المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د.محمد حافظ دياب
د.محمد حافظ دياب

داود أوغلو وحلم العثمانية الجديدة

الأربعاء 03/سبتمبر/2014 - 02:40 م

بعد تركه وزارة الخارجية، وتولّيه رئاسة الحكومة التركية الجديدة، هل ما زال داود أوغلو يواصل حلمه بالعثمانية الجديدة؟

يشار هنا، أن أوغلو هو ابن بلد يبحث، لم يزل، عن انتماء، وهو انتماء يتوزع بين سعي للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوربي، وبين الجري وراء لعب دور شرق أوسطي، وفي نفس الوقت يعيش نزاعا بين ارثه الاسلامي وعلمانية أتاتورك، ما حدا به إلى محاولة الانسجام مع جملة طموحات، قد لا تبدو متطابقة مع معطيات التاريخ والجغرافيا، بل والواقع في أحيان، وهو ما شغل بال أوغلو أستاذ العلوم السياسية السابق، والمنظر الأساسي الحالي للسياسية الاقليمية التركية الجديدة.

ففي كتابه (العمق الاستراتيجي)، الذي يعتبره البعض أساس فهم مرتكزات الانطلاق نحو رؤية تركيا لنفسها ولجوارها، يمثل المرجع العثماني أهمية فائقة لدى صاحبه، اعتباراً من وجود صلات مشتركة مع كافة المناطق العربية التي كان العثمانيون يسيطرون عليها سابقا.

ومنطلق أوغلو في ذلك، أن بلده لا يمكن أن تبقى مجرد جسر بين الغرب والشرق. بين أوربا وآسيا، وبين الاسلام والمسيحية، بل لابد أن تمثل مركزاً لتمارس منه دورها الحيوي، بأن تتخطى دور الدولة الممانعة لطموحات موسكو طوال الحرب الباردة، أو حتى دولة الوصْل بين الشرق والغرب، كي يتحقق حلم الدولة ذات العمق الاستراتيجي.

وفي رأيه، على تركيا، بهذا المقتضى، أن تكيّف سياستها الاقليمية تحت حكم "حزب العدالة والتنمية"، بتوظيف موروثاتها التاريخية والجغرافية، على نحو يتجاوز العوائق التي حالت دون تبلور سياسة اقليمية تركية نشطة في الماضي، مع ضرورة الربط بين العوامل الجيواقتصادية والجيوثقافية والجيوسياسية، وفي إطار يقوضّ اعادة تفعيل البناء الجيوسياسي لتركيا من جديد.

ولديه، فثمة خيارات ثلاثة متباينة، أمام تركيا انتهاجها في الشرق الأوسط:

الابتعاد التام عن هذه المنطقة ومشكلاتها، أو تطوير سياسات متناغمة مع سياسات معسكر دولي ما، كسياستها أيام الحرب الباردة، انطلاقا من تجنب تحمل مخاطر المبادرة منفردة في المنطقة. أما الخيار الثالث، فيعتمد على النظر إلى الشرق الأوسط، من خلال مقاربة تركية خالصة مركزها أنقرة، وهو ما حدده أوغلو لاستراتيجيته.

بخلاف ذلك، فتركيا محاصرة بطوق يشمل اليونان وايران وروسيا وسوريا، حيث الخلاف مع اليونان حول قبرص، ومع ايران حول الأكراد، ومع سوريا حول مياه الفرات وأحداث العنف فيها، وخشية تركيا من طموحات الروس لاعادة "شظايا" الجمهوريات السوفيتية السابقة.

اضافة إلى ذلك، فالصعوبات قائمة لم تزل بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي، رغم ترشحها لهذه العضوية عام 1999، ومشاركتها في مفاوضات الانضمام منذ عام 2005، حيث تنتقدها التقارير الأوربية لعدم وفائها بالعديد من "معايير كوبنهاجن" التي أقرها الاتحاد، وبخاصة ما يتعلق بعدم منح تركيا المزيد من الحقوق الثقافية والسياسية للأقلية الكردية، وتعاملها الحذر مع المنظمات غير الحكومية، وتباطؤها في إقرار لا مركزية هياكل الدولة.

والسؤال الآن هو: هل ستختلف رؤية أوغلو رئيس الوزراء، عن رؤيته كوزير للخارجية، في التنظير لسياسة تركية جديدة، يواجه بها مستجدات المنطقة؟.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟