المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

تغير فى المواقف والقرار.. الشعب يعدل المسار

الأحد 29/ديسمبر/2013 - 12:17 م
إعداد: وحدة البحوث والدراسات
في الواقع، يسأل كثيرون ماذا حدث بعد تولى الرئيس مرسي، وبعد مرور سبعة أشهر، هل تغيرت البنية التسلطية للنظام الاستبدادي بنظام ديمقراطي، هل تغيرت آلية صنع القرار لتكون فى صالح المجتمع المصري، هل هناك شفافية أصلاً، فى عملية صنع القرار، هل الكفاءات تولت مقاليد الأمر ومؤسسات الدولة، أم العكس هو الذى حدث؟ وعلى الجانب الآخر، هل استطاعت المعارضة من تطوير أساليب عملها ومواقفها من أجل مصلحة الوطن والمواطن؟!

ومما لا شك فيه، وضع الرئيس وحزبه وتيارات الإسلام السياسى وقوى المعارضة الحزبية والشبابية الثورة المصرية فى مأزق حقيقي، حيث ارتفعت الأسعار، ولم تتحقق العدالة الاجتماعية، ولم يُنجَز شيء يُذكَر من مؤشرات التحول الديمقراطي، ولم تتحقق الكرامة الإنسانية، حيث مازال المواطن البسيط يُهان فى أقسام الشرطة، وعمَّت حالة الفوضى والعنف أرجاء المحروسة للدرجة التى أنَّ منها المواطن البسيط وجعلته يكفر بثورته العظيمة ويثبت فى يقينه بأن الثورة بحاجة إلى تعديل المسار.

إن ثورة 25 يناير وُلِدت من رحم مناخ استبدادي، وأسفرت عن خلع رئيس الدولة، وسعت إلى خلق نظام سياسي جديد، يقوم على بنية علاقات جديدة بين سلطات الدولة الثلاث. وخلال الفترة التي تلت 11 فبراير2011، عاشت مصر بدون رئيس للدولة، إذ هيمن المجلس الأعلى للقوات المسلحة على الحكم بتكليف من الرئيس السابق حسني مبارك، بعد أن أعلن هو في ذات بيان تنحيه تخليه عن منصب رئيس الجمهورية. ليتأسس بعد ذلك نظام جديد، بدأ بوضع إعلان دستوري، فانتخابات مجلسي الشعب والشورى، ولينتهي الأمر بانتخابات رئاسة جرت في شهري مايو ويونيو 2012، وأسفرت عن تولي التنظيم، الذي حاربته ثورة يوليو 1952، السلطة، وهو جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد فوز مرشح الذراع السياسية للجماعة حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد مرسي.

إن المليونيات التالية للثورة - والتى مازالت حتى الآن- أتت بالعديد من المكتسبات لا يمكن إنكارها، رغم أنها حافظت على الزخم الثوري وأبقت على الحماس متقدًا، إلا أنها أفضت في النهاية إلى التقليل من شأن المطالب التي ترفعها الثورة، وكذلك فتور التعاطف الجماهيري مع الثورة، خاصة وأن بعض تلك المليونيات أدت في بعض الأحيان إلى التحرش بين المتظاهرين وقوات الجيش، لكن يبقى التشرذم بين قوى الثورة في الميدان، نتيجة أولويات القوى السياسية المختلفة، هو العامل الأبرز الذي جعل الكثيرين يخافون على تآكل تلك الثورة من قِبَل أبنائها، بعد أن صمدت طويلاً أمام الضغوط الخارجية التي وحَّدتها والممثلة بالأساس في “,”فلول“,” النظام البائد وأعوانه خارج مصر، ممثلة على وجه الخصوص في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تَردد وقتئذٍ عن ضغوط بائسة من قِبلها على صانعي القرار لوقف محاكمات أركان النظام السابق، وأهمهم مبارك على وجه الخصوص، وكذلك رفض استقبال أي عمالة جديدة منها ومن دول الربيع العربي.

ومع الذكرى الثانية للثورة، تجددت المليونيات مرة أخرى، وهناك من يرى بأنها ضخت دماءً جديدة فى الشارع المصرى، وما هي إلا محاولات لتعديل مسار الثورة الطبيعي لتحقيق الأهداف والمبادئ التى قامت من أجل ثورة 25 يناير، خاصةً وأن جماعة الإخوان لم يشاركوا فى بدايتها – باعتراف قيادات الصف الثانى- وأن مشاركتهم كانت من يوم جمعة الغضب فقط، واتفق الجميع فى الميدان آنذاك على رحيل النظام. لكن سرعان ما تبدَّلت الظروف، إذ بمجرد غروب شمس هذا اليوم، غادر أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وباقي التيار الديني ميدان التحرير إلى المحافظات التي جاءوا منها استعدادًا للانتخابات البرلمانية التي بدأت جولتها الأولى في 28 نوفمبر، وبقي التيار المدني الذي دفع فاتورة بقائه، فيما بات يُعرف بأحداث ميدان التحرير ومحمد محمود وشارع مجلس الوزراء، حيث اشتبكت، ولعدة أيام، قوات كل من الجيش ثم الشرطة معها، ووقع عشرات القتلي والجرحى، وكما جرت العادة في كل اشتباكات كان الاتهام بعد الأحداث لقوى اللهو الخفي، أو الطرف الثالث بتدبير تلك المذابح.

موقف جبهة الإنقاذ

من الأهمية القول، أنه بعد خروج الحشود الضخمة في مظاهرات الذكرى الثانية لـ 25 يناير، وعلى إثر المصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن، التي استمرت في مناطق متفرقة داخل القاهرة وخارجها، أعلنت جبهة الإنقاذ في بيان لها صباح يوم السبت 26 يناير عن موقفها من الأحداث ومطالبها، وحمَّلت الجبهة في بيانها، الرئيس محمد مرسي وحكومة هشام قنديل المسئولية عن أحداث العنف التي وقعت، ومازالت تقع، في أنحاء البلاد، وحددت الجبهة 5 مطالب رأت أنها تعبر عن جماهير الشعب، وهي :

1) تشكيل لجنة تحقيق محايدة عاجلة لمحاسبة كافة المتورطين في إراقة دماء المصريين .

2) تشكيل لجنة قانونية محايدة لتعديل الدستور المشوَّه فورًا، والاتفاق على المواد التي يجب تغييرها بشكل عاجل .

3) تشكيل حكومة انقاذ وطني تتمتع بالكفاءة والمصداقية للاضطلاع بتحقيق مطالب الثورة، وعلى رأسها العدالة الإجتماعية، بالإضافة إلى الملفين الأمني والاقتصادي بشكل أساسي، بعد أن أدت سياسات الرئيس وحكومته، على مدى الشهور الماضية، إلى رفع معاناة المصريين وتدهور ظروفهم المعيشية .

4) إزالة آثار الإعلان الدستوري الاستبدادي الباطل فيما يتصل بالعدوان على السلطة القضائية وانتهاك استقلالها، وإقالة النائب العام الحالي .

5) اخضاع جماعة “,”الإخوان المسلمون“,” للقانون بعد أن أصبحت طرفًا أصيلاً في إدارة أمور البلاد بغير سند من القانون أو الشرعية .

كما هددت الجبهة في نهاية بيانها، أنه في حال عدم الإستجابة لمطالبها، ستقوم بدعوة جماهير الشعب المصري للاحتشاد والتظاهر السلمي يوم الجمعة 1 فبراير؛ لإسقاط الدستور الباطل والعمل مؤقتًا بدستور 1971 وتعديلاته، والشروع الفوري في تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة.

وبعد بيان جبهة الإنقاذ لم يصدر رد من الرئاسة أو الحكومة، حتى خرج الرئيس مرسي مساء الأحد ليعلن حالة الطوارئ في مدن القناة ويدعو لحوار وطني. ونظرًا لتخوف جبهة ال إ نقاذ من حوار غير حقيقى وجَدِّى، حدَّد الدكتور البرادعي 3 شروط لقبول الدعوة وهي : تحمل الرئيس لمسئوليته عن الأحداث الدامية، وتعهده بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى، وتشكيل لجنة متوازنة لتعديل الدستور. إلى أن اجتمعت جبهة الإنقاذ ظهر اليوم التالي وخرجت ببيان رفضت فيه الحوار الذي دعا إليه الرئيس، ووصفته بالحوار الشكلي الذي لا طائل من ورائه، وأعلنت أنه لا حوار قبل تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وتشكيل لجنة متوازنة لتعديل الدستور، وإلغاء الإعلان الدستوري وكافة الآثار المترتبة عليه. كما أعلنت الجبهة أنها لن تقبل الحوار بدعوات فردية وأن مشاركتها ستكون كجبهة، ولن تكون مشاركة حزبية أو فردية.

كما أعلنت الجبهة عن رفضها لمحاولة عزل مدن القناة، وإدانتها الكاملة للتعامل الأمني العنيف مع أهلها، كما طالبت الجبهة من الشعب المصري دعم شعب القناة بالمبادرات الشعبية حتى لا يشعرون بأنهم وحدهم في مواجهة آلة الدولة العنيفة، والالتزام بالسلمية فى المظاهرات.

وقد طرحت الأسس الكفيلة للخروج من الوضع الخطير الذي تمر به البلاد، وعلى رأسها:

1- تشكيل حكومة إنقاذ أو وحدة وطنية.

2- لجنة لتعديل الدستور.

3- إزالة آثار الإعلان الدستوري، وإقالة النائب العام.

4- تشكيل لجنة قضائية للتحقيق في سقوط الشهداء والمصابين.

5- إخضاع جماعة الإخوان المسلمين للقانون، بعد أن أصبحت طرفًا أصيلاً في إدارة البلاد دون سند شرعي.

وأخيرًا، أكدت الجبهة بأن الحوار سيبدأ فقط عندما تتوقف الجرائم وآلة القتل، وأن تخضع السلطة إلى مطالب الشعب.

مؤسسة الرئاسة

فى إطار تصاعد وتيرة الأحداث، وسقوط العديد من القتلى والجرحى والمصابين فى معظم محافظات مصر وخاصة مدن القناة، التى تسلمت قوات الجيش أمنها من الشرطة لما تمر به من أحداث عنف، وذلك بعد النطق بالحكم فى قضية مجزرة بورسعيد، والتى أدت إلى اشتعال الأمور أكثر. فالحقيقة، لم تكن هذه القضية سببًا لما يحدث الآن، ولكن ما يحدث هو نتاج لسياسات خاطئة وسوء إدارة من المسئولين فى إدارة شئون البلاد وتقديم حلول للأحداث التى تمر بها البلاد، بجانب فشل المعارضة في تطوير آليات وأساليب محددة لقيادة الشارع، أمور كثيرة متداخلة أدت إلى ما يمر به الوطن، ولا أحد يعلم أو يتوقع ما سيحدث خلال ساعات.

واللافت، أن مؤسسة الرئاسة والحكومة تعاملت ببطء شديد وبصورة غير مناسبة للموقف، مما ساهم فى تصاعد وتدهور الأوضاع. حيث قام الرئيس أثناء احتفاله بذكرى المولد النبوي الشريف بتناول الذكرى الثانية للثورة والتى اعتبرها نقطة فاصلة فى تاريخ مصر، ونقطة للقضاء على الديكتاتورية، وعملية إقرار الدستور واكتمال بناء المؤسسات وعملية التشريع من خلال انتخابات مجلس الشعب القادمة، كما دعا القوى الوطنية للحوار.

ومع تطور المشهد فى الميادين، وسقوط قتلى فى السويس فى ذكرى الثورة الثانية يوم الجمعة 25 يناير 2013، كان رد فعل الرئاسة مُخزيًا وأقل مما هو متوقَع وغير متناسب مع الموقف إطلاقا، إذ قام بكتابة “,”تويتة“,” تتكون من 140 كلمة، وذلك فى صباح يوم السادس والعشرين من يناير 2013، وبعد سقوط 6 قتلى فى السويس أثناء إلقاء خطابه للاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، والتى تزامنت بالذكرى الثانية للثورة، وقد تجاهل فيها ما يحدث فى الميادين.

وقد طالب الرئيس فى “,”تغريدته“,” الشعب والمواطنين بالالتزام بالمبادئ النبيلة للثورة والتعبير بحرية بصورة سلمية، وأكد على أن أجهزة الدولة ستبذل قصارى جهدها لتأمين المظاهرات السلمية، وأن أجهزة الدولة لن تتوانى عن ملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة، وفى النهاية تقدم الرئيس بخالص العزاء إلى الشعب المصري وأهالي السويس والشرطة الذين راحوا ضحية العنف البغيض. وبالتالى كان رد فعل مؤسسة الرئاسة غير متناسب بالمرة مع ضخامة الحدث، حيث إنه يخاطب الشعب المصري الذي يعانى 40% منه من الأمية والعديد من المتعلمين لم يكن لديهم حسابات شخصية على “,”تويتر“,” أو “,”فيس بوك“,”.

ولأول مرة فى تاريخ مصر والعالم العربى، أن يقوم الرئيس، بعد حادث جلل وعظيم هز ربوع المحروسة، شابه أعمال عنف وحرق وشهداء، بمخاطبة شعبه عبر “,”تغريدة“,” مكونة من 140 حرفًا. وبغض النظر عن مضمون “,”التغريدة“,”، وما تحمله من عبارات عزاء ومواساة وتهديد ووعيد بالقصاص للشهداء، فقد نسى الرئيس، بأن السواد الأعظم من الشعب لا يمتلكون حتى جهاز كمبيوتر يطالعون عليه الأحداث، حيث قدَّرت بعض الإحصائيات بأن 38 شخصًا فقط، من بين كل ألف مواطن فى مصر، يملكون أجهزة كمبيوتر، وأن حوالي 9 ملايين فقط يستخدمون الإنترنت، وبالطبع، بما فيهم الأجانب والبنوك والشركات الدولية العاملة فى مصر.

والسؤال هنا، ما حدث فى الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، أليس كان بحاجة إلى خطاب من الرئيس أو حتى رئيس الوزراء يحاول فيه تهدئة الأوضاع.. أو حتى التلويح بالاستجابة إلى مطالب جموع المتظاهرين؟ وكيف يمكن للرئيس أن يلخص حياة 9 مواطنين، هم حصيلة الشهداء فى الإسماعيلية والسويس فى اليوم الأول، بالإضافة إلى احتراق العديد من مؤسسات الدولة بـ“,” تغريدة“,”؟! مما يجعلنا نؤكد بأن السلطة والمعارضة لم تتعلم الدرس من الخبرة الماضية فى إدارة الأزمات، التى أصبحت هى العادة فى مصر ما بعد الثورة، وأن الشباب هم بالفعل القائد والمُعلِّم لجميع النخب.

وقد دعا رئيس الجمهورية مجلس الدفاع الوطني للانعقاد، الذى يتشكل طبقا لنص المادة 197 من دستور2012، من رئيس الجمهورية رئيسًا، وعضوية رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشوري ورئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية ورئيس المخابرات العامة ورئيس أركان حرب القوات المسلحة وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وقد نتج عن انعقاد المجلس بيان لا يتعدى الإدانة والشجب لما يحدث، فقد تناول البيان ثماني نقاط تتضمن:

إدانة المجلس لأعمال العنف والمطالبة باستكمال مبادئ الثورة، وعمل حوار وطنى موسع لمناقشة كافة قضايا الخلاف السياسى، والتوافق على آليات توفر انتخابات برلمانية نزيهة، والإيمان بحرية الإعلام، والتأكيد على دعمه لرجال الشرطة، وتأكيد الدولة على قيام المؤسسات بدورها الوطني واتخاذ التدابير اللازمة وحقها فى فرض حالة الطوارئ فى المناطق التى تشهد عنفًا، وفى النهاية أكد على عدم تدخل القوات المسلحة فى العملية السياسية وأنها تقف على مسافة واحدة، وتقوم بتأمين المنشآت الحيوية.

وفى مساء الأحد الموافق 27 يناير 2013، أعلن الرئيس فى خطاب موجَّه للأمة حالة الطوارئ فى مدن القناة الثلاث “,”السويس، بورسعيد، الإسماعيلية“,”، وو صف بأن ما يحدث الآن هو “,”الثورة المضادة بعينها بوجهها القبيح“,”. وقد زاد الخطاب من تأزم الوضع وزيادة الانقسام بين المواطنين. وقد طرح الرئيس مبادرة للحوار مع القوى الوطنية لبحث المستجدات فى المشهد السياسى والبحث فى آليات للحوار، والاتفاق حول الموضوعات المتضمنة فى أجندة الحوار.

وفى الواقع، فإن تعامل مؤسسة الرئاسة مع الحدث يثير التخوفات من تعاملها المستقبلى مع مثل هذا الحدث الجلل، مما يجعلنا نبدى الملاحظات التالية:

أولا: البطء الشديد وعدم الإحساس بأهمية عنصر الوقت.. حيث جاء موقف الرئيس صادمًا، ليس فقط لأن التغريدة لم تشف غليل المصريين، ولكنه خطاب موجَّه لمجموعة فقط من المصريين، بالطبع رواد فيس بوك، كما أخذت اللجان الإليكترونية لحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان، ومريديها، بالإشادة بما اعتبروه مواكبة من الرئيس للتطور التكنولوجي واختياره مخاطبة الشعب على “,”تويتر“,”، لافتين إلى زيادة عدد متابعيه عقب كل “,”تغريدة“,” كتبها وعدد المرات التى يتم بها إعادة بث تغريداته وتبادلها، وبين الإحباط من كون رسائل الرئيس خلت من أى قرارات جادة حول اعتقالات للمخربين، على حد وصفهم . ومن أمثلة تعليقاتهم “,”أيوه بقى يا ريس.. الفولورز بيزيدوا 5 كل دقيقة.. شعبية شعبية مفيهاش كلام“,”، “,”سيادة الرئيس اسمح لى لو كنت مكانك لأمرت بالقبض على عصابة الكتلة السوداء ومن وراءهم والقبض على صباحى وشلة الخراب وأظهر للشعب كل شىء أبوس إيدك“,”، “,”اغضب يا ريس بقى ووريهم ولمّ المعارضة الخاينة والفلول فى المعتقلات.. اغضب عشان مصر “,” . واللافت، أن مثل هذه التعليقات، هى بالفعل ما تدور فى أذهان قيادات الحرية والعدالة والإخوان عمومًا وبعض تيارات الإسلام السياسى، مما يجعلنا أكثر خوفًا على المستقبل، وذلك لأن المعارضة فى عهد مبارك كانت متهمة فقط بالاستقواء بالخارج، أما الآن، وفى عهد الإخوان، أضيف إليها تهمة جديدة، تتمثل فى الخيانة والخراب ومحاولة قلب نظام الحكم.

ثانيًا: تعقيد وتداخل عملية صنع القرار.. ليس بين أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة، وإن كان كذلك فإنه يكون أمرًا طبيعيًا، ولكن المقصود هنا، هو التداخل الشديد بين مؤسسة الرئاسة ومكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة، مما جعل المواطن البسيط يستقر فى ذهنه بأن الرئيس لن يستطيع أن يتخذ قرارًا إلا بعد العودة إلى مكتب الإرشاد، خاصة بعد تأكيدات قيادات الحرية والعدالة بأن الحوار الذى يتبناه الرئيس ويرعاه غير ملزم لهم، فى مفاجأة متوقعة من الجماعة وحزبها، والتى وعدت المصريين بأشياء كثيرة ولم تنفذها.

ويتضح ذلك أكثر، من خلال الأزمة التى نشبت بين مؤسسة الرئاسة ودولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أن شكلت الرئاسة وفدًا رفيع المستوى ضم رئيس المخابرات ومساعد الرئيس للتعاون الدولى لحل أزمة 11 مواطنًا مصريًا، اتضح فيما بعد بأنهم ينتمون لجماعة الإخوان، دون التطرق لأزمة 350 مواطنًا مصريًا آخرين، كانت مشاكلهم هى الأقرب إلى الحل.

ثالثًا: غياب الكفاءة وإدارة الأزمة.. وهذه المشكلة واضحة منذ الساعات الأولى لتشكيل الفريق الرئاسي، على الرغم من تأكيد الدكتور مرسى بأن اختياره للفريق المعاون له سيكون مبنيًا على عنصر الكفاءة، ومعبرًا عن جميع الفئات والحركات الشبابية والحزبية، وهو ما لم يحدث، وتَكرَّس هذه الانطباع مع انسحاب عدد من مساعدي الرئيس إثر إصدار الإعلان الدستوري فى 21 نوفمبر الماضي، وظل معه من ينتمى للجماعة وتيار الإسلام السياسى فقط.

موقف الحكومة

وفيما يتعلق بموقف الحكومة مع المشهد، فلم يكن لديها موقف يُعتد به فى ظل هذا المشهد الساخن والوضع الذى يزداد صعوبة. ولكنها اكتفت فقط على أنه بِناءً على طلب من رئيس الجمهورية طلب من القوات المسلحة بالاشتراك فى تحقيق الأمن.

ومن جانبه وافق مجس الشورى، بشكل نهائى، على مشروع قانون بإشراك القوات المسلحة فى حفظ الأمن وتأمين المنشآت، بناء على طلب رئيس الجمهورية وبعد موافقة مجلس الدفاع الوطنى، وذلك بالمخالفة لمشروع القانون المقدم من الحكومة وتقرير اللجنة المشتركة من لجنتى الدفاع والدستورية بالمجلس، حيث تضمن مشروع قانون الحكومة أن يكون طلب إشراك القوات المسلحة بناء على طلب من الرئيس. وقد نصت المادة الأولى على “,”مع عدم الإخلال بدور القوات المسلحة الأساسى فى حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها، تدعم القوات المسلحة أجهزة الشرطة، وبتنسيق كامل معها، إجراءات حفظ الأمن وحماية المنشآت المهمة بالدولة حتى انتهاء الانتخابات البرلمانية القادمة، وكلما طلب رئيس الجمهورية بعد أخذ طلب مجلس الدفاع الوطنى منها ذلك، ويحدد وزير الدفاع الأماكن وأفراد القوات المسلحة ومهامها“,”. أما المادة الثانية فقد نصت على: “,”يكون لضباط القوات المسلحة وضباط الصف المشاركين فى مهام حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية بالدولة، كل فى الدائرة التى كلف بها، جميع سلطات الضبط القضائى والصلاحيات المرتبطة بها لمأمورى الضبط القضائى المقررة لضباط وأمناء الشرطة، فيما يتعلق بأداتهم لتلك المهام، بالشروط والضوابط المقررة فى قانون هيئة الشرطة لضباط الشرطة وأمنائها“,” .

فى حين نصت المادة الثالثة على: “,”يلتزم ضباط وضباط صف القوات المسلحة فى أدائهم لمهام الضبطية القضائية، وفقا لأحكام هذا القانون، بكافة واجبات مأمور الضبط القضائى المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية، بما فى ذلك إحالة ما يحررونه من محاضر إلى النيابة المختصة، وفقا لقواعد الاختصاص المنصوص عليها فى القانون المشار إليه، ومع عدم الإخلال باختصاص القضاء العسكرى، ويختص القضاء العادى بالفصل فى الوقائع التى حررت عنها هذه المحاضر“,” .

موقف الشرطة

بالرغم من أن خطاب الشرطة بمناسبة الذكرى الثانية لثورة 25 يناير كان ينبئ بأن الشرطة غيرت سياستها في التعامل مع المتظاهرين، حيث أكدت على أنها غيرت من عقيدتها في الاتجاه الذي يكفل كافة الحقوق والحريات بما فيها حق التظاهر السلمي باعتباره حقًا يكفله الدستور، وأنها تنتهج سياسة تتوافق مع أهداف الثورة منذ قيامها في 25 يناير 2011، كما تعهدت بالحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم .

وبدا أن الشرطة لا ترغب في الاشتباك مع المتظاهرين، ولكن مساء 25 يناير في حوالي الساعة العاشرة والنصف اقتحمت قوات الشرطة الميدان وفضت المظاهرات الموجودة في الميدان، وألقت بالقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين حتى خرجوا من الميدان ثم بدأوا في الرجوع بالتدريج للميدان وعادت قوات الشرطة لشارع قصر العيني.

واستمرت الاشتباكات والكر والفر بين المتظاهرين وقوات الأمن لليوم الرابع على التوالي، حيث كثفت قوات الشرطة هجماتها في الميدان والمنطقة المحيطة به بالقنابل المسيلة للدموع والخرطوش، وانتقلت المعركة بين المتظاهرين من محيط التحرير لتستمر لأكثر من 12 ساعة على كورنيش النيل، وأسفرت عن إصابة 11 شخصًا ومقتل أحد المارة بالتحرير بطلق ناري، ونقل أحد المتظاهرين لمستشفى الهلال بعد إصابته بثلاث طلقات نارية، مما أعاد للأذهان جمعة الغضب في 2011.

كما أسفرت اشتباكات الأمن مع أهالي بورسعيد في محيط السجن العمومي عن مقتل 30 شخصًا؛ اثنان منهم ضباط شرطة، وإصابة 435 آخرين. وفي السويس والإسماعيلية أسفرت اشتباكات الأمن مع المتظاهرين عن مقتل 8 من المتظاهرين في السويس وواحد في الإسماعيلية، مصابين كلهم بأعيرة طلق ناري وفقا لتقرير الطبيب الشرعي وأغلبها تركزت في منطقة البطن والصدر وأعمارهم تقع في العشرينات.

كما نفى مصدر أمنى بالوزارة ما تردد حول قيام قوات الأمن بإطلاق غاز مسيل للدموع أثناء تشييع جنازة ضحايا بورسعيد. وأكد المصدر عدم صحة ما تناولته بعض المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت جملةً وتفصيلاً . وأضاف المصدر الأمني بقيام بعض الأشخاص بإطلاق عبوات حارقة وطلقات نارية تجاه منشأة تابعة للشرطة تقع بمنطقة سير الجنازة مما أدى إلى اشتعال النيران بتلك المنشأة .

وفى بيان لها أكدت وزارة الداخلية على لسان مسئول مركز الإعلام الأمني أن الشرطة المصرية جهاز وطني ملك الشعب يعمل فى ظل ظروف صعبة ودقيقة، يواجه خلالها العديد من التحديات، وسيواصل رغم التضحيات الجسام أداء مهامه ومسئولياته الدستورية والقانونية فى توفير أمن المواطنين وصون ممتلكاتهم العامة والخاصة، والتصدي لكافة المخاطر وأساليب العنف الممنهجة وغير المسبوقة، ولن يتهاون أبداً فى أدائه لرسالته السامية مهما كلفه ذلك. وأكد البيان أيضًا على أن وزارة الداخلية تحرص دومًا على أن تنأى بنفسها بعيدًا عن المعادلة السياسية ولا تضع نصب أعينها إلا أمن وسلامة جميع المواطنين، وفق عقيدة أمنية راسخة داخل وجدان رجال الشرطة عاهدوا الله والوطن عليها، وهى تعلم أن جموع الشعب المصرى العظيم بحسها الوطنى تقدر جهودها وتضحياتها لاستعادة أمن واستقرار البلاد.

كما أكد وزير الداخلية فى رسالة إلى قواته، بعدما ترددت أنباء عن طرده من موكب جنازة الضابط الذى استشهد فى بورسعيد، بأنه يقبل انفعالهم، ويعلم مدى ما تحملوه من صِعاب وتحديات طوال الفترات الماضية وخلال تلك الظروف الصعبة والدقيقة. كما أكد بأنهم يتحملون انحرافات البعض عن حق التظاهر والتعبير السلمي عن الرأى، وأن التاريخ سيُسجل تضحياتهم وبطولاتهم من أجل أمن المواطنين، وأكد لهم أن الجميع يعلم دورهم الفاعل فى استقرار البلاد.

وأخيرًا، أكد الوزير على أن قوات الشرطة مع رجال القوات المسلحة “,”درع“,” أمن البلاد وحصنه فى وجه كل ما يهدده من مخاطر .

إلا إنه يبدو من الأحداث الأخيرة في العديد من المحافظات، بأن الشرطة خرجت عن الدور المنوط بها فى حماية المتظاهرين.

موقف الجيش

وبالرغم من أن الجيش بدى أنه غائب عن المشهد في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، واكتفى بعقد ندوة وكرَّم فيها أهالي الشهداء، وبعث برقية لرئيس الجمهورية يهنئه فيها بذكرى الثورة. إلا أن الجيش الميداني الثاني دفع بعدد من وحداته للسيطرة على الوضع في بورسعيد، بعد مقتل أكثر من 30 شخصًا في اشتباكات محيط السجن العام بين الأهالي والأمن، ونزل عدد من وحدات الجيش الثالث في السويس للسيطرة على الوضع .

وقد أكد المتحدث الرسمي باسم الجيش بأن مدينتي “,”السويس وبورسعيد“,” شهدتا أحداثا مؤسفة، أدت إلى وقوع العديد من الضحايا والمصابين وإتلاف العديد من المنشآت العامة والخاصة، قامت على إثرها عناصر من القوات المسلحة بالنزول إلى الشوارع فى كلتا المحافظتين ملتزمة بأقصى درجات ضبط النفس، وتستهدف فقط حماية المواطنين المصريين وتأمينهم، وذلك انطلاقا من المسئولية الوطنية الملقاه على عاتق القوات المسلحة فى تأمين الوطن وحماية شعبه. كما أن عقيدة القوات المسلحة ترتكز أساسًا على حماية الوطن وصون مقدِّراته باعتبارها جزءًا أصيلا من نسيج هذا الشعب العظيم، ولا يمكن أن تقوم بإطلاق رصاصة واحدة نحو أى مواطن شريف، كما أنها لا تجابه أى تظاهرات أو اعتصامات سلمية لا تهدد منشآت الدولة وأهدافها القومية . كما تؤكد القوات المسلحة على تقديرها الكامل للدور الوطنى المشرف لمواطني محافظتي “,”السويس – بورسعيد“,” فى تاريخ مصر الحديث، وتناشد جموع المواطنين الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، ومساندة الجهود المبذولة لفرض الأمن وعدم ترويع الآمنين ارتباطًا بسلمية ثورة 25 يناير المجيدة وما حققته من أهداف سامية للوطن، مؤكدين أن القوات المسلحة ستبذل كل جهودها من أجل تحقيق ذلك مهما كلفها من تضحيات. كما أشار إلى قيام قوات الجيش الثالث الميدانى بنقل جميع السجناء الموجودين بسجن “,”عتاقة“,” بالسويس إلى سجن آمن نظرًا للتهديدات المحدقة بالسجن، وفى ظل محاولات بعض الخارجين عن القانون تهريب السجناء. وأخيرًا، أكدت القوات المسلحة على حق التظاهر السلمى والتعبير عن الرأى دون المساس بمصالح الوطن.

وأخيرًا، من الأهمية الإشارة إلى أن القانون الذى تقدمت به الحكومة إلى مجلس الشورى ما هو إلا استمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين، ونهاية ثورة 25 يناير التى راح ضحيتها أكثر من 1000 شهيد، ولم يشارك فيها الإخوان منذ بدايتها.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟