المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

"الصراع من أجل نظام سياسي جديد.. مصر بعد الثورة"

الأحد 29/ديسمبر/2013 - 01:01 م
تأليف: د. علي الدين هلال

عرض : مـي غيث

إن مصر لم تكن فريدة أو متفردة فيما شهدته في المرحلة الانتقالية، إذ إن ما يحدث في مصر جزء من عملية تحولات أكبر، شهده عدد من دول المنطقة العربية واختلف الباحثون في توصيفه، فمن قائل إنه “,”سايكس بيكو ثانية“,” بمعنى إعادة تنظيم الأوضاع السياسية في المنطقة على أسس جديدة، وإنه تطبيق لأفكار الفوضى الخلاقة التي اقترحتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة السيدة كونداليزا رايس، أو إنه جزء من الموجة العالمية نحو إقامة نظم ديمقراطية تمثل شعوبها وتحترم حقوق الإنسان.

وقد برز على السطح في مرحلة ما بعد الثورة مشكلة مهمة وتتمثل في أن الذين فجروا الثورة لم يتسلموا الحكم، وتراجع دورهم تدريجيًا، بالإضافة إلى تأرجح القوى السياسية بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية وفقًا لمصالحها في كل مرحلة، واستعداد الأغلبية في مجلس الشعب ممارسة الانحراف بسلطة التشريع لتحقيق أغراضهم السياسية، وقيامهم بإصدار قوانين أبطلتها المحاكم أكثر من مرة، إن ما تحقق حتى الآن في مصر لا يضمن استمرار عملية الانتقال إلى الديمقراطية، فمثل هذا الانتقال يتطلب عنصرين هما:

أولاً: الإتاحة لممثلي المصالح الاجتماعية والاقتصادية الوصول لشاغلي السلطة ووجود قنوات للاتصال والتواصل بينهما، وتزداد ديمقراطية النظام باتساع قاعدة المصالح القادرة على توصيل مطالبها لجهاز الحكم.

ثانيًا: الأساس الاجتماعي للائتلاف الحاكم ومدى تفهمه وتجاوبه مع المطالب الاجتماعية التي تصله، وانعكاس ذلك في قواعد عملية توزيع عوائد التنمية على الطبقات والفئات الاجتماعية، وإلى أي مدى تضمن قواعد التوزيع استفادة أكبر قدر من الفئات بهذه العوائد وفقًا لمعايير واضحة أم إنها تتم بطريقة تحكمية، هكذا أكد الدكتور علي الدين هلال في هذا الكتاب.

وينبع أهمية الكتاب في أنه يهدف إلى رصد وتوثيق أهم التطورات السياسية التي شهدتها مصر خلال الفترة التي يغطيها الكتاب والممتدة من اندلاع مظاهرات 25 يناير 2011 وتطور شعاراتها وأهدافها إلى ثورة أسقطت النظام القديم؛ وحتى الأول من ديسمبر 2012. كما يهدف الكتاب، ـ الذي شارك د. علي الدين هلال في تأليفه كل من مازن حسن ومي مجيب الأستاذان بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ـ إلى تحليل وتفسير الأحداث التي شهدتها مصر في إطار مفاهيم علم السياسة المتصلة بموضوعات الثورة والتصميم المؤسسي، ووضع الدساتير، والنظم الحزبية، والحركات الاجتماعية في سياق عملية الانتقال، بالإضافة إلى هدف مقارن يتمثل في الإشارة إلى تجارب أخرى شهدتها دول سبقتنا في عمليات التحول الديمقراطي في شرق أوروبا، وآسيا، وأمريكا اللاتينية لدراسة ما هو مشترك بين هذه التجارب وما تتميز به الخبرة المصرية.

ويتناول هذا الكتاب تطور النظام السياسي في مصر في مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية، ونقصد بالمرحلة الانتقالية أي المرحلة التي تلي انهيار النظام التسلطي والحوار والصراع بين القوى السياسية والاجتماعية حول شكل النظام الجديد والقواعد المنظمة له، والتي تتمثل في عملية وضع الدستور، وتنتهي هذه المرحلة بإقرار الشعب للدستور الجديد والانتهاء من انتخابات الهيئة التشريعية والرئاسة.

وتختلف شكل المرحلة الانتقالية من دولة الى دولة ومن حالة إلى أخرى، وعلى الرغم من ذلك إلا أن شكل المرحلة الانتقالية، عادة ما تتسم بعدة سمات، أبرزها: انتشار حالة من السيولة وعدم اليقين، ووجود مشاركة سياسية واجتماعية واسعة من الجماعات والأفراد، وانفجار صراعات سياسية واجتماعية واقتصادية، والتغير في أنماط التحالفات السياسية فتنهار تحالفات قائمة، وتنشأ أخرى جديدة ومتغيرة، وبناء تحالفات جديدة، وسعي القوى السياسية إلى تحسين أوضاعها وزيادة نفوذها وتأثيرها، وتصاعد المطالب المكبوتة اقتصاديًا واجتماعيًا، لدرجة دفعت إلى أن يطلق عليها مسمى “,”دراما عمليات الانتقال“,”.

وفي هذا السياق يتناول الكتاب بالرصد والتحليل لما شهده المجتمع المصري عقب سقوط نظام “,”مبارك“,” في إطار تسعة فصول، حيث يتعرض الفصل الأول لأهم معالم الخبرة التاريخية في مجال تطور المؤسسات السياسية في مصر الحديثة وذلك لوضع مصر في سياق تاريخي أكبر.

ويقوم الكتاب في هذا الفصل بعرض الخبرة التاريخية لتطور مؤسسات النظام السياسي المصري، باعتبار أن أي نظام سياسي ليس وليد اللحظة الراهنة، وإنما تتطور مؤسساته عبر فترة ممتدة من الزمان، وتنطبع عليها سمات التكوين الاثنى للمجتمع، والثقافة السياسية السائدة فيه، وأنماط النشاط الاقتصادي إلى غير ذلك من مؤثرات اجتماعية، فالنظام السياسي لا يعيش في فراغ وإنما يتأثر بالبيئة المحيطة به كما أنه يؤثر بدوره فيها، ومن هنا لا يمكن فهم النظم السياسية دون وضعها في سياق تطورها التاريخي.

حيث تناول مراحل تطور النظام السياسي المصري ونشأة السلطة المركزية، فقد تناول مرحلة النظام الملكي، ومرحلة الجمهورية الأولى والتي امتدت بين ثورتين؛ ثورة يوليو 1952، وثورة يناير 2011، وتضمنت عددًا من الفترات الفرعية، ثم تناول التراث الدستوري والمؤسسي ما بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية.

ويتناول الفصل الثاني حركة الجدل السياسي والاجتماعي التي شهدتها مصر، وهي تبحث عن خارطة طريق للمرحلة الانتقالية، فيعدد أهم الفاعلين السياسيين والاجتماعيين وأنماط التحالفات والصراعات بينهم، كما يدرس الدور الذي قامت به المؤسسات الدينية الرئيسية: “,”الأزهر والكنيسة“,”، وينقسم هذا الفصل إلى ثلاثة أقسام، يتناول القسم الأول “,”بيئة النظام“,” ويتناول فيه خصائص الأوضاع الداخلية التي سادت في مصر وأدت الى قيام 25 يناير 2011، واتسمت بسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانغلاق القنوات السياسية، الأمر الذي أدى إلى انفجار الوضع في 25 يناير، وشهدت البلاد بعده حالة من عدم الاستقرار على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تضمنت تفجيرًا لمطالب فئوية، واحتجاجات، وإضرابات، ألقت بآثارها على توتر البيئة الحاكمة للمرحلة الانتقالية.

أما القسم الثاني والذي يحمل عنوان “,”تحديات البناء المؤسسي الجديد“,”، فيتناول أهم القضايا السياسية التي أثارت جدلاً خلال المرحلة الانتقالية، والتساؤلات الرئيسية بشأنها، والتي وضعت النظام برمته في مأزق حقيقي، خاصة أن أركان النظام لم تكن قد تشكلت بعد، كما لم تكن قد اتضحت صورة الفاعلين الأساسيين على الساحة السياسية، والذين كانوا يدخلون في تحالفات سرعان ما تفشل، للاختلاف بشأن المصالح، وضمانات تلك المصالح، ولعل من أهم هذه القضايا معركة “,”الانتخابات أولاً أم الدستور“,”.. ولمن الأسبقية ثنائية الشرعية الثورية أم الشرعية الدستورية؟.. الجدل السياسي حول قوانين تنظيم الحياة السياسية “,”قانون الانتخابات – قانون الأحزاب – قانون مباشرة الحقوق السياسية – قانون إفساد الحياة السياسية“,”، وقضية الدستور الجديد “,”الجمعية التأسيسية“,”، وأخيرًا المبادئ فوق الدستورية والجدل الذي ثار حولها.

أما القسم الثالث بعنوان “,”أنماط وأطراف التحالفات والصراعات“,”، فيتعرض لأهم الفاعلين السياسيين على الخريطة السياسية المصرية بعد الثورة، حيث اتسمت الحياة السياسية في المرحلة الانتقالية بتعدد القوى الفاعلة، والتي يمكن تحديدها في أربعة أطراف أساسية، هي “,”المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقوى تيار الإسلام السياسي، والقوى الليبرالية والمدنية، وأخيرًا القوى الشبابية“,”، ويتعرض هذا الجزء لأهم السمات التي تميز كل طرف من هذه الأطراف، ونقاط القوة والضعف، وطبيعة التحالفات التي تمت بين هذه الأطراف، وفي نهاية هذا الفصل تم التوصل إلى نتيجة مفادها: “,”إن كل فاعل كانت له شرعية، كانت شرعية منقوصة تواجهها العديد من التحديات، ومن ثم احتاج إلى التحالف مع الأطراف الأخرى لاستكمال شرعيته، والعبور بمصر من المرحلة الانتقالية الى مرحلة جديدة تتسم بالاستقرار والتوافق“,”. كما أشار الفصل إلى حالة السيولة والفراغ السياسي الذي استمر لفترة قصيرة بعد “,”تخلي“,” مبارك عن السلطة، ذلك الفراغ الذي ملأته القوى الأكثر تنظيمًا ووجودًا على الأرض عند أول انتخابات تم تنظيمها.

إن حالة غياب الثقة السياسية التي غلبت على الفاعلين داخل المشهد السياسي المصري كافة، قد دفعت بكل قوى من القوى السياسية بأن تكون حذرة من القوى الأخرى، بل أن تسعى إلى تعظيم مكاسبها في اللحظة الآنية خوفًا من إمكانية عدم تكرار تلك اللحظة مرة أخرى، الأمر الذي كرس من عمليات الإقصاء أو الإدماج الحذر في شكل صفقات مرحلية لم تدم أو تستمر طويلاً، وهو ما يعرف عمليًا في أدبيات علم السياسة بحالة “,”غياب الثقة“,”.

ويدرس الفصل الثالث الإطار الدستوري والتشريعي الذي حكم المرحلة الانتقالية وحدد قواعد العمل فيها، والتغييرات التي لحقت بالقوانين الأساسية المنظمة لنظام الحكم ومباشرة الحقوق السياسية وتنظيم الأحزاب السياسية.

ويتناول القسم الأول من هذا الفصل استعراضًا للإطار الدستوري الذي حكم المرحلة الانتقالية وتمثل في خمسة إعلانات دستورية؛ في حين يعرض الجزء الثاني أهم القوانين المنظمة للحياة السياسية في هذه الفترة كقوانين الأحزاب السياسية، ومجلس الشعب، ومجلس الشورى ومباشرة الحقوق السياسية؛ وأخيرًا يتعرض الجزء الثالث لعملية الولادة المتعثرة للدستور الجديد، والتي استمرت طوال أشهر عدة من المرحلة الانتقالية، وأثرت على الكثير من الأحداث خلالها، وفي النهاية ينتهي هذا الفصل إلى عدم استفادة القائمين على إدارة العملية بتجارب الدول الأخرى ووضع أسس الاضطراب الدستوري والقانوني الذي أصاب عملية الانتقال، والتي كان من مظاهرها القرار بإعطاء الأولوية للانتخابات على صياغة دستور جديد للبلاد، ثم إصدار مراسيم بقوانين أو قوانين من مجلس الشعب مخالفة للإعلان الدستوري والمبادئ الدستورية المستقرة في القضاء المصري؛ ما أدى إلى إبطال العمل بها. وكان ذلك تعبيرًا عن حالة الانقسام السياسي في البلاد من ناحية، والرغبة في الاستحواذ وفرض وجهة نظر الأغلبية المنتمية للتيار الإسلامي من ناحية أخرى، والاختيارات السياسية المتسرعة أو الخاطئة وسوء التقدير الذي عمق من هذا الانقسام، ودعّم من حالة الريبة وعدم الثقة المتبادلة بين القوى.

ويعرض الفصل الرابع للنظام الحزبي البازغ بما يشمله من أحزاب قديمة كانت موجودة قبل الثورة، وأحزاب جديدة تكونت بعدها، كما يقوم بشرح النظام الحزبي وسماته واحتمالات تطوره، حيث تقوم الأحزاب السياسية بأدوار لا غنى عنها في أي نظام ديمقراطي؛ فهي تنظم الصراع الاجتماعي، وتطور بدائل السياسات العامة، وتحدد الخيارات التي يفاضل بينها المواطنون في الانتخابات، ومن ثم تلعب دورًا في تعزيز أو الانتقاص من شرعية النظام السياسي ككل، لعل تلك الأدوار هي التي تُكسب دراسة النظم الحزبية في الديمقراطيات الجديدة – ومنها مصر – أهمية كبيرة، خاصة في أولى شهور التحول، حيث تظهر الحاجة إلى إعادة السياسة إلى إطارها الطبيعي، في صورة انتخابات عامة وتنافس حزبي تعددي، ويمكن إبداء ملاحظة عامة على بنية النظام الحزبي المصري في الفترة الانتقالية التي تلت ثورة 25 يناير، ألا وهي أنه على الرغم من تغير عدد غير قليل من خصائص ومكونات هذا النظام “,”الاستقطاب الليبرالي ـ المحافظ مثلاً“,”، إلا أنه – في المقابل – استمرت بعض السمات البنائية أو الخصائص الهيكلية للنظام التي ميزته لعقود سابقة، في التواجد ولو بصورة نسبية، هذا كله على الرغم من اختلاف السياق السياسي العام “,”مناخ سياسي أكثر انفتاحًا“,”، والمؤثرات المؤسسية “,”نظام انتخابي جديد وقانون أحزاب جديد“,”، بل وأيضًا مصالح وتوجهات السلطة الحاكمة “,”المجلس الأعلى للقوات المسلحة ثم الرئيس محمد مرسي“,”، كما يتضح عدد من الخصائص تتمثل في استمرار سيطرة حزب واحد، استمرار ضعف المشاركة وتواضع الثقة في الأحزاب، استمرار وجود قوى سياسية غير صغيرة خارج الإطار الرسمي للنظام الحزبي بمعناه القانوني.

ويدرس الفصل الخامس تفاعلات القوى غير الحزبية كالحركات الاجتماعية والائتلافات الشبابية والتحركات الفئوية، فيعرض لأنماط هذه التفاعلات والتحالف بين القوى، وأساس تلك التحالفات وتغيرها.

ويهتم هذا الفصل بدراسة المجتمع المدني والذي يعتبر من الموضوعات الحديثة في تحليل النظم السياسية، فمع انتشار الديمقراطيات، أصبحت مؤسسات المجتمع المدني أحد الفواعل الرئيسية التي تنافس الأحزاب في مجال الحشد والتعبئة السياسية، وتزداد أهمية المجتمع المدني لما يقوم به من تنظيم وتفعيل مشاركة المواطنين في تقرير مصائرهم ومواجهة السياسات التي تؤثر في معيشتهم، بالإضافة إلى ما يقوم به من دور في نشر ثقافة خلق المبادرة الذاتية، وثقافة بناء المؤسسات، وثقافة الإعلاء من شأن المواطن، والتأكيد على إرادة المواطنين في المساهمة بفعالية في تحقيق التحولات الكبرى للمجتمعات حتى لا تترك حكرًا على النخب الحاكمة، وتم استنتاج من هذا الفصل أن منظمات المجتمع المدني ليست مستقلة أو منفصلة عن السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، بل تتفاعل مع المتغيرات الداخلية للنظام السياسي الانتقالي في مصر، فتصاعد دور المنظمات الحقوقية، وتأثير الحركات الاجتماعية الجديدة خلال وبعد الثورة، يؤكد على تعدد الأبعاد في العلاقة بين طبيعة النظام السياسي للدولة والمجتمع المدني في المرحلة المقبلة، ومنها ما إذا كان سيسهم في تجديد النخبة السياسية، وفي تداول السلطة، وفي اجتذاب القطاعات الشبابية؟ وهل ستنجح منظمات المجتمع المدني في استثمار المرحلة الانتقالية من أجل تعظيم مصالحها؟ كما يمكن القول إن دور المجتمع المدني تراجع بعد الثورة.

ويعرض كل من الفصل السادس والسابع والثامن لأهم التطورات التي شهدتها سلطات الدولة الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، والعلاقات فيما بين هذه السلطات.

وفي نهاية هذه الفصول يمكن ملاحظة عدة ملاحظات تتمثل في:

· إن السلطة التشريعية خلال المرحلة الانتقالية شهدت أكثر من عملية انتقال من وإلى أكثر من جهة.

· إن السمة الغالبة على عملية التشريع خلال هذه المرحلة هي صراع على من يملك حق التشريع أكثر منها صراعًا على مضمون التشريعات نفسها، وهو جزء من الصراع على السلطة.

· إصدار عدد كبير من التشريعات الحاكمة.

· دخول السلطة التشريعية في خط مواجهة مباشرة، أكثر من مرة، مع السلطة القضائية.

· تعرض السلطة القضائية للعديد من التحديات، والتي ترجع في الأساس إلى محاولة القوى السياسية المختلفة استخدام القانون وأحكام القضاء كأداة في الصراع على السلطة أو كسلاح يستخدمه أحد الأطراف الآخرين، وتأرجح موقف القوى السياسية بين مفهومي “,”الشرعية الدستورية“,” و“,”الشرعية الثورية“,” التي تسمح باتخاذ إجراءات استثنائية تتجاوز النظام القانوني القائم حسب التغير في مصالحها ونفوذها السياسي.

أما الفصل التاسع والأخير فيدرس عددًا من السياسات العامة كالأمن والاقتصاد والتعليم والسياسة الخارجية باعتبارها تعبيرًا عن النظام السياسي، ولرؤية النخبة الحاكمة للأولويات، ولقدرتها على مواجهة المشاكل الملحة والتعامل مع التحديات التي تطرحها مرحلة الانتقال.

وقد استنتج أن هناك غلبة سمة “,”إدارة الأزمة“,” أكثر من “,”التخطيط“,” على عملية صناعة السياسات العامة، أو بمعنى أدق سيطرة طابع “,”رد الفعل“,” أكثر من “,”الفعل المبادر“,”.

كما ترتبط عملية صنع السياسات العامة في هذه المرحلة بمدى القدرة على تنفيذ هذه السياسات، والتي تتضمن خيارات صعبة، وبصورة عامة يمكن القول إن نقطة التحول النسبية على هذا الصعيد كانت تولي رئيس منتخب زمام الأمور، وهو الأمر الذي ساهم في وجود قدرة أكبر على اتخاذ قرارات أصعب نسبيًا.

ويلخص الكتاب أهم التحديات التي برزت خلال المرحلة الانتقالية والتي تتمثل في:

· تحدي الأزمة الاقتصادية.. ففي ظل ظروف التغير السياسي بما يرافقه من نشوب صراعات سياسية واجتماعية وفئوية، وعدم استقرار سياسي، وفراغ سلطة، تحدث تأثيرات سلبية على أداء الاقتصاد، فكثرة الإضرابات والاعتصامات بهدف تحسين الأجور وظروف العمل، ويتوقف المستثمرون عن البدء في مشروعات جديدة، ومغادرة بعض الشركات الدولية البلاد، ويكون شأن ذلك تدني نسبة نمو الناتج القومي، وزيادة الفجوة بين تدني الحالة الاقتصادية وزيادة توقعات الناس.

· تحدي الريبة وعدم الثقة.. فمع سقوط النظام التسلطي تبدأ المنافسة بين الفاعلين السياسيين من أجل النفوذ، ويسعى كل طرف الى “,”التموضع“,” بالشكل الذي يحقق له أكبر درجة من النفوذ، وإلى طرح ذاته باعتباره أكثر الأطراف التي ضحت في النضال ضد النظام السابق، وسيادة حالة من الترقب والريبة وعدم الشك تماثل حالة الطبيعة عند توماس هوبز، والتي وصفها بأنها “,”حرب الكل ضد الكل“,”.

· تحدي أخطار التفكك الاجتماعي.

· تحدي أمراض نخب الإثارة والفوضى.. والتي تشير إلى تردي تفكير وأداء جزء من النخبة التي تتصدر المشهد في المرحلة الانتقالية.


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟