المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
جاك غولد سميث
جاك غولد سميث

الأحادية الرئاسية في شن الحرب

السبت 20/سبتمبر/2014 - 11:43 ص

مؤرخو المستقبل سوف يتساءلون: لماذا طلب جورج بوش، وحصل على تفويض من الكونغرس بشن حروبه ضد "القاعدة" والعراق، في حين أن خليفته لم يفعل؟ وهم سيتحيرون لماذا تحول باراك أوباما من ملتزم بسلطة الكونغرس الدستورية فيما يتعلق بإعلان الحرب، إلى نصير لمبدأ الأحادية الرئاسية في مسألة الحرب . وهم سيتعجبون لماذا ادعى أنه "يرحب بمصادقة الكونغرس" لمبادرته العسكرية الجديدة ضد "داعش"، لكنه لم يسع للحصول على هذه المصادقة حتى يضمن شرعية قانونية وسياسية واضحة للمعركة الشرسة التي يتوقع أن تستنفد سنتيه الأخيرتين في البيت الأبيض وتطبع رئاسته .

أوباما المرشح للرئاسة، قال في مقابلة مع صحيفة "بوسطن غلوب" عام 2007: "أظهر لنا التاريخ المرة تلو المرة . . أن العمل العسكري يحقق النجاح الأفضل، عندما ينفذ بتفويض ودعم من السلطة التشريعية، وأنه لمن الأفضل دائماً الحصول على تصديق الكونغرس قبل الشروع في عمل عسكري" . ولكن أوباما الرئيس نبذ هذه المبادئ . كما أن إعلانه في العاشر من سبتمبر/ أيلول أنه سيوسع نطاق استخدام القوة العسكرية ضد "داعش" من دون الحاجة إلى تصديق جديد من الكونغرس، يشكل أحدث مغامرة له في الأحادية الرئاسية، ويرسخ إرثاً من توسيع سلطات الحرب الرئاسية .

هذا الإرث بدأ في عام 2011 مع الحرب في ليبيا، حين اعتمد أوباما فقط على سلطاته بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة لكي يأمر قوات أمريكية بالانضمام إلى حلفاء أطلسيين في شن آلاف من الضربات الجوية التي قتلت آلاف الأشخاص، وأنجزت تغيير النظام . وقد جادل محاموه، من دون أن تكون هناك أي سابقة، بأن الهجمات الجوية على نطاق واسع في ليبيا لم تكن تعادل "حرباً" تقتضي مصادقة الكونغرس . كما أنهم فجروا ثغرة كبيرة في قانون سلطات الحرب (الدستوري) استناداً إلى ادعاء غير مقنع بأن الضربات الجوية في ليبيا لم تكن تشكّل "أعمالاً حربية" تقتضي انصياعاً للقانون .

ومع أن الرئيس أوباما تراجع الصيف الماضي عن تهديده بضرب سوريا، إلا أنه أعلن آنذاك أنه مخول بسلطة استخدام القوة من طرف واحد لأهداف محض إنسانية، من دون مصادقة من الكونغرس، أو الأمم المتحدة، أو حلف الأطلسي . وهذه النظرية الجديدة، التي رفعت كل قيود عملية عن تدخل عسكري رئاسي إنساني، أصبحت واقعاً في أغسطس/ آب مع الضربات العسكرية في العراق، التي استهدفت حماية مدنيين حوصروا في جبل سنجار وفي بلدة آمرلي .

وإعلان أوباما في العاشر من سبتمبر/ أيلول عن تصعيد الحرب ضد "داعش" في العراق، وربما في سوريا أيضاً، يرتكز على نظرية جديدة أخرى بشأن سلطات الحرب . ومنذ أغسطس/ آب، كانت الإدارة تقول: إن شن ضربات جوية في سوريا مبرر بموجب سلطات الرئيس الدستورية وحدها، إلا أن أوباما غيّر مساره في خطابه يوم 10 سبتمبر/ أيلول، بإعلانه أن الكونغرس يفوض الرئيس في الواقع بشن حملة ضد "داعش" في عام 2014 استناداً إلى قانون 2001 الذي طلبه الرئيس جورج بوش من أجل محاربة "القاعدة" وطالبان .

وهذه المقاربة الجديدة للإدارة تتيح لها الادعاء بأنها تتصرف بموافقة الكونغرس . ولكن المشكلة في هذه المقاربة هي أن فرضيتها الأساسية ليست مقنعة . إذ إن قانون 2001 فوض باستخدام القوة ضد "القاعدة" وشركائها . وتنظيم "داعش" كان في الماضي ينتسب ل "القاعدة"، ولكن "القاعدة" فصلته في وقت سابق من العام الحالي وقطعت كل صلاتها به . وبرغم ذلك، تصرّ الإدارة على أن قانون 2001 ينطبق على عملها العسكري الجديد، على أساس أن "داعش" يعلن أنه "الوريث الحقيقي لإرث أسامة بن لادن"، وأنه يحظى بدعم "بعض الأفراد والفصائل والأعضاء في المجموعات المتحالفة مع القاعدة" . ولكن إذا كان هذا الانتشار الفضفاض للقاعدة يدرج منظمة إرهابية ضمن نطاق قانون ،2001 فعندئذ يكون الكونغرس قد فوض الرئيس باستخدام القوة إلى ما لا نهاية ضد أي مجموعة جهادية إرهابية تقاتل ضد الولايات المتحدة . ومناورة الرئيس هذه إنما هي أحادية رئاسية متنكرة على شكل تفسير تشريعي غير قابل للتصديق .

والمفارقة الأكبر هنا هي أن الرئيس أوباما كان في الماضي يأمل في ترك إرث رئاسي يشمل إلغاء تفويض عهد بوش وإعلان نهاية "الحرب" ضد "القاعدة" . وفي خطاب ألقاه في مايو/ أيار الماضي في جامعة الدفاع الوطني (مؤسسة للتعليم العالي في واشنطن تمولها وزارة الدفاع) قال أوباما: "أتطلع لمحاورة الكونغرس والشعب الأمريكي في مسعى لتنقيح، وفي نهاية المطاف لإلغاء، تفويض قانون 2001"، مضيفاً قوله: "أنا لن أوقع قوانين يقصد منها توسيع هذا التفويض أكثر"، مشدداً في خطابه على أن "التاريخ والديمقراطية يفرضان إنهاء هذه الحرب، وكذلك جميع الحروب" .

ولكن الرئيس أوباما لم يحاور الكونغرس أبداً، من أجل تنقيح قانون 2001 . والواقع العنيف ل"داعش" سرعان ما دحض المطلب المفترض للتاريخ والديمقراطية، والرئيس أوباما إنما يوسع الآن بصورة درامية، ومن تلقاء نفسه، تفويض 2001 . نقلا عن الخليج

* بروفيسور في كلية القانون بجامعة هارفارد (موقع "تايم")

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟