المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

وثيقة حزب النور: بين الرشادة والعقلانية والمناورة السياسية

الأحد 29/ديسمبر/2013 - 01:47 م
د. يسرى العزباوى
شهدت الأحزاب المصرية القائمة بالفعل موجة عنيفة من التغييرات الداخلية, في محاولة لاستيعاب حركة الشباب التي فرضت نفوذها علي الشارع والتوجه السياسي الرسمي منذ ثورة 25 يناير حتى هذه اللحظات. وسعت الأحزاب في هذا الصدد إلى إحداث تطوير في هياكلها التنظيمية وخطابها السياسي والإعلامي, في محاولة للاقتراب من المواطن البسيط بعيدا عن اللغة الاعتذارية والتبريرية التي باتت من الماضي مع انتهاء العهد البائد الذي كان فيه جهاز أمن الدولة هو صاحب السلطة الحقيقية علي هذه الأحزاب .

وفى ظل المرحلة الا نتقالية التى يمر بها المجتمع من النظام السلطوي الذي كان قائما حتي ثورة‏25‏ يناير‏2011‏ إلى نظام ديمقراطي يقوم علي المنافسة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات حرة ونزيهة‏، تولت الأحزاب الدينية (الحرية والعدالة والنور والوسط والبناء والتنمية وأشقائهم) مقاليد الحكم والسلطة والتشريع. ولكن سارعان من انسلخ حزب النور وأخذ فى الابتعاد خطوة تلو الأخرى عن الحرية والعدالة، وحاول أن يعلب دور الوساطة بين التيار المدنى والأحزاب الدينية للخروج من النفق المظلم الذى حفره مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين. وبدلاً من قبول المبادرة التى أطلقها حزب النور حاول –ونجح فى ذلك- مكتب الإرشاد ضرب حزب النور فى مقتل بانساخ مجموعة من قياداته وأعضائه عن الحزب الأم ليخرج من بين ظهرنيه حزب الوطن. الأبن الجديد والمدلل لحزب الحرية والعدالة والتى استمر فى تاييده المطلق للرئيس وجماعته بوعى وبدون وعى، حتى بعد عزل الرئيس بدون تفكير ما هى الأخطاء التى ارتكبتها الجماعة وقادتها فى حق نفسها أولا، ثم التيار الإسلام السياسى كله، والذى افترش واحتل الميادين للبعث عن حلُم فقد بالفعل، وعن مجد زال فعلاً ولكن يعود أبد.

وبدلا من اتخاذ الموعظة والتدبر فيما حدث خلال العام المنصرم من حكم الدكتور مرسى أخذت الجماعة توزع التهم بالجملة على مؤسسات الدولة المختلفة تارة وعلى العلمانيين والمدنيين والنصارى تارة ثانية وعلى حزب النور الذى لم يساندها ضد المؤسسة العسكرية والشعب المصرى الذى لفظ الجماعة ورئيسها وحزبها تارة ثالثة.

وفى هذا الإطار، حاول حزب النور وقادته وأئمة الدعوة السلفية ليس فقط فى الدفاع عن موقفه السياسى ولكن قام بتوجيه النصح والمشورة إلى الرئيس وحزبه ولكن دون جدوى. وهذا ما أثبتته الوثيقة المسربة لحزب النور عن موقفه من الرئيس المعزول محمد مرسى، والتى بدأت بسؤال فى غاية الأهمية، يؤكد إلى أى مدى وصل حزب النور من تطور فى الهيكل وعملية صنع القرار، وهل يمكن اعتباره حزب سياسى بالمعنى المتعارف عليه أكاديميًا أم أنه مازال ابنًا غير مكتمل النمو سياسيًا. على الرغم من راجحت موقفه وبعد نظره السياسى.

واللافت للنظر أن الوثيقة بدأت بالسؤال جوهرى يعبر عن فحوها، ويتمثل فى “,”هل خذل حزب النور د. مرسى؟ وفى هذا المضمار هناك مجموعة من الملاحظات على هذه الوثيقة، منها مايلى:

أولا: التفسير المخل والمطعم باللغة الدينية، حيث تعتبر الوثيقة من الوثائق التشريحية التفسيرية، فالوثيقة طويلة جدا، وتحتوى على رصد كبير لعدد هائل من الوقائع التى حملت حزب النور على اتخاذ موقفه خلال المرحلة الماضية من الدكتور مرسى وحزب الحرية والعدالة. كما يبرئ حزب النور نفسه، وكأنه طرف متهم، وجانى وليس مجنى عليه، وكأنه لم يساند نظام الإخوان ومرسى فى بعض الفترات، وكأنه لم يقدم له النصائح الواحدة تلو الأخرى، ولكن دون أصغاء من الرئيس ومكتب الإرشاد.

ثانيا: أن الوثيقة جاءت كرد فعل على الهجمة الشرسة التى يتعرض لها حزب النور وأئمة السلفية على يد فصيل الإسلام السياسية والإخوان عامة ومن دعاة الاتجاه “,”السرورى“,” فى الخارج على وجه التحديد. خاصة وأن هذه الهجمة التى يتعرض لها حزب النور وأئمته تأتى على شكل “,”نصيحة“,” للحزب للمشاركة والانضمام إلى المتظاهرين فى ميدان “,”النهضة“,” و “,”رابعة العدوية“,” لنصرة الإسلام و“,”الشريعة“,”، مما جعل الحزب يرد بالقول: “,”..أن الناصح نفسه فى معظم الأحيان لا يعلم عنه اشتغال بالسياسية فى بلده، ومن كان مشتغلا بها فى بلده لا يعرف تفاصيل الواقع المصرى، فتجد أن حاصل نصيحته هى تقليد لاجتهاد الإخوان، بل تقليد لاجتهاد مجموعة معينة من قيادات الإخوان فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى..“,”.

وفى إشارة واضحة من الحزب بأن من يدعوه لنصرة الإخوان لا يعلم شئ عن الواقع المصرى أو عن جماعة الإخوان التي يسيطر عليها التيار القطبى لدى جماعة الإخوان المسلمين، والتى يأتى على رأسها المرشد العام د. محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر ومحمود عزت وغزلان وغيرهم الكثيرون الذين أدوا إلى نهيار التنظيم باتخاذ مواقف متشددة حيال فئات المجتمع.

كما تعتبر الوثيقة تفسيرية شارحة لأنها أفردت خمسة عشر خطأ وقعت فيه جماعة الإخوان المسلمين منذ وقوع ثورة 25 يناير حتى الموجة الثانية لها فى 30 يونيو 2013. وكان أولها الدفع بمرشحًا لها فى الانتخابات الرئاسية على الرغم من علم الجماعة بمدى وخطورة المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتراكمة طيلة 30 عام التى تمر بها مصر، وفشل برنامج 100 يوم فى تحقيق الأمن وحل مشاكل الطاقة والكهرباء والأمن والنظافة، وأصدار الإعلان الدستورى “,”الذى مازال حتى الآن ابنا لقيطا كل الأطراف تتبأ منه..“,” حسب الوثيقة المسربة، وفشل الجماعة والرئيس فى استيعاب مؤسسات الدولة والمعارضة، والإصرار على حكومة الدكتور هشام قنديل والنائب العام، وثلة القوانين التى أصدرها مجلس الشورى دون مبرر أو وجه حق، والتسرع فى أخونة الدولة لهدم الجهاز البيروقراطى للدولة وإعادة بنائه بطريقة أخوانية جديدة تساعد على مشروع التمكين.

وبالإضافة إلى ما سبق، يسوق حزب النور جملة من الأسباب الإضافية إلى فشل الإخوان، والتى منها حالة العداء التى خلقتها الجماعة مع مؤسسات الدولة من (قضاء وإعلام وأجهزة شرطية والجهاز البيروقراطى للدولة)، وصولاً إلى العداء المباشر مع المؤسسات التى أنشئت المؤسسة العسكرية بعد ثورة يوليو 1952، وتوقع الجماعة الخاطئ بأن المؤسسة العسكرية لن تعود مرة أخرى إلى ممارسة السياسة.

كما قامت الجماعة ليس فقط بتبسيط والتقليل من أهمية دعوة حركة “,”تمرد“,”، وبدلا من الاستجابة إلى المطالب المشروع للشارع السياسى قامت “,”بشيطنتها“,” والتقليل من أهميتها، وأتهمت القائمين عليها بأنهم من النصارى والعلمانيين هم القائمين الذين لا يريدون للإسلام “,”أن يحكم فى مصر“,”. كما أن خطب الرئيس محمد مرسى زادت من الوضع تأزم، فبدلا من أن يستجب إلى مطالب وجموع المصريين استمر فى حالة العناد السياسى مما إلى زيادة الأزمة السياسية وزياد سخط الشارع عليه.

ثالثا: استدعاء ما هو دينى إلى المجال المدنى والسياسي، حيث حملت الوثيقة أسباب سياسية وأخرى دينية لعدم نصرة الدكتور محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين فى الفترة الأخيرة، وكأن هناك “,”دار حرب“,” و “,”دار إسلام“,” فى مصر، وأنها مشكلة دينية وليست أزمة سياسية بامتياز. ونسى حزب النور بأنها ليست المرة الأولى التى تكون هناك فيها أزمة بين جماعة الإخوان ومؤسسات الدولة – العسكرية- حيث كان ذروة التصادم فى العهد الناصرى ثم أواخر عهد السادات إلى أن إجادة جماعة الإخوان عقد الثفقات السياسية مع نظام مبارك.

رابعا: أن هدف حزب النور من المشاركة فى العملية السياسية الجديدة وخارطة المستقبل ليس أكثر من “,”الحفاظ على الشريعة“,” والحفاظ على تيارات الإسلام السياسى، وكأنه ليس فصيلاً سياسيا وطنيا من حق المشاركة فى العملية الديمقراطية الجديدة. وهذا جعل الكثيرين –وربما يكون لديهم حق- من التشكيك فى نوايا حزب النور، إلى درجة مطالبته بعدم فرض وصايا سياسية على خطوات المرحلة الانتقالية الجديدة. ويرى البعض أن حزب النور سقطت من عليه “,”ورقة التوت“,”، كما سقطت عن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح حينما أرد أن يمسك العصا من المنتصف، حيث لعب على وتر أن مدنى تارة، وذو مرجعية دينية تارة ثانية.

خامسا: ينفى حزب النور عن نفسه المؤسسية بهذه الوثيقة، حيث كان يجب أن يؤكد بأن الهياكل المؤسسية وآليات صنع القرار فى الحزب هى التى دفعت لاتخاذ هذه القرارات وليس أفراد، ومن ثم كان ليس بحاجة لمثل هذه الوثيقة التفسيرية الدفاعية عن مواقف تأكد من صحة اتخاذها فى المستقبل القريب.

سادسا: الانتهازية السياسية، فكيف لحزب يدفع عن صحة مواقف اتخاذها اتجاه نظام استبدادى تسلطى مستمسكا بأرائه بعد ثورة عظيمة أتت به. وفى ذات الوقت قواعده تملء الميادين المختلفة فى الدفاع عنه وتطالب بعودة، بل على العكس تستخدمهم جماعة الإخوان كوقودا لها فى مواجهة شعب وجيشه. حيث أكد على ذلك الكثير من قيادات الجماعة (راجع حلقة د. أحمد أبو بركة مع طونى خليفة فى قناة القاهرة والناس بتاريخ .....) بأن من يرتكب العنف ضد الجيش والشرطة ليس من جماعة الإخوان المسلمين باعتبارهم ليس من دعاة الدم والعنف، فى إتهام صريح إلى الجماعات والتيارات الإسلامية الأخرى، هى التى ترتكب هذه الأفعال المشينة.

وعلى الرغم من عدم حجية هذا الطرح، وعدم الاقتناع به من الأصل، إلا أن الجماعات السلفية المختلفة، والتى تتسم بالاعتدال والوسيطة، بالإضافة إلى تلك التى قامت بمراجعات دينية وفقهية، تخسر الكثير من رصيدها لدى الشارع السياسى الذى انتخب الكثير من قيادتها. خاصة وهى تعلم علم اليقين بأنها لن تنجح مع جماعة أو فصيل فى محاربة شعب بأكمله، فلها أن تتخيل بأن جماعة تحارب جيش وشعب فهل ستكسب الرهان!.

واللافت للنظر تحذير حزب النور لجماعة الإخوان المسلمين باللجوء إلى خيار المواجهة المسلحة مع الجيش والشعب: “,”.. ومازال الخطر الأكبر الذى يتهدد الدعوة الآن هو احتمال تورط الحركة الإسلامية فى خيار المواجهة المسلحة، والدخول فى النموذج الجزائرى،... أن المواجهة المسلحة الآن مع الجيش، وهو الجيش الذى يقف فى مواجهة إسرائيل، وعندما نفكر فى مواجهة الجيش أو التعويل على إحداث انشقاق داخله ينبغى أن ندرس أثر ذلك على المصالح العليا...“,”، ويرى حزب النور أن المواجهة السلمية عن طريق الاعتصامات والمظاهرات بها مشكلتين: الأولى، لسيت هناك ضمانات للسلمية وهو ما حدث بالفعل أمام الحرس الجمهورى. والثانية، تساعد على استمرار حال السخط الشعبى على الدكتور مرسى، وسوف يظهر الإسلاميين بأنهم حريصين على الحكم وهو ما حدث بالفعل. فى حين أن حزب النور يرى فى الحكم وسيلة جانبية مساعدة على منهج الإصلاح فى مقابل من يرى أن الوصول إلى الحكم هو الأصل جعل التقييم مختلفا.

كما يرى حزب النور أن هناك صعوبة فى عودة الدكتور مرسى فى ظل هذه الدرجة من المعارضة والممانعة من طوائف كبيرة من الشعب ومؤسسات الدولة المختلفة (القضاء والجيش والشرطة والمخابرات). وماذا سيستطيع الدكتور مرسى فعله فى حال عودة الأزمات المتعلقة بالأمن والوقود والكهرباء؟

وعن عدم مشاركة الحزب فى تظاهرات 21 يونيو لتأييد الدكتور مرسى، فقد اكد الحزب أنه ليس مجبرًا على الالتزام برؤية أحادية، وأنه كان لا يرغب فى تعميق انقسام الشارع إلى إسلاميين وغير إسلاميين، وأن الحزب كان بحاجة إلى تفريغ شحنة الغضب لدى العامة، لا سيما وأن لها ما يبررها. كما طالب الحزب منظمى التظاهرات المؤيد لمرسى بإيقاف خطاب التكفير والعنف والتحريض على التيارات الأخرى.

وعن عدم المشاركة فى 28 يونيو فقد جاء بالاتفاق مع مكتب الإرشاد، الذى كانت تمثل رؤيته بأن الجيش من المستحيل أن يتخلى عن الدكتور مرسى. فى حين أن حزب النور كان يرى بأن الجيش كان سينحاز إلى المتظاهرين إذا زاد عددهم عن حد معين، وهو ما حدث بالفعل.

أما بيعة الرئيس، فقد تسأل حزب النور عن هل للرئيس مرسى بيعة مثل بيعة الأمام؟، وفى إجابته على هذا السؤال أكد الحزب أن الرئيس أنزل الانتخابات منزلة البيعة، وهذا يعنى الالتزام بالدستور الذى يبيح المظاهرات ووسائل التعبير السلمى، وهو ما قام به المعارضون له، فلم يستطيع حزب النور منعهم لأنه أمر يخالف فى الدستور، وغاية ما فعله النور هو عدم المشاركة فى فاعليتها. وفى هذا الإطار جاء فى الوثيقة: “,”.. ثم إن قلنا أنه وإن كان قد وصل للرئاسة الانتخابات؛ فهي وسيلة يمكن تخريجها شرعًا على التغلب، ومن ثم يمكن اعتباره إمامًا متغلبًا، وبناء على هذا التعريف يكون تغلبه قد حصل لطاعة الجيش والشرطة له بصفته الرئيس الأعلى لهم، ومن ثم يزول عنه وصف التغلب إذا خرج الجيش والشرطة عن طوعه. وهذا الأمر يجعل خروج الجيش والشرطة عن طوعه وإن أنكرته ابتداءً، ولكن في حالة حدوثه واستمراره فيكون حكم المتغلب حينئذٍ من نصيبهم. وقد قدمنا لك أن الجيش قد تدرج في تغلبه، ولكن بلغ الأمر ذروته في الإعلان الذي سبق 30/6 بأسبوع، ثم الذي كان 1 يوليو، وتم الإعلان عنه في 3 يوليو“,”.

كما يؤكد حزب النور أنه لم يخرج على الدكتور مرسى، ولم يعاون المتظاهرين ضده، ولم يتعاملوا مع السلطة الجديدة إلا بعد أن استقرت لها الأوضاع: “,”.. ولم نتعامل مع السلطة القائمة بعده إلا بعدما تغلبت، ومن أجل المصلحة العامة. وغني عن الذكر أن الإخوان يتعاملون مع هذه السلطة على الأقل فيما يتعلق بأمر ملاحقة قادتهم -نسأل الله أن يفرج عنهم-، وفى أمر تأمين مقراتهم، وفى أمر حماية متظاهريهم من البلطجية، ونحن نقوم في ذلك بجزء كبير بفضل الله -عز وجل-“,”. وبذلك يؤكد حزب النور على أن مشاركته فى المرحلة الانتقالية ليست فقط من مصلحة التيار الإسلامى ككل ولكن من أجل مصلحة جماعة الإخوان وقادتها أيضًا، حيث أصر الحزب على عدم الملاحقة القانونية لهم إلا فى ضوء القانون، وللحفاظ على المصالح والمكتسبات التى تحققت لفصيل الإسلام السياسى بعد ثورة 25 يناير.

وتحاول الوثيقة شرح موقف حزب النور من: ما القول في الإجماع على وجوب إنقاذ الإمام إذا أُسِر؟ وفى هذا الإطار يؤكد الحزب على: “,”..في الواقع أن هذا الإجماع هو فرع عن الإجماع على وجوب السعي في فك أسر أي مسلم، وإلقاء القبض على الدعاة إلى الله من قبل السلطات الحاكمة والذى كان يتم قبل 25 يناير هو نوع من الأسر، ومع ذلك كنا نتبع في ذلك الأساليب القانونية، ونعمل في ذلك المصالح والمفاسد، والذى حدث هو أنه تغلب متغلب على الحكم، وقام بتحديد إقامة د. مرسي، ويجب السعى في فك أسره وفق القواعد الشرعية المعتبرة....وأما في حالة تغلب متغلب وأسره للحاكم الذى قبله؛ فيجب أيضًا العمل على إطلاق سراحه كما يسعى إلى إطلاق سراح آحاد المسلمين المظلومين الذين يقعون في حبس سلطة مسلمة متغلبة، ولقد كان العلماء عبر التاريخ يرون من يخرج على من قبله ويقتله أو يحبسه ويتعاملون مع المتغلب حقيقة. مع الأخذ في الإعتبار أن الإخوان ومنهم د. مرسي والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح -التي أمينها العام د. محمد يسري الذي نادى بتطبيق كلام الماوردي في إنقاذ الإمام إذا وقع في الأسر على د. مرسي- سبق لهم التعامل مع المجلس العسكري كسلطة متغلبة، بل كان السبب الرئيس لخلاف الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح مع الشيخ حازم أبو إسماعيل هو موقفه المناوئ للمجلس العسكري في أحداث محمد محمود الأولى، وقد كان تعليل د. محمد يسري خاصة بأن ذلك يؤدي بنا إلى المسار السوري“,”.

وفى هذا الإطار يذهب حزب النور على جملة من الأعتبارات أوردها فى الوثيقة منها: أولا، أنه يرفض أن يحدث فى مصر المسار السوري وإن كان على حساب المسار الديمقراطي. ثانيا، أنه من الملفت للنظر هنا أن بعض الدعاة السلفيين يخاطبون الحزب بخطاب شرعي كالوفاء ببيعة الإمام، وكالحرص على تطبيق الشريعة، في حين أن منصة رابعة تتحدث عن الرئيس المنتخب والمشروع الديمقراطي، وأن القضية ليست عودة الرئيس مرسي -مما يعني أن القضية ليست قضية بيعة-؛ وإنما القضية هي تثبيت التجربة الديمقراطية.

وفى إطار مواجهة الحزب لتهمة كيف يقبل الحزب لبابا النصارى والعلمانيين بعزل رئيس مسلم حافظ للقرآن؟ فيؤكد حزب النور أن من عزل الرئيس هو الجيش، وأن إجراءات الرئيس كان عاجز حيالها، وأن مشاركة حزب النور فى “,”خارطة المستقبل“,” كانت من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية في الدستور، وبقاء حزب سياسي إسلامي يمكن أن يحافظ على مكاسب التيار الإسلامي ككل، بل المطالبة والسعي إلى بقاء حزب الحرية والعدالة في الساحة السياسية. وفى الوقت ذاته، فإن منصة رابعة لا تفتأ تعلن أن اعتصامهم ليس للإسلاميين، وأن فيه نصارى وعلمانيين وليبراليين.

وعن مسألة ضمان حزب النور الحفاظ على مكاسب التيار الإسلامى، فيؤكد الحزب على: “,”... ولكن الفرار إلى صدامات فضلاً أن تكون هذه المصادمات مع جيش وشعب وشرطة؛ فلا ينبغي أن يدفعنا الخوف من المستقبل إلى ارتكاب حماقات في الحاضر سوف يحاسب عليها صاحبها في الدنيا والآخرة“,”. كما استخدم حزب للتدليل على موقفه قصة تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية لبيان مشروعية لارتكاب أدنى المفسدتين (تنازل الحسن رغم أنه مبايع بالخلافة، ورغم أنه أفضل من معاوية رضي الله عن الجميع) من أجل دفع أكبرهما (وهي القتال بين المسلمين). بالإضافة إلى قصة تنازل عثمان رضي الله عنه، وفي الواقع أن القصة في ثلاثة مواقف: أولها مناقشته للخارجين عليه وإزالة شبهتهم. وثانيها، ورفضه أن يدافع الصحابة عنه حتى لا يراق دم في سبيله، واستدعاؤه لعدد كبير من الجند من الشام حتى يستطيعوا القضاء على الخارجين عليه بدون دماء. وأخيرًا، رفضه التنازل عن الخلافة.

ويرى النور أن د. مرسي تمسك بالنقطة الثالثة، وإن كان لم يقم بالنقطتين الأولتين مع أنهما أكثر، ولا ينبغي التمسك بها على حسابهما بدليل فعل الحسن مع معاوية. وقد اعترض البعض على هذه الأمثلة من أساسها على أساس أن المقارنة هنا بين نظام حكم إسلامي ونظام حكم علماني.

وخلاصة القول، وبغض النظر عن كل الأمور السابقة فعلى حزب النور أن يحدد موقفه. فهل هو مع الدولة الوطنية المصرية بثوابتها الراسخة التاريخية والجغرافية أم العكس.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟