المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
أندريه زاوستروفتسيف
أندريه زاوستروفتسيف

انهيار مشروع الإمبراطورية النفطية الروسية

الأربعاء 22/أكتوبر/2014 - 10:46 ص

قبيل أزمة 2008 عمّت الدوائر الرسمية الروسية نشوة نفطية. وبدا ان ارتفاع اسعار الخامات النفطية لن يتوقف. وانتقلت عدوى التفاؤل الى قطاع الغاز، وأعدت خطط مشاريع ضخمة وخطط تصدير الغاز إلى الولايات المتّحدة، وأشارت التوقعات الى أرقام خيالية في نمو رأسمال «غازبروم»، ودار الكلام على إنشاء «أوبك للغاز». وسعت روسيا الى إعلان نفسها «امبراطورية الطاقة».

 سقوط «غازبروم»

لكن أسعار النفط تهبط اليوم. والكلام على «إمبراطورية الطاقة» صار من الماضي. وتقلّص رأسمال «غازبروم» أكثر من مرة عمّا كان عليه قبل الأزمة. وتضطرّ الشركة إلى إعادة النظر في شروط عقود طويلة الأجل ليست في مصلحتها. فسوق الغاز تصبح تنافسيةً. ويأفل نظام «خذ أو ادفع» عبر ربط سعر الغاز بأسعار النفط. وجمّد مشروع تصدير الغاز إلى أميركا التي تعدّ للبدء في تصدير الغاز في السنوات الخمس المقبلة. أمّا مشروع «أوبك للغاز» فيبدو أنّه وئد قبل أن يولد.

وفي 2008، توقع رئيس «غازبروم» ألكسي ميللر، أن يبلغ رأسمال الشركة تريليون دولار عام 2015. لكن الشركة هذه خسرت مذ ذاك ثلاثة أرباع قيمتها التي هبطت من 365 بليون دولار في 2008 إلى 90 بليوناً. ويتوقع استمرار الهبوط على وقع انخفاض سعر الروبل.

وتتزايد مشاكل «غازبروم» في أوروبا، ومنها، مثلاً، مشاكل مع ليتوانيا حيث تسعى الشركة إلى مد سيطرتها من قطاع تصدير الغاز إلى خطوط الأنابيب الأساسيّة وشبكات توزيع الغاز المحلية. واشترت «غازبروم» في ليتوانيا 37 في المئة من شركة توزيع الغاز المحلية. والنسبة هذه تتعارض مع قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة التي تلزم الحكومات تقليص حجم حصص الشركات. وتعرض شركة «غازبروم» على ليتوانيا مقابل عدم التزام هذه الخطوة الإصلاحية «الأوروبية» حسماً مقداره 20 في المئة من سعر الغاز. ولكن من الواضح أن القيادة الليتوانية يهمها أكثر التزام ضوابط الاتحاد الأوروبي.

وأبرز ما يزعج «غازبروم» في أوروبا اليوم هو أسعار الغاز في السوق الحرة، وهي أقل من تلك المنصوص عليها في عقود الشركة الطويلة الأمد. وتقدم الشركة في بعض الأحيان تنازلات، لكنها غالباً ما تتمسك بالسعر المحدد في العقد، وعندها تبدأ مرحلة الدعاوى القضائية بسبب انتهاك الشركة القانون الأوروبي لمكافحة الاحتكار، ومع الوقت تخسر تدريجاً حصتها في السوق، خصوصاً لمصلحة «ستاتويل» النروجية التي تبنت سعر السوق الحرّ. ويعصى على «غازبروم» تخفيض الأسعار الى سعر السوق الحرة بسبب الخصائص السياسية - الاقتصادية الروسية. فهي ملزمة تأمين دخلٍ يحافظ على المستوى الاجتماعي لـ «النخبة الموالية» للشركة، وتمويل المشاريع الحكومية الكبرى.

وتوفر «غازبروم» حالياً 8 في المئة من الناتج المحلي الروسي وخمس الموازنة الاتحادية، بالتالي، مشاكل الشركة هي مشاكل روسيا، ومستقبل النظام الاقتصادي الروسي القائم على ازدهار صادرات النفط والغاز مهدد بأكمله.

الماضي يقتل المستقبل

وجنت روسيا بين عامي 2001 و2010 من بيع موارد النفط والغاز 1.6 تريليون دولار، أي عائدات أكثر بـ5 مرات من عائدات العقد السابق.

وأنفقت هذه الأموال على أجهزة الأمن والاستثمارات المكلفة، في وقت يفتقر كثير من البيوت والشقق في المدن الروسية الى إمدادات مياه أو مياه ساخنة أو صرف صحي أو تدفئة مركزية، ولا يوزع الغاز في أكثر من ثلث الأبنية. وفي العقد الأخير لم تتغير هذه الأرقام، بل بلغ التدهور في المرافق العامة نسبة 70 في المئة.

ويدور الكلام في روسيا على تنويع الاقتصاد، والسبيل هو تغيير الاقتصاد جذرياً، لكن موسكو تتمسك ببقاء الأمور على حالها. فالنظام الاقتصادي هذا يضمن الاحتكار السياسي، لذلك، لا يتوقع أن تبادر السلطة في روسيا إلى إصلاح قطاع النفط والغاز وإنشاء شركات خاصة مستقلة.

ونمو الاقتصاد الروسي وثيق الصلة بارتفاع أسعار النفط والغاز. وانخفاض الأسعار يفرض اللجوء إلى احتياطات صــندوق الرفاه الوطني، فيما أموال الاحتياط تنفق على مشاريع الطرقات الكبرى التي لا جدوى اقتصادية منها، فهي تخدم المصالح الشخصية وطموحات بعض السياسيين.

ويتوقع أن يصيب روسيا في المستقبل القريب انهيار اقتصادي في وقت تعجز عن استخدام مصادر الأموال الخارجية. وتداعي اقتصادها يؤدي إلى نزاع اجتماعي بين مجموعات النخب المتنافسة على السلطة والمجتمع الأوسع، وستدخل البلاد مرحلة اضطراب اجتماعي. والسبيل إلى الخروج من الهاوية هو احترام حقوق الملكية وسيادة القانون، واحترام خيار المواطنين. نقلا عن الحياة

* أستاذ محاضر في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، عن موقع «روسبالت» الروسي 18/10/2014، إعداد علي شرف

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟