المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
السيد أمين شلبي
السيد أمين شلبي

الصعود الصيني: من دنغ هشياوبينغ إلى تشي تشاوبينغ

الثلاثاء 08/سبتمبر/2015 - 11:13 ص

تحتفل الصين بمرور 70 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية، وما يعني الصين من هذه المناسبة أنها أدّت إلى هزيمة اليابان وأنهت الاحتلال الياباني لها (1937 – 1945)، ومهّدت لتأسيس جمهورية الصين الشعبية بقيادة الزعيم التاريخي ماو تسي تونغ عام 1949. غير أن ما يعنينا اليوم ليس مرحلة تأسيس «الصين الجديدة»، وإنما مرحلة انطلاق الصين التي قادها الزعيم التاريخي الثاني دنغ هشياوبينغ، الذي أدت سياساته التجديدية إلى جعل الصين القوة الاقتصادية الثانية في العالم، ويتوقع خبراء ومؤسسات دولية أن تصبح الأولى في الحقب المقبلة.

وقد تسلّم دنغ هشياوبينغ السلطة العام 1978 والصين في حال كارثية. فمع بداية الحقبة السابقة، وخلال «القفزة الكبرى إلى الأمام»، مات أكثر من ثلاثين مليون صيني، وكان البلد يباشر بالخروج من الثورة الثقافية التي أوصلتها إلى حال الفوضى، وكانت المواصلات والبنية التحتية في حال تفكّك، وأكبر المصانع تعمل بتكنولوجيا مستوردة من الاتحاد السوفياتي السابق في الخمسينات.

وكان بعض الرسميين من الجرأة لكي يقترحوا أن المشكلة الحقيقية التي تواجه الصين هي ماو تسي تونغ نفسه، لكن دنغ كان يعتقد أن فرداً واحداً يجب ألا يعتبر مسؤولاً عن فشل الحقبتين الماضيتين، وكان يقول: «نحن جميعاً ملومون». ومن وجهة نظره، فماو ارتكب أخطاء ضخمة بالتأكيد، لكن المشكلة الأكبر تتمثل في النظام الخاطئ الذي تسبّب بهذه الأخطاء، وأن جهود التحكم في النظام حتى أبسط المستويات، قد تفاقمت في شكل خلق الخوف والافتقار إلى المبادرة، كذلك تفاقمت جهود التحكم في النظام الاقتصادي في شكل سبَّب الجمود الذي خنق الديناميكية.

وفي 1978، وهو العام الذي بدأ فيه دنغ فكره الجديد للصين وإطلاق طاقاتها، لم يكن لديه مشروع متكامل حول كيفية تحقيق الثروة للشعب الصيني والقوة للصين، لكنه كان لديه إطار للتفكير حول كيف تتقدّم الصين.

فسينفتح البلد في شكل أوسع على العلوم والتكنولوجيا وتقبّل الأفكار الجديدة من أي مكان في العالم، بغضّ النظر عن النظم السياسية، وكان دنغ على وعي بأن القوى المحركة الجديدة في آسيا، أي اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة، تنمو أسرع من أي بلد. لكن دنغ كان يعتقد أنه لا يستطيع ببساطة أن يستورد نظاماً من الخارج، ذلك أن أي نظام أجنبي لا يستطيع أن يلائم الحاجات الأساسية للصين التي تمتلك تراثاً ثقافياً ضخماً ومتنوعاً، وأنه لن يمكن حلّ المشكلات لمجرد فتح الأسواق، فالمطلوب بناء مؤسسات في شكل تدريجي، وهو سيشجّع الرسميين على توسيع آفاقهم، والذهاب إلى أي مكان لتعلّم ما يحقق النجاح، ولجلب التكنولوجيا الواعدة وأساليب الإدارة وتجربة ما يمكن تطبيقه في الداخل. وهو سيمهّد الطريق بتطوير علاقات جيدة مع الدول الأخرى لكي يستجيبوا للعمل مع الصين.

ومع التوسّع العالمي للتجارة التي تلت ذلك، أصبحت الصين تمتلك أبواب الأسواق الجديدة والتكنولوجيا المتقدّمة في آسيا والنماذج الغربية لكي يمكن القادمين المتأخرين الى المسرح الدولي أن يتحدّثوا بسرعة، وعلى عكس بلدان شرق أوروبا الشيوعية، كانت الصين أصبحت مستقلة تماماً عن الاتحاد السوفياتي، والذي عنى أن قادتها أحرار في صنع قرارات تقوم على ما يعتقدون أنها في أفضل مصالح الصين.

ومع هذا، فإن الظروف الملائمة كافة التي تمتّعت بها الصين في عام التحوّل، 1978، لم تكن كافية من دون قائد قوي وقادر يستطيع أن يجمع البلد معاً وأن يقدّم اتجاهاً استراتيجياً. وكان دنغ أكثر استعداداً لمثل هذا الدور من صن يات صن وتشانغ كايتشيك أو ماوتسي تونغ.

هكذا، فعندما ترك دنغ السلطة عام 1992 كان قد حقّق المهمة التي راودت قادة الصين على مدى 150 عاماً، فهو وزملاؤه وجدوا الطريق لصنع الثروة والقوة للصين. لكن خلال عملية تحقيق هذا الهدف، أشرف دنغ على تحوّل أساسي للصين ذاتها لجهة طبيعة علاقتها بالعالم الخارجي، ونظام الحكم فيها ومجتمعها.

والسؤال الذي تتداوله الأدبيات المعنية بالصين هو: هل سيستطيع الزعيم الحالي تشي تشاوبينغ، الذي يعد بتحقيق «الحلم الصيني»، أن يواصل الصعود الذي أطلقه دنغ، وأن يواجه تحديات الصعود من احتمالات تباطؤ النمو، وما أفرزه من فساد، وتباينات اجتماعية وبين المناطق، وصعود طبقة تعارض «احتكار» الحزب الشيوعي السلطة.

غير أن هذه التساؤلات لم تمنع محلّلين أميركيين من أن يتوقعوا أن الحقبة المقبلة ستكون على الأقل «حقبة الصين». لكن ما سيحسم طبيعة هذه الحقبة، وهل ستكون حقبة تنافس صحي، أم خطراً حقيقياً، هو الأسلوب الذي ستتبناه واشنطن في التعامل معها. نقلا عن الحياة

* المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟