المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد يسين
السيد يسين

نظرية غربية عن جذور التطرف الإسلامى

الخميس 19/فبراير/2015 - 10:51 ص

فى السنوات التى تلت الهجوم الإرهابى الكبير على معاقل القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية فى أحداث سبتمبر 2001.

 تضخم عدد البحوث والدراسات والمؤتمرات التى دارت حول التطرف الإسلامى، وما يؤدى إليه من إرهاب تحول ليصبح عابرا القارات. ومن بين هذه الدراسات المتعددة دراسة موجزة وإن كانت بالغة العمق للباحث الأمريكى «ستيف يونح» عن جذور التطرف الإسلامى فى الشرق الأوسط. ويلفت النظر فيها عرضه المنهجى من ناحية وموضوعيته من ناحية أخرى، لأنه لم يتردد فى محاكمة المواقف السياسية الأمريكية فيما يتعلق بدعمها دولا عربية شمولية أو سلطوية. ولا شك أن تركيز هذا الباحث على ما يمكن تسميته باللا شعور التاريخى فيما يتعلق بعلاقات العالم الإسلامى بالغرب يدل على فهمه العميق لما للذاكرة التاريخية للشعوب العربية والإسلامية بل والشعوب الغربية من تأثير على تبنى المواقف السياسية المعادية، والتى قد تتطور فى سياقات تاريخية محددة إلى إرهاب موجه إلى دول غربية، وقد يطول جماهير غربية محددة كما حدث فى واقعة مجلة «شارل إيبدو» الفرنسية.

وهنا يمكن التركيز على وقائع تاريخية محددة مازالت حية نابضة فى الذاكرة التاريخية، وإن كانت توارت إلى حد بعيد تحت ضغط الأحداث السياسية المعاصرة. ولعل أبرز الوقائع التاريخية هو الصدام الدامى بين الحروب الصلبية والعالم العربى والذى مثل فى الواقع غزوا مسيحيا منظما لبلاد إسلامية. وقد أجاد «بن لادن» زعيم تنظيم القاعدة الراحل فى التذكير بهذه الوقائع التاريخية الماضية فى الفترة التى سبقت الغزو الأمريكى للعراق، بعدما أعلن الرئيس الأمريكى «جورج بوش» الابن الحرب على الإرهاب معلنا الاستعداد الأمريكى للحرب ضد العراق حين قال «نحن نراقب بمزيد من الاهتمام والقلق الاستعدادات الصليبية لاحتلال بغداد وهى عاصمة سابقة للعالم الإسلامى، وذلك لنهب الثروة الإسلامية وتنصيب حكومة عميلة».

وقد تحقق فى الواقع ما تنبأ به «بن لادن»، لأن الولايات المتحدة الأمريكية غزت بغداد بعد سقوط نظام «صدام حسين»، وسيطرت على النفط العراقى، وأقامت حكومة شيعية موالية لها، مما أدى فى النهاية إلى تمزيق نسيج المجتمع العراقى، وبداية ظهور المليشيات العسكرية لمقاومة الاحتلال والتى تحولت من بعد لحركات جهادية تكفيرية تزعمها «أبو مصعب الزرقاوى» والتى كونت مليشيات «داعش» بعد ذلك.

وفى مجال تاريخ العداء الغربى الإسلامى لا يمكن للشعوب العربية والإسلامية أن تنسى أن انجلترا هى التى أصدرت وعد بلفور والذى كان الأساس فى تأسيس دولة إسرائيل الصهيونية، مما أدى إلى احتلال فلسطين وتشريد الشعب الفلسطينى، وإذا أضفنا إلى ذلك أن الدول الغربية وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية دعمت سياسيا النظم السياسية العربية الشمولية والسلطوية تحقيقا لمصالحها الاقتصادية وخصوصا ضمان تدفق النفط العربى، لأدركنا أن شبكة الوقائع التاريخية الماضية يمكن اعتبارها أحد المصادر الأساسية للتطرف الإسلامى.

غير أنه أهم من هذه الوقائع التاريخية العوامل التى تتعلق بالحاضر، والتى يمكن تقسيمها إلى عوامل سياسية، وعوامل اجتماعية واقتصادية، وعوامل جيوبولويتيكية، وعوامل دينية وأخيرا عوامل ثقافية.

وإن شئنا أن نوجز أبرز هذه العوامل فى عبارة جامعة -وإن كانت لا تغنى عن التفصيل لقلنا إن أبرزها هى الديكتاتورية والفساد وغياب الديمقراطية، وخصوصا تطبيق آليات الديمقراطية والتى تتمثل فى صناديق الانتخابات دون قيمها وأهمها القبول الطوعى بتداول السلطة وذلك من الناحية السياسية، أما من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية فإن عدم العدالة فى توزيع الثروة بالإضافة إلى غياب دور مؤثر للطبقة الوسطى فى عملية اتخاذ القرار على الصعيد السياسى والاقتصادى والاجتماعى هى أبرز العوامل.

أما من الناحية الجيوبولوتيكية فلا شك أن ما عمدت إليه الدول الغربية وفى مقدمتها بريطانيا من زرع إسرائيل فى قلب العالم العربى وما ترتب عليه من الاستعمار الاستيطانى لفلسطين وتشريد الشعب الفلسطينى هى أبرز هذه العوامل.

ولا شك أن العوامل الدينية من أبرز أسباب شيوع التطرف وأهمها على الإطلاق انتشار الاتجاهات الأصولية المتشددة التى تجد مصدرها أساسا فى الماضى ممثلة فى فقه «ابن تيمية» وفى الحاضر نجد منبعها فى الفكر التكفيرى للإخوانى المصرى «سيد قطب» الذى ذاعت نظرياته عن جاهلية المجتمعات الإسلامية الراهنة وضرورة الانقلاب عليها لإقامة حكومات إسلامية تطبق أحكام الشريعة الإسلامية.

ويبقى أمامنا الأسباب الثقافية وأبرزها على الإطلاق فى بدايات القرن العشرين الرفض الإسلامى للحداثة الغربية، باعتبار أن تطبيق مبادئها يمكن أن يشوه بل ويمحو الشخصية الإسلامية التقليدية. أما فى الحقبة الراهنة فإن العولمة التى تطمح إلى تأسيس نسق عالمى للقيم يهيمن على سلوك الشعوب المختلفة أصبحت تمثل خطرا واهما على الخصوصية الإسلامية كما يعرفها أعضاء الجماعات الإسلامية المتطرفة.

وقد ساعد على نمو هذا الرفض للعولمة بعض النظريات الغربية وأبرزها نظرية صراع الحضارات التى صاغها عالم السياسة الأمريكى المعروف «صمويل هنتنجتون» والذى تنبأ فيه بأن حروبا ثقافية ستنشأ بين الحضارة الغربية من جانب والحضارة الإسلامية من جانب آخر، وأضاف إليها الحضارة الكونفشيوسية بحكم الصحوة الإسلامية من ناحية وما تمثله من أخطار، وكذلك نظرا لصعود قوة الصين فى النظام الدولى.

 

بعبارة موجزة ترى هذه البحوث أن هناك مجموعة متنوعة من الأسباب أدت إلى بزوغ ظاهرة التطرف الإسلامى، والتى أدت إلى تأسيس منظمات إرهابية إسلامية متعددة.

ويبقى السؤال كيف يمكن مواجهة هذا الإرهاب مع تعدد أسبابه؟

يحتاج العالم إلى تبنى نظرية تكاملية تقوم أساسا على حوار الثقافات وليس صراع الحضارات.

ومما لا شك فيه أن «صمويل هنتنجتون» والذى كان مستشارا علميا للإدارة الأمريكية صاغ نظريته لملء فراغ سقوط العدو التقليدى للولايات المتحدة الأمريكية وهو الاتحاد السوفيتى.

ومن ثم كان لابد من إيجاد بديل للعدو الذى انهار، إذ أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع أن تعيش فى مجال التنشئة السياسية لجماهيرها بغير عدو يبرر سياساتها العدوانية!.

  

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟