المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د.محمد حافظ دياب
د.محمد حافظ دياب

التحليل الثقافى لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"

الثلاثاء 09/ديسمبر/2014 - 12:15 م

كيف السبيل إلى منظور ثقافى، يؤمن رصد كافة فعاليات تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ويستجليها؟

يزيد من وجاهة هذا المنظور، أن التنظيم حظى باهتمام ملحوظ من قبل المشتغلين بالبحوث والدراسات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، مع وجود نقص عن مساءلة الإطار الثقافى الذى يسيجه، ويشخص تجربته، ويعاين سياقه، بما يعين على مجاوزة حدود الانشغال العيانى على يوميته إلى حزب من التفكيك لمرامية الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية والإعلامية.

ويشار هنا، ابتداء، إلى ظهور دولة الإسلام في العراق والشام المفاجئ، واجتياحها خلال فترة قصيرة لمناطق واسعة في البلدين، وتحكها بالمعايير الحدودية، وسيطرتها على الموارد العسكرية ومساعدات الإغاثة، إضافة إلى إعلان لها تم دفعها في مناطق متفرقة في انحاء الوطن العربى.

وقد عمل التنظيم في بداياته بالعراق، تحت اسم "جماعة التوحيد والجهاد"، ثم تحول إلى تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين"، بعد تولى أبو مصعب الزرقاوى قيادته عام 2004، ومبايعته لزعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن. وبعد مقتل الزرقاوى عام 2006 على يد القوات الأمريكية في العراق، انتخب التنظيم أبو حمة المهاجر زعيماً له، ليتم بعد شهور إعلان تشكيل "دولة العراق الإسلامية" بزعامة أبو عمر البغدادى، لكن القوات الأمريكية تمكنت من قتله في أبريل 2010، هو ومساعده أبو حمزة، فاختار التنظيم أبوبكر البغدادى خليفة له.

ويستهدف هذا التنظيم خلق كيان سنّى، يمتد من غرب العراق إلى وسط وشمال سورية وأجزاء من شمال الأردن، يكون بمثابة دولة عازلة تفصل إيران عن المتوسط، وتمنع تدفق السلاح إلى حزب الله.

ويعتمد التنظيم في عملياته العسكرية على أسلوب "الشوكة والإنهاك"، بواسطة استنزاف القوى العسكرية والأمنية والسياسية، ونشر الذعر عبر أعمال قتل مروعة يتولى نشرها على الشبكة العنكبوتية، من أجل الوصول إلى حالة من الفوضى، والاستنزاف.

وفى محاولة لتحقيق هدفه، تولى إنشاء شبكة دعم لوجستى للمناطق المدارة (ممرات لتهريب السلاح، تأمين المؤن بالسرقة والإرهاب والسطو المسلح...)، مع استهداف منشأة حيوية واقتصادية، بهدف حصر قوات الجيش حولها لحمايتها، مع تجنيد الفساد والأطفال.

وفى هذا الصدد، يتم تجنيد نساء من جنسيات مختلفة (سعوديات، ألمانيات، فرنسيات..)، والتركيز على القاصرات المنقبات، وإنشاء كتائب داعش النسائية، تتولى حمل السلاح ونقل المعلومات والرسائل والأسلحة والمواد التموينية، والمشاركة في جهاد النكاح، والتمتع "بمأذونية النكاح".

ويمثل الشيشانيون العدد الأكبر المقاتلين، ويبلغ عددهم (41) ألفاً، من ضمن قرابة (150) ألف مواطن شيشانى يقيمون في سوريا، ومن أبرز مجموعاتهم هناك: حركة طيبة، كتائب الخطاب، كتائب جيش محمد، كنائب المجاهدين، حركة نور الدين زنكى.

يليهم السعوديون وعددهم (31) ألفاً، فالفلسطينيون بعدد (5) آلاف مقاتل، والمقاربة (2000) مقاتل، مع أعداد أخرى من جنسيات مختلفة: (400) مقاتل بريطانى، و (330) ألمانى، وآخرين من بلجيكا وفرنسا وهولندا وأمريكا، شجعتهم النجاحات العسكرية للتنظيم على الانضمام.

وتشير التقديرات أن أرصدة داعش بلغت (875) مليون دولار قبل الاستيلاء على الموصل، فيما تقدر الكثر بأكثر من أربعة مليارات دولار، تتعدد مصادرها (تبرعات خيرية من شخصيات خليجية تحت دعوى مساعدة المحتاجين، عوائد آبار النفط التى تم الاستيلاء عليها، سرقة الآثار وبيعها تحت مسمى "جهاد المال"، الاستيلاء على أموال المصارف وكميات كبيرة من السبائك الذهبية في الموصل، اتاوات تتم جبايتها على شكل بدل حراسة وزكاة، فرض الجزية على المسيحيين، جباية فواتير المياه والكهرباء في المناطق التى استولوا عليها، أموال الفديات التى تتم المطالبة بها خلال عمليات الخطف، الاستيلاء على معدات الجيش العراقى وبيعها، بيع الكهرباء للنظام السورى..).

وتعبر ثقافة التنظيم عن نفسها، من خلال منظومة رموز ودلالات أو علامات مشتركة بين أعضائها (التسمية، اللباس الإسلامى للرجال والنساء، التحدث بالفصحى، رفع الرايات السوداء، منع التدخين وبيع السجائر، العنف المفرط، الإكراه على الصلاة وإباحة قتل تاركها طبقاً لفتوى الإمام النووى..).

وفى المجال الإعلامى، اصدرت مجلة (دابق) باللغتين العربية والإنجليزية، وتركز في استراتيجيتها الإعلامية على فئتين: دفع الشباب للانخراط أو على الأقل تقديم حاضنة اجتماعية للجماعات المسلحة، وفئة الجنود والضباط من أصحاب الرتب الدنيا لدفعهم للفرار من الخدمة والانضمام إليهم.

ويتصاعد هذا المجال، التجنيد الالكترونى، وهو ما يطلق عليه الكاتب الأمريكى توماس فريدمان "أفغانستان الافتراضية"، مع نشر أفلام فيديو عن قطع الرؤوس، والتغلغل في وسائل الإعلام، وإنشاء شبكة من النشطاء، والالتزام بعنف الخطاب، يوضحه قول أبو بكر البغدادى:  "هبؤا يا أسود الدولة الإسلامية في العراق والشام، اشفوا غليل المؤمنين، ثبوا على الرافضة الحاقدين والنصيرية المجرمين وعلى حزب الشيطان والرافدين من النجف وقم وطهران".

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟