المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
حسن بن سالم
حسن بن سالم

«النواعم».. لماذا يلتحقن بـ «داعش» ؟

الثلاثاء 16/ديسمبر/2014 - 10:23 ص

 أعادت حادثة مقتل معلمة أميركية في مدينة أبوظبي، على يد امرأة إماراتية، في القضية التي عُرفت باسم شبح الريم، الحديث حول ظاهرة التجنيد الإلكتروني والاستقطاب للمرأة من التنظيمات الإرهابية، فعلى رغم عدم تورطها وارتباطها مباشرة بأحد التنظيمات الجهادية المسلحة، إلا أن جريمتها كانت نتيجة تبنيها الأفكار الإرهابية من خلال التردد على المواقع الإلكترونية في الإنترنت ودراسة آلية صنع القنابل والمتفجرات بشكل بدائي. هذه الحالة وغيرها من الحالات الأخرى تشير إلى مدى تنامي حجم وتأثير تلك الأساليب والوسائل أخيراً، واستهداف شرائح مختلفة من النساء بمختلف الأعمار والمستويات والجهات والأماكن، وإذا كانت هذه الظاهرة قد مرت بمراحل مختلفة ومتفاوتة على يد تنظيم القاعدة، منذ عام 2001 ميلادية واستطاع التنظيم خلالها تحقيق نجاحات محدودة في التأثير الفكري في المرأة وتجنيدها وتوظيفها؛ لتحقيق أهدافه، فإن وضع المرأة في تنظيم دولة داعش يعد باكورة وثمرة تطور مكانتها ودورها داخل التنظيمات الإرهابية منذ أكثر من عقد من الزمن، إذ شهد مستوى مشاركة المرأة ومنذ ظهور هذا التنظيم تحولاً وتطوراً كبيرين.

فقد استطاع هذا التنظيم -وبصورة استثائية وعبر توظيفه وإدراكه أهمية الحرب الإعلامية، وكونها لا تقل أهمية عن حرب القتال والسلاح- في استقطاب وتجنيد المئات من النساء من مختلف البيئات والخلفيات الثقافية والسياسية والاجتماعية، فأصبحت المرأة في ظل هذا التنظيم تمتلك دوراً فاعلاً وأساسياً في تغيير إستراتيجية المعركة على الأرض، خلافاً عما كانت عليه في سابق التنظيمات الإرهابية، فبعد أن سيطر تنظيم داعش على مدينة الرقة السورية وأصبحت عاصمة ومعقل التنظيم، أنشأ كتيبتين نسائيتين؛ للقيام بالعديد من المهام، وبدأ يسعى بكل وسائل التواصل الإلكترونية إلى نشر وإبراز صور المرأة وحضورها ومشاركتها وقيامها بأدوار مغايرة عما كان معهوداً من قبلُ، وقد أشارت تقارير عدة إلى أن التنظيم أوكل للمرأة مهمة إدارة الجانب الإعلامي الترويجي لدولة داعش، وذكرت صحيفة «الحياة» في تقرير لها أن السعوديتين ندى القحطاني المعروفة بمعرف «أخت جليبيب» أول سعودية نفرت إلى سورية وريما الجريش التي التحقت أخيراً بالتنظيم، تقومان بدور مهم في الترويج للتنظيم والعيش في ظلالها، وهو أمر واضح العيان لكل متابع، في المقابل برز اسم أقصى محمود (أم ليث) الأسكتلندية التي عُرفت بدورها في إلهام وتجنيد الفتيات الغربيات في صفوف التنظيم. نشاط متواصل ومكثف قام به التنظيم عبر أكثر من لغة؛ لاستهداف الفتيات في العالمين العربي والإسلامي والعالم الغربي ومحاولة إقناعهم والتأثير فيهم بالانضمام إليه أو بنشر أفكار التنظيم في دولهم والدعوة إلى مناصرتها، ونتيجة لذلك التحق بالتنظيم قرابة 300 فتاة من دول الغرب، ومع إعلان زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي عن دولة الخلافة ودعوته إلى وجوب الهجرة بدأ عدد الفتيات الملتحقات بدولة داعش يشهد زيادة مطردة، وأصبحت ظاهرة اختفاء المئات من الفتيات المسلمات في الدول الغربية من منازلهن وظهورهن بشكل مفاجئ في سورية مصدر قلق كبير للأجهزة الأمنية، وقد طرقت أخيراً ظاهرة إغراء النساء بالسفر إلى سورية والانضمام إلى «داعش» أبواب الولايات المتحدة وأصبحت مصدر تخوف جهاتها الأمنية بعد بدء انتقال الظاهرة من أوروبا إليها، وأما في عالمنا العربي فلا توجد أرقام أو إحصاءات دقيقة معلنة عن عدد النساء الملتحقات بدولة داعش.

قد يكون من المثير معرفة الأسباب التي تدفع نساء أو فتيات في مقتبل العمر من مستويات تعليمية واجتماعية مختلفة للانضمام إلى هذا التنظيم، ولاسيما تلك الفتيات اللائي يعشن في بلاد الغرب وليس لديهن ميول ابتداءً تجاه العنف والإرهاب، وعند البحث والتأمل فإن من الصعب تحديد أسباب عامة لكل الحالات، فالأسباب والدوافع قد تتنوع من المخاوف المتعلقة بالهوية إلى محاولة إثبات الذات والشعور بالظلم من سياسات الدول، وغاية ما يمكن قوله هو أن الأسباب قد تختلف وتتنوع مع اختلاف الحالات وظروفها وأحوالها، ولكن قد يبرز عامل مشترك وهو أن تنظيم داعش قد عمل على التركيز بشكل كبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي كافة على قضية الحياة الأسرية التي تنتظر الفتيات، وإغرائهن بالعيش في ظلال هذا التنظيم، وتصوير تلك الحياة بشكل رومانسي مغاير عما هي عليه في الواقع، وبأن تكون تلك الفتاة شريكة في بناء هذا المجتمع، كزوجات للمجاهدين، وأمهات لأبنائهن، فـ«داعش» لا يهدف من جذب المرأة وإقناعها بالانضمام إليه إلى خوض الحروب العسكرية والقتال، ولكنه يهدف بشكل رئيس من خلالها إلى تأسيس وبناء مجتمع وفق تصوراته، فوجود المرأة في المجتمع هو عامل رئيس في استقراره وبقائه، لذلك كان التنظيم يعمل من أجل ذلك على تسهيل إجراءات الانتقال كافة بشراء تذكرة السفر إلكترونيا وإرسالها عبر البريد الإلكتروني، وقد قال رئيس المخابرات الداخلية الألمانية في جلسة بالبرلمان: «إن رومانسية الحياة الجهادية واضحة جداً في الدعاية لتجنيد النساء»، وهذا التركيز واضح بشكل كبير، إذ بثت معرفات معروفة رسائل ترويجية عدة باللغة العربية والإنكليزية تدعو الفتيات فيها إلى عدم التفكير بالسكن أو المال أو أي شيء، فتنظيم داعش يتكفل بكل شيء، وقد أظهر شريط فيديو بُث منذ شهرين على القناة الفرنسية تم تصويره سراً عن حياة نساء فرنسيات يعشن تحت إمرة «داعش» في مدينة الرقة، وهن يتحدثن إلى ذويهن في بلادهن لطمأنتهن، وأظهر الشريط إحدى النساء تتحدث مع ذويها قائلة: «لم أخاطر بالحضور إلى هنا لأعود إلى فرنسا، لن أعود. لا أريد أن أعود؛ لأن أحوالي بخير هنا». كل تلك الحملات من التنظيم تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود الفكرية والحملات التوعوية في شبكات التواصل الاجتماعي من الدول والمؤسسات الإسلامية بشأن خطورة انسياق المرأة لها وما قد ينجم عنها. نقلا عن الحياة

* كاتب سعودي

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟