المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

من التعاون إلى الاتحاد: هل تفعلها القمة 33 لدول مجلس التعاون

الأحد 29/ديسمبر/2013 - 11:31 ص
د.يسري العزباوي
إن الأوضاع المضطربة التي تمر بها بلدان الثورات العربية حاليًّا لا شك في إنها تؤثر بشكل كبير في منطقة الخليج، التي كانت أكثر طمأنينة في ظل الأنظمة السابقة، ويتضح ذلك أكثر من كلمة وزير الخارجية البحريني في اجتماع وزراء الخارجية مجلس التعاون الـ (125)، والذي عُقد مؤخرًا في المنامة بالقول: “,”إن ما نواجهه من تحديات يتطلب منا العمل بسياسة خارجية موحدة تحقيقًا للمواطنة الخليجية الكاملة، تعبِّر عن تماسكنا وسياساتنا الثابتة“,”، ولا شك في أن هذا الحديث يعكس مدى خطورة الأوضاع الداخلية الخليجية والإقليمية المحيطة بدول مجلس التعاون، وإدارك النخبة الحاكمة للفرص والتحديات والمخاطر التي تواجه ليس فقط منطقة الخليج ولكن العالم العربي.

وبناءً عليه، فإن جدول أعمال الدورة (33) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج، والمقرر عقدها يومي 24 و25 ديسمبر الجاري، لن تخرج عن تلك القضايا التي ناقشها اجتماع وزراء الخارجية، ومن ثم يمكن القول أن أجندة القمة ستتضمن قضايا داخلية تخص الشأن العام الداخلي الخليجي، وأخرى إقليمية تخص الدول العربية، خاصة وأن هذه القمة هي الثانية بعد ثورات الربيع العربي، والتي لم تهدأ حتى هذه اللحظات.

فعلى المستوى الداخلي: ستحتل قضية تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك الأولوية في النقاش؛ لأن فكرة الاتحاد الخليجي بدأت تسيطر بالفعل على قلوب وعقول الكثيرين في دول المجلس، سواء على مستوى النخبة الحاكمة أو الشعب الخليجي، واللافت أن إقامة “,”الاتحاد الخليجي“,” على غرار “,”الاتحاد الأوروبي“,”، ينظر إليها البعض بأنها أحد الحلول الرئيسة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بعد الاضطرابات التي شهدتها، وما زالت، بعض الممالك الخليجية، مثل البحرين والكويت.

ومن الأهمية القول، لقد أدى نجاح تجربة تدخل “,”درع الجزيرة“,” في البحرين، بناء على طلب من الحكومة البحرينية على الرغم من الاعتراض الواسع من رموز المعارضة، إلى تحفيز إقامة الاتحاد، وتفعيل دوره ليكون الآلية السريعة والقادرة على مواجهة المخاطر المتزايدة التي تواجه دول المجلس.

ومن ناحية ثانية، فإن مواجهة التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية الخليجية واحتلال الجزر الإماراتية ستأتي على قمة أولوية القمة، وذلك بعد الصعود اللافت للنفوذ الشيعي في المنطقة، والدخول في دوائر صنع القرار في بعض دول الخليج، فعلى سبيل المثال فاز حوالي 18 نائبًا شيعيًّا في الانتخابات الكويتية لأول مرة، وقوة المعارضة الشيعية في البحرين، كما تكررت في الفترة الأخيرة التدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية لدول الخليج العربي من خلال التحريض على القيام بأعمال إرهابية وتخريبية، لا سيما بعد أن أكدت إيران على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها تمسكها باحتلال الجزر الإماراتية الثلاث في الخليج العربي، وإصرار نظام طهران على ما تزعم إيران أنه حقيقة قائمة!، وأن الجزر الثلاث إيرانية، وستبقى جزءًا لا يتجزأ من أراضي الجمهورية الإيرانية الإسلامية، وهي الجزر التي احتلتها إيران في زمن الشاه عام 1971 بعد انسحاب القوات البريطانية منها وحصول الإمارات على استقلالها.

ومن ناحية ثالثة، ستحتل الأوضاع الاقتصادية لدول الخليجية، والعلاقات البينية لدول المجلس وانضمام المملكة المغربية والأردنية لدول المجلس أولوية في النقاش، فلا شك أن الملفات التي تتعلق بالتكامل الاقتصادي والمالي الخليجي والاتحاد النقدي وقواعد الإدراج المشترك للأسهم والسندات والصكوك ووحدات صناديق الاستثمار في الأسواق المالية الخليجية، وأيضًا قرار بشأن الإجراءات التي تتخذها بعض الدول والمجموعات الاقتصادية التي تهدف إلى فرض رسوم على منتجات دول المجلس من البتروكيماويات والألومنيوم وغيرها بحجة الدعم أو الإغراق، إضافة إلى النظر في توصية بتشكيل هيئة قضائية كإحدى آليات تسوية الخلافات أو المنازعات الاقتصادي، وبحث الآليات الكفيلة بإزالة الصعوبات ‏العالقة ‏أمام استكمال متطلبات الوضع النهائي للاتحاد ‏‏الجمركي الخليجي، تمهيدًا لإعلان بدء العمل بالوضع النهائي المتمثل في إنهاء الدور الجمركي في المراكز البينية في دول الأعضاء مطلع 2015 .

وعلى المستوى العربي والإقليمي: وهي لا تقل أهمية عن القضايا الداخلية المطروحة، بل على العكس ستأتي على رأس أجندة المؤتمر، فعلى سبيل الحصر ستكون الأزمة السورية والطرق المختلفة لإنقاذ الشعب السوري من القتل يوميًّا، وكيفية الوقوف بجانب المعارضة السورية، والسبيل الأمثل لمساعدتها، ومستقبل الدولة السورية بعد حكم أسرة الأسد، وأهمية الحفاظ على وحدتها؛ لأن أية اضطرابات في سوريا تؤثر بشكل مباشر على أمن الخليج.

ثانيًا: الأوضاع في مصر، وكيف يمكن مساندة الاقتصاد المصري في ظل الاتهامات المباشرة من النخبة السياسية الجديدة في مصر لدول الخليج بأنها متباطئة في تقديم المساعدات المالية والاقتصادية، واللافت هنا، أنه كانت هناك اتصالات ومشاورات تجريها دول مجلس التعاون الخليجي حول إمكانية انضمام مصر إلى المجلس كعضو فاعل على غرار كل من الأردن والمغرب، وإن كان هذا الأمر يعد مستحيلا حاليًّا بعد الاختلافات الجوهرية بين جماعة الإخوان في مصر وبعض دول الخليج، وذلك انطلاقًا من قناعتها بأن مصر وبما تملكه من إمكانات وما يربطها من علاقات إستراتيجية مع دول مجلس التعاون، وكذلك الارتباط التاريخي؛ لأمنها مع أمن الخليج، قادرة على المساهمة إلى حد كبير في حفظ الأمن والاستقرار بالمنطقة .

ثالثًا: القضية الفلسطينية وتحقيق المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، والأوضاع في غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليها، وكيفية إعادة الإعمار مرة أخرى، خاصة بعد حصول فلسطين صفة “,”العضو المراقب“,” في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يعد دفعة قوية لتحقيق هذه المصالحة، وضرورة إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، ومحاولة الضغط في المحافل الدولية على كل من إيران وإسرائيل لكي يلتزموا بالشروط والمعايير الدولية التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية .
والخلاصة، أن أجندة القمة ممتلئة عن بكرة أبيها بالعديد من القضايا الشائكة التي تهم دول المجلس، والتمس مصالحها المباشرة، ولكن اللافت للنظر أنه لا توجد رؤية واحدة من قبل كل دول المجلس للتعامل مع هذا القضايا، وستظل رؤية ودور المملكة العربية السعودية هو الأهم والمحدد لكيفية التعامل مع هذه القضايا ليس فقط لأنها الشقيقة الكبرى لدول المجلس ولكنها تتحمل العبء السياسي والاقتصادي والدبلوماسي الأكبر لحماية أمن دول الخليج العربي.






إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟