المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د. محمد حافظ دياب
د. محمد حافظ دياب

مائة سنة كوكاكولا

الخميس 12/مارس/2015 - 11:01 ص

منذ أيام قليلة خلت، انطلقت في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية احتفالات أقامتها شركة "كوكاكولا" العالمية، بمناسبة مرور مائة سنة على تصميم زجاجتها الشهيرة، وهو الأمر الذي ساعد هذه الشركة على الانتشار في جميع الأسواق العالمية، لتصبح الأعلى مبيعا بين جميع شركات الأطعمة والمشروبات، وتتصاعد قيمة علامتها التجارية إلى نحو (80) بليون دولار، محتلة بذلك المركز الثالث عالميا، بعد شركتي "آبل" و "جوجل" وفق التقارير المقدمة.

ويشار في هذا الصدد أن العلامات التجارية تعد من أهم منتجات ما يطلق عليه "الصناعات الثقافية" في الحاضر، ومن أهم الأدوات المؤثرة في تحقيق الدعاية بين الجماهير.

وتبرز أهميتها في أنها صيغة مباشرة وبسيطة، يسهل إدراكها وحفظها بالنسبة للفرد العادي، ما يعني أنها بمثابة تعبير مباشر وموجز، يلخص أهداف الدعاية، ويمكن تكراره بيسر وسهولة في جميع الوسائل وبكل الطرق المستخدمة، كي يضحى أداة تمييز للشركة المصنعة.

وتبرز مقومات العلامة الناجحة، في امكانها جذب الانتباه واثارة الاهتمام بسمة معينة بارزة، يرى القائمون بالدعاية أنها أكثر تأثيرا على الجمهور المستهدف، بالنظر الى امكانها تحقيق انطباع فوري قوي بمجرد مشاهدتها.

إن العنصر الأهم هنا هو الرمزية، بما أن التركيز الاستراتيجي ينصب على الهدف الذي تقوم على أساسه العلامة التجارية، وهو ما حدا بشركة كوكاكولا أن تبذل جهودا متواصلة لفرض علامتها، بهدف أن يتعزز عند الزبون الشعور بأن منتوجها يوحي بالثقة، كي تتحول هذه العلامة تدريجيا إلى أيقون، قادر على الاحتفاظ بموطئ قدم راسخة في السوق.

وبهذه الفحوى، استمد مبتكرو كوكاكولا اسم منتجهم من أغنية جبلية شعبية قديمة، تحدثت عن مباهج اختلاط السكر بالكولا، بحيث يولد انتعاشا فوريا، وحجم فقاعات أكثر مما هو موجود في المشروبات الأخرى، وزجاجة لم يتغير تصميمها منذ مائة عام.

ويجدر ذكره أن تصدير الصناعات الثقافية الأمريكية الينا، بدأ عقب الحرب العالمية الثانية، وكان مشروب كوكاكولا من أول وأقوى رموز منتجات هذه الصناعات، الذي حل محل أشهر منتجات الأرض "الخمْر" وتم تكريسه لتحويل الحاجة الطبيعية والمجانية للشرب، الى حاجة للمشروبات الغازية، ولمشروب الكوكاكولا تحديدا، بحيث يستقر في الذهن أن هذا المشروب هو الطريقة المثلى لري الظمأ، فيتذكره المرء بمجرد شعوره بالعطش، بدل تذكر الماء الطبيعي، وهو بالطبع أقل ندرة منه، ومن ثم أكثر ربحا.

ويظل السؤال ماثلا: هل تراها صناعة الرمز هي التي مازالت تسيطر على الشركات الرأسمالية؟

 

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟