المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
حبيب الصايغ
حبيب الصايغ

لإمارات وقطر . . كل النقاط على كل الحروف

الأحد 20/يوليو/2014 - 10:40 ص

الحقيقة واجبة المواجهة ابتداء أن دول مجلس التعاون تعيش اليوم لحظة تاريخية حرجة لا بد من التعامل معها بأسلحة الشفافية والمكاشفة والموضوعية والحرص . الوجه الآخر لهذه الحقيقة أن الحق فيها، شأن كل حق، واضح، وأن الباطل فيها، شأن كل باطل، واضح أيضاً، وكل من يتجاهل ذلك فإنما يعلن على رؤوس الأشهاد أنه ينتمي إلى الجهل، وأنه يصر إصراراً على عدم الفهم أو ادعاء عدم الفهم .

في أزمة الخليج الحالية، تبدو ثنائية الإمارات وقطر الأبرز، والواقع أن الجدل الدائر إنما بين أنموذجين مختلفين تماماً عن بعضهما بعضاً: أنموذج السياسة المعتدلة المتوازنة، والاعتدال عموماً، والانفتاح على الآخر، والتأسيس المستمر للتعدد وحوار الثقافات والحضارات، والتسامح، والتعايش، والتنمية العاقلة المستدامة التي تعرف طريقها إلى المستقبل بما يحقق رفاه المواطن والمقيم، ويحقق سعادة الشعب مطوقة بسور حصين من العدل والأمن والاستقرار، وكل ذلك يتمثل في أنموذج الإمارات، وعلى نقيض ذلك، تنحو دولة قطر الشقيقة نحو الإنغلاق والعزلة، وتذهب إلى النكوص وازدراء الآخر بما في ذلك فكره ومعتقده ودينه، وتكرس أسلوب التكفير وعدم التعايش، وتحتضن تيارات ظلامية، وتدعم إرهابيين ومنظمات إرهابية .

الفرق بين الأنموذجين كبير، والمسافة الشاسعة بينهما تعمق الجرح الحاصل الآن، خصوصاً بعد انكشاف سياسة قطر الخارجية على هزائم هائلة هي بالضبط في حجم الادعاء الفارغ بالتفوق والقوة، وتلك نتيجة طبيعية لمن يلعب في السياسة أدواراً أبعد أضعافاً مضاعفة مما يطيق .

الحقيقة الثانية، إلى ذلك، أن شعب قطر شعب عزيز، وأن الجميع هناك إخوة وأبناء عمومة، لكن ما أحدثته السياسات القطرية المناوئة ومعها طبولها وأبواقها الإعلامية شيء مريب قطعاً، وهو مريب أولاً، وقبل أي شيء آخر، لأنه يسيء إلى قطر ولا يحقق مصلحة الشعب القطري الشقيق بأي شكل من الأشكال . يقول الله في الفرقان الحكيم: "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً" (الكهف 103)

لا مقارنة بين أنموذجي الإمارات وقطر إلا بما يؤكد رجحان كفة الإمارات، وخسران الجانب القطري في كل مجال . الإعلام الإماراتي، من حيث البنى التحتية والتقنية والبشرية، ومن حيث الأداء والتأثير، متفوق وبما لا يقاس، وهذا حاصل كماً ونوعاً، فلا مقارنة بين صحف الإمارات ومثيلاتها صحف الجارة المغردة خارج سرب العقل والمنطق والحكمة، شكلاً ومضموناً، وهذا ينطبق على الفضائيات، وعلى المؤسسات والمدن الإعلامية .

وفي الإمارات المنتدى الإعلامي الأوحد عربياً، وهو الذي يعده الإعلاميون، والقطريون منهم ليسوا استثناء، المتنفس الأجمل، وفي الإمارات الجائزة الإعلامية العربية الوحيدة والأكبر، وهذه الجائزة، على سبيل المثال، هي الميزة التي يفتخر بها صحفي زميل كان دائماً محل الاعتزاز والتقدير هو الأخ أحمد علي المدير العام لصحيفة الوطن القطرية، وكان نالها في فئة الحوار الصحفي، وهو، نفسه، هاجم الإمارات أخيراً، في مقاله يوم الأربعاء الماضي .

نعود لاحقاً إلى مقالة أحمد علي التي هي حلقة من سلسلة مقالات تلبي رغبة الحكومة القطرية، ويمثل ذروتها المأساوية أو المريرة والمضحكة في الوقت نفسه عبدالله العذبة مدير تحرير صحيفة العرب القطرية، فهو يفضح في مقالاته وتغريداته قيادة قطر أكثر مما يفيدها أو ينتصر لها .

قناة الجزيرة التي أصبحت عبئاً إعلامياً وسياسياً على قطر، ذروة البؤس لدى الترويج لفكرة تجسس أبوظبي على غزة عبر أطباء وأطقم الهلال الأحمر الإماراتي، فمن المسؤول عن تعرض أولادنا الذين يقومون بمهمة إنسانية في غزة لأي أذى من أي طرف نتيجة الادعاءات القطرية .

يحاول إعلام قطر قلب كل حقيقة ناصعة، فعندما يزور الأنبا تواضروس الإمارات، في تأكيد حضاري على فكرة التعايش والتسامح والانفتاح، يحول هذا الإعلام زيارة تواضروس إلى تبشير وتنصير للإماراتيين، وعندما تنجح الإمارات تنموياً وسياحياً يذهب ساقطو قطر إلى "محاكمة أخلاقية هشة ومضحكة"، وها هو إعلام الهبوط عبر "الجزيرة" يذهب في الفبركات "كل مذهب"، بعد أن أرهقته وأغاظته مبادرة الإمارات غير المسبوقة تجاه الأهل في غزة .

في قناة "الجزيرة" بالذات يقال كلام كثير، لكن تعامل دولة قطر مع هذه القناة أصبح مكشوفاً أكثر من اللازم، وإذا افترضنا أنها مستقلة كما يروجون، فسوف نفترض بالتلازم، وكما يلزم التسلسل المنطقي، أن قطر قالت لقناة "الجزيرة": "اعملي على الأرض القطرية كما تشائين بكل حرية . تكلمي إيجاباً وسلباً كما تريدين . انتقدي أو هاجمي كل الدول والأوطان والبعيد والقريب، لكن حذار من الاقتراب من قطر، فقطر خط أحمر، وهذا شرطك الوحيد" .

السؤال الذي يلي بالضرورة، والذي يوجه إلى قطر و"الجزيرة" والعالم: هل يمت ذلك إلى الالتزام المهني والأخلاق بأية صلة؟

بعد ذلك، أتوجه إلى قناة "الجزيرة" بهذا التحدي: أعد بأن أتراجع عن هذا الرأي، وأعتذر ل "الجزيرة" علناً إذا وافقت القناة على استضافة ضيفين يتحاوران في برنامج "الاتجاه المعاكس"، أحدهما يعارض سجن الشاعر القطري محمد بن الذيب على قصيدة لمدة 15 عاماً، والآخر يؤيد السجن .

نعم هذه الفكرة البسيطة والطبيعية لا أكثر ولا أقل، وتفضلي يا "جزيرة"، وأثبتي حيادك وموضوعيتك .

المضحك المبكي بعد ذلك أن تتهم قطر الإمارات، بإفشال اتفاق الرياض، وكأن قطر وحدها الصادقة والساعية إلى حق، وكأن السياسة القطرية بين مقدماتها ونتائجها الطبيعية التي أدت إلى عزلة قطر بين جيرانها وبين معظم الدول العربية وفي طليعتها مصر سياسة منتجة، ولم تنكشف على هزائمها وفضائحها المدوية .

عودة إلى مقال الأخ أحمد علي الذي لم نتوقعه منه نظراً لمعرفتنا بمهنيته وأخلاقه وجذوره الإماراتية وصداقاته الإماراتية المتعددة، وكنا نتمنى منه عدم الفجر في الخصومة حال رضوخه لرغبة حكومية في الكتابة . هو يركز على التشيكك في عدالة الإمارات استناداً إلى تقارير منظمات مشبوهة، ولا ينسى الأسطوانة المشروخة حول الانتهاكات والتعذيب، ونريد من الأخ أحمد علي وكل الإعلاميين والمغردين القطريين الاتفاق على معايير محددة لاتخاذ مواقف موحدة من المنظمات المعنية: لماذا يستشهد بها القطريون عندما تتحدث عن الإمارات، ولماذا لا يعتبرون أقوالها لدى الحديث عن انتهاكات حقوقية وعمالية قطرية يترتب على تبنيها حرمان قطر من استضافة كأس العالم 2022؟

خارج هذا الاتفاق العقلاني المفترض، فليس معقولاً أن يتبنى هذا الطرف أو ذاك آراء هذه المنظمات، فتلك ليست إلا الانتهازية في أبشع صورها .

وليس مقبولاً أبداً هجوم القطريين برعاية من قيادتهم على الرموز الإماراتية خصوصاً عندما يرد هذا في الصحافة القطرية المحسوبة على الحكومة، فأخشى ما يخشاه المرء أن الصحافة القطرية، بكل رؤساء تحريرها وكتابها، أصبحت مجرد ألعوبة في يد حكومة تريد أن تسوغ فشلها الذريع بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة .

أين الإمارات وأين قطر؟

الفرق شاسع بين الادعاءات المنقولة عن مواقع إخوانية حول لقاء مزعوم مع ليبرمان لم نر له صورة ولم نسمع عنه خبراً ومجموعة من اللقاءات الموثقة لكبار كبار المسؤولين القطريين وزيارات إلى قطر بالصوت والصورة للرئيس "الإسرائيلي" ووزيري الخارجية والدفاع .

وأين قطر من الإمارات؟

فرق بين تجربة إماراتية يتم فيها تطوير البرلمان ونحن على عتبة انتخابات ثالثة وبين حديث عن الديمقراطية في العالم العربي من دون أدنى محاولة لإجراء انتخابات قطرية موعود بها منذ العام 2005 .

مرة جديدة، على قطر التقدم، ولو خطوة إلى الأمام، تحت طائلة مسؤولية الإضرار بأمن واستقرار المنطقة، حتى لا تضطر الدول المتضررة إلى خطوات تصعيدية نحو صيانة أمنها وحماية شعوبها، ومما لا يخفى على أحد أن أداء السياسة القطرية الضعيف تسبب في خلل بنيوي في عمل مجلس التعاون، وفيما أجلت أو ألغيت القمة التشاورية لا يُعرف حتى الآن مصير قمة "التعاون" المقبلة في الدوحة، حيث من المستحيل، مع استمرار الأوضاع السائدة، اكتمال النصاب المتمثل في أربع دول .

النقطة الأخيرة أن قطر تلعب على وتر الفتنة والتفرقة بين دول "التعاون"، فتروج لمصالحة مع أحد أطراف سحب السفراء، وهذا تصور خاطئ ومريض، أما الأخطر فهو الكلام على دولة الإمارات العربية المتحدة التي يغيظهم نجاحها باعتبارها إمارات متعددة، ما يؤكد اعتماد السياسة القطرية المكشوف إلى أكاذيب وافتراءات ثم تصديقها وكأنها حقائق دامغة .

الحقيقة الدامغة ورطة قطر، والذهاب الواعي أو غير الواعي في الورطة إلى آخرها، وتكريس شرخ في النسيج المجتمعي الخليجي بات من الصعب معالجته بمجرد قرار . نقلا عن جريدة الخليج

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟