المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
مرﭬت زكريا
مرﭬت زكريا

تنفيس الضغوط...دلالات التوافق الإيرانى المبدئي حول اتفاقية الـ25 عامًا مع الصين

الخميس 13/أغسطس/2020 - 04:27 م
المركز العربي للبحوث والدراسات

على الرغم من حالة الجدل الكبيرة التي مازالت موجودة داخل الأوساط  السياسية الإيرانية منذ الأيام القليلة الماضية بشأن إتفاقية الـ 25 عامًا بين كل من طهران وبكين، والتى تقضي بضح الحكومة الصينية حوالى 400 مليار دولار في كافة قطاعات الاقتصاد الإيرانى ولاسيما الطاقة والبنية التحتية، فضلاً عن التعاون في المجالات الأمنية والعسكرية في مقابل حصول الصين على إمتيازات غير مسبوقة، الأمر الذي يتمثل في ضمان إستمرارية حصولها على النفط والسيطرة على الموانى والمشروعات الاستثمارية المقرر إنشاءها في بعض المناطق الاستراتجية، إلا أن الموافقة المبدئية وإشادة المرشد الأعلى على خامنئي بهكذا إتفاق تعد إشارة هامة على إمكانية تمريره. وهو الأمر الذي يحمل دلالات عدة يمكن توضيحها فيما يلي

أولاً- تحسين الوضع الاقتصادى

يمكن القول أن الاتفاق الصيني الإيراني الذى تم اقتراحه في عام 2016 وإعلان الموافقة المبدئية عليه من قبل الجانب الإيرانى في يونيو 2020 والمقرر تنفيذه على مدار الـ 25 عامًا المقبلة عند تمريره من قبل مجلس الشورى الإسلامى يعتبر بمثابة فرصة جيدة بالنسبة لطهران، ولاسيما في ظل ما تعانيه الدولة الإيرانية من عقوبات اقتصادية مشددة فرضت على أبرز القطاعات الحيوية داخل الاقتصاد الإيراني بعد الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي في مايو لعام 2018.  فمن المقرر أن تعمل المشروعات الاستثمارية  التى من المقترح إقامتها بموجب الاتفاق على تعزيز قطاع الطاقة، وبعض القطاعات الأخرى بما يتضمن المطارات والسكك الحديدية عالية السرعة ومترو الأنفاق، فضلاً عن تطوير مناطق للتجارة الحرة في مدينة ماكو شمال غرب إيران،وجزيرة قشم(1).

وعليه، سيؤدى كل ما سبق إلى تراجع التأثير الكبير للعقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على إيران، فمن شأن هذه المشروعات الاستثمارية أن تحدث نوعًا من التغيير الجذرى على كافة المستويات بما يتضمن النفوذ الإيرانى في الداخل والخارج، فضلاً عن العامل الأهم في هذه المعادلة ألا وهو المواطن الإيرانى.

ثانيًا- مواجهة واشنطن

تأتى هذه الاتفاقية في خضم حالة غير مسبوقة من التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران على خلفية بعض الملفات العالقة فيما بينهما والتي يتمثل أهمها في الاتفاق النووي ولاسيما فيما يتعلق بحظر السلاح والتقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ حيث ترغب واشنطن في تمديد حظر السلاح المقرر انتهاءه بحلول أكتوبر من العام الجارى، وهو الأمر الذى ترفضه طهران مشيرة إلى إنه لا يحق لواشنطن التدخل في هكذا قضية بحكم أنها اصبحت ليست طرفًا رئيسيًا في خطة العمل المشتركة الشاملة بعد انسحابها في مايو 8201 (2).

في السياق ذاته، اعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقاريرها الصادرة يونيو 2020 عن أن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بات يتجاوز الحد المسموح به والمنصوص عليه في الاتفاق النووي الذى أبرمته إيران مع دول (5+1) بنحو 8 أضعاف؛ حيث بلغت الكمية التي قامت إيران بتخصيبها في العشرين من مايو للعام الحالى 1571.6 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب، بينما الحدّ المسموح به هو 202.8 كيلوغراماً فقط، فضلاً عن الاشتباه في بعض المواقع التي تقوم فيها طهران بإجراء بعض الأنشطة النووية غير المعلنة. وهو ما ردت عليه طهران مؤكدة أن هذه التقارير جاءت متأثرة بضغوط أمريكية – إسرائيلية(3).

وبالتالى، يمكن القول أن هذه الاتفاقية مع بكين تمثل ضربة قوية لسياسات الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب تجاه إيران، وتعبر من ناحية أخرى عن مدى اليأس الذى انتاب طهران جراء عدم قدرة القوى الأوروبية على مواجهة السياسات الأمريكية المعادية لها، بل والمؤيدة لواشنطن في بعض الأحيان مثلما في ملف حظر السلاح. من ناحية أخرى، تبرز هذه الاتفاقية مدى القدرة التى تتمتع بها السلطات الصينية في مواجهة النفوذ الأمريكى بالمنطقة والإشارة إلى أنها  قوية بما يكفي لتحمل العقوبات الأمريكية، كما فعلت في الحرب التجارية التي شنها الرئيس ترامب. وهو الأمر الذي يأتى في ظل معاناة واشنطن الداخلية جراء تفشي فيروس (كوفيد19 ) المعروف بكورونا وزيادة عزلتها على المستوى الدولى.

ثالثًا-  استعادة النفوذ

يمكن القول أن الاتفاقية الإيرانية مع بكين تمثل فرصة جيدة النسبة لطهران لاستعادة نفوذها مرة أخرى في المنطقة بعد أن واجهت تحديات كبيرة في هذا السياق تمثلت في التصعيد الحالى مع الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وتوجهات رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمى الهادفة لتقليص النفوذ الإيرانى في بغداد عبر الحد من المكانة الكبيرة التي تتمتع بها الميليشيات التابعة لها هناك وبخاصًة جماعة حزب الله العراقية والحشد الشعبي(4). من ناحية أخرى، تواجه طهران حالة من التطويق الواضح في سوريا على خلفية سياسة المنطقة الرمادية التي تتبعها  تل أبيب  تجاه إيران هناك، والتي تقوم على تسديد مجموعة من الهجمات العسكرية ذات أثر واضح على المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا دون الدخول في حالة من التصعيد الكبير مع طهران(5).

من ناحية أخرى، ستؤدى هذه الميزات الاستراتجية الكبيرة إلى تعزيز النفوذ الصينى في مواجهة واشنطن ولاسيما بعد أن اعلنت استراتيجية وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاغون" للأمن القومي في  عام 2018   أن الصين خصم؛ حيث يمكن لهذه المنشآت الهامة في منطقة الخليج أن تمنح بكين ميزة التحكم  في المياه التي يمر بها معظم نفط العالم، فضلاً عن أنها تحتل أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تقع معظم قواعدها العسكرية ومقر أسطولها الخامس في البحرين.

الهوامش:

1-      Farnaz Fassihi and Steven Lee Myers, Defying U.S., China and Iran Near Trade and Military Partnership, The New York Times, 11/7/2020, available at https://cutt.ly/daQar0F .

2-      Julia Masterson, U.S. Aims to Extend Iran Embargo, Arms Control Association, June 2020, available at  https://www.armscontrol.org/act/2020-06/news/us-aims-extend-iran-embargo.  

3-      Kelsey Davenport and Julia Masterson, IAEA Board Passes Resolution on Iran | P4+1 and Iran Nuclear Deal Alert, Arms Control Association, June 19, 2020, available at https://www.armscontrol.org/blog/2020-06/p4-1-iran-nuclear-deal-alert.

4-      Shelly Kittleson, A Powerful Iran-Backed Militia Is Losing Influence in Iraq,  Foreign Policy, MAY 11, 2020,   Accessible at: https://foreignpolicy.com/2020/05/11/a-powerful-iran-backed-militia-is-losing-influence-in-iraq/.

5-      Gil Baram, Kevjn Lim, Israel and Iran Just Showed Us the Future of Cyberwar With  Their Unusual Attacks: A shadow war fought largely in secret has reached a new, more open phase, Foreign Policy, JUNE 5, 2020, available at:   https://cutt.ly/oaPb8H3

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟