المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
سامى شرف
سامى شرف

قومية عربية لن تهزم

الأحد 07/سبتمبر/2014 - 11:33 ص

أن تعبير مصر أم الدنيا لم يأت من فراغ بل يمكن بلا مبالغة أن اقرر أن الخالق سبحانه وتعالى هو الذى قرر ذلك بدليل انها ذكرت فى القرآن الكريم خمسة مرات صراحة. . مصر. . وثمانين مرة بطريقة غير مباشرة ــ دراسة قمت بها شخصيا اثناء سنوات عشرة امضيتها فى السجون اثر انقلاب 13 مايو1971 ـــ ومن هنا فإن ثورة 23يوليو 1952 التى تبنت الفكر القومى العربى هى ترجمة عملية للدور الذى يجب أن تقوم به مصر باعتبارها أم العرب ــ هاجر أم سيدنا اسماعيل إبن سيدنا ابراهيم ابو الأنبياء، أم العرب والمسلمين .

كحبات المطر تسقط على أرض عطشى حبلى بالخير والنماء جاء الرجل فى شموخ يروى عطش المصريين للحرية والعزة والكرامة، جاء ليصحح مسار التاريخ، ويعيد الحق لأصحابه..

امتطى الفارس جواده.. ناضل وكافح.. نهض بوطنه وأمته من ثبات الموت إلى عنفوان الحياة، اخرجهما من صفحات التاريخ ليصنع بهما مستقبلاً جديداً جديراً بأمجادهما.. اختار لنفسه ولأمته ألا تكون تابعة لهذه القوة أو تلك جعل منها فاعلاً حقيقياً فى صناعة تاريخها وتاريخ العالم بأسره بعد أن كانت على هامش التاريخ مجرد مفعول به.

اجتهد الرجل بقدر ما استطاع لتحقيق مشروع النهضة المصرى والعربي، ولأنه بشر فقد أصاب وأخطأ .. انتصر ففرحنا به ومعه ونسب النصر لنا، وحين انكسر كان فارساً وأبى إلا أن يتحمل المسئولية وحده .. تمنى لو أزال المرارة من حلوقنا، وحمل عن كاهلنا كل خطايانا وما أكثرها.

أثقلت الأحمال كاهل الفارس، ورغم ذلك صمم حتى اللحظة الأخيرة أن يمهد لنا طريق النصر من جديد، وكم تمنينا لو أكمل معنا ليشاهد ما صنعت يداه، ولكن تلك إرادة الله .. رحل الفارس وترجل عن حصانه، وكما جاء فجأة رحل فجأة وكأنه أراد أن يجنبنا مرارة لحظة الفراق. وأستطيع أن أقول بضمير مرتاح أن قوميتنا العربية لم تهزم ولن تهزم لأنها قومية إنسانية غير عنصرية تعترف بالآخر وتحترم حقه فى الحياة وفى التعبير . . والذين هزموا ـ إذا جاز التعبير ـ هم بعض دعاة هذه القومية . .

لقد حمل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر مشعل القومية العربية صادقا وسار به نحو تحقيق أهداف ستة محددة واضحة اعلنها منذ اليوم الأول وبدأ التطبيق فى اقل من شهر سعيا لانصاف مجتمع النصف فى المائة وبناء مصر العربية الحديثة القوية المستقلة تحت شعار ظل يطبقه حتى يوم 28سبتمبر 1970 واعنى به الحرية والاشتراكية والوحدة وقبل أن يرحل الرجل كان قد استطاع بحب وثقة الشعب المصرى أن يبنى دولة مستقلة قوية زراعيا وصناعيا ـــ ألف مصنع منتج وطائرات وصواريخ وحديد وصلب والومنيوم ونووى واعادة بناء القوات المسلحة باحدث المعدات واساليب التدريب التى خاضت بها مصر حرب اكتوبر المجيدة واقتصاد حقق نسبة نمو حقيقى 76 % حسب تقرير البنك الدولى الأمريكى فى يناير1976 اى بعد رحيل الرجل بست سنوات . .

أما الآخرون فقد عملوا على تحقيق مصالحهم وأغلبها ذاتية ولذا فقد جاهدوا ليضعوا العراقيل أمامه فكانوا وبالا على الأمة العربية وربما أكثر أثرا عليها من الأعداء الخارجيين . هزم عبد الناصر فى معركة لإخلاصه ولكنه لم يسقط ، وهم تساقطوا لأنانيتهم ، أما الأصولية فهزيمتها طبيعية لهزال فكرها ومنشئها وليس لقوة أعدائها .

إننا لن نهزم لو قاد هذه الأمة رجال مخلصون يوفقون بين قوميتنا وبين ديننا. رجال ذوو إرادة حرة قوية، يؤمنون بالحرية والاستقلال لأمتهم من المحيط إلى الخليج . لا يستسلمون لقوى وضغوط أجنبية. لا يفرطون فى ذرة من أرض أوطانهم تحت أى مبرر أو أى عذر أو ادعاء بالتزام بمعاهدة أو اتفاق فرض على الشعب فى ليلة ظلماء. رجال يحترمون أنفسهم قبل أن يحترموا الأصول والدستور والقوانين والأعراف والأخلاق فيلتزمون ولا يتحايلون ولا يزوّرون من أجل البقاء على كراسى الحكم . رجال لا يغمضون أعينهم عن فساد أو إفساد يزداد انتشارا بشكل وبائى وفى بعض الأحيان بطريقة منظمة أو مستوردة من الخارج ومغلف بالبراءة. رجال لا يخشون فى الحق لومة لائم ولا يكذبون على شعوبهم . رجال لا يرتعشون ولا يخافون .

رجال لا يتوهمون ويعبدون أمريكا أو غيرها من طرف واحد ليروجوا بضاعة خاسرة وشراكتها يرددونها ببغاويا وهم فى الواقع ليسوا إلا أجراء ووكلاء ثانويين . . وهذه العلاقة التى هى من طرف واحد لا تقوم على الاحترام المتبادل وهى فى نفس الوقت ليست واجبة أو مطلوبة فى الوقت الراهن الذى تتبع فيه أمريكا سياسات معادية تماما للمصالح العربية منحازة بشكل أعمى للصهيونية وكيانها العنصرى ثم بممارسة سياسة استعمارية وتحتل أجزاء عزيزة من الوطن العربى واعنى بها فلسطين التى هى قضية مصرية قبل ان تكون عربية فأمن مصر القومى يمتد من النيل حتى جبال طوروس، وتندد علنا باتخاذ نفس السياسة مع بلدان عربية أخرى بالرغم من مئات المليارات من الدولارات التى تودعها هذه البلاد كحكومات وأفراد فى دورة الاقتصاد الأمريكى ، ورغم كل المساعدات والتسهيلات العسكرية التى قدمتها هذه الدول العربية طواعية لواشنطن ، ورغم البترول العربى المقدم لهم بأسعار زهيدة . . كل هذا لم يكف لشراء صداقة أمريكا التى لا تتردد فى الإعلان عن حقها فى فرض ما تراه على أمتنا متجاهلة عن عمد تردى الأوضاع فى هذا الجزء من العالم لأنها هى وتوابعها من الدول الاستعمارية التى خلقت وأنشأت كيانا عنصريا زرع فى قلب الأمة العربية .

لا يفوتنى هنا أن أٌنوه بأنه ليس بإمكان أمريكا أن تنشيء إمبراطورية كما قال أحد المفكرين الأمريكيين، رغم أنها تمتلك الجيش الأول فى العالم، لكن اقتصادها ضعيف، والاقتصاد الضعيف لا يمكن أن يصنع إمبراطورية . . رجال يسقطون نهج كامب دافيد والمشاريع الشرق أوسطية القديمة والجديدة التى استخدمت جماعات تحت ستار الدين ، الدموية منها وغير الدموية ، الذى أهدر قدرات 22 دولة عربية متكاملة تمتلك كل المقومات السياسية والاقتصادية ومن قبلها العقول البشرية ، وتحتل أهم موقع جغرافى فى العالم وتمتلك أهم ثروة ـ البترول ـ ذات تراث حضارى لا تملكه أمة أخرى ورغم ذلك لا تستطيع أن توحد هدفها وصفّها لتحمى نفسها من الهيمنة الصهيو أمريكية . .

رجال يحترمون احلام وامال و رغبات الشارع العربى الفقير والغلبان. وإذا تعارضت مصالحهم مع ما يطالب به الشارع فليرحلوا قبل أن تجتاح الشوارع ثورة الجياع و الفقراء وأصحاب المصلحة الحقيقية. لو تمت استفتاءات حقيقية نظيفة و سليمة الآن فى كل انحاء العالم العربى فسيختار الناس أصلح العناصر لحكمهم ولن تزيد نسبة الخطأ ـ من وجهة نظرى على 15% أو 20% وهذه تعتبر بداية معقولة لتفعيل إرادة التغيير ولو كخطوة عملية أولى على الطريق . .

رجال يضعون قضية الأمن القومى العربى بمفهومه الحقيقى نصب أعينهم ويعملون على تحقيقه بمؤسسة عسكرية وطنية قوية مهما كانت التضحيات ، والتفريط فى تحقيق هذا الهدف سيعنى ألا نكون .

رجال يؤمنون بحق المجتمع المدنى فى أن تكون له الكلمة الفصل فى مختلف القضايا الحياتية من تداول للسلطة والتمثيل النيابى الحقيقى و حرية الرأى والنشر والأحزاب والتظاهر والأمن وضبط الشارع العربى والفساد وإلغاء القوانين السالبة للحريات. نقلا عن الأهرام

مواطن قومى عربى مصرى ناصرى

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟