المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د.يسري العزباوي
د.يسري العزباوي

تحالفات تبحث عن تحالف

السبت 16/أغسطس/2014 - 11:11 ص

باءت كل اللقاءات والحوارات الصاخبة، التي تجري منذ أكثر من شهرين، بين قادة الأحزاب للوصول إلي تحالف مدني بالفشل حتي هذه اللحظات، و كأن آفة الأحزاب السياسية قد انتقلت إلي التحالفات المزمعة وهي في قيد التكوين والتشكل. فما زالت تتسم هذه التحالفات بأنها هشة ضعيفة ليس لها أطر مؤسسية، عمودها الفقري هو «الشلة» أو بعض «الباحثين عن دور سياسي» في مرحلة السيولة السياسية التي مرت بها مصر خلال الأعوام القليلة الماضية، مستغلين في ذلك حالة الحراك الثوري والسياسي منذ 2011.

وفي الواقع العملي، مرت مصر بثلاث تجارب رئيسة في عملية بناء التحالفات الانتخابية، التجربة الأولي في فترة ما قبل ثورة 23 يوليو 1952، حيث دفع القصر آنذاك العديد من الأحزاب (الاتحاد والشعب علي سبيل المثال) للتحالف فيما بينها لمواجهة حزب الوفد صاحب الأغلبية آنذاك. أما التجربة الثانية، فقد كانت في ثمانينيات القرن الماضي حينما تم الأخذ بنظام القائمة النسبية المشروطة، حيث شهدت انتخابات 1984 تحالفًا بين حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين، كما شهدت انتخابات 1987 تحالفًا آخر باسم التحالف الإسلامي بين حزبي العمل الأحرار وجماعة الإخوان المسلمين. أما التجربة الثالثة، فقد كانت في فترة ما بعد ثورة 25 يناير 2011.

ومن خبرة التحالفات الثلاثة الماضية، يلاحظ: أولاً، أن أغلبية تجارب التحالفات كانت جماعة الإخوان المسلمين طرفًا أساسيًا وأصيلاً فيها. ثانياً، أن تجارب هذه التحالفات سرعان ما انتهت عقب الدخول إلي البرلمان، ولم تكن تحالفات سياسية، كما ادعي البعض آنذاك، والدليل علي ذلك بأن تجربة 1984 احتفظ كلا من حزب الوفد وجماعة الإخوان بهيئة برلمانية مستقلة عن الآخر. وهو ما حدث أيضًا بين تحالف الجماعة في برلمان 2012 وحزب الكرامة، حيث سرعان ما انفضت الأحزاب التي شكلت ما يعرف آنذاك باسم «التحالف الديمقراطي». ثالثًا، تتكون التحالفات في البداية من عدد كبير من الأحزاب، خاصة في خبرة ما بعد ثورة 25 يناير، ولكن ما يبقي منها ويخوض الانتخابات سويًا عدد محدود للغاية، نتيجة لانتشار ظاهرة الانشقاقات والانسحابات، أو بمعني آخر ظهور ظاهرة «الانشطارات» التحالفية. رابعًا، لم يحصل أي تحالف انتخابي علي الأغلبية المطلقة داخل البرلمان، ولم يشكل أيًا منها الحكومة منفردًا.

والسؤال، هل بناء التحالفات الانتخابية ضرورة؟ الأصل في خوض غمار سباق التنافس الانتخابي، هو الفردية والذاتية الحزبية، وذلك لأن العملية الانتخابية فرصة مواتية لكي تقوم الأحزاب بشرح برامجها وتعريف المواطنين بها، بدلاً من بذل الجهد في شرح برنامج عام فضفاض خاص بالتحالف. ومن ناحية ثانية، فإن الخبرة الدولية تؤكد علي أن تشكيل التحالفات (السياسية أو البرلمانية) عادة ما تتكون عقب إعلان نتائج الانتخابات بقصد تشكيل الحكومة أو توحيد جهود المعارضة أمام الحزب الحاكم وليس العكس.

وفي خضم عملية بناء وهدم التحالفات التي نشهدها الآن، فإنه يمكن تعيين بعض السمات والخصائص المرتبطة به، وهي: أولا، سرعة التغيير والمرونة والسيولة من حيث اسم التحالف وعدد الأحزاب والأفراد المنتمين إلي للتحالف، وسرعة الانسحابات والانشقاقات داخل كل تحالف والانضمام إلي تحالفات أخري أو الإعلان عن خوض الانتخابات منفردة. ثانيا، نخبوية التحالفات، حيث ترتبط بعض التحالفات بأشخاص وأفراد أكثر من ارتباطها بأهداف أو ببرامج أو أيديولوجيات محددة المعالم. كما يوجد عدد من الأحزاب والأشخاص، يمكن أن نطلق عليهم »عابري التحالفات«، فهم يحاولون أن يجدوا موطئ قدم لها في البرلمان بغض النظر عن إيمانهم بمبادئ وأهداف التحالفات الانتخابية.

ثالثًا، استغلال اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تقوم بعض التحالفات بتقدم نفسها بأنها الظهير السياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي، وأنها سوف تقوم بنقل الدستور إلي حزمة من التشريعات التي تساعده علي تحقيق برنامجه الذي يلبي مطالب ثورتي 25 يناير و30 يونيو. في الوقت الذي لم يطلب الرئيس من الأحزاب سوي التكاتف والعمل من أجل مصر، ومن أجل تخطي هذه المرحلة الحرجة من عمر الدولة المصرية. رابعًا، الطابع «الاستبعادي أو التهميشي»، لأنها تحاول أن تجعل هدفها فقط هو النيل من حزب النور أو جماعة الإخوان أو بقايا نظام مبارك، علي حد قولهم، وعدم وصولهم إلي البرلمان بأي حال من الأحوال.

 

خامسا، الطابع «البيروقراطي» علي التحالفات الناشئة: بمعني أن هناك عددًا كبيرًا من التحالفات القائمة يسيطر عليها مجموعة الأشخاص ذوي خلفية بيروقراطية أي الذين عملوا في دولاب الدولة المصرية. وهنا يمكن القول بأنه ربما تكون هذه الأسماء لامعة في مجال تخصصاتها ولكن ليس بالضرورة أن يكونوا سياسيين أو حزبيين مهرة. سادسًا، المزايدة السياسية والمزايدة المضادة، حيث تمارس أغلب التحالفات الناشئة نوع من المزايدة السياسية بضرورة عدم ضم أنصار الحزب الوطني السابق «الفلول» أو الإخوان المسلمين، وهذا ما حدث في تحالف «25 30» أو تحالف »الأمة المصرية«.

وأخيرًا، فإن هناك ثلاث سيناريوهات رئيسة أمام التحالفات، تقع جميعها علي خط مستقيم، تتراوح ما بين التماسك والاستمرار، مرورًا بحدوث انشقاقات وانسحابات، وصولًا إلي فض التحالف بعد الانتهاء من العملية الانتخابية وعقب حصول أحزاب التحالف علي بعض مقاعد البرلمان. 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟