المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د. عبد العليم محمد
د. عبد العليم محمد

الأسئلة الغائبة عن التحالف الدولى

السبت 20/سبتمبر/2014 - 11:47 ص

منذ عقد التسعينيات وحتى الآن، ومع تغير العالم وانتهاء القطبية الثنائية وتفكك الاتحاد السوفيتى السابق ومنظومة الدول الاشتراكية، تثير التحالفات الدولية ـ التى تزعم تشكيلها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية  وشاركت فيها كثير من الدول الغربية والعربية ـ الشكوك على جميع الأصعدة والمستويات من حيث الأهداف المضمرة والمسكوت عنها أو من حيث النتائج العملية التى انتهت إليها خاصة فى واقع المنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط والعالم الإسلامى.

تنوعت هذه التحالفات، من التحالف الدولى ضد العراق لتحرير الكويت، إلى التحالف الدولى ضد الإرهاب، والتحالف الدولى لغزو العراق، وأخيراً وليس آخراً التحالف الدولى ضد تنظيم «داعش» الذى يسيطر الآن على مساحات واسعة من العراق وسوريا وأعلن منها قيام الدولة الإسلامية ونصب خليفة للمسلمين فيها، وبالرغم من تفاوت حظوظ هذه التحالفات من المصداقية والصدقية، واستنادها إلى القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، فإن النتائج المتحققة كانت فى جانب كبير منها كارثية على الأقل من وجهة النظر العربية.

وإذا كان من الصحيح أن التحالف الأول أى الخاص بتحرير الكويت قد نجح فى استعادة هذا البلد الشقيقة لسيادته، إلا أنه قد أفضى عملياً إلى ارتهان أمن الخليج بالاستراتيجية الأمريكية، وكسر الحاجز النفسى الذى كان يحول دون الاستعانة بالقوات الأجنبية والغربية، وأجهض أى إمكانية وأى أفق لتطوير مثل هذه الإمكانية، لتوليد حلول ذاتية عربية توافقية للمشكلات العربية العربية، واستعادة النظام العربى لفاعليته وتأثيره كما حدث عندما هدد العراق باجتياح الكويت فى عهد عبدالكريم قاسم، والزعيم الراحل عبدالناصر.

حظى هذا التحالف الدولى الذى رافق تحول النظام الدولى من الثنائية القطبية إلى الأحادية القطبية بشرعية دولية مستمدة من نصوص الفصل السابع من ميثاق هيئة الأمم المتحدة.

 

وعلى غرار هذا التحالف حظى التحالف الدولى ضد الإرهاب بمساندة الأمم المتحدة وقراراتها بعد الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، بينما افتقد التحالف الدولى لغزو العراق لأى مشروعية قانونية أو سياسية، فلم يصدر ترخيص من الأمم المتحدة بشن الحرب على العراق ولم يثبت امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وتبين فيما بعد أن ذلك كذب صراح.

والأهم من ذلك أن التحالف الدولى ضد الإرهاب والتحالف الدولى ضد العراق قد أفضيا فى الواقع إلى ارتكاب جرائم وحشية فى حق المدنيين العراقيين وأفضيا عملياً إلى تقسيم العراق وتعميق الانقسام الشيعى السنى ومنح إيران نفوذاً إقليميا مهماً فى العراق وغيره من البلدان.

وفى التقييم النهائى فإن الحرب العالمية على الإرهاب ويا للمفارقة قد أفضت إلى تعميق وجود الإرهاب وانتشاره وتعزيز مخاطره، بل وامتداده لعديد من الدول الأخرى، وما أن ضعفت القاعدة باعتبارها المنظمة الأم للإرهاب، حتى استأنفت عشرات المنظمات طريق الإرهاب الذى شقته القاعدة بل بطريقة أكثر عنفاً وأخطر من ممارسات تنظيم القاعدة.

يثير التحالف الدولى ضد «داعش» ـ الذى أعلن مؤخراً عن قيامه ـ الكثير من الأسئلة بأكثر مما يقدم من إجابات، وبالرغم من أن المقدمات التى يبنى عليها التحالف صحيحة، المتمثلة فى خطر داعش على الإقليم والعالم وعدائه للدولة الوطنية الحديثة ومنظومة القيم الكونية التى ينشدها كافة المسلمين فى العالم الخاصة بالمساواة والمواطنة فإن صحة المقدمات لا ترتب بالضرورة صحة التوجهات وصدق الأساليب والوسائل التى ثبت فشلها، أى الوسائل العسكرية والأمنية باعتبارها الدرع الواقى من الإرهاب.

ولكى تكتسب هذه المقدمات فعاليتها فى واقع المواجهة فإن الكثير من الأسئلة الغائبة ينبغى بلورة إجابات حقيقية وواقعية عليها، فى مقدمة هذه الأسئلة السؤال المتعلق بمسئولية كافة الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية عن ظاهرة داعش، ودور كل منها فى دفع هذا التنظيم إلى الوجود واكتسابه هذه الفاعلية فى الواقع، وبعبارة أخرى كيف نشأ هذا التنظيم وما هو دور كل طرف فى نشأته وما حقيقة ما يتردد عن هذه الأدوار فى نشأته ونصيبها من الصحة والصواب.

 

إن هذه المواجهة الحقيقية للذات والنفس من قبل الفاعلين السياسيين والداعين إلى هذا التحالف ضرورية للفهم والاستيعاب والإقتناع، وما لم تحدث مثل هذه المواجهة فسنجد أنفسنا أمام أشكال وتنظيمات جديدة لذات الظاهرة.

أما السؤال الثانى فى سلسلة هذه الأسئلة الغائبة، فهو المتعلق بتعريف وبطبيعة الإرهاب، فمن الواضح حتى الآن أنه سواء تعلق الأمر بالتحالف الدولى السابق ضد الإرهاب أو التحالف الدولى الحالى ضد «داعش» فإن مفهوماً موحدا للإرهاب لم يطرح بعد، بل أقول أنه لم يفكر فيه بعد، ومن ثم يخضع أمر المواجهة للانتقائية وفق الأهواء والمصالح المضمرة، ذلك أن الإرهاب واحد لا يتجزأ إن كان فى العراق أوسوريا أو فى مصر أو فى نيجيريا وغيرها من البلدان، فهو باختصار العنف الموجه للمدنيين وغيرهم من أجل تحقيق أهداف سياسية، وما لم يكن هناك تعريف موحد للإرهاب فسيظل أمر المواجهة محكوما بالمعايير المزدوجة والكيل بمكيالين.

أما السؤال الثالث وليس الأخير فهو المتعلق بامتلاك نظرة شاملة وجامعة لأسباب الإرهاب محلياً وعالمياً وإقليمياً ذلك أن أى ظاهرة فى عالم اليوم لا يمكن تفسيرها خارج السياق الإقليمى والدولى بجوانبه الثقافية والقيمية والتفاعلات الممكنة عبر العالم، وكذلك بحث دور المظالم التاريخية الواقعة على الشعب الفلسطينى خاصة وشعوب العالم الثالث عامة، وهو بحث يفضى إلى معالجة وتشخيص أسباب الخلل فى النظام الدولى وحاجته للإصلاح ومواكبة تطورات ومشكلات المعمورة. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟