المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
آلان بارلوييه، وجورج مالبرونو
آلان بارلوييه، وجورج مالبرونو

هل يُتوقع «تدمير» الدولة الإسلامية؟

الأربعاء 24/سبتمبر/2014 - 11:11 ص

إلى اليوم، وضعت قطر قاعدة العُدَيد، والإمارات العربية المتحدة قاعدة الظفرة في تصرف القوات الجوية الأميركية والفرنسية. ولا شك في أن دولاً عربية أخرى تتمتع بنفوذ قوي لدى قبائل سنّية كبيرة بغرب العراق ومحافظاته، في مستطاعها حمل هذه القبائل على سحب ولائها لـ «الدولة الإسلامية». ولم تبخل الدوحة ولا بخلت عواصم عربية نافذة على سنّة العراق بالتأييد والمساندة في وجه تسلط رئيس الوزراء الشيعي، نوري المالكي الذي ترك منصبه أخيراً. وتتشدد واشنطن في مراقبة شبكات مالية، خليجية على الخصوص، تقدم المساعدات إلى جهاديين يقاتلون في العراق وسورية، وتدعو الدول العربية الإسلامية إلى الإشراف على الأئمة من دعاة قتال «الطاغية الأسد» والمحرضين عليه. ويتشارك الأردنيون وجيرانهم الانتباه إلى القبائل القريبة من الحدود العراقية، وملاحظة حركاتها وسكناتها. وأجهزة الاستخبارات الأردنية نسجت روابط وثيقة بشيوخ العشائر العراقية، فهي تعرفهم عن كثب منذ لجوء معظمهم إلى عمّان، ومدن المملكة الأخرى، غداة سقوط صدام حسين.

وهذه المفاوضات ترمي إلى إقناع العشائر بالتخلي عن «داعش» لقاء تلبية طلبها دوراً أرجح في القرارات والسياسات المركزية، وحصة أكبر في الجيش، والخروج من تهميشها على يد السلطة الشيعية. وبعض الأردنيين، شأن خليجيين هنا وهناك، يرفضون انخراط بلادهم في حرب على «الدولة الإسلامية». وعلى مثال سابقة 2002، عشية الحرب على صدام حسين، أعلن الأردنيون وخليجيون الحياد رسمياً، بينما كانت وحدات عسكرية تتسلل وتنفذ عمليات سرية.

ويطرح الوضع السوري مشكلة من نوع آخر. فالسؤال عما إذا كانت ثمة معارضة معتدلة في مستطاعها إدارة المناطق التي يخليها «الجهاديون»، لا جواب عنه. فالثوار المعتدلون الذين يساندهم الغربيون ليسوا إلا قلة قليلة، أي نحو 15 في المئة من المعارضة المسلحة والمناهضة للنظام. وهم يفتقرون إلى السلاح النوعي، ولا يملكون قرارهم الذاتي، ومنقسمون. وتجاوزتهم، منذ بعض الوقت، المنظمات المتطرفة مثل «الدولة الإسلامية» و «النصرة» فرع «القاعدة» المحلي، ورفاقهم المفترضون الذين ينتسبون إلى التيار السلفي أو «الإخوان المسلمين» ويجتمعون تحت لواء «الجبهة الإسلامية». وحظ المعتدلين في استعادة المبادرة ضئيل، وليس وشيكاً في كل الأحوال.

وأوكلت الولايات المتحدة إلى حلفائها المحليين البارزين ترتيب أوضاع المعارضة على نحو يتلاءم مع الحرب على بشار الأسد و «الدولة الإسلامية» معاً. وتقتضي هذه المهمة تقوية «الجبهة الإسلامية»، وعودة المقاتلين الذين تركوها إلى صفوف «الدولة». وتأهيل آلاف الإسلاميين المعتدلين والبقية الباقية من الجيش السوري الحر، يتوقع أن تتولاه السعودية، والعملية طويلة ولا ضمانة لنجاحها.

والمسألة العاجلة والملحة هي مسألة القوة الميدانية التي عليها الحلول محل «الجهاديين» الهاربين من قصف مواقعهم جواً في شمال سورية وشرقها. فالنظام عازم على العودة إلى هذا الجزء من البلاد. والغربيون لا ينوون الرضوخ لهذه العودة. ولا شك في أن المقاتلين الأكراد يرغبون في الانتشار في مناطق جلوا عنها مضطرين. وإلى اليوم، أنكر الغربيون ميل الأكراد إلى «العزف» المنفرد، وربما تواطؤهم من طرف خفي مع النظام. وقصد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس هذه المواقف المتضاربة حين قال إن قصف الأراضي السورية «أشد تعقيداً» من قصف الأراضي العراقية، (قبل أن يعلن الرئيس فرنسوا هولاند امتناع فرنسا عن قصف الأراضي السورية).

وموقف أنقرة ليس بعيداً من هذا التعقيد. فمعظم «الجهاديين» دخلوا سورية من الأراضي التركية، وغضت الاستخبارات التركية النظر عن تسللهم. وكان في مقدور تركيا، وهي عضو في حلف «الأطلسي» وشريك الغربيين فيه، التصدي للمتطرفين. وطالب الغربيون تركيا بالحؤول دون انتقال مواطنيهم المتطوعين الذين يحطون بإسطنبول أو أنقرة إلى سورية. ورد الأتراك بمطالبة الدول الغربية بالتشدد في مراقبة مواطنيها المغادرين إلى سورية. وحمل الإلحاح الغربي أنقرة على توقيف بعض «الجهاديين» العائدين من سورية إلى بلادهم، وتسليمهم إلى باريس أو لندن. إلا أن السلطات التركية، وهي بيد «الإخوان المسلمين»، متحفظة عن تشديد قبضتها على من حسبت يوماً أنهم أداتها لخلع بشار الأسد وإسقاطه. فإلى اضطرار تركيا مراعاة «الدولة»، حفاظاً على حياة رعاياها الرهائن الـ49 (قبل الإفراج عنهم بعد 3 أشهر من خطفهم)، تخشى تحريك خلايا «جهادية» نائمة لتبادر إلى مهاجمة أهداف على أراضيها في حال اشتراكها بالحرب على «الدولة الإسلامية».

ولا يسع تركيا، إذا عزمت على مراقبة انتقال المقاتلين إلى سورية ومنها، تأمين حدود طويلة طولها 900 كلم. وتركيا اليوم في حال شبيهة بتلك التي عرفتها سورية منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين: فيومها رعى النظام السوري انتقال آلاف الجهاديين إلى العراق لمقاتلة الأميركيين وحلفائهم، ليلفي نفسه في قبضتهم، وتحت تهديدهم. ولا تريد تركيا، من جهة أخرى، مجاراة أعدائها الأكراد من أنصار «الكردستاني»، الناشطين في العراق والمشتركين في حرب «الدولة». فهي قررت اختصار دورها في وضع قاعدتها الجوية القريبة من العراق، أنجرليك، في خدمة عمليات إنسانية ولوجيستية يحتاجها الحلفاء.

وجدوى العمل العسكري ضد «الدولة» أكيدة في ضوء الميزان العسكري المبدئي الذي يميل لمصلحة التحالف. فمقاتلو «الدولة» عديدهم 30 ألفاً على زعمها، لكنهم لا يتجاوزون الـ15 - 20 ألفاً، وهم مسلحون سلاحاً متفاوتاً. ويسع البيشمركة التعويل على 200 ألف مقاتل يفتقرون إلى استخبارات واحدة ومتماسكة. وعديد الجيش العراقي 300 ألف رجل، ويلاحظ ميشال غويا، العقيد في الجيش البري الفرنسي والمؤرخ أن «مقاتلي داعش يرغبون في القتال ومتحمسون له، وهذا عامل قوي التأثير في الحرب الفعلية، ويميل إليهم شطر من الأهالي السنّة». وأفلحت عمليات القصف التي شنها الطيران الحربي الأميركي، وبلغ عددها 150 منذ 8 آب (أغسطس)، في وقف تقدمهم في العراق.

لكن الهجمات الجوية، على رغم إيقاعها خسائر فادحة في صفوف المقاتلين، لا تحسم الحرب وحدها، يقول الخبراء. فالحسم يقتضي، إلى سلاح الجو، عمليات وقوات برية. ومن غير قوات برية غربية، لا تقتصر على المستشارين والقوات الخاصة، يتعذر إحراز القوات المختلطة انتصاراً حاسماً. وهذا الانتصار هو كذلك رهن إشراك قوات وطنية أو محلية، مدربة ومسلحة، شأن البيشمركة، في الحرب، شرط أن يتضافر عملها مع الجيش العراقي والعمليات الأميركية والغربية، والسعي في فك تحالف «الدولة» مع العشائر السّنية. والحال في سورية أشد تعقيداً، عسكرياً وسياسياً. فالمعلومات الاستخباراتية التي يوفرها الأكراد والجيش العراقي، وتصوّب ضربات سلاح الجو إلى الأهداف، قد لا تحصل عليها الطائرات الغربية في سورية. فالمعارضة المسلحة المعتدلة ضعيفة. ومقاتلو «الدولة» سطوا على سلاح مضاد للطيران في العراق. وسبق لجون كيري، وزير الخارجية الأميركي، أن قدر بـ3 سنوات الوقت الذي يحتاجه حسم الحرب على «الدولة».

والحرب في العراق تلبية لطلب سلطاته لا تقتضي قراراً من الأمم المتحدة. وعلى رغم هذا، شدد فرنسوا هولاند على ضرورة إرساء عمليات التحالف على القانون الدولي. ونبهت الولايات المتحدة إلى أن العمليات الحالية لا تمت بصلة إلى حرب 2003، حين عمدت إلى إسقاط صدام حسين من غير موافقة الأمم المتحدة. ودور هذه ليس إلا «وعاء العمل الدولي»، وجامع عمل الوكالات الأممية (الإنسانية والحقوقية...)، يقول رومان نادال، الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية. والقرار الرقم 2170، الصادر في 15 آب المنصرم، يفرض عقوبات على المتعاملين مع «الدولة الإسلامية». ويتصدر الأولويات تجفيف مصادر تمويل «داعش» والتعبئة في صفوفها. ويُتوقع اقتراع في 24 أيلول (سبتمبر)، في الجمعية العمومية الأممية، على قرار يتناول المقاتلين الأجانب.

انصراف «الناتو» إلى شرق أوروبا يحول دون تأطيره التحالف المناهض للجهاديين، لكنه لا يمنعه من تقديم العون للعراق «إذا صرحت حكومته برغبتها في ذلك». وفي وسع الحلف تولي تقوية دفاعات العراق وتدريب قواته. واقترح الحلف المنعقد بنيوبورت (ويلز) تنسيق أعمال الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة التي تحتاجها قوى التحالف. ويشترك «الناتو» في تداول المعلومات عن المقاتلين الأجانب والعائدين إلى بلادهم، وهو جزء مهم من «الرد الشامل» على «داعش» الذي ينوي التحالف مجابهة «الدولة» به. نقلا عن الحياة

* مراسلان، عن «لوفيغارو» الفرنسية، 15/9/2014، إعداد منال نحاس

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟