المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
جاريث إيفانز
جاريث إيفانز

التدخل الصحيح في العراق

الأربعاء 27/أغسطس/2014 - 11:12 ص

يستحق الرئيس الأمريكي باراك أوباما الدعم غير المشروط على قراره باستخدام القوة العسكرية من أجل حماية الأقلية الإيزيدية المضطهدة من التهديد بالإبادة الجماعية على يد المتشددين الغزاة من "الدولة الإسلامية" في شمال العراق . إن ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية يتوافق بشكل كامل مع مبادىء المسؤولية الدولية لحماية الناس الذين يتعرضون لخطر الجرائم الوحشية الجماعية وهي المبادىء التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع سنة 2005 وفي هذا الإطار فإن التدخل العسكري الأمريكي يتوافق مع جميع عناصر مبادىء مسؤولية الحماية من حيث القانونية والشرعية والفعالية المحتملة من أجل تحقيق أهدافها الفورية .

على النقيض من التدخل العسكري الأصلي في العراق والذي لم يتوافق مع أي من تلك المبادىء فإن العمل العسكري الأمريكي الحالي وبالرغم من أنه يفتقد إلى تفويض من مجلس الأمن فلقد تم اتخاذه بطلب من الحكومة العراقية مما يعني أنه لا مجال للقول إنه يشكل خرقاً للقانون الدولي كما يبدو أنه يلبي المعايير الأخلاقية أو التحوطية لاستخدام القوة العسكرية التي وإن لم يتم تبنيها بشكل رسمي بعد من قبل الأمم المتحدة أو أي جهة أخرى، إلا أنها كانت موضوع نقاش وقبول دولي على نطاق واسع خلال العقد الماضي .

إن معايير الشرعية هي أن الفظائع التي تحصل أو يخشى أن تحصل تعتبر خطيرة لدرجة أنها تبرر - للوهلة الأولى- رداً عسكرياً بدافع إنساني وأن يكون من غير المرجح أي رد أقل فعلاً في إيقاف الضرر أو تجنبه وأن يكون الرد المقترح يتناسب مع التهديد وأن يكون نفع التدخل أكثر من ضرره .

طبقاً للأدلة المتوافرة فإن الآلاف من الرجال والنساء والأطفال والذين لجأوا لسلسلة جبال سنجار في شمال العراق هم في خطر حقيقي، فهم يواجهون الموت ليس فقط بسبب الجوع ووجودهم في العراء ولكن أيضاً من خلال الإبادة الجماعية على يد قوات "الدولة الإسلامية" والذين يتقدمون بسرعة ويعتبرون الإيزيديين كفاراً وقد ارتكبوا بالفعل فظائع لا مثيل لها في وحشيتها . ومما لا شك فيه أن الدافع الأمريكي في تحريك القوة الجوية لحمايتهم هو دافع إنساني . ومن الواضح أن أي إجراءات أقل لن تكون كافية، والسؤال الوحيد المتعلق بالتناسب هو ما إذا كانت الهجمات الجوية والمساعدات التي تلقى من الجو سوف يكون تأثيرها محدوداً في التعامل مع الأمر الطارىء وليس ما إذا كان هذا التأثير مبالغاً به .

بخلاف الغزو الذي قادته أمريكا في العراق سنة 2003 فلا يمكن القول إن التدخل العسكري الخارجي سوف يكون ضرره أكثر من نفعه . إن فعالية هذا التدخل على أقل تقدير في

حماية الإيزيديين (والأكراد وغيرهم في أربيل المجاورة) ستكون مشابهة للتدخل في ليبيا سنة 2011 من أجل منع التهديد

بوقوع مذبحة لسكان بنغازي على يد قوات معمر القذافي .

من المحبط لنا نحن الذين عملنا من أجل جعل مبادىء مسؤولية الحماية جزءاً من السياسة والممارسات الدولية أن يبقى القادة الأمريكان مترددين في استخدام هذا المصطلح، وهذا التردد يعكس إلى حد ما المخاطر السياسية المحلية المترتبة على التعويل على أي شيء يأتي من الأمم المتحدة ولكن يبدو أن من الفظاظة الشكوى عندما يتحدث أوباما هنا عن "دعم المعايير الدولية" وفي الواقع يتحرك من أجل تحقيق ما تتطلبه بالضبط معايير مسؤولية الحماية .

هناك بالطبع أصوات أمريكية - مثل الواقعي في السياسة الخارجية ستيفن والت - تدعو لعمل ما أقل على الأرض طالما أن المصالح الأمريكية غير متوافرة بشكل كاف من أجل تبرير أي تدخل عسكري مهما كان محدوداً .

لكن هذا يعتبر تبنياً لنظرة تقليدية ضيقة للمصلحة الوطنية - التركيز فقط على المنفعة الأمنية والاقتصادية المباشرة - وتجاهل البعد الثالث وهو ميزة السمعة التي تحدد بشكل متزايد مدى الاحترام والتواصل بين بلد وآخر . إن من المصلحة الوطنية لكل بلد أن يكون مواطناً دولياً جيداً وأن ينظر إليه على هذا الأساس كذلك .

لا يوجد دليل أفضل على المواطنة الدولية الصالحة من رغبة دولة ما بالتصرف عندما تكون لديها الإمكانات من أجل منع أو تجنب فظائع جماعية ولقد تم انتقاد أوباما مؤخراً في سياق مقاربته المتعلقة بمسيرة السلام بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين" . إن رده على معاناة الإيزيديين في العراق كان عقلانياً وعاطفياً في آن واحد وأمريكا والعالم قد أصبحوا في وضع أفضل بسبب ذلك . نقلا عن جريدة الخليج

 

* وزير خارجية أستراليا سابقاً ورئيس سابق لمجموعة الأزمات الدولية والمقال ينشر بترتيب مع بروجيكت سنديكت

www .project-syndicate .org

- See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/2b7e9c0b-4cc6-4384-85c4-84705a17d8cd#sthash.3bE3z530.dpuf

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟