المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
رودي روبن
رودي روبن

تهديد «اداعش».. وتهوين الإدارة الأميركية

الإثنين 25/أغسطس/2014 - 11:33 ص

أعرب الرئيس باراك أوباما عن غضبه الشديد لمقتل الصحفي الأميركي «جيمس فولي» بطريقة وحشية على يد تنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي المسلح، المعروف باسم «داعش». ووصف تلك الجماعة بأنها «سرطان» في المنطقة، وأكد أنها تعيث في أنحاء المدن والقرى فساداً وتقتل المدنيين العزل وتتركب أعمال عنف جبانة، بينما تسيطر على ثلث سوريا والعراق.

وعلى رغم ذلك، بينما كان هذا السرطان يستشري على مدار شهور، رفض البيت الأبيض الاعتراف بتفاقم خطر «الدولة الإسلامية»، متجاهلاً تحذيرات وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات. وفي يناير، وصف أوباما التنظيم علانية بأنه يحاول تقليد «القاعدة»، ولكن ليست لديه القدرة على تهديدنا.

ولم يتصرف أوباما إلا عندما أجبر على ذلك، بعد أن استحوذ التنظيم على الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، واتجه صوب بغداد، وهدد مدينة أربيل الكردية، وكان يعتزم ذبح 70 ألفاً من أفراد الطائفة الإيزيدية. وقد ساعدت الضربات الجوية الأميركية الأكراد على دحر الجماعة واستعادة السيطرة على أكثر سدود العراق أهمية، إضافة إلى إنقاذ كثير من الإيزيديين.

بيد أن أوباما لم يضع حتى الآن استراتيجية متكاملة للتعامل مع ذلك التنظيم الذي بات الآن أشد خطراً من «القاعدة». ولكن أنّى له ذلك إذا كانت إدارته لم تزل تقلل من شأن حجم التهديد أصلاً؟ ويبدو أن شعار البيت الأبيض هو «التفكير بشكل محدود والإصرار على أن تنظيم الدولة الإسلامية مشكلة عراقية في المقام الأول».

وبناء على ذلك، كان الدافع الذي ساقه الرئيس كسبب للهجمات الجوية هو حماية الموظفين الأميركيين في أربيل وبغداد، والحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية للإيزيديين. وبرر الضربات التي ساعدت في استعادة السيطرة على سد الموصل بأنها ضرورية لأنه إذا أعطبه مقاتلو «داعش» فمن الممكن أن يعرّض السفارة الأميركية في بغداد للخطر. وهو سبب معيب تماماً بالنظر إلى أن السد يبعد أكثر من 270 ميلاً عن السفارة.

وفي 9 أغسطس عندما سئل في حوار تلفزيوني نائب مستشار الأمن الوطني «توني بلينكين» عن حجم التهديد أجاب بأن التنظيم لا يمثل تهديداً مباشراً على الولايات المتحدة.

وأوضح «بلينكين» أنه على النقيض من تنظيم «القاعدة» الأصلي، لا ينصب تركيز مقاتلي «الدولة الإسلامية» على مهاجمة الأراضي الأميركية أو مهاجمة مصالحنا في الداخل أو الخارج. وأضاف: «إن تركيزهم منصب الآن على محاولة إقامة خلافة في العراق وجعلها قاعدة انطلاق لعملياتهم بمرور الوقت»!

غير أن ذلك التقييم يتعارض بشكل متكرر مع تقييمات خبراء داخل الإدارة الأميركية نفسها. فقد قال «بريت ماكجورك»، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق، أثناء جلسة استماع في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، «إن (الدولة الإسلامية) يتبنى مذهب تنظيم القاعدة وطموحاته، ولكنه يمثل تهديداً أكبر على المصالح الأميركية، وفي الحقيقة هو أسوأ من القاعدة».

وأكد «ماكجورك» أن التنظيم أصبح قوياً جداً بعد استحواذه على كميات ضخمة من الأسلحة الثقيلة الأميركية الصنع عندما اجتاح الموصل، ويعني ذلك أنه لم يعد مجرد تنظيم إرهابي، وإنما صار كجيش متكامل الأركان. وقد اكتنز التنظيم مئات الملايين من الدولارات جناها من الابتزاز وسرقة البنوك وبيع النفط من الآبار والمصافي النفطية التي صادرها في سوريا.

وأضاف «ماكجورك» أن زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» المدعو أبوبكر البغدادي يسعى إلى اقتفاء أثر بن لادن كقائد لـ«الجهاد العالمي»، ولكن بنفوذ أكبر مستمد من دولته الإرهابية في قلب الشرق الأوسط.

وبعد مقتل بن لادن في مايو عام 2011، أبّنه البغدادي وتوعد بـ«رد عنيف». وقد احتوت رسائله المسجلة دائماً على تهديدات مقنَّعة ضد الولايات المتحدة. ووعد في «رسالة إلى الأميركيين» بـ«أننا سنكون في مواجهة مباشرة».

وأشار «ماكجورك» أيضاً إلى أن عدد المفجرين الانتحاريين التابعين لـ«الدولة الإسلامية» يتراوح بين 30 و50 مفجراً شهرياً، وكثير منهم يحمل جوازات سفر غربية. وقد تفاخر التنظيم بأن أسترالياً وألمانياً فجرا نفسيهما في بغداد، موضحاً أنها مجرد مسألة وقت قبل توجيه هؤلاء المفجرين الانتحاريين إلى أماكن أخرى!

وفي الحقيقة، أعرب كل من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «جيمس كومي»، ومدير الاستخبارات الوطنية «جيمس كلابر»، ووزير الأمن الوطني «جيه جونسون»، والمدعي العام «إيريك هولدر»، جميعاً عن مخاوفهم من التهديد الذي يُمثله آلاف «الجهاديين» الأوروبيين وعشرات الأميركيين، الذين يتم تدريبهم من قبل التنظيم، والذين يمكنهم العودة إلى الدول الغربية دون أن يكتشفوا.

وبعبارة أخرى، فقد أضحى التهديد أكبر من أن يتمكن بعض الموظفين في السفارة الأميركية من احتوائه. وندرك جميعاً أن أوباما لا يريد التورط مرة أخرى في حرب مكافحة الإرهاب داخل دولة كان قد سحب منها آخر القوات الأميركية. وعلاوة على ذلك، لا أحد -أكرر لا أحد- حتى عضو مجلس الشيوخ «جون ماكين»، يرغب في عودة القوات البرية الأميركية إلى ميدان المعركة في بغداد أو الموصل أو الأنبار.

ونعلم أن أمل أوباما منعقد على أن يكون الزعماء الشيعة في العراق على قدر التحدي، ومن ثم يسترضون السنة، رغبة في قطع الطريق على تنظيم «الدولة الإسلامية». وسواء أحدث ذلك أم لا، فلن يفضي إنكار التهديد الذي يمثله التنظيم على الولايات المتحدة سوى إلى تأجيل وضع استراتيجية أميركية ملائمة.

وعلى أقل تقدير، يمكن أن تتضمن هذه الاستراتيجية تسليحاً أميركياً واستمرار الدعم الجوي للأكراد العراقيين الموثوق بهم، وتوفير معلومات استخبارية أفضل وإمكانية توفير دعم جوي لبغداد، واكتشاف سبُل إعاقة معسكرات تدريب «الدولة الإسلامية» في سوريا، وتنسيق قوى الحلفاء السنة في العراق ليصبحوا كياناً متماسكاً ضد «التنظيم».

ولا يمكن أن يحدث أي من ذلك، طالما أن البيت الأبيض مصرٌّ على التهوين من طبيعة التنظيم الإرهابي. وقد آن الأوان كي يخبر أوباما الشعب الأميركي الحقيقة بشأن تهديد تنظيم «الدولة الإسلامية». نقلا عن الاتحاد

 

يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟