المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
محمد خليفة
محمد خليفة

القارة الإفريقية بين الطموح الأمريكي والترقب الصيني

الأحد 07/سبتمبر/2014 - 11:30 ص

يتنامى اهتمام الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة بقارة إفريقيا لأسباب متعددة، فهذه القارة تحتوي على ثروات طبيعية، من بترول ويورانيوم وذهب وماس وسوى ذلك من المعادن، كما أنها توفر بيئة استثمارات ضخمة في مختلف المجالات، ولاسيما في مشاريع البناء والتشييد وفي قطاع الصيرفة والبنوك والتنمية الزراعية والصناعية، والتحديث في عمل الإدارات إلى آخر ما هنالك من مجالات للاستثمار المباشر وغير المباشر . وبعد استقلال دول إفريقيا عن الاستعمار الأوروبي (بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، بلجيكا وهولندا) في النصف الثاني من القرن العشرين، حدثت حالة من عدم الثقة بين إفريقيا وأوروبا استغلتها الدول المناوئة، وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي السابق الذي كان يطالب بتحرير الشعوب بهدف بناء تحالفات تابعة للنفوذ السوفيتي كما حدث في أمريكا الجنوبية الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، الغريم التقليدي للاتحاد السوفيتي آنذاك .

وسعت جمهورية الصين الشعبية التي برزت كقوة كبرى في الثمانينات من القرن الماضي، وراحت تبحث لها عن حلفاء ومناطق للنفوذ في قارة إفريقيا، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام ،1991 ظلت الصين تتابع تقدمها في نسج العلاقات مع مختلف الحكومات الإفريقية . ففي نوفمبر سنة ،2006 انعقدت القمة الصينية الإفريقية، عندما استقبلت العاصمة الصينية بكين زعماء أكثر من أربعين دولة إفريقية، اجتمعوا مع قادة الصين، وفي مقدمتهم الرئيس هو جين تاو، وكانت تلك القمة تعبيراً عن مدى اهتمام الصين بإفريقيا، وإعلاناً عن علاقات قوية ومتعددة بين الجانبين . وقد أصدرت الحكومة الصينية آنذاك وثيقة حددت فيها معالم سياستها تجاه إفريقيا، وأبرزت خطط التعاون المستقبلي في مختلف المجالات . وحددت ثماني مبادرات لهذه القارة شملت زيادة المعونات المقدمة للدول الإفريقية وإقامة صندوق لتشجيع الشركات الصينية على الاستثمار في إفريقيا، وإلغاء الديون عن بعض الدول الإفريقية، وإقامة منطقة تعاون اقتصادي وتجاري، وتعزيز التعاون في مجالات تدريب الموارد البشرية والزراعة والصحة والتعليم . والأهم، هو أن هذه المبادرات تم تنفيذها جميعاً برغم الأزمة المالية العالمية التي اجتاحت دول العالم ومنها الصين . واللافت في هذا الإطار هو الاهتمام الصيني الكبير بتنمية الموارد البشرية، فلا يكاد يمر يوم إلا وتستقبل المدن الصينية وفوداً إفريقية معظم أعضائها من الشباب لتدريبهم في مجالات متنوعة، وقد بلغ إجمالي عدد الأفارقة الذين تلقوا تدريبات في الصين 3400 دارس، مقارنة مع عشرات الطلاب فقط قبل سنين قليلة .

وتتميز الصين عن دول الغرب بأنها لا تسعى إلى الاستعمار المباشر، وفرض إرادتها بالقوة على الشعوب الضعيفة في الأرض، بل إنها تعمل وفق مبدأ الشراكة وعلاقات التعاون واحترام سيادة الدول، وانطلاقاً من ذلك فقد ركزت الصين اهتمامها على الاستثمار في التنمية، بدلاً من الارتكان إلى وسائل المنح، كما تقوم بمقايضة عوائد التنمية بالموارد الطبيعية، وقد ضخت أكثر من 3 .29 مليار دولار أمريكي في القارة منذ سنة 2002 في مشروعات تنموية، تهدف إلى استغلال الموارد الموجودة بتمويل من البنك الصيني للتصدير والاستيراد . وفي عام 2007 عقد البنك الصيني للتصدير والاستيراد اتفاقاً مع البنك الدولي بهدف التعاون في الاستثمار من خلال مشروعات بناء . وكانت الولايات المتحدة تراقب التمدد الصيني في إفريقيا، لكنها ظلت تكتفي بإطار العلاقات الثنائية بينها، وبين الدول الحليفة لها في هذه القارة منذ أيام صراع الحرب الباردة، لكن مع تغير طبيعة الصراعات في العالم، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة، والتي أدت إلى انفضاض الحلفاء من حولها، كان من الضروري أن تعيد الإدارة الأمريكية النظر في أولويات سياستها، وأن تنظر إلى المشهد العالمي بشكل مختلف عمّا كان عليه الحال في القرن الماضي، خصوصاً أن الصين تتقدم في مختلف قارات العالم ومنها قارة إفريقيا .

من هنا ارتأت الإدارة الأمريكية السير على نهج الصين، فدعت إلى عقد قمة أمريكية إفريقية لبحث الطرق الكفيلة بالنهوض بهذه العلاقات، وقد انعقدت هذه القمة في واشنطن في شهر أغسطس الماضي بحضور أكثر من 40 قائداً وزعيماً من رؤساء الدول الإفريقية . وبحثت هذه القمة غير المسبوقة سبل تدعيم العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والقارة الإفريقية، وتدعيم التنمية المستدامة في إفريقيا . كما ركزت على قضية السلام والاستقرار الإقليمي، خاصة بعد تزايد الصراعات في عدد من الدول الإفريقية في السنوات الأخيرة، ومراجعة سبل تحسين إدارة ومعالجة تلك الصراعات، وتحقيق الاستقرار فى القارة، وتدعيم الإدارة والحكم فى إفريقيا خلال الجيل القادم، وسبل تعزيز الأنظمة الديمقراطية على المدى الطويل والاستثمار في الشباب .

ويأتي هذا الحدث كمتابعة للجولة الإفريقية التي قام بها الرئيس باراك أوباما الصيف الماضي، حيث أعلن مبادرتي التجارة والطاقة في إفريقيا، سعياً لتعزيز تجارة الولايات المتحدة مع شرق إفريقيا .

وقد أوضح الرئيس الأمريكي رؤيته وطموحاته بالنسبة للقارة الإفريقية، حيث أكد أن الولايات المتحدة ستلعب دوراً محورياً لنقل القارة الإفريقية إلى المرحلة التالية من النمو، واندماجها في الاقتصاد العالمي . وتنحصر الأهداف الأمريكية في عدة نقاط أهمها تعزير التعاون الاستراتيجى والأمني، والحفاظ على مصالحها الاقتصادية في مواجهة التغلغل الصيني في إفريقيا، وتأمين الاحتياجات البترولية، حيث تستورد الولايات المتحدة 17% من احتياجاتها من إفريقيا . حيث يتوقع أن يصل عدد سكان القارة إلى الضعف بحلول عام ،2050 وتوجد فيه ستة من الاقتصادات العشرة الأسرع نمواً في العالم في إفريقيا جنوب الصحراء . وفي العام الماضي، استوردت الولايات المتحدة سلعا قيمتها 3 .39 مليار دولار من إفريقيا، لتمثل 7 .1 في المئة من إجمالي الواردات الأمريكية . كما صدّرت الولايات المتحدة سلعاً إلى إفريقيا بقيمة 24 مليار دولار، لتمثل 5 .1 في المئة من إجمالي الصادرات الأمريكية، وفق تقرير وزارة التجارة الأمريكية . وفي هذا الوقت تحرص الصين بشكل وثيق على توثيق تعاونها مع إفريقيا، الأمر الذي سيفتح المجال، في المستقبل القريب، أمام حرب اقتصادية واسعة بين الولايات المتحدة والصين للسيطرة على قارة إفريقيا . نقلا عن الخليج

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟