المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

المجال العام في الدولة السلطوية: مفهوم القوة بين الخطاب والفاعلين

الإثنين 01/ديسمبر/2014 - 10:40 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. إبتسام علي حسين*

منذ أواسط الستينيات من القرن الماضي، حظيت دراسات المجال العام باهتمام بحثي متزايد بفعل الإسهام النظري الذي قدمه الأكاديمي الألماني المعروف "يورجين هابرماس" والذي من خلاله تتبع تاريخ نشأة المجال العام في أوربا في العصر الحديث(١). وكان البُعد الأساسي لإسهام هابرماس هو ذلك المتعلق بطبيعة المجال العام الاتصالية تمييزا له عن المجال السياسي الذي هو مجال التنافس علي الوصول للسلطة(٢). تمييزا له عن المجال المدني حيث العلاقات القائمة على المصلحة المشتركة والثقة المتبادلة من ناحية أخرى(٣). وعلى الرغم من الاهتمام البحثي الواسع بالمجال العام، فإن الإسهامات الأساسية فيه تأتي عادة من تخصصات خارج حقل العلوم السياسية مثل تلك التي قدمها كل من هابرماس عالم الاجتماع(٤)، وسالفاتور عالم اللغويات(٥)، بيد أن اليوم، خاصة منذ ما يسمّى بالربيع العربي، ظهرت محورية المجال العام للعمل السياسي ودور الأول في تمكين الأخير، وهو ما يحتم التعامل مع المجال العام كجزء من حقل العلوم السياسية. من هذا المنطلق، تسعى الدراسة لتقديم الأبعاد النظرية الأساسية لعلاقة المجال العام بالمجال السياسي من خلال مفهوم القوة في علاقة النظام الحاكم بالمجال العام من ناحية، وعلاقة الخطاب بمستخدميه من ناحية أخرى.

إن الاتصال المتزايد والكثافة العالية لتداول المعلومات قد أتاحا فرصة كبيرة لأصحاب الخطابات البديلة في تقديم آرائهم وتحدي الخطاب التقليدي المفروض على المجال العام.

1- الخطاب في المجال العام بمفهوم الميتالغة

تنطلق هذه الدراسة من افتراض أساسي في التصدي للخطاب في المجال العام فيما يخص تعامل الدولة، وتحديدا النظام الحاكم داخل الدولة السلطوية، مع المجال العام، مفاده أن النظام الحاكم يسعى لتقييد المحتوى المتداول داخل المجال العام تحسبًا لقدرة هـذا الأخير التأثير على المجال السياسي، وتحديدا على تراتبية الفاعلين داخل المجال السياسي، بما يهدد سيطرة النظام لصالح لاعبين آخرين ينتمون بشكل أو بآخر للمعارضة، والتي يكون من مصلحتها تحجيم النظام وتقليل درجة سيطرته علي المجال السياسي(٦). ينطلق هذه الافتراض الرئيسي من مفهومين أساسيين: مفهوم سالفاتور عن الميتالغة(٧) ومفهوم فوكو عن الخطاب كمجال لممارسة القوة(٨). وفقا لسالفاتور، أي مجال عام يحتوي على ميتالغة، هذه الأخيرة تحدد ماهية الموضوعات التي يتم تناولها والطريقة التي يتم من خلالها مناقشة هذه الموضوعات في المجال العام. تعلق إسهام فوكو من ناحية أخرى، بفكرة الخطاب كمصدر للقيود علي مستخدميه بما يحدد كيفية استخدام الخطاب والمعايير التي على أساسها  يتم إقصاء بعض مستخدمي الخطاب عن الخطاب نفسه(٩).

ومن الواضح تداخل الفكرتين النظريتين رغم أن عقودا من الزمان تفصل الأول عن الثاني من حيث ظهور الفكرة ناهيك عن تداولها بين الباحثين. حيث إن الميتالغة هي بشكل أو بآخر نوع من القيد أو القيود المفروضة على الخطاب وعلى مستخدميه في المجال العام. تبدو مسألة وجود الميتالغة كنوع من القيد على الخطاب أكثر وضوحا في الخطاب الديني، حيث تقدم النخبة الدينية الرسمية خطابا يحدد ملامح الحقيقة الدينية من ناحية ويوضح خطوطا حمراء تمثل أساسا للإقصاء على مستخدمي الخطاب الديني من ناحية أخرى(١٠). وعلى الرغم من أن الاتصال المتزايد والكثافة العالية لتداول المعلومات والآراء الناتج عن العولمة قد أتاحا فرصة كبيرة لأصحاب الخطابات البديلة في تقديم آرائهم وتحدي الخطاب التقليدي السائد والمفروض على المجال العام(١١)، فإن قدرة مجموعة محددة من الأفراد أو الجماعات المسيطرة على الخطاب أو الميتالغة تظل قائمة في العديد من الحالات التطبيقية للفكرة(١٢). بيد أن هذه الدراسة تعني بالأساس بسيطرة النظام الحاكم على المجال العام تحديدا على الخطاب المتعلق بالحكم والحكام بالأساس وليس بالمعنى الديني للفكرة.

فوكو: إن الخطاب يمكن أن يخضع لممارسة القوة من خلال بعض مستخدميه اللذين ينخرطون فيما يسمّى بإنتاج خطاب الحقيقة

2- القوة في الخطاب وفاعليه

وفقا لمنظور "القوة من خلال الخطاب" الذي قدمه فوكو في عام ١٩٧٠ في محاضرة شهيرة له بعنوان "تراتبية الخطاب "(١٣)، فإن الخطاب يمكن أن يخضع لممارسة القوة من خلال بعض مستخدميه الذين ينخرطون فيما يسمى بإنتاج خطاب الحقيقة، فيتم إعادة تعريف بعض أبعاد الخطاب من قبل هولاء، تحت فرضية تقديم الخطاب الحقيقي . تتمثل المعضلة في هذا المجال في قدرة هؤلاء على تغيير عناصر الخطاب دون التعرض لممارسات الإقصاء المشار إليها أعلاه. بمعنى آخر، كيف يستطيع مستخدمو الخطاب ممارسة القوة على الأخير دون فقد شرعية استخدام الخطاب التي تتحدد من خلال قوة الخطاب نفسه على مستخدميه(١٤). وينطوي هذه الصراع بين قوة الخطاب على مستخدميه وقدرة مستخدمي الخطاب على إعادة صياغة الخطاب نفسه على بُعد نظري وآخر تطبيقي.

من الناحية النظرية، تربط ممارسة القوة في أي من الاتجاهين الخطاب، والمجال العام بشكل أوسع، بحقل العلوم السياسية من منطلق محورية مفهوم القوة نفسه لمجال العلوم السياسية(١٥). من الناحية التطبيقية، يعد هذا المفهوم الديالكتيكي للقوة ما بين الخطاب والفاعلين هو محور القيود التي يفرضها النظام السلطوي على المجال العام والمحاولات الموازية للخروج على هذه القيود من قبل جماعات تنتمي بشكل مباشر أو غير مباشر للمعارضة، معارضة النظام الحاكم(١٦). وجدير بالذكر أن مفهوم القوة عند فوكو متجذر في إنتاج المعرفة بمعنى أن ما يتم تقديمه على أنه حقائق هو، من منظور فوكو، نتاج لممارسات قوة تتمثل في ممارسات الصراع والهيمنة التي هي خصيصة أساسية للتاريخ الإنساني(١٧). بهذا المنطق، يكون الخطاب أو الميتالغة الذي بلوره سالفاتور بالشكل المشار إليه آنفا هو جزء من هذه الممارسات وأن الحقيقة أو الخطاب السائد ما هو إلا خطاب الجماعة التي نجحت في الهيمنة على المجال العام(١٨).

 ٣- مساحات الخطاب البديل في ظل العولمة

 أثبت الإعلام المستقل والإنترنت وغيرهما من أدوات الاتصال الحديثة، في أكثر من حالة، قدرة عالية على تمكين الخطاب البديل، بل وتقويض دور النظام الحاكم في فرض مفرداته على المجال العام . وخير مثال علي هـذه المسألة هو ثورات الربيع العربي، التي اعتمدت بشكل رئيسي على وسائل الاتصال الحديثة في تجاوز العراقيل المفروضة للدولة السلطوية من أجل تعزيز وحشد صفوفها وصولا إلى إعادة ترتيب مواقع وأدوار الفاعلين في المجال السياسي، وعلى رأس هؤلاء موقع النظام الحاكم السلطوي نفسه(١٩). هذه النقطة تحديدا هي أساس تقديم دراسة المجال العام كجزء من حقل العلم السياسية في هذه الورقة انطلاقا من فكرة دور المجال العام في تشكيل المجال السياسي على الرغم من الجوهر الفكري للمجال العام نفسه.

من البدهي في ظل العولمة أن تزيد حدة الصراع علي تعريف الحقيقة بتعبير فوكو أو الميتالغة بتعبير سالفاتور مع تزايد خطر الانكماش الذي يواجه خطاب الجماعة المهيمنة على المجال العام التي هي بالأساس في الدولة السلطوية تتمثل في النظام الحاكم. وتعد فكرة الصراع في المجال لعام نفسها وثيقة الصلة بمفهوم بورديو عن مجال الأفكار بوصفه مجالا للتنافس بين "المنتجين" على الطلب، أي الطلب على الأفكار، وهو ما يفسر الطبيعة الصراعية بين الخطاب المهيمن والخطابات البديلة (٢٠(، خاصة تحت تأثير العولمة التي زادت من وتيرة الاتصال، والتي فتحت آفاقا جديدة لقنوات التعبير عن الرأي يصعب على النظام الحاكم صاحب الخطاب المفروض التحكم في محتوى المادة المتداولة من خلال هذه القنوات المتعددة المتوازية.

أثبت الإعلام المستقل والانترنت وغيرهما من أدوات الاتصال الحديثة، في أكثر من حالة، قدرة عالية على تمكين الخطاب البديل، بل وتقويض دور النظام الحاكم في فرض مفرداته على المجال العام.

4-  دور المثقف بين التبعية والاستقلال

هنا يأتي الدور المحوري للمثقف كجزء من هذا الهيكل المعقد من فاعلين وخطابات تعكس مراكز الفاعلين بالأساس خارج المجال العام وتحديدا داخل المجال السياسي. فبما أن المجال العام هو بالأساس مجال الأفكار وهو مجال قائم على فكرة الاتصال والنقاش، فإن المثقف يضطلع بدور رئيسي في المجال العام والميتالغة(٢١). لكن تتمثل المشكلة، من الناحية النظرية، في كيفية تعريف المثقف نفسه: هل هو الشخص الذي ينخرط في مشروع للإحياء الحضاري أو القومي(٢٢)؟ أم الشخص الذي يعيد تقديم التراث التاريخي(٢٣)؟ أم الشخص القائم علي بناء تعزيز الهوية(٢٤)؟ وحقيقة الحال هي أنه لم، وربما لن، يكون ثمة اتفاق علي وظيفة المثقف في المجتمع، والتاريخ مليء بنماذج من شخصيات قدمت نفسها وتم تعريفها من قبل المجتمع بوصفهم مثقفين، مع اختلاف الطبيعة التي اتسمت بها وظيفتهم الثقافية من حالة إلى أخرى. وخروجا من هذا المأزق، يتم التعامل مع المثقف على أنه هذا الشخص الذي يهتم بالشأن العام لمجتمعه ويبدي استعدادا للانخراط في المجال العام على أساس من هذا الاهتمام (٢٥).

بيد أن ثمة اتجاها نظريا يجد أساسا في الكتابات الاشتراكية يحاول الربط بين المثقف والطبقات الاقتصادية، بمعنى افتراض أن المثقف هو ممثل للطبقات الاقتصادية بما فيها الطبقة الاقتصادية الأقوى التي عادة ما تأتي النخبة السياسية من بين أبنائها.  يقوم هذا النوع من التحليل ضمنيا على ما يسمى بالنظام الرمزي، حيث يكوّن المثقفون الممثلون للطبقات الاقتصادية نظاما موازيا لذلك الاقتصادي، وتكون الوظيفة الأهم للمثقف هي تمثيل مصالح الطبقة الاقتصادية التي تستخدمه في تعظيم دورها ومكانتها في مواجهة غيرها من الطبقات(٢٦) . ولكن هذا النوع من التحليل يختزل دور المثقف ويحصره من ناحية، كما أنه لا يعبر عن شمول أو عموم الظاهرة في الحالات التطبيقية من ناحية أخرى. ومكمن هذا القصور في التحليل هو انطلاقه من المنظور الاشتراكي القائم على محورية فكرة الطبقة في المجتمع.

وبطبيعة الحال يمكن أن يتخذ المثقف صفة المثقف الإسلامي أو الاشتراكي أو اليساري أو الشيوعي أو غيره من الصفات. لكن يرتبط القمع الذي يتعرض له المثقف، عندما يتبنى الخطاب البديل المناهض، أو ربما مجرد المخالف، لخطاب النظام الحاكم بالأساس بالخطوط الحمراء التي يرسمها النظام الحاكم للمقبول والمرفوض والمسموح والممنوع داخل المجال العام(٢٧). هذا الترسيم يتم عادة من خلال توظيف عبارات مطاطة وصلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية ترد في النصوص القانونية الحاكمة للمجال العام(٢٨(. بالإضافة لممارسات من القمع المباشر يلجأ إليها النظام جزئيا من خلال تحجيمه لاستقلال القضاء الوطني وتوظيف الأخير من أجل قمع المعارضين، ضد شخصيات لها وجود معتبر مؤثر في المجال العام من أجل إبراز تفضيلات النظام الحاكم فيما يتصل بالمحتوى الذي يتم تداوله من ناحية(٢٩). ومن أجل نقل رسائل أوسع للمنخرطين في المجال العام من لتجنب مجموعة معينة من الأفكار أو المواقف من ناحية أخرى.

تتقاطع هذه الممارسات مع مفاهيم سائدة عن المثقف المستقل والمثقف التابع للدولة(٣٠). ولا يجوز الخلط بين هذه المفاهيم، فليس كل مثقف مستقل معارض للنظام الحاكم وليست كل مواقف المثقف التابع للنظام مؤيدة علنا أو بشكل مستمر للنظام أو الحكم . إذ إن فكرة استقلال المثقف عن النظام من عدمه تتحدد بالأساس من خلال التبعية المؤسسية أو المالية للمثقف في علاقته بالدولة(٣١). يمكن أيضا أن تبقى ملامح التبعية غير واضحة أو غير معلنة.  وفي هذه الحالة، يتم عادة الاستدلال عليها من خلال مجمل مواقف المثقف خاصة تجاه سياسات النظام داخليا وخارجيا دون وجود أدلة أو دلالات قاطعة على وجود تعاون أو تبعية معلنة بين النظام ومثقف بعينه (٣٢). وهو الأمر الذي يزيد من تعقد ظاهرة استقلال المثقف من عدمه عن النظام.

 5- مفهوم الرصيد الثقافي أو Cultural Asset :

عادة ما يمتلك المثقف ما يسمى بالرصيد الثقافي، وهو عبارة عن بعد وأكثر من سيرة المثقف تسهم في إضفاء صفة المثقف عليه . فليس من قبيل المصادفة أن العديد من الشخصيات التي تم تعريفها على أنهم مثقفون في التاريخ الإسلامي الحديث كانوا خريجي معاهد وكليات متخصصة في علوم الدين(٣٣). واليوم نجد الكثير من المثقفين في كل لمجتمعات حاصلين على درجات علمية رفيعة أو ينتمون للنخبة الفكرية والمهنية للمجتمع مثل القضاة. وهو ما يضفي على المثقف نوعًا من الشرعية، أي شرعية الإسهام في المجال العام من منطلق افتراض المعرفة الواسعة ورجاحة العقل وغيره من الصفات التي تبدو محورية للمجال العام بوصفه مجالا للأفكار والنقاش والحوار القائم على الرأي والرأي الآخر(٣٤(.

وفيما يخص الرصيد الثقافي، لا يمكن الجزم بأن التبعية تبدأ من جانب النظام أم من جانب المثقف. فليس هناك نمط واحد في هذا الخصوص.  فقد يسعى النظام لاستقطاب المثقف نتيجة الشهرة الواسعة للأخير أو يسعى المثقف، استثمارا لرصيده الثقافي، لإقامة علاقة من التبعية أو النفع المتبادل مع النظام من أجل تعظيم دائرة نفوذه السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو كل ذلك معا) ٣٥). ولكن ما يمكن الجزم به في هذا الصدد هو أنه يصعب على المثقف عندما يكون فاعلا في المجال العام إن يخرج عن هذين النمطين التبعية أو الاستقلال عن النظام. فمن خلال مواقفه، يتم النظر إليه على أنه مع أو ضد النظام حتى وإن لم يكن المثقف مستهدفا تقديم نفسه على هذا الأساس.

6- الخطوط الحمراء واستمرارية المثقف

ومن ثم، يكون دخول الشخص للمجال العام بصفة الاهتمام بالشأن العام والإسهام في هذا الشأن كما أسلفنا فرصة قوية لتسييس المثقف أي نقله من المجال العام إلى لمجال السياسي بفاعليه ومصالحه وآلياته .بيد أنه في ظل النظم السلطوية، يكون على المثقف لزاما أن يوازن بين مواقفه المعلنة من ناحية وبين الخطوط الحمراء التي يفرض النظام الحاكم المحاذير حولها من أجل الحفاظ على سلامته الشخصية واستمرار وجوده كفاعل في المجال العام وتجنب يد النظام الباطشة التي يمكن أن تنال المنخرطين في المجال العام بالأذى بأكثر من وسيلة كما أسلفا من ناحية أخرى(٣٦ .(

لكن الحفاظ على صفة المثقف وتجنب الخطوط الحمراء لا يعني بالضرورة تجنب الموضوعات والقضايا الحساسة. فهنالك أكثر من طريقة يستطيع المثقف من خلالها معارضة النظام دون الاصطدام بهذا الأخير. فعلى سبيل المثال، يمكن تقديم الخطاب البديل في شكل استعراض نماذج ناجحة للحكم السياسي أو تقديم الانتقاد في شكل نصائح وتوصيات(٣٧). كما أن بعض المثقفين يلجأون إلى الانتقاد من خارج حدود الدولة أي من خلال وجودهم في دول أجنبية خاصة تلك التي يمكن الإشارة إليها بمصطلح الديمقراطيات المستقرة(٣٨). في هذه الحالة، تتاح فرصة كبيرة وآمنة للمثقف للتعبير عن آرائه التي تتعارض مع الخطاب المفروض على المجال لعام داخل بلده الأم.  بيد أن هذه المسالة تحتاج إلى مثقف يتمتع بقدرة عالية على التواصل مع وسائل الإعلام أو مؤسسات صنع القرار في الدولة الأخرى من أجل إحداث التأثير الذي يرنو إليه المثقف، وهو الأمر الذي لا يتوفر إلا للقليل من مثقفي الدول السلطوية بفعل القيود الكثيرة التي يفرضها النظام السلطوي في أغلب الأحيان على تعاون الأفراد والمؤسسات مع جهات أجنبية( ٣٩).

وفي حالة ممارسة هذا النوع من الضغط من الخارج على النظام، قد يلجأ الأخير إلى ممارسات قمعية مثل إسقاط الجنسية عن المثقف كنوع من العقاب بالحرمان من زيارة الأهل في الوطن الأم(٤٠). وفي الأساس، يعد إسقاط الجنسية مسألة ليست بالهينة، ومن المفترض أنها من ناحية القانونية صعبة التطبيق لكن النظام السلطوي يتمكن من خلال هياكله القانونية والصلاحيات التنفيذية الواسعة المخولة له أن يمرر المسالة بقدر كبير من اليسر وبقرار شخصي من رئيس الدولة أو رئيس الوزراء، أيهما أعلى من حيث هيكل السلطات والصلاحيات.

  ومن الملاحظ أن تدخل النظام الحاكم من أجل قمع المنخرطين في المجال العام عادة ما ينحصر فيما يمكن أن يطلق عليه" السياسي" أو ما يتعلق بأمور السياسة. على الرغم من أن هناك أكثر من تعريف لكلمة "السياسة" فإن ثمة اتجاهات محددة في هذا المجال. حيث كان المفهوم التقليدي للمصطلح يشير إلى مجال الدولة ومؤسسات الحكم وما يرتبط بها من قوانين وقواعد(٤١). ثم توسع المفهوم ليشمل أبعادًا أخرى مجتمعية مثل منظمات المجتمع المدني أو الجندر أو التنشئة  السياسية وغيرها(٤٢).

تعد فكرة الصراع في المجال العام نفسها وثيقة الصلة بمفهوم بورديو عن مجال الأفكار بوصفه مجالا للتنافس بين "المنتجين" على الطلب، أي الطلب علي الأفكار

7-  النظام بين القمع التشكيل المذهبي

 يعد مفهوم القوة، كما أشرنا أعلاه، مفهوما محوريا في حقل العلوم السياسية على الرغم من أن أشكال القوة وتعريفاتها تطورت لتشمل ليس فقط المفهوم التقليدي عن القوة بمعنى الإجبار، والتي تنطلق من منطق الصراع(٤٣)، وإنما أيضا مفاهيم قائمة على التعاون والتنسيق والإقناع والتنظيم(٤٤)، ومن ثم، تفتقر لعنصر الصراع كخصيصة أساسية لمفهوم القوة . وبطبيعة الحال، فإن القوة التي تتم ممارستها في المجال العام هي من قبل كل الفاعلين باستثناء النظام الحاكم هي القوة القائمة على الإقناع والنقاش في حين أن القوة التي يمارسها النظام على المجال العام تشمل النوعين:  القوة بمعنى القمع، حيث الاعتماد على استخدام القانون والأداة الأمنية من أجل تطويع المنخرطين في المجال العام من ناحية؛ ومن ناحية أخرى قوة الإقناع التي يمارسها النظام من خلال المثقفين التابعين له، والذين يدعمون المركز القوي للنظام في المجال السياسي من خلال مشاركتهم في المجال العام.

 وتعد مسألة لجوء النظام الحاكم إلى ممارسة الإقناع من خلال مثقفيه في المجال العام هي جزء من تحقيق سلطته علي الأرض بما يوفر استخدام القوة القمعية التي ترتبط بتكلفة عالية. كما أنه لا يمكن أن تستمر الدولة مستندة فقط إلى القوة القمعية على الأقل ليس على المدى الطويل(٤٥).

وتباعا، فإن استخدام قوة الإقناع من أجل بناء شرعية النظام لا يعد خيارا أو بديلا يمكن الاستغناء عنه. فعلى الرغم من أن الدولة السلطوية تكون في المجمل أكثر استعدادا لاستخدام القوة القمعية بأشكالها من الدولة الديمقراطية، فإن حتى النظم السلطوية بل والشمولية أيضا تلجأ إلى استخدام قوة الإقناع وهو ما يعرف في الأدبيات بمفهوم التشكيل المذهبي أوIdeological Indoctrination )٤٦(.

ومن الطبيعي أنه في حالات التشكيل المذهبي، يكون قمع النظام للخطابات البديلة أوسع نطاقا وأشد وطأة من عدمه، لأن الدولة تبذل المال والجهد من أجل أن تنشر أفكار بعينها في المجال العام وليس فقط أن تتحكم في المحتوى المتداول، ومن هنا يكون على أصحاب الخطاب البديل أن يتعاملوا مع نظاما أكثر سيطرة على المجال العام من غيره(٤٧).

 وبطبيعة الحال، تزداد حساسية النظام تجاه الخطاب البديل في فترات الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي، حيث يجد الخطاب البديل أرضا أوسع من المؤيدين في ظل هذه الظروف. فليس من قبيل المصادفة أن تشديد القيود على التعبير عن الرأي والصحافة وغيره يزداد في فترات التضخم المفاجئ أو رفع الدعم الاقتصادي عن السلع الأساسية أو تبني الدولة سياسات داخلية أو خارجية تلاقي معارضة شعبية قوية(٤٨).

8- المؤسسة الدينية في المجال العام

على الرغم من أن الدولة السلطوية عادة ما تمكن النظام الحاكم من التدخل المباشر وغير المباشر في تنظيم وتحجيم المجال العام من خلال النصوص القانونية الواسعة المطاطة كما أسلفنا، غير أن المؤسسة الدينية عادة ما تضطلع بدور كبير في تشكيل المجال العام. وذلك باعتبار القوة المعنوية والمكانة الاجتماعية الكبيرة التي تتمتع بها تلك المؤسسة في الدولة السلطوية باعتبارها ملاذا من قمع الأخيرة للمواطنين(٤٩). هذه المكانة تتم ترجمتها في شكل قوة للمؤسسة الدينية في مواجهة النظام. فعلى الرغم من أن المؤسسة الدينية الرسمية عادة ما تقع تحت السلطة الإدارية أو التبعية المالية للدولة إلا أنها ونتيجة لهذه المكانة الاجتماعية تستطيع أن تفرض علي النظام بعض أبعاد الخطاب المفروض على المجال العام أو على الأقل تحديد خطوط حمراء موازية لتلك التي يرسمها النظام(٥٠). أكثر من ذلك، فإنها وباستخدام هذه المكانة تستدعي قوة الدولة القمعية في إقصاء أصحاب الخطاب البديل أو من يتجاوز خطوطها الحمراء في المجال العام(٥١). بيد أن استخدام المؤسسة الدينية للنظام يقابله في الاتجاه لأخر استخدام من قبل النظام للمؤسسة الدينية في المجال العام. فعلى سبيل المثال، يلجأ النظام لتعظيم شرعيته من خلال إضفاء اللمسة الدينية على قراراته وسياساته بمباركة المؤسسة الدينية ودعمها العلني لقادة النظام(٥٢).

وعليه، فإن المجال العام وعلى الرغم من أنه لا يعد جزءًا من المجال السياسي، غير أن الخطاب السائد والفاعلين المنخرطين فيه مصدرهم هو المجال السياسي بتراتبياته ومصالح فاعليه وقدرة هؤلاء على توظيف المجال العام من أجل تعظيم أوزانهم النسبية في المجال السياسي من ناحية، وتقليص دور غيرهم من الفاعلين في هذا المجال من  ناحية أخرى. وعلى الرغم من تمتع النظام الحاكم في الدولة السلطوية بسلطة ضخمة في تشكيل وتقويض المجال العام، فإن المكانة الاجتماعية الكبيرة للمؤسسة الدينية في هذه الدول، تعني مشاركة المؤسسة الدينية في إدارة المجال العام.  وعلى الرغم من أن المثقف يتعامل مع مجال عام أكبر وأكثر تنوعا في ظل العولمة، فإن قدرة المثقف على البقاء داخل المجال العام، مرتبطة بشكل كبير بقدرته على تفادي الاصطدام المباشر بالنظام الحاكم.

المقال جزء من دراسة نشرت في العدد 12 من مجلة أفاق سياسية

*مدرس مساعد جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية

مراجع الدراسة

 ١ انظر كلا من:

Habermas, Jürgen (1996), Between Facts and Norms: Contributions to a Discourse Theory of Law and democracy, trans. W. Rehg, Cambridge: Polity Press; and Rospocher, Massimo (2012), “Beyond the Public Sphere: A Histrographical Transition''”, in Rospocher, Massim (ed.), Beyond the Public Sphere: Opinions, Publics, Spaces in Early Modern Europe, Berlin/bologna: Societa editrice il Mulino/Duncker & Humboldt, pp.9-14.

٢ انظر:

Dahl, Robert (1957), ''The Concept of Power'''', Behavioral Science, No.2.

٣ من اجل هذا التمييز للنشاط المدني، انظر:

Nef, Robert (2002), Politische Grundbegriffe: Auslegeordnung und Positionsbezüge (Political Basic Terms: Rules of Interpretation and Position References), Zürich: Verlag Neuer Zürcher Zeitung, pp.24-5.

٤ انظر كلا من:

Habermas Jürgen (1984; 1987), The Theory of Communicative Action, 2 Volumes, trans. T McCarthy, Boston: Beacon Press ; and ------------ (1992), Faktizität und Geltung (Facticity and Validity), Frankfurt a.M., as quoted in Jörke, Dirk ans and Buchstein, Hubertus (2007), ''Diskurs'' (Discourse), in Fuchs, Dieter (2007), ''Legitimität'' (Legitimacy), in Fuchs, Dieter and Roller, Edeltraud (eds.), Lexikon Politik: Hunderte Grundbegriffe (Lexicon of Politics: Hundreds of Basic Terms), Stuttgart: Phillip Reclam jun, p.51.

٥ انظر:

Salvatore, Armando (2000), ''The Islamic Reform Project in the Emerging Public Sphere: the (Meta-) Normative Redefinition of Shari'a'', in in Höfert, Almut and Salvatore, Armando (eds.), Between Europe and Islam: Shaping Modernity ina a Transcultural Space, Brussels: P.I.E Peter Lang ; ------------------ (2007), The Public Sphere, Liberal Modernity, Catholicism, Islam, New York: Palgrave Macmillan; ------------------- (2011), ''Before (and After) the 'Arab Spring': From Connectedness to Mobilization in the Public Sphere'', in Salvatore, Armando (ed.), Oriente Moderno: Between Everyday Life and Political Revolution: the Social Web in the Middle East, C.A, Nallino di Roma: Istituto per l'Oriente; --------------------- and Eickelmann, Dale (2004), ''Preface: Public Islam and the Common Good'', in Salvatore and Eickelman (eds.), Public Islam and the Common Good, Leiden: Brill.

٦ هذا المنطق هو سر التضييق الشد الذي تمارسه الدولة السلطوية على المحتوى المتدول في المجال العام.

 ٧ انظر:

Salvatore, Armando (2000), Op. Cit, pp.93-5.

٨ انظر:

Foucault, Michael (1970), ''The Order of Discourse, Inaugural Lecture at the College de France'', in Young, Robert (ed.) (1981), Untying the Text: A Post-Structuralist Reader, Boston: Routledge.

٩ المرجع السابق.

١٠ انظر مثلا: شعبان هدية (٢٠١٠)، "تقرير جديد للبحوث الإسلامية يطالب بمصادرة كتب سيد القمني"، اليوم السابع، ٧ مايو ٢٠١٠، على الرابط التالي:

http://www1.youm7.com

 ١١ اانظر على سبيل المثال:

Anderson, Jon W. (1999), ''The Internet and Islam's New Interpretations'', in Eickelmann, Dale F; Anderson, Jon W. (eds.), New Media in the Muslim World: the Emerging Public Sphere, Indiana University Press, p.41; and ; Zaman, Muhammad Qasim (2004), ''The ʿUlama of Contemporary Islam and their Conceptions of the Common Good'', in Salvatore and Eickelman (eds.), Public Islam and the Common Good, Leiden: Brill, pp.129-31.

١٢ في مصر على سبيل المثال كانت محاكمة مجموعة من المثقفين مثل دكتور حسن حنفي ودكتور نصر حامد أبو زيد مستندة لتعريف الأزهر للدين الإسلامي السني وعلوم الفقه واستخراج الأحكام. من أجل نبذة عن تلك الحالات، انظر:

Krämer, Gudrun (2000), Gottes Staat als Republik: Reflexionen Zeitgenössischer Muslime zu Islam, Menschen Rechte und Demokratie (God's State as a Republic: Reflections of Contemporary Muslims on Islam, Human Rights and democracy), Baden.Baden: Nomos Verlaggesellschaft, p.137; and al-Azm, Sadik Jalal, ''Orientalism and Conspiracy'', in Graf, Arndt; Fathi, Schirin; Paul, Ludwig (eds.) (2011), Orientalism & Conspiracy: Politics and Conspiracy Theory in the Islamic World, New York: I. B. Tauris, p.4.

١٣ انظر:

Foucault, Michael (1970),Op.Cit.

١٤ هذه هي المعضلة الأساسية التي تواجه المقف المستقل في المجال العام للدولة السلطوية.

١٥ انظر:

Lukes, Steven (1979), Power: a Radical View, New York: Macmillan; and Dowding, Keith M. (1991), Rational Choice and Political Power, Brookfield, VT: Elgar.

١٦ كان الإخوان المسلمون والمعارضة بشكل عام في عهد الرئيس الأسبق مبارك منخرطين في هذا النوع من الخطاب البديل أو المعارض والذي كان يختبر الخطوط الحمراء ومدى تغيرها أو ثباتها، انظر:

Brown, Nathan J. and Hamzawy, Amr (2010), Between Religion and Politics, Washington: Carnegie Endowment for International Peace, pp.13-14.

 ١٧ اانظر كلا من:

Foucault, Michael (1980), ''Power/Knowledge'', New York: Pantheon Books, reprinted in  Orientalism: A Reader, edited by A. L. Macfie, Edinburgh: Edinburgh University Press; and ----------(2008), Le Gouvernement de Soi et des Autres (Government of the Self and the Other), Lectures of College de France (1982-1983), an edition prepared under the supervision of Ewald, Francois and Fontana, Alessandro, by Gros, Frederic, Gallimard: Seuil.

١٨ المرجع السابق.

١٩ هذا على الرغم من أن النظم السلطوية عادة ما تنجح بشكل عام في تقييد القنوات المتزايدة للتعبير عن الرأي من خلال الرقابة المعلنة وغير المعلنة، انظر على سبيل المثال:

Mehrez, Samia (2008), Egypt's Cultural Wars: Politics and Practice, New York: Routledge, p.18; and Kalathil, Shanthi and Boas, Taylor C. (2003), Open Networks, Closed Regimes, Washington D.C.: Carnegie Endowment for International Peace, pp.135-6.

٢٠طرح فكرة التعامل مع مجال الأفكار بمنطق السوق ما بين الطلب والعرض الاشتراكي الفرنسي بيير بورديو:

Bourdieu, Pierre (1984), Distinction: a Social Critique of the Judgement of Taste, Cambridge, MA: Harvard University Press.

٢١ لاحظ تركيز الكتابة على فكرة المثقف في كتابات المجال العام، مثل:

Salvatore, 2000, Op. Cit, p.93 and Pepe, Teresa (2011), ''From Blogosphere to Bookshops: Publishing Literary Blogs in Egypt, in Salvatore, Armando (ed.) (2011), Op. Cit.

٢٢ انظر:

al-Shūbāshī, Sharīf (2013), Li-mādhā Takhallafnā? wa Li-mādhā Taqaddam al-ʾĀkharūn? (Why We Retarded? and Why Others Progressed?), Cairo: Dār alʿAiyn.

٢٣ مثل مشروع الاستشراق لإدوارد سعيد:

Said, Edward W. (1978), Orientalism, New York: Pantheon Books; and -----------(1983), The World, the Text, and The Critic, Massachusetts, Harvard University Press.

٢٤ انظر:

Kahn-Paycha, Daniele (2000), Popular Jewish Literature and Its Role in the Making of an Identity,  Jewish Studies, Volume  21, New York: the Edwin Mellen Press.

٢٥ انظر:

Salvatore, 2000, Op. Cit., pp.93-5

 ٢٦ انظر كلا من:

Gramsci, Antonio (1986), Zu Politik, Geschichte und Kultur: ausgewählte Schriften (On Politics, History and Culture: Selected Writings), Leipzig: Philipp Recalm jun Press, p.222-6; and Mayo, Peter (2006), Politische Bildung bei Antonio Gramsci und Paulo Freire: Perspektiven einer veränderten Praxis (Political Education of Antonio Gramsci und Paulo Freire: Perspectives of a Changed Practice), Hamburg: Argument Verlag.

٢٧ اتضحت مسألة الخطوط الحمراء بشكل كبير في ظل حكم الرئيس مبارك وتحديدا فيما يخص قضية التوريث حيث تم ربط عدد من حالات الاعتداء على الصحفيين والمثقفين بطرحهم هذه المسألة، مثل عبد الحليم قنديل، انظر:

Shehab, Shaden (2004), ''Terrible Message but Who's the Sender?'', al-Ahram Weekly Online, 11-17 Nov. 2004, at: http://weekly.ahram.org.eg/2004/716/eg5.htm

٢٨ كان من أبرز الأمثلة قانوني حفظ السلام الاجتماعي والحماية من العيب في عهد الرئيس السادات في مجال تقويض حرية الرأي، انظر:

Kienle, Eberhand (2000), A Grand Delusion: Democracy and Economic Reform in Egypt, New York: I.B. Tauris Publishers, p.19.

٢٩ هناك أكثر من طريقة لتحجيم القضاء الوطني مثل تقديم الحوافز وبناء هيئات قضائية مشرذمة، انظر:

Moustafa, Tamir (2008), ''Law and Resistance in Authoritarian States: the Judicialisation of Politics in Egypt'', in Moustafa, Tamir and Ginsburg, Tom, Rule by Law: The Politics of Courts in Authoritarian Regimes, NY: Cambridge University Press; and --------------- and Ginsburg, Tom (2008 ), ''The Functions of Courts in Authoritarian Politics'', in Moustafa, Tamir and Ginsburg, Tom, Rule by Law: The Politics of Courts in Authoritarian Regimes, NY: Cambridge University Press, p.14.

٣٠ انظر:

Bourdieu, Pierre (2001), Contre-feux 2: Pour un Mouvement Social Européen (Against-Fires 2: For a European Social Movement), Paris: Editions Raisons d'Agir, pp.33-4; and Gramsci, 1986, Op.Cit., pp.222-6

٣١ فعلى سبيل المثال، يعد التعيين في وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها من أهم المعايير التي كان يتم على أساسها تصنيف المثقفين في عهد كل من عبد الناصر والسادات ومبارك.

٣٢ عادة ما يلجأ النظام إلى دعم المثقفين المستقلين إداريا وماليا عن الدولة لإضفاء شرعية مصطنعة على الحكم

٣٣ مثل محمد عبده ورفاعة رافع الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكواكبي،

Salvatore, Armando (2000), Op. Cit.

 ٣٤ اافتراض تميز المثقف عن غيره من عامة الناس فكرة يمكن ملاحظتها عبر تاريخ الأدب والمعرفة في العالم بما يتجاوز النماذج الفردية، انظر:

Foucault, Michael (1969), ''What is an Author?'',  in Bouchard, Donald F. (ed.) (1977), Language, Counter-Memory, Practice: Selected Essays and Interviews by Michell Foucault, Cornell University Press.

٣٥ تقلد إحسان عبد القدوس الأديب المصري رئاسة تحرير جريدة الأهرام في عهد الرئيس السادات، وكان الأديب يوسف السباعي وزيرًا للثقافة. وفي عهد عبد الناصر كان توفيق الحكيم موظفا بوزارة المعارف.

٣٦ على سبيل المثال، تعرضت الكاتبة المصرية المعروفة نوال السعداوي للمحاكمة بسبب رواية أصدرتها بعنوان "الإله يستعد للرحيل" وكان على محاميها أن يوضح للمحكمة أن العنوان ومحتوى الرواية لا يقصد التلميح لحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، انظر المرجع التالي:

El Saadawi, Nawal (2011), The Day Mubarak was Tried/der Tag in dem Mubarak der Prozess gemacht wurde, 100 Notes-100 Thoughts/100 Notizen-100 Gedanken, No.048, Ostfildern: Hatje Cantz Verlag, p.6.

 انظر لفكرة أولوية حفاظ الفرد على سلامته الشخصية المرجع التالي:

Gramsci, Antonio (1986), Op. Cit, p.17.

٣٧ انظر المرجع التالي:

Dekmejian, Richard Hrair (1972), Egypt Under Nasir: a Study in Political Dynamics, London: the University of London Press, p.63.

 ٣٨ من أبرز أمثلة المثقفين الذين لاحقهم النظام في مصر الدكتور سعد الدين إبراهيم، والذي سجن في عهد الرئيس مبارك بعد تعرضه لمسألة توريث الحكم في مصر. لمزيد من التفاصيل، انظر:

Ibrahim, Saad Eddin and Sherbiny, Naiem A (2000), ''A Reply to My Accusers'', Journal of Democracy, October 2000, Vol. 11, No. 4, pp.58-63.

٣٩ فعلى سبيل المثال، بعد خروجه من السجن، مارس دكتور سعد الدين إبراهيم ضغطا مباشرا على نظام مبارك من خارج مصر، حيث دعم قرار من الكونجرس الأمريكي بفرض مشروطية على المعونة الأمريكية المخصصة لمصر وفقا لمدى احترام الحكومة المصرية لحقوق الإنسان ومن ضمنها حقوق الأقليات الدينية. وكان من أبرز كتابات دكتور سعد الدين إبراهيم عن الملف القبطي المرجع التالي:

Ibrahim, Saad Eddin et al. (1996), The Copts of Egypt, Ibn Khaldoun Center for Development Studies, UK: British library Catalogue, at: http://www.refworld.org/pdfid/469cbf8ed.pdf

٤٠ انظر: محمد الباز (١٩٩٨)، الشعراوي والسادات، القاهرة: مكتبة مدبولي الصغير، ص.٨٩.

٤١ انظر المراجع التالية:

Roxburgh, Angus (2012), The Strong Man: Vladimir Putin and the Struggle for Russia, New York: I. B. Tauris; Culver, Lowell W. (2012), The Road to democracy in Germany: The Role of the State and National Elections, 1946-2011, Maryland: University Press of America.

 ٤٢ انظر المراجع التالية:

Geoffrey, Roberts and Edwards, Alistair (1991), A New Dictionary of Political Analysis, UK, London: Hodder and Stoughton Ltd, p.107; and Heywood, Andrew (2004), Political Theory: An Introduction, 3rd edition, New York: Palgrave Macmillan, p.55.

 

٤٣ انظر على سبيل المثال

Dahl, Robert (1957), Op. Cit., pp.201-215; and Eickelman and Salvatore, Armando (2004), Op. Cit., pp.5-16.

٤٤ انظر على سبيل المثال كلا من:

Nye, Joseph (2004), Soft Power: The Means to Success in World Politics, New York: Public affairs and Scruton, Roger (2007), The Palgrave Macmillan Dictionary of Political Thought, 3rd. edition,  New York: Palgrave Macmillan, p.543; and Partridge, P H (1971), Consensus and Consent, New York: Praeger Publishers, p.9.

٤٥ انظر مفهوم الشرعية السياسية:

''Political Legitimacy'', Stanford Dictionary of Politics,  April, 29, 2010, at:

http://plato.stanford.edu/entries/legitimacy/

٤٦ لمفهوم التشكيل الأيديولوجي في النظم الشمولية، انظر:

Fritze, Lothar (2013), ''Indoktrination und irrationale Überzeungungsbildung -Über eine Herrschaftstechnologie der Weltanschauungsdiktatur'' (Indoctrination and Irrational Conviction Formation- On Rule Technology of Dictator World Perspective), in Heydemann, Günther (Hsg), Totilitarismus und Demokratie (Totalitarianism and democracy), 10. Jahrgang, Heft 1, Göttingen: Vandenhoeck & Ruprecht, p.135.

٤٧ نظرًا لتميز النظام الشمولي بدرجة عالية من التعبئة والسيطرة على الإعلام عن نظيره السلطوي. انظر:

Friederich, Carl J. (1969), The Evolving Theory and Practice of Totalitarian Regimes,'' in Friederich, Carl; Curtis, Michael and Barber, Benjamin R. (eds.), Totalitarianism in Perspective: Three Views, New York: Praeger, p.126 and Linz, Juan (2000), Totalitarian and Authoritarian Regimes, Boulder: Lynne Rienner Publishers, p.4.

٤٨ قام السادات بعد تصاعد المعارضة ضد سياساته الاقتصادية والخارجة في أواخر السبعينيات بحملة واسعة من القبض الجماعي على عدد ضخم من المواطنين شملت عددا معتبرا من القيادات السياسية والدينية، انظر:

Beattie, Kirk J. (2000), Egypt during the Sadat Years, New York: Palgrave, pp.273-4; Ayubi, Nazih N. (1991b), The State and Public Policies in Egypt since Sadat, UK: Berks, Ithaca Press. p.94

٤٩ انظر:

Casper, Gretchen (1995), Fragile Democracies: the Legacies of Authoritarian Rule, Pittsburgh: University of Pittsburgh Press.

٥٠ من أبرز أمثلة هذا الدور للمؤسسة الدينية منع نشر رواية "أولاد حارتنا" للأديب المصري المعروف نجيب محفوظ بعد حشد الأزهر لمظاهرات شعبية ضد محتوى الرواية، انظر المرجع التالي:

Stagh, Marina (1993), The Limits of Freedom of Speech: Prose Literature and Prose Writers in Egypt Under Nasser and Sadat, Stockholm: Almqvist &Wiksell International, p.157.

٥١ في هذا المجال، تكون مصادرة الكتب جزءًا من إقصاء الخطاب البديل. من أبرز الأمثلة على مصادرات أفكار تتعارض مع خطاب المؤسسة الدينية بعض كتابات جمال البنا وسيد القمني. انظر علي سبيل المثال: هشام عبد الحليم (٢٠٠٨)، المفكر الإسلامي جمال البنا ردا على مصادرة كتابه......”، المصري اليوم،١٤ يونيو ٢٠٠٨، على الرابط التالي:

 http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=109171

 ٥٢ لجأ الرئيس المصري الراحل أنور السادات لدعم المؤسسة الدينية عندما واجهت اتفاقية كامب ديفيد الموقعة في عهده معارضة شعب واسعة أواخر السبعينيات، انظر:

Görgün, Hilal (1997), Die Politische Rolle der Azhar in der Sadat-Ära (1970-1981) (The Political Role of al-Azhar in the Sadat Era), Istanbul: Türkiye Diyanet Vakfi: Islam Arastrmalari Merkezi, p.61.

 

 


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟