المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

الانشقاقات والتحديات: قمة الكويت هروب من المواجهة

الثلاثاء 25/مارس/2014 - 10:58 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
د‏.‏ محمد السعيد إدريس

القمة العربية التى تعقد اليوم وغداً فى الكويت تحمل اسم «قمة التضامن من أجل مستقبل عربى أفضل» وهى تسمية تحمل معانى الرجاء فى مستقبل أفضل للأمة، أفضل من الواقع الأليم الذى تعيشه وعلى كافة المستويات

ولأنها تحمل معانى الرجاء فقد أبدى الشيخ صباح خالد الحمد الصباح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتى رضاه وتفاؤله لمشاركة 13 رئيس دولة (ملك ورئيس وأمير) فى أعمال هذه القمة، ما يعكس أن التفاؤل والرضا العربى انحدر إلى الحد الأدني، وأن مجرد حضور 13 رئيس دولة هو »غاية المراد من رب العباد« الذى قد يصل إلى مجرد الرجاء أن تختتم أعمالها بسلام دون تفجر أى أزمات بين القادة أو حتى الوزراء المشاركين، لأن جدول الأعمال مفعم بالكثير من هذه »المتفجرات« ومن العيار الثقيل التى يأمل منظمو هذه القمة أن تبقى هذه «المتفجرات» ساكنة دون تفجير.

الإتحاد المغربى فى حالة موت بطئ، ومجلس التعاون الخليجى مهدد بالانقسام بسبب الدور القطرى التخريبى المتحالف مع الإرهاب ومع الأطماع والمخططات الأمريكية

أولا: - فلسطين  ما زالت على اجندة القمة

أن يكون المستهدف من قمة عربية، هى الخامسة والعشرون منذ الأخذ بمبدأ «دورية انعقاد القمة سنوياً»، هو مجرد الحد الأدنى من الرجاء والأمل فى ظل ما تواجهه الأمة من تحديات خطيرة معناه المباشر، أننا، كأمة عربية، قد استهلكنا الزمن دون أى إنجاز، خصوصاً إذا تذكرنا أنه بانعقاد هذه القمة اليوم فى الكويت يكون قد مضى خمسون عاماً (نصف قرن بالتمام والكمال) منذ انعقاد أول قمة عربية وهى القمة الطارئة التى دعا إليها الزعيم جمال عبد الناصر القادة العرب لاجتماع طارئ فى القاهرة (مارس 1964) لدراسة الردود العربية الواجبة على قرار قادة الكيان الصهيونى تحويل مجرى نهر الأردن.

يومها وعى جمال عبد الناصر الأهداف الإستراتيجية الصهيونية من وراء هذا القرار. فقد اعتبر أن القرار اعتداء «إسرائيلى» جديد ومدبر على العرب، وأنه لا يهدف إلى مجرد "سرقة كميات من مياه نهر الأردن" ولكنه يريد اختبار مدى وقدرة العرب فى التوحد على قرار ضد «إسرائيل». كما اعتبر أن سرقة المياه العربية بقدر ما تمثله من أضرار للاقتصاد الأردني، والفلسطينى (الضفة الغربية) بقدر ما تكسب الكيان قدرات على الاستقواء وتثبيت الوجود، فى الوقت الذى كان يراهن فيه عبد الناصر على أهمية إحكام المقاطعة والحصار ضد الكيان لإبقائه كياناً «منبوذاً» محكوما عليه بالزوال بحكم تكوينه ككيان مغتصب لحقوق الشعب الفلسطيني.

فى هذه القمة، وما تلاها من قمة أخرى عقدت فى الإسكندرية بعد ستة أشهر، اتخذت قرارات مهمة كان أبرزها تشكيل «قيادة عسكرية عربية مشتركة»، وبدأت سياسة المواجهة، والتأسيس لمشروع عربى للنهضة يربط بين تحرير فلسطين وتحقيق الوحدة العربية، انطلاقاً من بناء الدولة النموذج فى مصر القادرة على تحمل مسئولية تحقيق هذا المشروع بقدرات اقتصادية وعسكرية متفوقة.

فهم الأمريكيون و«الإسرائيليون» المعنى سريعاً، خصوصاً بعد أن حققت مصر، فى منتصف عقد الستينيات، أعلى معدل للتنمية فى المنطقة، وعندما بدأت فى تطوير صناعتها العسكرية، وعندما رفض جمال عبد الناصر مطالب الرئيس الأمريكى ليندون جونسون بإلغاء القيادة العسكرية العربية المشتركة، والتوقف عن سباق التسلح وشراء أسلحة متطورة (طائرات وصواريخ)، ووقف الصناعة العسكرية وخاصة صناعة 

الصواريخ، وفتح المنشآت النووية المصرية أمام المفتشين الأمريكيين، ووقف الدور المصرى الداعم لحركات التحرر فى العالم. فهموا أن مصر فى طريق بناء الدولة القوية القادرة على مواجهة «إسرائيل» وقيادة الأمة لتحرير فلسطين، وكان عدوان يونيو 1967، بعد أشهر قليلة من رفض مصر لهذه المطالب هو الحل الوحيد الممكن لضرب مشروع جمال عبد الناصر.

منذ أربعين عاماً استنفر العرب لمواجهة المخاطر التى أدركوها لمشروع الكيان الصهيونى بتحويل مجرى نهر الأردن، كما استنفر العرب بعد عدوان يونيو 1967 للرد على هذا العدوان فى قمة الخرطوم (أغسطس 1967) التى خرجت بـ «لاءات الصمود والتحدى» وإعادة بناء القدرات العسكرية العربية لتحرير الأرض المحتلة.

كانت مازالت هناك إرادة عربية للتحدى، أين نحن الآن من هذه الإرادة؟ أين قمة الكويت من قمة القاهرة الأولى ومن قمة الخرطوم. أين نحن من التحديات الهائلة التى تواجهنا الآن بعد موجة ثورات الربيع العربي؟ تحديات على كافة المستويات.

كنا نسعى إلى تحقيق الوحدة العربية، وكان بعضنا يرى أن الدولة العربية القطرية أو الوطنية هى العائق الأكبر أمام تحقيق الوحدة، الآن هذه الدولة العربية الوطنية تواجه ثلاثة مخاطر حزمة واحدة. خطر التفكيك والتقسيم على أسس عرقية أو طائفية، وخطر الإرهاب التكفيري، وخطر الصراع المذهبي، والمحصلة أننا أمام مخاطر تتهدد التماسك الوطنى لمعظم الدول العربية.

كنا نأمل أن تكون التجمعات العربية فى الخليج وفى المغرب العربى فرصاً مواتية وحلولاً ممكنة للهدف العربى الأكبر وهو الوحدة العربية، والآن هذه التجمعات تواجه خطر الانقسام، فالإتحاد المغربى فى حالة موت بطئ، ومجلس التعاون الخليجى مهدد بالانقسام بسبب الدور القطرى التخريبى المتحالف مع الإرهاب ومع الأطماع والمخططات الأمريكية.

كنا نأمل بتسوية نستعيد بها الأرض التى احتلت فى 5 يونيو 1967، وإذا بنا الآن أمام توسع استيطانى صهيونى يضم معظم أراضى الضفة الغربية بعد أن قام بتهويد معظم أراضى القدس ويسعى الآن إلى فرض يهودية الدولة الصهيونية بعد أن أجهض مشروع حل الدولتين. يريدون جعل الكيان الصهيونى دولة يهودية لكل الشعب اليهودى فى كافة أنحاء العالم، وهم بهذا يريدون الاعتراف بشرعية أنهم أصحاب فلسطين عندها ستكون كل حروبهم ضدنا حروب استقلال وطنى وحروبا مشروعة ونكون نحن المدانين، المعتدين والمطالبين 
القمة مطالبة بمشروع عربى يحول دون استقطاب العرب فى محاور جديدة، وبلورة مشروع جديد للأمن القومى العربى يقوم على توازن المصالح العربية مع هذه القوى الإقليمية

ثانيا: أين كنا وأين أصبحنا؟

سؤال لا يمكن أن تمر عليه قمة الكويت مرور الكرام. القمة مطالبة أن تجاوب وأن تضع سياسات لمواجهة الإرهاب والصراع الطائفى ومخططات تقسيم الدول العربية. والقمة مطالبة بموقف تضع نهاية لمشروع السلام العربى الفاشل ويحدد قواعد والتزامات لسياسة بديلة قادرة على أن تحافظ على فلسطين وتسترد الأرض المحتلة.

والقمة مطالبة بمشروع عربى يحول دون استقطاب العرب فى محاور جديدة، وأن يحدد قواعد جديدة للعلاقات مع دول الجوار الإقليمى (تركيا وإيران) تحول دون استدراجنا فى صراعات مع هذه القوى الإقليمية وتحول دون تكتل هذه القوى الإقليمية ضد عالمنا العربى انطلاقاً من بلورة مشروع جديد للأمن القومى العربى يقوم على توازن المصالح العربية مع هذه القوى الإقليمية بدلاً من توازن القوى المرتكز على صيغ الأمن العسكرى دون الأمن التعاونى الاقتصادى.

والقمة مطالبة بوضع معالم نظام عربى جديد أكثر كفاءة يأخذ فى اعتباره أبرز المتغيرات التى أفرزتها موجة الثورات العربية وهى أن يكون للشعب دوره الأساسى فى هذا النظام الجديد. لم يعد مقبولاً أن يفرض علينا نظام عربى حكومى. مطلوب نظام عربى فعال له سلطة تنفيذية (مجلس وزراء عربي) وله سلطة تشريعية (برلمان عربى) وله سلطة قضائية (محكمة عدل عربى)، وله قيادة عسكرية مشتركة. بصراحة شديدة نريد تأسيس اتحاد عربي، فالاتحاد العربى هو الحل لمواجهة خطر تفكيك الدول العربية وخطر الاستقطاب العربى وتغول دول الجوار على حساب حقوقنا ومصالحنا العربية.

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟