حَمَلت إنجازات جبهة المقاومة، الكيان الصهيوني وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ومعها بعض الأنظمة الاقليمية على التركيز علی هذه المنطقة. وأدرك هؤلاء ان أوضاع الشرق الاوسط بالغة الخطورة وتدعو الى جهد مشترك لجبه تقدم محور المقاومة وعدم فقدانه مواقعه السابقة.
وفي وقت سلّطت أميركا وتركيا وفرنسا وبريطانيا ودول خليجية الضوء علی تهديد «داعش» المنطقة، أعلن بعض خبراء الاستراتيجيا في الغرب أمثال وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كسينجر، ان هذا الزعم في غير محله، وأن مصدر الخطر الفعلي هو الثورة الاسلامية (الايرانية) وليس «داعش». فهذا التنظيم وفق قوله فقاعة أمنية قد تتبدد في الأمد القصير. لكن الإدارة الأميركية وتركيا ساهمتا في تضخيم خطر»داعش» وزعمتا ان هذه الظاهرة لن تختفي في القريب العاجل. وفي الاسابيع الاخيرة، استهدفت أميركا وحلفاؤها الثورة الإسلامية. وقول بعض ممن هم داخل أجهزتنا الحكومية ان ايران والولايات المتحدة بلغتا بعد 35 سنة من المواجهة نقطة مشتركة في مواجهة الحركات الارهابية، ساذج.
ولا يخفى على الولايات المتحدة وحلفائها انهم عاجزون عن مواجهة الثورة الاسلامية، ولا يسعهم إلحاق الضرر بها. وبعد 35 سنة على الثورة، في متناول ابنائها فرص كثيرة تتعاظم يوماً بعد يوم. وتفتقر أميركا وحلفاؤها الى امكانات الثورة المؤتلفة من قيم وانجازات وحواضن شعبية. ولا تستطيع واشنطن النطق باسم الاسلام، أو باسم المستضعفين الذين ينظرون اليها على انها نظام استكباري. ومن أين لها ان تقنع الملايين من الهند الى مصر بالابتعاد عن الثورة الاسلامية؟ وحين فشلت الولايات المتحدة في القضاء علی الثورة هذه، افتعلت مواجهة كاذبة معها في الداخل والخارج. وفي فتنة 2009، حاول بعضهم الوقوف في وجه الثورة الاسلامية، وتذرعوا بحجة واهية، أي تزوير الانتخابات، بعدما عجزوا عن مواجهتها. وحين أَخفقت مساعيهم، لجأوا الی شبكات التواصل الاجتماعي من أجل بث الاكاذيب والاشاعات المغرضة. وتستخدم أميركا هذه الشبكات لإشاعة اكاذيب تزعم هزيمة الثورة الاسلامية خلافاً لما يثبته الواقع: صمود الجبهات التي تحارب فيها الثورة ومناصروها.
تسعى أميركا الى مواجهة الثورة الاسلامية بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد والقنوات الفضائية. ويسلك هذا الطريق من يلتزم النهج الاميركي داخل ايران. وفي بعض الاحيان، توسل هؤلاء الاذاعة والتلفزيون الايرانيين لتمرير افكارهم من أجل تشويش أذهان الرأي العام الايراني. ومثال علی ذلك الإشاعات التي روّجها بعض الاجهزة الحكومية، ومنها الاذاعة والتلفزيون الايرانيان، والتي زعمت ان «داعش» وصل الی مشارف بغداد، في حين انه لم يسيطر سوی علی مدينة هيت الصغيرة التي تبعد عن العاصمة العراقية 100 كيلومتر. ونجحت القوات العراقية في تحرير قسم كبير من محافظة الأنبار وكل مناطق محافظة صلاح الدين تقريباً. وانجازات دحر قوات «داعش» حملت بعض وسائل الاعلام الغربية، على غرار «نيويورك تايمز»، على القول ان أنصار آية الله خامنئي نجحوا في فك الحصار عن أمرلي. وجلي ان تنظيم «داعش» الذي سيطر علی ثلاث محافظات عراقية في حزيران (يونيو) الماضي، فشل في الاحتفاظ بربع تلك المناطق. ويدعو الى الاستهجان ان وسائل الاعلام الغربية وحلفاءها في المنطقة وأذنابها في الداخل الايراني لا يقرون بالوقائع ويحرّفونها لأنهم لا يريدون الاعتراف بقوة المقاومة ومحورها. والمؤسف ان ينتهج بعض وسائل الاعلام الداخلية النهج ذاته، فيجعلنا نخشى تغلغل الأميركيين في بعض وسائل الاعلام الايرانية.
أثبتت الوقائع والمؤشرات ان الولايات المتحدة والأنظمة المتحالفة معها لم تتقدم قيد أنملة في مناطق الاشتباك. ولا يسع أحد القول ان اميركا تتقدم في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، أو ان حلفاءها يتقدمون في المنطقة. ولا يجرؤ أحد على تأكيد أن الكيان الصهيوني سيكون موجوداً في العقد المقبل. ولا يستطيع احد ان يزعم ان الجمهورية الاسلامية ستواجه خطراً حقيقياً في الأعوام العشرة المقبلة، أو أن محور المقاومة سيواجه مستقبلاً مظلماً. لكن الإمبريالية الإعلامية تحاول قلب الحقائق، ويجب الاعتماد علی قدراتنا وعدم الاعتماد علی وسائل الإعلام الخارجية والداخلية التي تفوح منها رائحة أميركا. نقلا عن الحياة
* أكاديمي، عن «كيهان» الايرانية، 27/10/2014، إعداد محمد صالح صدقيان