامة للاستعلامات، الرابط:

https://sis.gov.eg/Story/200216

6-كل ما تريد معرفته عن منظومة الدعم، اليوم السابع، الرابط:

. https://www.youm7.com/story/2017/3/10

7-التحول الى الدعم النقدي المشروط، اليوم السابع.، الرابط:

 https://www.youm7.com/story/2019/7/8

8-الدعم لمن يستحق، أخبار اليوم.الرابط:

 https://akhbarelyom.com/news/newdetails/3067126/1

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟