المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

الخريطة المحتملة للتحالفات في الانتخابات المقبلة

الأحد 29/ديسمبر/2013 - 12:07 م
د. يسري العزباوي
في ظل حالة الضبابية وانعدام الرؤية لدى أغلب الأحزاب السياسية والحركات الثورية، صعد إلى قمة المشهد السياسي موضوع “,”التحالفات الانتخابية“,”، أو ما يعرف على مستوى الدوائر الضيقة بـ“,”التربيطات الانتخابية“,”، ليس فقط داخل التيار المدني، ولكن بين الأحزاب ذات المرجعية الدينية، وأيضًا بين المستقلين بعضهم وبعض من جانب، وبينهم وبين بعض الأحزاب على الجانب الآخر.

وتحاول -وتنتظر في الوقت ذاته- الأحزاب، القديمة والجديدة، أن تجد لها موطئ قدم في هذه الخريطة المتقلبة من التحالفات؛ لعل وعسى أن تحصد عددًا من المقاعد البرلمانية؛ حتى تستطيع أن تستمر، ليس فقط في الوجود في الشارع السياسي ولكن في مرمى الأحداث المتلاحقة والمتراكمة.

ومن ثم، سنحاول هنا تناول عدة نقاط، تتمثل في:

أولاً: تعريف التحالف الانتخابي، وأنواعه، والمزايا والعيوب التي تنشأ من التحالف.

ثانيًا: الخبرة المصرية في التحالفات الانتخابية.

ثالثًا: ملامح خريطة التحالفات الانتخابية ومستقبلها.

 في معنى التحالف وضروراته

بداية، تجد الكثير من الأحزاب السياسية، والحركات، في التحالفات السبيل الأوحد والناجع لأجل زيادة نفوذها ودعم مواردها. فالتحالف بشكل عام يعني “,”اتحادًا مؤقتًا بين مجموعتين أو أكثر، خاصة الأحزاب السياسية؛ من أجل الحصول على تأثير أعظم أو نفوذ أكبر من الجماعات والأحزاب المنفردة عندما تريد تحقيق أهدافها“,”. وواقعيًا، إذا ما نجح التحالف في تحقيق ما يصبو إليه، مثل الفوز بالانتخابات أو تمرير قانون ما أو تشكيل تحالف حكومي، فإن عمر هذا التحالف ينتهي مع تحقيق تلك الغايات.

ويمكن القول إن التحالفات أنواع، فقد تكون:

أولاً: بين حزبين أو أكثر من الأحزاب السياسية، حيث توافق الأحزاب على العمل سويًّا؛ للتفوق في الانتخابات، أو الحصول على عدد أكبر من المقاعد.

ثانيًا: التحالف بين الأعضاء المنتخبين، فقد يوافق المنتخبون على العمل معًا، أو على الأقل تجنب العمل واحدًا ضد الآخر؛ وذلك لتحقيق المنفعة المتبادلة، وهذه التحالفات قد تكون كتلة من الأحزاب في الهيئة التشريعية، أو قد تكون مجموعة من المستقلين ينتمون إلى دائرة محددة يقررون العمل في سبيل نفس الغرض.

ثالثًا: تحالف بين حزب سياسي ومنظمة مدنية، فقد يتم التحالف بين حزب وبين إحدى المنظمات المدنية؛ بغرض مساعدة الحزب وتنمية ودفع برنامجه. فعلى سبيل المثال، في الانتخابات التشريعية التي جرت في العام (2011- 2012) ساندت “,”حركة 6 أبريل“,” تحالف “,”الثورة مستمرة“,”، وقد تفعل نفس الأمر في الانتخابات القادمة.

رابعًا: تحالف بين منظمات أو حركات سياسية، فمن الممكن إقامة تحالفات بين حركات ثورية وبعض منظمات المجتمع المدني؛ لتوحيد قواها في الميدان السياسي؛ للتأثير في عملية التصويت لصالح مرشحين ينتمون إلى تيار معين.

واللافت، أن هنالك الكثير من الأمور التي ينبغي التفكير فيها عند دراسة تشكيل -أو الانضمام إلى- التحالف، والتي من الممكن أن تتضمن: البحث الأفضل، تبادل المعلومات، تعبئة المؤيدين، إعلام الجمهور، جمع الأموال، الانتظام من أجل مواجهة القوى الأكبر، والحصول على النفوذ. ومن الأهمية القول إنه ليس بالضرورة أن يقوم التحالف الواحد بتحقيق جميع الأهداف السابقة، ولكن ينبغي على الأقل أخذها بعين الاعتبار، وتحديد ماهي النقاط الأهم.

كما أن هناك ثلاثة أمور رئيسة تجعل الأحزاب تتحالف مع بعضها البعض، وهي ما يلي:

1. الوقت المحدد لإجراء العملية الانتخابية: فقد يكون غير كاف للاستعداد للعملية الانتخابية؛ ومن ثم تجد بعض الأحزاب ضرورة في إقامة تحالف تخوض به العملية الانتخابية. وأعتقد أن هذا السبب هو الذي أدى إلى تكوين أربعة تحالفات رئيسية في الانتخابات الماضية.

2. المال: يعتبر مصدرًا مهمًّا في إنجاز وتحقيق الغرض من خوض العملية الانتخابية، ولكن بعض الأحزاب ليس لديها موارد مالية للإنفاق على الحملة الانتخابية لمرشحيها؛ ومن ثم يكون الخيار أمامها هو التحالف مع بعض الأحزاب ذات الموارد المالية القادرة على الإنفاق.

3. الكوادر الحزبية: فمن المعروف أن حوالي 95% من الشعب المصري مستقلون، ولا ينتمون إلى أحزاب سياسية؛ ومن ثم فإن بعض الأحزاب ليس لديها كوادر قادرة على المشاركة في العملية الانتخابية، أو على الأقل عمل دعاية للحزب أثناء فترة الانتخابات.

وبناء عليه، فإن العناصر الثلاثة السابقة في غاية الأهمية والضرورة؛ حتى يستطيع أي حزب سياسي أن يخوض العملية الانتخابية على جميع المقاعد منفردًا.

 مزايا وسلبيات التحالف الانتخابية

حقيقةً، لا تعتبر التحالفات الانتخابية مكسبًا مطلقًا، كما تعتقد بعض الأحزاب الصغيرة، التي ربما تفرح بتمثيلها في البرلمان بمقعد أو اثين أو حتى بضعة مقاعد؛ لأنه في مقابل تحالفها مع الأحزاب الأخرى تفوِّت على نفسها فرصة ذهبية لعمل دعاية للحزب أو القيام بعملية تجنيد سياسي لبعض الأفراد، وهو ربما ما يكون ذلك مفيدًا أكثر من المقاعد، خاصة أنها تفتقد قواعد شعبية.

1) مساوئ بناء التحالف أو الانضمام إليه: ثمة مساوئ محتملة تنجم عن الانضمام إلى تحالف، والتي ينبغي أخذها بعين الاعتبار:

•بهدف إيجاد أرضية مشتركة مع الأعضاء الآخرين في التحالف، فقد يتعين على الحزب التوصل إلى حل وسط وفقًا للأولويات أو المبدأ. ومن ثم، قد يقوم الحزب بالتنازل عن بعض مبادئه وأفكاره من أجل استمرار التحالف أو إنجاحه؛ مما قد يفقده أيضًا بعض أنصاره الحاليين.

•من خلال الانضمام إلى تحالف، تخسر الأحزاب بعض السيطرة على الرسالة والقرارات التكتيكية، وربما تخسر أيضًا “,”هوياتها الشخصية أو أسماءها“,” في فترة الانتخابات.

•بالارتباط مع الأعضاء الآخرين في التحالف، فقد تقترن المجموعة أو الحزب أيضًا “,”بالنواحي السلبية“,” لأولئك الأعضاء الآخرين.

2) أما الفوائد المرجوة من بناء التحالف أو الانضمام إليه، فهي كما يلي:

•ستتيح التحالفات للأحزاب الحصول على عدد من المقاعد لم يكن بمقدورها الحصول عليها بمفردها.

•التحالفات يمكن أن تزود الأحزاب الأعضاء بالأساليب اللازمة لبناء منظماتها وتوسيع أساس دعمها.

•الشركاء في التحالف بإمكانهم الاستفادة من الموارد المالية المشتركة؛ من خلال استخدام المقار الحزبية لأعضاء التحالف في إقامة الحملات الانتخابية.

•الموارد المشتركة عادة ما تعني أن التحالف يمكنه التغلب على نقص الموارد المالية؛ من خلال إقامة دعايات انتخابية مشتركة لأعضاء التحالف.

•الأعداد المتزايدة من الكوادر الحزبية يمكنهم التغلب على حالات العجز في الوقت والمال. بمعنى أن وجود أناس كثيرين قد يعني أن تحقيق هدف ما سيستغرق وقتًا أقصر، وربما تكاليف أقل، بفضل جهود المتطوعين.

على الرغم من مزايا وعيوب التحالفات الانتخابية فإن هناك الكثير من التحديات التي تواجه عملية بناءالتحالفات الانتخابية، والتي يجب أخذها بعين الاعتبار، ويجب اجتيازها، وتتمثل في الأهداف والغايات، فغالبًا أعضاء التحالف يفشلون في الاتفاق على الأهداف المشتركة؛ إما من خلال الإلغاء أو من خلال عدم التوافق.

والفشل في تحديد أهداف واقعية ممكنة لكي يتعامل معهاالتحالف يمكن أن يسبب خلافًا؛ وبالتالي إلى انشقاق داخلالتحالف. وبالإضافة إلى ذلك يواجه التحالف: الاندفاع والنعرات الحزبية الضيقة، سلطة صنع القرار، آليات حل النزاع، بناء إجراءات الثقة، التشارك في أعباء العمل، التنسيق والاتصال، السمعة والظهور الإعلامي، وأخيرًا الاجندات الخفية؛ حيث ربما تحاول بعض الأحزاب دفع بعض مؤيديها من الأحزاب الأخرى لإفشال التحالف.

 الخبرة الماضوية في التحالفات الانتخابية

عرفت مصر بداية إرهاصات التحالفات الانتخابية قبل ثورة يوليو 1952 من أحزاب الأقلية ضد حزب الوفد، الذي استطاع آنذاك أن يكتسح الأحزاب التي وقفت ضده، ونجح في تشكيل عدة وزارات، ابتداءً من 1926- 1928، وفي 1930، ثم في 1936- 1937، ثم في 1942- 1944، ثم في 1950 - 1952. وكانت وزارته تأتي بعد الفوز في انتخابات حرة، وتنتهي بأزمة مع الملك، الذي يعمد إلى طردها من كرسي الحكم.

وقد شهدت حقبة الثمانينيات من القرن العشرين نموذجين للتحالفات الانتخابية، عندما تقرر إجراء انتخابات مجلس الشعب بنظام القائمة النسبية المشروطة، والتي تقضي بعدم تمثيل أي حزب في المجلس إلا إذا حصل على نسبة معينة من أصوات الناخبين كحد أدنى. النموذج الأول لهذه التحالفات كان بين حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين عام 1984، والنموذج الثاني التحالف الإسلامي بين حزب العمل وحزب الأحرار وجماعة الإخوان المسلمين عام 1987.

وتؤكد الممارسة أن هذين النموذجين كانا مجرد إجراء تكتيكي؛ هدفه ضمان فوز هذه الأحزاب في الانتخابات بتخطي حاجز الـ(8%) الذي يشكل الحد الأدنى من الأصوات الانتخابية الواجب الحصول عليها للتمثيل في مجلس الشعب، يؤكد ذلك أن البرامج الانتخابية والشعارات الانتخابية لكل طرف من هذه الأطراف كان تعبيرًا عن رؤيته الخاصة، وليس تعبيرًا عن رؤية سياسية مشتركة، كما أن كل طرف منها خاض الانتخابات اعتمادًا على قواه الذاتية في كل دائرة انتخابية، وكانت الأولوية في الدعاية الانتخابية للمرشحين لانتماءاتهم السياسية المباشرة وليس للتحالف الانتخابي.

كما أنه لم يترتب على ذلك أي تطور تنظيمي في علاقات أطرافه ببعضها، فبقي لكل تنظيم بناؤه الخاص واستقلالية حركته السياسية، وانعكس هذا الوضع في أداء أعضاء مجلس الشعب أنفسهم، فكان لنواب الإخوان المسلمين هيئتهم البرلمانية المستقلة عن الهيئة البرلمانية لحزب الوفد 1984، كما كان لهم هيئتهم البرلمانية المستقلة عن حزب العمل 1987.

وبالتالي فإنه لا يمكن إدراج هذين النموذجين في إطار التحالفات السياسية التي تعبر عن رؤية مشتركة لقضايا المجتمع، وإن كان التحالف الإسلامي بين حزب العمل والإخوان المسلمين سار حثيثًا في إطار مزيد من التوجه الإسلامي لحزب العمل، لكنه ما زال بعيدًا عن فكر الإخوان المسلمين ورؤيتهم التقليدية.

وهكذا فإن تجربة التحالفات الانتخابية في الثمانينيات قامت أساسًا على سعي أحزاب رسمية إلى جماعة غير شرعية والتحالف معها؛ من أجل ضمان التمثيل في مجلس الشعب، وكانت جماعة الإخوان المسلمين العامل المشترك في هذه التحالفات التي لم تتجاوز هذا الهدف في علاقة أطرافها ببعضهم.

وبعد ثورة 25 يناير 2011، ومع قرب العملية الانتخابية، تبلورت أربعة تحالفات، كانت جماعة الإخوان الطرف الأساسي في أكبر هذه التحالفات، وتكررت نفس الظاهرة في الخبرتين الماضيتين، عندما مارس الفائزون على قوائمها بحزب “,”الحرية والعدالة“,” دورهم في مجلس الشعب“,”؛ من خلال هيئات برلمانية خاصة بهم (حزب الكرامة، حزب الحضارة... الخ).

وفي الواقع، كانت خريطة التحالفات الانتخابية في عام 2011، كما يلي:

1. التحالف الديمقراطي: توالى انسحاب الأحزاب من التحالف الديمقراطي خلال النصف الأول من شهر أكتوبر، وانتهى الأمر إلى استمرار 12 حزبًا فقط في التحالف، هي: حزب الحرية والعدالة، حزب الكرامة، حزب غد الثورة، حزب العمل، حزب الإصلاح والنهضة، حزب الحضارة، حزب الإصلاح، حزب الجيل الديمقراطي، حزب مصر العربي الاشتراكي، حزب الأحرار، حزب الحرية والتنمية .

2. تحالف الكتلة المصرية : بلغ عدد الأحزاب المنضمة إلى الكتلة المصرية خمسة عشر حزبًا، ولكن سرعان ما انسحب منه عدد من الأحزاب، وخاض هذا التحالف العملية الانتخابية بالأحزاب التالية: حزب المصريين الأحرار، الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، حزب الجبهة الديمقراطية، الحزب الشيوعي المصري، حزب التحرير الصوفي، حزب المساواة والتنمية، حزب مصر الحرية، حزب البلد المصري، حزب المؤتمر الشعبي الناصري، الحزب العربي للعدل والمساواة، حزب التعاون والتنمية .

3. تحالف الثورة مستمرة:بعد خروج حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، حزب التيار المصري، ائتلاف شباب الثورة، انضم إليه حزب مصر الحرية، وحزب المساواة والتنمية، والحزب الاشتراكي المصري، وحزب التحالف المصري.

4. تحالف الأحزاب السلفية (حزب النور):تشكل هذا التحالف قبل أيام قليلة من إعلان باب الترشيح للانتخابات، وضم حزب النور، وحزب الأصالة، وحزب البناء والتنمية.

الجدير بالقول: لقد بذلت جهود من أجل تشكيل تحالف يضم الأحزاب الوسطية، مثل حزب الوسط، وحزب العدل، وحزب الحضارة، وحزب النهضة؛ لكنها لم تنجح. كما بذلت جهود من أجل تشكيل تحالف انتخابي ناصري يضم الأحزاب الناصرية، ولم توفق هذه الجهود أيضًا. وهكذا فإن انتخابات مجلس الشعب 2011 جرت بين أربعة تحالفات انتخابية بالإضافة إلى ما يقرب من خمسين حزبًا سياسيًّا شاركت في الانتخابات بقوائم منفردة، على رأسها حزب الوفد، وحزب الإصلاح والتنمية، وحزب مصر القومي، وحزب الوسط، وحزب الحرية، وحزب المواطن المصري.

 الخريطة المحتملة للتحالفات الانتخابية

على الرغم من أن الأصل في العملية الانتخابية هو محاولة كل حزب خوضها منفردًا للحصول على -ليس فقط- أكبر عدد من المقاعد، ولكن للفوز بتشكيل الحكومة، ولكن تجد الكثير من الأحزاب السياسية والمنظمات في التحالفات السبيل المهم والناجع لأجل زيادة نفوذها ودعم مواردها. إلا أن الحياة الحزبية في مصر تؤكد على أن هناك أحزابًا تتوفر لديها كل مقومات خوض معركة انتخابية ناجحة، بما في ذلك الخبرة الانتخابية السابقة، والكوادر المؤهلة للترشيح والعلاقات الجماهيرية والنفوذ السياسي، فضلاً عن الإمكانيات المالية، وهناك أحزاب أخرى ينقصها بعض هذه المقومات أو كل هذه المقومات.

وفي ظل خريطة حزبية متغيرة، وبيئة سياسية مضطربة، وأوضاع مجتمعية قلقة لا تسمح بالمنافسة المتكافئة؛ تتشكل ملامح رئيسية للتحالفات الجديدة. فالتحالفات الأربعة في الانتخابات الماضية (التحالف الديمقراطي، الكتلة المصرية، الثورة مستمرة، الأحزاب السلفية)، سرعان ما انقسمت على ذاتها سياسيًّا، وفشلت في الاستمرار تحت قبة البرلمان وخارجه. وبعد ما يربو على العام، وفي نفس الظروف السابقة، تحاول بعض الأحزاب والتيارات السياسية عقد تحالفات انتخابية جديدة. واللافت في أغلب بنيتها أنه لا يوجد روابط مشتركة بينها، سواء كانت المدنية منها أو ذات المرجعية الدينية.

في الوقت الذي قررت فيه الهيئة العليا لحزب الوفد، يوم الجمعة الماضي، الاستمرار في “,”جبهة الإنقاذ“,”، فضلاً عن تكثيف الاستعداد في الفترة المقبلة لخوض الانتخابات البرلمانية من خلال دراسة تقسيم الدوائر والتحديات التي تواجه مرشحيه، وصولاً للشكل النهائي للقوائم، أكد رئيس الحزب أنه لن يحدث أي تحالف بين جبهة الإنقاذ الوطني والسلفيين، وذلك بعدما عقد لقاء من جبهة الإنقاذ مع قيادات الجماعة السلفية (محمد حسان، محمد حسين يعقوب، سعيد عبد العظيم). وأوضح أن جميع شيوخ السلفية لم يتحدثوا باسم أي حزب سياسي، وكان لديهم سؤال محدد للجبهة عن موقف الجبهة من الشريعة الإسلامية، وتابع البدوي أن الإجابة جاءت أن كل ما يروج ضد موقف الجبهة من الشريعة الإسلامية شائعات تهدف النيل منها والتشكيك في مواقفها، وأنهم حريصون على عدم تقسيم المجتمع إلى إسلامي وغير إسلامي. وأضاف أن شيوخ السلفية تساءلوا: هل تخطط الجبهة للانقلاب على الشرعية؟ وأجبنا بأننا نؤمن أن من جاء بالانتخابات يجب أن يذهب عبر صندوق الانتخابات، وأننا لا نخطط للانقلاب على الشرعية.

وبعض النظر عن تفاصيل هذا اللقاء، وغيره من اللقاءات المستمرة بين الأحزاب وبعضها البعض، فإن ملامح خريطة التحالفات المحتملة في الانتخابات البرلمانية القادمة تشكلت، ولن تتغير كثيرًا خلال المرحلة المقبلة، وهي كما يلي:

1- تحالف حزب الحركة الوطنية مع حزب النور، فى مفاجأة من العيار الثقيلة، وذلك من أجل أعالى المصلحة الوطنية العليا، والانفتاح من جانب التيارات السلفية على الأحزاب السياسية الأخرى، وعدم سيطرة فصيل واحد على مجريات العملية السياسية بعد ثورة 25 يناير المجيدة.

2-جبهة الإنقاذ: والتي تتشكل من 12 حزبًا وحركة سياسية، هي: “,”الدستور“,” بزعامة البرداعي، الوفد، الديمقراطي الاجتماعي، المصريون الأحرار، التحالف الشعبي الاشتراكي، الاشتراكي المصري، مصر الحرية، التجمع، الكرامة،الجبهة الديمقراطية، الناصري، المؤتمر بزعامة السيد عمرو موسى، والذي اندمج به 10 أحزاب، وأخيرًا التيار الشعبي بزعامة حمدين صباحي. واللافت في هذا التحالف أنه في طياته عدد كبير من الأحزاب المتناقضة في التوجه الحزبي والسياسي؛ مما قد يفجر هذا التحالف مع قرب موعد الانتخابات، ومع محاولة الاتفاق على نصيب كل حزب من المقاعد، ومع من سيوضع على رأس القوائم الانتخابية، في ظل إحساس بعض هذا الأحزاب بأنها الأكثر شعبية في الشارع بالإضافة إلى أنها ستتحمل العبء الأكبر في الدعاية الانتخابية.

3-السلفية: ربما لا تستطيع هي الأخرى تكوين تحالف موحد، وسوف تشتت أحزابها على تحالفات عدة، خاصة أن بعضها لا يزال ينتظر ما سوف تعرضه عليه جماعة الإخوان المسلمين للتحالف معها. واللافت أيضًا أن تحالف النور السابق، والذي كان يضم أحزاب النور والأصالة والبناء والتنمية، تغيرت ملامحه، خاصة بعد ميلاد حزب “,”الوطن“,”، المنشق الجديد من حزب النور. والأقرب للواقع هنا، هو تحالف حزب الوطن من البناء والتنمية، ومع المولد الجديد في الحياة الحزبية المصرية، الذي يقوم على تأسيسه الآن الشيخ حازم أبو إسماعيل؛ لأنهم الأقرب في الأيديولوجية ونمط التفكير السياسي والديني.

4-المربع الآمن: بقيادة حزب مصر القوية، فيسعى هو الآخر لتشكيل تحالف سياسي وانتخابيوسطي جديد، يضم عددًا من الأحزاب المحسوبة على التيارالإسلامي، إضافة إلى أحزاب مدنية وليبرالية. وفي سبيل ذلك يسعى إلى ضم أحزاب “,”الوسط“,” و“,”التيار المصري“,” و“,”النهضة والريادة“,”، التي أسسها أعضاء سابقون بجماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى حزب “,”مصر“,” برئاسة الدكتور عمر خالد، وعدد من الشخصيات المنشقة عن الإخوان للترشح على نفس القوائم،أبرزهم المحامي مختار نوح، القيادي السابق بجبهة الإصلاح داخل الجماعة،والدكتور كمال الهلباوي، المتحدث السابق باسم الإخوان المسلمين في الغرب.

5-تحالف الوسط: حيث أعلنت ‏8‏ أحزاب عن تكوين تحالف وسطي يضم أحزاب: “,”الوسط، غد الثورة، الحضارة،‏ التيار المصري،‏ الأصالة،‏ الفضيلة،‏ الإصلاح والنهضة،‏ والصرح المصري“,”. كما يضم هذا التحالف عددًا من الشخصيات العامة، على رأسهم المستشار محمود الخضيري‏.‏ وأكد القائمون على هذا التحالف بأنه يعبر عن الجماعة الوطنية بعيدًا عن الاستقطاب، وأن التحالف سيسعى لتمثيل مناسب للشباب والمرأة والأقباط.

والخلاصة، أن خبرة التحالفات الانتخابية في مصر تؤكد على عدة أمور، منها أنها تحالفات انتخابية فقط وليست سياسية، وعادة لا تستمر هذه التحالفات كثيرًا بعد الانتهاء من العملية الانتخابية، كما أنها قامت من أجل محاربة سيطرة وانفراد حزب واحد على تشكيل البرلمان.

وعلى الرغم من ذلك فإن على المتحالفين الجدد، خاصة جبهة الإنقاذ، أن تؤكد للجميع بأن تحالفها، إذا استمر، فإنه ليس موجهًا للقضاء على التجربة الإسلامية، ولكن هدفه هو إيجاد برلمان يعبر عن جميع فئات المجتمع، ويعبر عن طموحات ثورة يناير المجيدة.

وأخيرًا، ومن الخبرة الماضية أيضًا فإن خريطة هذا التحالفات سوف تستمر في التقلب والتغير حتى إغلاق باب الترشيح.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟