المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

الشباب المصري همومه واهتماماته

الإثنين 24/مارس/2014 - 11:05 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
د. محمود أحمد عبدالله

   هذا الكتاب هو المجلد الثاني من مشروع التقرير الاجتماعي المصري الصادر عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وهو من إعداد نخبة متميزة من أساتذة المركز. والكتاب ينقسم لقسمين؛ يتناول القسم الأول ثلاثة فصول وخاتمة، فيما يحتوي القسم الثاني على ثلاثة فصول وخاتمة، علاوة على خاتمة نهائية وملاحق.

يتناول الفصل الأول من الكتاب هموم واهتمامات الشباب المصري بشأن أحوال الوطن ومستقبله. حيث يبين الفصل الاهتمام الكبير الذي يوليه الشباب لشئون وطنهم العامة، ويضعون القضايا الاقتصادية على رأس القضايا التي يضعونها على قائمة أولوياتهم. يليها في الأهمية قضايا الخدمات والمرافق، ثم القضايا السياسية، وهم في ذلك لا يختلفون عن غيرهم من كبار السن. ومع ذلك فإن الفارق بين الشباب وكبار السن هو فارق في تحديد أي قضية اقتصادية، هي الأهم. حيث وضع الشباب قضية البطالة في المقدمة، في مقابل قضية ارتفاع الأسعار لدى كبار السن. ويرى الشباب أن الحكومة لا تهتم بتلك القضايا ذات الأولوية سواء بالمواجهة أو الحد منها، وأن أحوال الوطن تمضي إلى الأسوأ.

وفي الفصل الثاني يأتي رصد مدى عناية الشباب بمؤسسات الدولة، وقد تبين أن هناك مؤسسات تحظى باهتمام كبير، وهي تلك المؤسسات التي تمس بشكل مباشر أهم جوانب حياتهم، وفي مقدمتها تلك الخاصة بالصحة والأمن والعدالة والإعلام المرئي. وفي المقابل لا يعطون بالاً لمؤسسات أخرى، وهي الأحزاب السياسية سواء أحزاب المعارضة أو الحزب الحاكم، والصحافة القومية، والإدارة المحلية، وهو ما يعكس عدم احساس الشباب بدورها الهام أو تأثيرها المباشر على حياته أو على مصالحه المباشرة، بما كان له أثره في وجود صورة سلبية عنها.

لقد اعتمدت الدراسة على مؤشر النمط الغالب للصورة الذهنية (نمط إيجابي – نمط سلبي)، حيث يتميز هذا المؤشر بقدرته على تحديد استجابات بعينها، لا لبس فيها. وبناءاً عليه تبين أن النمط الغالب هو النمط السلبي. وهو ما يصدق على الصورة الذهنية للسلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشعب (70.0%) ومجلس الشورى (74.0%)، وكان أهم وصف لهما أنهما لا يقومان بدورهما، أو ليس لهما دور، أو دورهما صوري، وليس فعالاً. كذلك وصفت الحكومة بالعجز والتقصير والإهمال وسوء الإدارة، كما وصفت المؤسسات العلاجية بالفوضى والإهمال والاستهتار وانعدام الضمير، في حين وصفت المستشفيات الخاصة بأنها في خدمة الأغنياء لا عامة الشعب. فيما تنطبق التوصيفات السلبية على الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، والتلفزيون الذي وصف بأنه يلهي الشعب.

ومع ذلك كانت هناك مؤسسات تمتعت بملامح إيجابية، كالقضاء. وكان أهم وصف إيجابي لها هو اتسامها بالعدالة والنزاهة والالتزام بالقانون. فيما خلع الشباب على الشرطة صفات إيجابية بوصفها أنها في خدمة الشعب، وهو وصف قديم سابق على شعار "الشرطة والشعب في خدمة الوطن"، وهو ما يعكس رغبة بعض الشباب في أن يكون هذا دور الشرطة، أكثر من كونها وصفاً حقيقياً للشرطة في رأيه.

وتناول الفصل الثالث من القسم الأول رؤية الشباب لأحوال المواطنين المصريين والفئات الاجتماعية المختلفة. وقد كشف الفصل عن أن اهتمام الشباب بأحوال الشعب المصري يصل إلى اعتباره هماً عاماً، حيث غلبت الملامح السلبية على صورته الذهنية عن المواطن المصري عامة، وعن العديد من الفئات الاجتماعية بخاصة، وفي مقدمتها الشباب. وهي سمات وملامح يتحمل مسئوليتها المجتمع بنظمه وسياساته.

فقد تبين أن الشباب يرون أن المواطن المصري هو مواطن غلبان، ومطحون، وتعبان وشقيان ومظلوم ومقهور. ولا تختلف هذه الصورة عن صورته عن نفسه. فالشاب المصري بجانب حالة الغلب والظلم والقهر، هو عاطل، وضائع وظروفه متعسرة.

كذلك يصف الشباب العمال بصفات قريبة من وصفهم للمواطن المصري، فالعامل غلبان وشقيان ومطحون، فضلا عن أن دخله غير دائم وغير ثابت. ينطبق الوصف هنا على العمال بصفة عامة وعلى العمال الحرفيين، ولم يختلف الحال عند وصف المرأة العاملة فهي الأخرى تتمتع بذات الأوصاف السلبية، وهي صفات تدلل على ضعف السياسات وعجزها في تشكيل أوضاع معيشية لا تتسم بالقهر والظلم.

وفي المقابل وصفت فئات اجتماعية بالاستغلال، حيث وصف المدرسون بأنهم مستغلون وجشعون، وتكرر نفس الوصف عند وصف أساتذة الجامعات، وبشكل أقوى عند وصف الأطباء، حيث وصفوا بالاستغلال والجشع والطمع، وشبههم البعض بالتجار بل بالجزارين. فيما وصف رجال الأعمال بأنهم نصابون ولصوص وحيتان وبأنهم "آكلين البلد ولعة".    

وإذا كانت الفصول الأول والثاني والثالث قد تناولت رؤية الشباب للشئون العامة، فإن الفصل الرابع يتناول رؤيتهم للشأن الخاص، والملفت أن أهم القضايا ذات الأولوية على المستوى الشخصي هي المشكلات الاقتصادية التي طغت على غيرها، وهو ما يتطابق على رؤيتهم لأهم القضايا التي تشغلهم على المستوى العام. والأمر كذلك فيما يتصل بأهم القضايا الاقتصادية حيث كانت قضية البطالة والبحث عن عمل هي الهم الأكبر، ومن جهة أخرى كان عدم الحصول على عمل على رأس الإخفاقات التي واجهها الشباب في حياته الشخصية، ومثل الحصول عليها قمة الرغبات والأماني التي يرجو تحقيقها مستقبلاً. وهو ما يعكس الوزن الذي تحتله هذه المشكلة بين الشباب، وكان لهذه الأزمة الاقتصادية آثارها على أوضاع المواطن المصري عامة، والشباب خاصة، وكان لها تداعيتها على رؤية الشباب لواقعهم وتقييمهم لأوضاعه الراهنة، وهو ما تمثل في إحساسهم بأن أحوالهم أسوأ مما كان عليه منذ سنوات، كما أن ما يزيد على خمس العينة يرون أنهم لم يحققوا شيئا في حياتهم.

وبطبيعة الحال فإن مشاعر الإحباط المهيمنة تقود حتما للرغبة في الهجرة إلى الخارج، إذ بينت النتائج أن ما يقرب من نصف الشباب المستطلع رأيه يرغب في الهجرة إلى خارج مصر، كانعكاس لتدهور الأوضاع في البلاد، وفشل السياسات الاقتصادية. فقد تغير مكون راسخ في الثقافة المصرية يتعلق بارتباط المصري بوطنه، وتمسكه بترابه ورفضه للهجرة خارجه. وكانت منطقة الخليج على رأس قائمة الدول التي يفضلها سعياً للرزق.

وامتداداً للفصل السابق، يتناول الفصل الخامس قضية البطالة باعتبارها الهم الأول للشباب، وقد تبين من واقع النتائج الميدانية أن المشكلة متفاقمة بين الشباب وكبار السن، ومع ذلك يتبين سلبية الباحثين عن عمل وعدم جديتهم في البحث عن عمل، أو محاولة تأهيل أنفسهم للأعمال المطلوبة في سوق العمل بإهمالهم للتعليم والتدريب. وتؤكد النتائج أن الحل هو الميل للسفر والعمل بالخارج، وخاصة في البلاد العربية، أكثر من الميل للسفر للبلاد الأجنبية. والملاحظ أن البطالة بين الإناث أعلى في نسبتها مقارنة بالذكور، وقد توصلت النتائج إلى أن البطالة أكبر بين أصحاب المؤهلات المتوسطة، وأن المتعطلين عن العمل، بعد سابق عملهم، من العاملين سلفاً في القطاع الخاص، وكان السبب الرئيسي لترك الشباب للعمل هو انخفاض الأجر.

        ويأتي الفصل السادس خاتمة للكتاب متناولا الاهتمامات المعرفية للشباب، وقد أظهرت النتائج أن الشباب لم يستطيعوا تحديد وظائف مؤسسات الدولة، سواء تعلق الأمر بالاستجابات غير الصحيحة، أو الاستجابات التي تشير لقصور في المعرفة، أو أن الاستجابات جاءت بعدم المعرفة صراحة. كما تبين أن الشباب لا يعرف سوى مجلس الشعب ومجلس الشورى والجمعيات الأهلية والإدارة المحلية، وقد استطلع التقرير معرفة الشباب ببعض المفاهيم الهامة كالمواطنة والعدالة الاجتماعية والشفافية والدعم والفساد ومفهوم الإنسان المتدين والديموقراطية وتمكين المرأة وحقوق الإنسان. ووصل مؤشر عدم المعرفة بالمفاهيم إلى أقصى مداه في معرفة مفهوم المواطنة ويليه مفهوم تمكين المرأة، ومفهوم الشفافية. وهو ما يدلل على انخفاض الوعي السياسي لدى الشباب. فيما يدلل مؤشر عدم المعرفة على انخفاض نسبة عدم العارفين بمفهوم الإنسان المتدين.

كذلك استطلع التقرير الشباب معرفتهم بالشخصيات العامة، كرئيس الحكومة، ورؤساء مجلس الشعب والشورى، ونجيب محفوظ وأحمد زويل. وتبين أن رئيس مجلس الشورى لم يكن معروفا لدى الغالبية يليه في ذلك رئيس مجلس الشعب، ثم رئيس الحكومة. بينما في المقابل نجد ان نجيب محفوظ كان من الشخصيات المعروفة لدى الشباب بنسبة كبيرة، في مقابل معرفة نصف العينة بأحمد زويل. وهو ما يدلل في نهاية الحال على انخفاض المستوى المعرفي لدى المواطنين المصريين بعامة والشباب بوجه خاص. 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟