المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
حسن بن سالم
حسن بن سالم

لماذا لا يزال «داعش» يتقدم؟!

الثلاثاء 14/أكتوبر/2014 - 10:51 ص

على رغم مضي قرابة شهر على بدء غارات التحالف الدولي، على موقع ومقار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتأكيدات رئيس هيئة الأركان الأميركية ديمبسي في أول أيام الغارات، أنها قد أعاقت قدرات التنظيم، إلا أننا لا نرى شيئاً من ذلك تحقق بوضوح على الأرض، فمسلحو التنظيم لا يزالون -على رغم القصف- يتقدمون ويحرزون نجاحات جديدة على الأرض، ففي غضون تلك الفترة كانت المصادر الإخبارية ووكالات الأنباء، تشير إلى سيطرة التنظيم على عشرات من القرى بريف حماة وحلب والحسكة، والأهم هو مواصلة تقدمه وحصاره مدينة عين العرب-كوباني.

هذه المدينة التي كانت ملاذاً للنازحين من الصراع السوري، بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام السوري طوال سنوات الصراع، والتي أصبحت حالياً مهددة بالسقوط بأي لحظة في أيدي التنظيم، إذ سيطر «داعش» على أكثر من 350 قرية وبلدة وتجمع سكاني في أرياف المدينة خلال الأيام الماضية، وهجَّر أكثر من 190 ألفاً من سكانها إلى تركيا، ونهب وسرق -كما ذكر المرصد السوري- آلاف المنازل في القرى التي سيطر عليها، التي تركها أصحابها، ممن لاذوا بالفرار؛ خوفاً من قتلهم، من عناصر التنظيم، فالضربات الجوية الأميركية لم تنجح في وقف تقدم المسلحين نحو المدينة ومحاصرتهم لها، ولم تُصب هذا التنظيم بمقتل أو حتى بضعف.

وبمقاييس الربح والخسارة، فإن ما خسره التنظيم حتى الآن لا يضاهي ما حققه من تقدم، وهو ما يجعل مقاتليه وأنصاره على مسافة بعيدة حتى الآن من الهزيمة، فقبضة التنظيم لم تتراخَ أو تضعف بشكل ملحوظ في المناطق الواقعة تحت سيطرته، ولو حصل شيئ من ذلك لشهدنا حركة تمرد من أهالي وسكان تلك القرى أو المناطق، وهو ما يعني أنه ما زال يحتفظ بقوته التي تمكنه من الهيمنة وفرض نفوذه.

ففي الرقة عاصمة دولة «داعش»، قال ناشطون إنه لم يحدث أيّ تغيير ملحوظ نتيجة الغارات، هناك بعض الاحترازات الأمنية الاستباقية، تضمنت تقليل التجمع في المراكز المعروفة لهم في المدينة؛ تحاشياً للقصف، وهو ما جعل القادة والمسؤولين الأميركان يصرحون فيما بعد بأن الضربات لن تؤتي ثمارها، كونها وحدها لا تكفي، وأن الأمر لن يكون سهلاً، والاعتراف بالخطأ في تقدير خطر «داعش»، بل والاعتراف بأنّ القضاء على هذا التنظيم سيحتاج إلى سنوات من الزمن! فلماذا لم تنجح الغارات الجوية أو تحقق كثيراً من الأهداف المنشودة منها في إعاقة التنظيم عن التقدم أو في تدمير أهداف نوعية له؟

إذا تــجـــــــاوزنا ضبابيــــة الإستراتيجية الأميركية، وكونها شبه ارتجالية، وتفتقر إلى غايات سياسية واضحة وموحدة، فإن الإجابة تكمن في جهتين: الأولى هي أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قد اكتسب خبرة كبيرة خلال الفترة الماضية من الناحية العسكرية، واستفاد كثيراً مما حدث في الحرب الأفغانية من موضوع التفوق الجوي الأميركي، والأخطاء التي وقعت فيها القاعدة، فهناك أعداد من مقاتليهم ممن قاتلوا مع القاعدة في الحرب الأفغانية، أيضاً استفاد من خبرة الحرب العراقية عام 2003، وهو حريص، أشد الحرص على التقليل من حجم الخسائر بالآليات والمدفعية والدبابات، نتيجة القصف الجوي، التي هو بحاجة ماسة إليها عند المواجهات البرية، وليس ببعيد أن يكون من ضمن أهدافه الرئيسة في التقدم ومحاصرة مدينة عين العرب (كوباني) في ذروة القصف الجوي الأميركي، هو للتعجيل في استدراج التحالف إلى المواجهة والقتال البري، وهذا مطلب داعشي بامتياز، فهو يدرك تماماً أنه لا يستطيع إسقاط الطائرات المهاجمة، ولا وقف الصواريخ التي تسقط فوق مواقعه، ومن خلال استدراجه للقوات البرية سيحقق العديد من المكاسب.

أما من الناحية الأخرى -وهو الأهم- فإن ضعف جدوى أهداف الغارات الجوية تجاه «داعش» يتمثل في ضعف وسوء التنسيق، بل وانعدامه مع كتائب وفصائل المعارضة، التي يمكن أن تحصد وتستفيد مما تحققه القوة الجوية على الأرض، وتسهم بشكل كبير في إنجاز وتحقيق الأهداف المطلوبة من الضربات الجوية، ونتيجة لغياب ذلك التنسيق مع الفصائل السورية المعتدلة، التي تملك الخبرة والمعرفة بطبيعة الأوضاع على الأرض ميدانياً في سورية، ومناطق تمركز عناصر «داعش»، ولاسيما أن عناصر تنظيم الدولة غير متمركزين في مكان واحد، ويتوزعون بين المدنيين في أكثر من مكان، لا غرابة في أن الضربات قصفت مجرد مبان فارغة، أو لا تشكل أهمية للتنظيم، لأنه قد عمد إلى تغيير مواقع ومراكز قياداته وعتاده، منذ الإعلان عن التحالف الدولي، وكذلك أدى غياب التنسيق، إلى سقوط بعض المدنيين نتيجة استهداف الغارات لبعض المواقع خطأ، وقد قال المتحدث باسم الجيش السوري الحر: «حصلنا على وعود بالتنسيق الكامل، نحصل على وعود كهذه منذ بداية هذه الثورة، ولم يتحقق منها شيء، وبسبب عدم وجود تنسيق، قام التحالف الأميركي بقصف مواقع لا تبعد سوى 200 متر عن الجيش الحر!، واستمرار هذا الوضع في عدم الدعم والتنسيق قد بدت تنعكس آثاره بشكل إيجابي في قوات النظام السوري، في فرض هيمنته وسيطرته، ومحاولة استعادة بعض القرى التي عجز عن استعادتها طوال العامين الماضين، واستمراره في قتل شعبه بالبراميل، ليكون هو الرابح الأكبر من هذه الحرب، ومن ورائه إيران، وهو ما يزيد شكوك المعارضة المعتدلة أكثر وأكثر حول صدقية واشنطن، في أنها لن تسمح بأن يكون النظام هو الطرف الذي يملأ الفراغ عند أية انسحابات لتنظيم الدولة، وأن الجهة التي ستحل مكان تنظيم الدولة هي «القوى المعتدلة» في المعارضة السورية المسلحة. نقلا عن الحياة

* كاتب سعودي.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟