المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
 أمينة شفيق
أمينة شفيق

الدفاع عن الدولة والتوحد حولها

الأحد 02/نوفمبر/2014 - 11:08 ص

عندما نبه الرئيس عبد الفتاح السيسي المصريين إلى الأخطار التي تهدد دولتهم، ثم طلب منهم التوحد حولها، كان محقا. كان الرئيس محقا في توجهه الفكري لأن هذه الدولة المصرية كانت مستهدفة، ولا تزال، من الداخل ومن الخارج.

من المؤكد أن خروج المصريين في الثلاثين من يونيو 2013 حدث تحت إحساس عام أن دولتهم التي يعرفونها تسير إلى اتجاه آخر غير ذلك الذي يعرفونه. لاحظ المصريون الإشارات التي ولدت لديهم هذا الإحساس. فحدودها لم تعد تحترم ويحافظ عليها من حاكمها. ومؤسساتها لم تعد تدار لمصالحها العليا. لمحو ازدواجية في الحكم تهدد مستقبل دولتهم المركزية القديمة. نما هذا الاحساس بعد أن بدأت العلاقات الخارجية المصرية تدار من مكتب في الرئاسة وفي تجاهل لجهاز الخارجية العتيد المتمرس، وبعد أن كانت القرارات تصدر في الثامنة مساء لتلغى في الثانية صباحا، وبعد محاولة طمس تاريخها وخاصة انتصار العبور العظيم في احتفال مزيف وبعد أن طرحت الجماعة مشروعها لتخريج قضاة شرعيين ليحلوا محل القضاء الطبيعى في المحافظات، وربما، أيضا، بعد أن أعلن المرشد أن الجماعة سيكون لديها فريقيها الكروي الحامل لاسمها و. . و. . إشارات أخرى كثيرة جعلت المصريين يخافون على دولتهم التي ورثوها منذ آلاف السنين. ولا شك أن ثورة الخامس والعشرين من يناير لم تقم من أجل «فك» وبعثرة الدولة المصرية وإنما قامت من أجل تطويرها والتقدم بها، بأن نجعلها أكثركفاءة وشفافية وديمقراطية وحداثة وقدرة اقتصادية وعدالة إجتماعية وبحيث تتحقق فيها درجة أعلى من الكرامة لكل مواطن مصري ومواطنة مصرية يعيشان على أرضها وداخل حدودها. دولة مؤسسات بجانب كونها دولة قانون ودولة مواطنة تحقق المصالح العليا للإنسان المصرى.

خرج الشعب المصري يؤيد ثورة شبابه في التحرير في الخامس والعشرين من يناير، من اجل تطوير دولته هذه وليس من أجل فكها وبعثرتها كما يحدث الآن في بعض بلدان المشرق العربي. يعلم الشعب المصري بالتجربة التاريخية وبالحس الفطري البسيط أن تحقيق طموحاته في حياة كريمة عادلة ديمقراطية لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار وفي وجود دولة تملك جيشا يحمى حدوده وشرطة متطورة تحافظ على حقوقه اليومية وأمنه الداخلي وقضاء عادلا ومنظومات خدمية تقدم له احتياجاته اليومية بكفاءة ويعدل بين الجميع. المهم أن توجد هذه الدولة أولا ثم تستمر وتتطور. هذه الدولة، التي بدونها لن يصل هذا الشعب إلى أي من طموحاته.

للمواطن المصري تجربته التاريخية مع هذا الكيان السياسي المسمى بـ «الدولة المصرية» والتي بدأ إعادة تأسيسها على نمط أكثر حداثة مع بدايات القرن التاسع عشرثم استمرت تتطور في أدائها وتركيبتها. فهو يعلم قيمة ان يعيش داخل حدود معترف بها، وأن يملك جيشا منذ عام 1920 وأن يمتلك بجانب ذلك جهازا إداريا تنفيذيا يستطيع تنظيم امور زراعته وتعليم اولاده. لذلك يقولون إن مصر هي أقدم دولة في الشرق الأوسط ، كما أنها أقدم دولة في القارة الإفريقية. ولم يحدث ذلك بالمصادفة، وإنما حدث بجهد وبحراك شعبيين متواصلين مرتبطين بدفع مراحل التطور الاقتصادية والاجتماعية وتطور الإنسان ذاته.

نعم، كانت مصر مستعمرة بريطانية، ولكن لابد ان يعترف الجميع ان البلد الشرق أوسطي وكذلك الإفريقي الوحيد الذي تم استعماره بعد معركة عسكرية شرسة. لذا إستمرت أولى هجمات وعمليات القنص التي يمارسها الاستعمار أو التدخل الخارجي لحظة التمكن من مصر هي خفض عدد جنود الجيش المصري وكذلك خفض نوعية تسليحه. . هدفت هذه الهجمات او عمليات القنص الاستعمارية للنيل من أحد المكونات الأساسية الهامة للدولة المصرية وهو الجيش المصري. ولكن هذه الدولة التي أدافع عن وجودها وعن أهمية التوحد حولها ليست تلك الدولة التي نسعى جميعا لتحقيقها بعد ثورتين شعبيتين وبعد إتضاح ذلك المخطط المحاك، من قوى خارجية لها إمتدادها الداخلي، لتفكيكها وبعثرتها. نسعى لاستكمال بناء دولتنا ولكن على أسس ليست كتلك الأسس التي بدأت مرحلتها الحديثة منذ قرنين. تريدها الآن دولة ديمقراطية مدنية حديثة تحمي حقوق الإنسان وتحقق له العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية.

في مرحلتنا التاريخية الآنية نجد أنفسنا مسئولين جميعا عن حماية هذه الدولة وهذا الكيان السياسي المصري واضعين في الاعتبار أننا نطوره لصالح المواطنين ولصالح مستقبل مصر. وهو جزء من عملية مرحلة التحول التي نعيشها كما تعيشها كل ثورات ما يسمى بالربيع الشبابى بدءا من تحولات بلدان أوروبا الشرقية إلى بعض البلدان العربية. ولكن هذا التحول يحتاج إلى عدد من العناصر المهمة ضمن العناصر الأخرى التي هي أساسية في مرحلة التحول هذه:

منها أن هذا التحول إلي تحقيق مباديء الثورتين مع استقرار الدولة ذاتها، لا يتم ولن يتم إلا في إطار من سلمية الحركة الشعبية والمعارضة. فالمعروف تاريخيا أن العنف والإرهاب يقوضان التحرك الديمقراطي في أي مجتمع. كما يقوضان محاولات التقدم الاقتصادي في كل مرحلة. فالعنف والإرهاب يستنزفان قدرات الدولة البشرية والمادية. فبدل البناء الاقتصادي والاجتماعي تتجه المعركة إلى مناهضة العنف والإرهاب. ويمكن في حالتنا هذه إجراء عملية حسابية لكل الإنفاق على ترميمات أثار العنف والإرهاب التي أنفقتها الدولة منذ أحداث فض اعتصام ميدان رابعة وإضافتها إلى تلك النفقات التي صرفت على إصلاح وترميم محولات الكهرباء ومقارات الشرطة فسوف نكتشف أنها وصلت إلى المليارات التي كانت من الممكن أن تكون قد وجهت للبناء الاقتصادي والاجتماعي. كما يمكن إجراء عملية حسابية أخرى لمعرفة عدد شهدائنا منذ الخامس والعشرين من يناير فسوف نكتشف كم القدرات الشبابية التي فقدتها ثروة التقدم البشري المصرية.

ومنها أننا لابد من وضع رؤية واضحة تسعى لتطوير جهاز الدولة الأساسي وهو الجهاز التنفيذي ذو الإحتكاكات اليومية بالمواطن صاحب المصلحة اليومية. بمعنى واضح، نحول جهاز الدولة الأساسي من كونه جهازا مركزيا بيروقراطيا ليستمر جهازا مركزيا ولكنه ديمقراطى يخضع لرقابة الشعب. .

الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة ستكون سلاح المصريين لحماية بلادهم. ستكون سلاحهم للحفاظ على الجامع كما للحفاظ على الكنيسة وعلى المدرسة والمصنع وعلى كل بيت وأسرة. كما أنها ستكون سلاح المصريين ليستمروا مواطنين بنائين لا يتحولون إلى لاجئين ينتظرون معونات الغذاء من الأمم المتحدة.  نقلا عن الأهرام

  

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟