المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د.محمد حافظ دياب
د.محمد حافظ دياب

هذه الفتوى الدموية

الأحد 23/مارس/2014 - 10:55 ص
ما المعنى الذى تعممه فتوى محمد عبد المقصود، التي أعلنها مؤخراً في قناة "رابعة" الإخوانية، بجواز حرق سيارات الشرطة واستهداف منازل رجالها؟
Yنه المعنى الذى ينهض على الإرهاب، ينهض، بعبارة أخرى، على التخريب والاستهانة بالدماء والإيزاء دون أصل شرعي.
هكذا تقول هذه الفتوى عن نفسها، حين تخالف الافتاء كإظهار للحكم الشرعي من النص، كأمر اجتهاد وترجيح، وهو ما يشير إلى أن النظر في النص يكون عن الصواب والأصلح، المنضبط بحدود الشرع، ومن ثَم فالمشتغل به لابد أن يكون مقيداً بشروط دينية ومعرفية وأخلاقية.
ولكن، ما قيمة فتوى عبد المقصود؟
ألا تبدو كأنها آخر محاولة لتهديد الشعب المصري، حين خرج نهاية يونيو الماضي، فوضع حداً لحكم هذه الجماعة الإرهابية؟ أم تراها محاولة للرد على قرار السعودية بتصنيف الجماعة ضمن التيارات الإرهابية؟
وبهذه المناسبة، يتواتر تداول المنتديات والمواقع السلفية لآلاف الفتاوى ومئات الأحكام الفقهية، وأكثر منها بإضعاف ما تتناقله المواقع الجهادية، فيما لو قد ألقينا نظرة على موقع (صوت السلف)، وهو لسان سلفيين الإسكندرية، لوجدنا قرابة أربعة آلاف فتوى في باب المعاملات وحدها، منها: حرمة حفلات التخرج، عدم جواز تصوير الفساد ومن يشاهدن مباريات الكرة لأن ذلك يفوِّت عليهن العبادات، عدم جواز مشاهدة المصارعة الحرة، عدم جواز تصوير الزوج لزوجته، عدم جواز العمل الصحفي في الفن والرياضيات النسائية، وعدم جواز تعليق صورة بطوطة في غرف الأطفال.
وبخلاف ذلك، تعددت فتاوى هذه المواقع حول حرمة الغناء للرجال فضلاً عن النساء، حق بيع الآثار في أرض أو بيت مملوك، إباحة دم رموز من المعارضة المصرية بدعوى "شق عصا الناس"، واعتبار الفنانين والفنانات عبيد للماسونية العالمية.
وتصل مبالغة الفتاوى إلى ذراها، مع فتوى السلفي السعودي مقبل الوادعى في تحريم استخدام الملاعق وقت الطعام، وله في ذلك رسالة عجيبة أسماها (الصواعق في تحريق الملاعق)، ناهينا عن فتوى السلفي الأردني ناصر الدين الألباني للفلسطينيين، بالهجرة من الضفة الغربية وقطاع غزة، بذريعة تقدم واجب حماية العقيدة، لديه، على واجب حماية الأرض.
والناظر إلى المدار المعرفي الذى تتحرك فيه هذه الفتاوى، التي طلقها أصحابها باسم الشرع الإلهي، لابد أن يصاب بالذهول، لسببين على الأقل: الأول، للصورة التي تنعكس في هذه الفتاوى عن الشرع، وهى صورة تجعل من الإسلام "اختزالاً معجمياً" للمحترم والمحلل. والثاني، للصورة التي تعكسها عن مستوى المعرفة، أو الهم الثقافي الإنساني لدى أصحابها.
إن في هذه الفتاوى، ما يؤكد أن مستوى النص تابع لمستوى قراءته: يكبر إذا تراه عقل كبير، ويضفر عند ما يقاربه عقل صغير، واستتباعاً، يكبر التاريخ الذى يؤسس له هذا النص أو يصغر.
ماذا يمكن، إذن، أن ننتظر من أهل الفتوى، في صخب هذا الزمن المصري؟ والجواب: ننتظر منهم أن يفتوا، لا بكيف يتم تعميم الإرهاب والقتل باسم الدين، ولا بكيف يأكل الفرد، بل بكيف يرتقى المسلم إنسانياً وحضارياً، في الإبداع والمعرفة، في العدالة والقانون، في الحريات وحقوق الإنسان، وفى العمل على المشاركة الخلاقة في بناء وطن أكثر عدالة وأغنى إنسانية وأوسع انفتاحاً.

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟