المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

مسار متعثر: قراءة في البيئة السياسية للانتخابات البرلمانية:

الإثنين 16/مارس/2015 - 11:47 ص
المركز العربي للبحوث والدراسات
د.حنان أبوسكين
تُعد الانتخابات البرلمانية الاستحقاق الثالث والأخير في خريطة المستقبل التي تم التوافق عليها بعد 30 يونيو 2013، حيث تم الاستفتاء على مشروع الدستور، وكانت نسبة المشاركة 38,6%. من الهيئة الناخبة وتم تمرير المشروع بموافقة 98,1% من الناخبين الحاضرين)1(، ثم أجريت الانتخابات الرئاسية ومثلت نسبة المشاركة  47,45 %)2(. أما الانتخابات البرلمانية فقد صدر حكم من المحكمة الدستورية العليا مفاده عدم دستورية بعض النصوص القانونية المنظمة للانتخابات البرلمانية (3) المزمع إجراؤها بعد أن تم فتح باب الترشح، مما يطرح تساؤلات حول أسباب تعثر إجراء الانتخابات ونتائجها، وفي ضوء ذلك تتناول الدراسة أهمية البرلمان الجديد، توقيت إجراء الانتخابات البرلمانية، حكم عدم دستورية بعض النصوص القانونية، النتائج السياسية لحكم عدم الدستورية.

1- أهمية البرلمان الجديد: الاختصاصات والصلاحيات
 لقد تعلقت الآمال بالانتخابات النيابية لتجسيد حكومة سياسية، تعمل على إدارة شئون الدولة وفق رؤية تستلهمها من الدستور (4)، وبهذا البرلمان توضع لبنات دولة حديثة(5). وهو يأتي بعد ثورتين في مرحلة تاريخية خطيرة (6)، وباكتمال هذه الخطوة تكون مصر قد استعادت كل مؤسسات الدولة(7)، لتؤكد التزامها بتعهداتها أمام العالم(8)، لتحقيق شعارات الثورة وإرساء استقرار البلاد(9). كما تنبع أهمية البرلمان من أن الرأي العام والمواطنين أصبحوا طرفًا في الحياة السياسية، ويحسمون المعارك السياسية(10). وينص الدستور الجديد الصادر 2014 على مجموعة من الاختصاصات والصلاحيات للبرلمان  سواء في التشريع أو الرقابة على الحكومة.

تنبع أهمية البرلمان من أن الرأي العام والمواطنين أصبحوا طرفًا في الحياة السياسية، ويحسمون المعارك السياسية
يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، ويلاحظ أنه مجلس واحد وليس مجلسين، ولا يجوز للحكومة الاقتراض أو الحصول على تمويل لمدة مقبلة إلا بعد موافقة مجلس النواب، يحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية وتتمتع تلك الهيئات والأجهزة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال مثل الجهاز المركزي للمحاسبات، يصدر مجلس النواب في أول دور انعقاد له قانونًا لتنظيم بناء وترميم الكنائس بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم، يلتزم مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة واقتراح أطر المصالحة الوطنية وتعويض الضحايا، ويكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ستين يوما عُدّ المجلس منحلًا، لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ويجب عرض إعلان حالة الطوارئ على مجلس النواب.
لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن يوجه إلي رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم أسئلة، ولكل عضو في مجلس النواب حق توجيه استجواب، ولمجلس النواب أن يقرر سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء  أو أحد نوابه أو أحد الوزراء، ويجوز لعشرين عضوًا من مجلس النواب على الأقل طلب مناقشة موضوع عام لاستيضاح سياسة الحكومة بشأنه، لكل عضو من أعضاء مجلس النواب أن يقدم طلب إحاطة أو بيانًا عاجلًا، أويكلف لجنة من لجانه بتقصي الحقائق في موضوع عام أو بفحص نشاط إحدي الجهات الإدارية، ويمكن اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور أو بالخيانة العظمى أو أية جناية أخري بناء على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب. يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناءً على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل وموافقة ثلثي أعضائه وبمجرد هذا القرار، يوقف رئيس الجمهورية عن عمله ويطرح أمر سحب الثقة في استفتاء عام. ولكل مواطن أن يتقدم بمقترحاته المكتوبة إلي مجلس النواب بشأن المسائل العامة وله أن يقدم شكاوي إلى المجلس(11) .
2-    توقيت إجراء الانتخابات البرلمانية
توضح نتائج متابعة المشهد السياسي ظهور اتجاهين الأول ينتقد تأخر إجراء الانتخابات رغم أن اللجنة العليا للانتخابات، هي صاحبة القرار في إعلان موعد فتح باب الترشح لمجلس النواب وموعد الاقتراع، إلا أنها تأخرت في فتح باب الترشيح لأن بتاريخ 18 يناير عام 2014 تم إقرار الدستور الجديد، حيث فوض المشرع القانوني في الاختيار بين إجراء الانتخابات الرئاسية أولًا أو انتخابات مجلس النواب فاختار الرئاسية
أن الأحوال الأمنية ما زالت غير مستقرة، فضلا عن أن الأحزاب السياسية المدنية لم تتأهل بعد لخوض المعركة الانتخابية
أولًا، واشترط الدستور بدء إجراءات الانتخابات التالية خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل به، وموقف الحكومة التأكيد على أن إجراء الانتخابات سيكون في الربع الأول من 2015. وربما تكون مبررات تأخير إجراء الانتخابات الرغبة في الانتهاء من إصدار جميع القوانين التي تعتقد أنها ستثير خلافات داخل البرلمان(12) . وقد أدى غموض موعد إجراء الانتخابات، وتردد أنباء اكتمال خارطة الطريق إلى انتشار الشائعات(13)، ومن حق المواطنين معرفة سبب تأخير الانتخابات، وواجب على اللجنة أن تكشف لهم مبررات التأخير فتحرك  لجنة الانتخابات اتسم بالتمهل(14). أما الاتجاه الثاني فيطالب بتأجيل الانتخابات لعدة أسباب أهمها: أن الأحوال الأمنية ما زالت غير مستقرة، فضلا عن أن الأحزاب السياسية المدنية لم تتأهل بعد لخوض المعركة الانتخابية، باستثناء أعضاء الحزب الوطني السابق وأعضاء تيارات الإسلام السياسى. ويعد أعضاء الحزب الوطني السابقون هم أكثر حظًا، سواء من الناحية الشعبية أم من الناحية المادية، وغالبية أعضاء الحزب الوطني المنحل هم من رجال الأعمال ومن كبار العائلات خاصة في القرى والنجوع، وبالتالي فإن فرصتهم ما زالت قائمة بجدارة، ولا سيما أن منهم من كانوا ممثلين لدوائرهم طوال الثلاثين عاما الماضية، وقد سبق لهم أن قدموا العديد من الخدمات لبعض أبناء دوائرهم من أجل التقرب للمواطنين، إضافة إلى ذلك فعدد من أعضاء الإسلام السياسي ما زال لهم وجود فعلي في المناطق الشعبية والريفية، بسبب استغلالهم الدين في الانتخابات ولديهم تمويل مادي كبير من الإعانات والهبات التي تعطى لهم باسم الدين. والأحزاب المدنية ليس لديها ذات الإمكانات في الوصول للشارع لكسلها، ولأنها طوال الستين عاما الماضية والأنظمة الحاكمة لم تعطها فرصة حقيقية للوجود في الشارع، وقد اقتصر وجودهم على مقارهم الحزبية(15). وثمة اتجاه آخر ينتقد التأجيل ويطالب بسرعة إجرائها لأن رئيس الجمهورية يعمل بمفرده، وفي أشد الحاجة إلى مساعدة على كل المستويات بما فيها بالطبع التشريع(16)، وتأخر اللجنة العليا، في تحديد مواعيد إجراءات التصويت، والترشيح للانتخابات البرلمانية، لن يفيد في إعطاء الأحزاب المزيد من الوقت للاتفاق فيما بينها على تحالفات أو قوائم مشتركة حتي لو أجلت المواعيد حتى العام المقبل أو الذي يليه، لأن غالبية الأحزاب ارتفع عددها وليس لها تأثير حقيقي في الشارع، وكان من الأفضل الاستعداد للمؤتمر الاقتصادي بمشاركة من مجلس النواب لأن المستثمرين من الدول المختلفة، يهمهم كثيرا أن تتدفق استثماراتهم والدولة مكتملة الأركان، خاصة التشريعية والرقابية لأنهما حدّا الأمان لأموالهم وصناعتهم(17).
3-    حكم عدم دستورية بعض النصوص القانونية
قضت المحكمة الدستورية العليا حتى الآن بعدم دستورية مادتين في الإطار القانوني المنظم للانتخابات وذلك كما يلي:
أ‌-    عدم دستورية المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر:
 جدير بالذكر أن هيئة المفوضين بمجلس الدولة أوصت بعدم دستورية جداول الدوائر الانتخابية الخاصة بالنظام الفردي، وعدم دستورية نص المادة 25 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، فيما تضمنه من تمييز في الحد الأقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية في النظامين الفردي والقوائم. وذكر التقرير أن القانون لم يوضح أسباب فصل أو ضم بعض الدوائر، ولم يبين دواع السلم الاجتماعي التي دفعته لاقتراح فصل بعض الدوائر(18).  وما حدث فعليًا أن  المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر ورفض باقي الطعون على قانون مباشرة الحقوق السياسية. والمتعلقة بتحديد نطاق الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد المخصصة لها، والجداول الفردية المرفقة بالقانون. واستند الحكم إلى أن هناك إخلالًا بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين الناخبين والمرشحين، عند تقسيمه الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردي، وذكرت حيثيات الحكم 13 مثالًا لوجود تفاوت بين دوائر داخل محافظة واحدة في الوزن النسبي للصوت الواحد. وأن القانون لم يلتزم بقاعدتي التمثيل العادل للسكان والتمثيل المتكافئ للناخبين مما أدى إلى تفاوت الوزن النسبي للمواطنين باختلاف الدوائر دون أي مبرر موضوعي.
إن متوسط عدد المواطنين الذين يمثلهم النائب بمجلس النواب هو 168 ألفًا تقريبًا، الذي يمثل حاصل قسمة عدد سكان الجمهورية ومقداره 86٫813٫723، مضافًا إليه عدد الناخبين بها، ومقداره 54٫754٫036، في تاريخ صدور القرار بقانون رقم 202 لسنة 2014 بشأن تقسيم الدوائر، مقسومًا على اثنين، ثم قسمته على عدد المقاعد المخصصة للنظام الفردي، وهو 420 مقعدًا. وباستعراض الجدول الفردي المرفق بالقانون في شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، فإنه يتبين أن المشرّع لم يراعِ قاعدتي التمثيل العادل للسكان والتمثيل المتكافئ للناخبين في العديد من الحالات، مثل:
•    محافظة القاهرة: النائب في الجمالية يمثل 78175 مواطنًا، والنائب في حلوان يمثل 220043 مواطنًا، والنائب في المقطم يمثل 111360 مواطنًا.
•    محافظة القليوبية: النائب في طوخ يمثل 228226 مواطنًا، والنائب في قليوب يمثل 130008 مواطنين.
•    محافظة المنيا: النائب في دائرة المنيا يمثل 249040 مواطنًا، والنائب في مدينة المنيا يمثل 118821 نائبًا.
وأكدت المحكمة أن المواطنين، ومن بينهم من تتوافر فيهم شروط مباشرة حق الانتخاب، يجب أن يتكافأوا  من زاوية تمثيل النواب لهم، حتى إن تباينت الدوائر الانتخابية التي تضمهم وأنه يجب إعمال قاعدة موحّدة تكفل عدم التمييز بينهم من حيث الثقل النسبي لهم، لتبلغ التمثيل الحقيقي المعبر عن مبدأ سيادة الشعب كمصدر للسلطات. وأشارت المحكمة إلي أنه يجب أن يضمن التنظيم التشريعي للدوائر أن يكون لصوت الناخب في دائرة معينة الوزن النسبي ذاته، الذي يكون لصوت غيره من الناخبين في الدوائر الانتخابية الأخرى، وبمراعاة عدد السكان، بما مؤداه تحقيق تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين. يكفي لتحقيق تلك الضوابط أن تكون الفروق بين هذه الأعداد والمتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة في حدود المعقول. وتمثيل المحافظات الحدودية بمجلس النواب، تمثيلًا يعكس أهميتها الجغرافية؛ لكونها تُعتبر سياج الأمن القومي وخط الدفاع الأول عن أمن الوطن ومواطنيه، وذلك على سبيل الاستثناء من قاعدة التمثيل المتكافئ للناخبين(19).
كما قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية منع مزدوجي الجنسية من الترشح للبرلمان. لقد حسم نص المادة (102) من الدستور أمر الشروط المتطلبة في طالب الترشح لمجلس النواب بلا لبس أو غموض مقررًا أن " يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضوًا، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، ويشترط في المرشح لعضوية المجلس أن يكون مصريًا، متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلًا على شهادة إتمام التعليم الأساسي على الأقل، وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية. ويبين القانون شروط الترشح الأخرى، ونظام الانتخاب ..... "، ومن ثم فقد أورد المشرع الدستوري الشروط الرئيسية والجوهرية بحيث لا يجوز للمشرع العادي الخروج عليها سواء بتقييدها أو بالانتقاص منها بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها، ومن بين هذه الشروط حمل الجنسية المصرية على نحو مطلق من أي قيد أو شرط، خلافًا لما قرره نص (المادة 141) من الدستور، من أنه يشترط فيمن يترشح رئيسًا للجمهورية أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل، أو أي من والديه، أو زوجه جنسية دولة أخرى"، وكذلك ما قرره نص (المادة 164) من الدستور من أنه يشترط فيمن يعين رئيسًا لمجلس الوزراء " أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وألا يحمل هو أو زوجه جنسية دولة أخري "، ويتبين مما تقدم أن المشرع الدستوري قد غاير في شرط حمل الجنسية المصرية بالنسبة للمترشح لمنصب رئيس الجمهورية، ومن يعين رئيسًا لمجلس الوزراء، باشتراطه ألا يكون أيهما يحمل جنسية دولة أخرى، وإسقاط هذا الشرط بالنسبة للمترشح لعضوية مجلس النواب، فمن ثم كان على المشرع العادي الالتزام بحدود وضوابط ممارسته التشريعية وبمراعاة مراتب التدرج التشريعي، فإذا ما خرج عنه وأحل نفسه موضع المشرع الدستوري وأضاف للنص المطعون فيه قيدًا وشرطًا جديدًا بالانفراد بالجنسية المصرية، فإنه يكون قد انطوي على مخالفة لنصوص المواد من الدستور، مما يستوجب القضاء بعدم دستوريته في النطاق المحدد سلفًا(20).

المستشار إبراهيم الهنيدي: اللجنة المكلفة بإدخال التعديلات على القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، ستعتمد على معادلة حسابية تنص على جمع عدد السكان والناخبين وقسمتها على اثنين، ثم
ورأت المحكمة أنه فلا يجوز افتراض عدم ولاء المصري في الخارج إلا بدليل. كما أن المادة (6) من الدستور نصت على أن " الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية " . وهو ما قد يؤدي إلي حمل أولاد الأم المصرية لجنسيتين، فلا يجوز بحال أن يُوصم هؤلاء الأولاد بتعدد الولاء، ومن ثم فلا يجوز اتخاذ ذلك تكئة لحرمانهم من حقهم في الترشح لمجلس النواب. والمشرع وهو بصدد تنظيم الجنسية المصرية بموجب القانون رقم 26 لسنة 1975 أجاز للمصري أن يحمل جنسية أجنبية بقرار يصدر من وزير الداخلية، ولا يجوز أن يكون استعمال الحق المقرر قانونًا سببًا في سقوط حقوق أخرى، خاصة إذا كانت هذه الحقوق قد قررها الدستور.
أن المشرع عند تنظيمه الهجرة ورعاية المصريين في الخارج بالقانون رقم 111 لسنة 1983 منح المصريين فرادى أو جماعات الحق في الهجرة الدائمة أو المؤقتة إلي الخارج وقرر احتفاظهم بجنسيتهم المصرية. ولا يترتب على هجرتهم الدائمة أو الموقوتة الإخلال بحقوقهم الدستورية أو القانونية التي يتمتعون بها بوصفهم مصريين طالما ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية، ولم يتنازلوا عنها(21). وقد حكمت المحكمة بعدم دستورية عبارة " متمتعًا بالجنسية المصرية منفردة " الواردة بقانون مجلس النواب .
4-    النتائج السياسية لعدم الدستورية بعض النصوص
أعلنت لجنة تعديل قوانين الانتخابات عقب الحكم بعدم دستورية تقسيم الدوائر الفردية أن اللجنة تقوم بدراسة حيثيات الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية في شأن قانوني انتخابات مجلس النواب وتقسيم الدوائر لإدخال التعديلات في ضوئها، وأنه تقرر أن تكون اللجنة في حال انعقاد دائم. كما أعطي الرئيس عبد الفتاح السيسي اللجنة مدة شهر لتعديل الإطار القانونى(22). وقد أعلنت اللجنة في بيانها الرسمي أنها تؤكد على احترام أحكام القضاء والالتزام بتنفيذها ومتابعة ما يترتب على الأحكام القضائية من آثار لتباشر اللجنة مهامها وإعداد جدول زمني جديد للإجراءات عقب صدور التعديلات التشريعية(23). ثم أصدرت اللجنة قرارًا بوقف تنفيذ قرار دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس النواب وما تلاه من قرارات . والاحتفاظ بأوراق طالبي الترشح المقبولين لحين صدور قرار بشأنها(24).
ووفق التصريحات الرسمية من المستشار إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب، فاللجنة المكلفة بإدخال التعديلات على القوانين المنظمة للعملية الانتخابية،  ستعتمد على معادلة حسابية تنص على جمع عدد السكان والناخبين وقسمتها على اثنين، ثم قسمتها على كل المقاعد المقررة لمجلس النواب، مع الاستعانة بخبراء من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء والتنمية الإدارية، والاستعانة بالقوى السياسية للاستماع إلي رؤيتهم، ثم عرض التعديلات التي ستدخلها اللجنة على الحوار المجتمعي لاحقا. وقد تلقت اللجنة 40 مقترحا حتي الآن تتعلق بتعديل تقسيم الدوائر وزيادة عدد المقاعد وفصل الدوائر، وسيتم تفريغ هذه المقترحات، ودعوة مختلف التيارات السياسية والمواطنين لإرسال مقترحاتهم إلى اللجنة. فقد تم تشكيل أمانة فنية ومكتب ملحق بلجنة تقسيم الدوائر الانتخابية في مقر وزارة العدالة الانتقالية، لتلقي المقترحات(25). وأن كانت الخبرة السابقة تبين أنه لم تتم الاستجابة لمقترحات القوى السياسية مثل تقسيم دوائر القائمة  إلى 4 على مستوى الجمهورية وليس كل محافظة تمثل دائرة مثلما طالبت الأحزاب وكثير من المواطنين.
وعلى جانب آخر، اختلف موقف الأحزاب والقوي السياسية فعلى مستوى القوائم يرجح استمرار جميع الأعضاء الذين انضموا لقائمة صحوة مصر، دون أي تغييرات ومحاولة استكمال قائمة  غرب القاهرة(26). أما حزب الوفد فمازال يدرس موقفه من قائمة "في حب مصر"، والأرجح أنه سيستمر في التحالف(27). وتشير تصريحات قائمة " في حب مصر" ، أن القائمة سوف تظل كما هي دون أي تعديلات طالما أن التعديلات المنتظر إجراؤها لن تؤثر على تقسيم دوائر القوائم الانتخابية(28).
يحتمل أن يخوض تحالف التيار الديمقراطي الذي يضم أحزاب "الدستور والتيار الشعبي والتحالف الشعبي والكرامة ومصر الحرية والعدل"  الانتخابات بعد إعلان مقاطعتها والتنسيق مع قائمة صحوة مصر إذا ما أُجري  حوار مجتمعي تعاد فيه مناقشة كل القوانين المنظمة للعملية السياسية والعملية الانتخابية للوصول لصياغات توافقية.  و يتفق التيار الشعبي مع التيار الديمقراطي في أهمية الحوار المجتمعي(29). بينما حرص حزب النورعلى المطالبة  بتعديل قانون الانتخابات وقانون الدوائر وقانون مباشرة الحقوق السياسية، بشكل دقيق وبصيغة نهائية، بالتشاور مع القوى والأحزاب السياسية والاستماع لآرائهم، وعدم الانفراد بإجراء التعديلات من قبل السلطة التنفيذية فقط(30).أما  قائمة  الحركة الوطنية فرأت أن  تأجيل الانتخابات البرلمانية فرصة ذهبية للأحزاب المدنية للتوافق والاتحاد من أجل خوض الانتخابات بتحالف واحد(31).
وعلى مستوى الدوائر الفردية بالقطع ستحدث تغيرات بسبب إعادة اللجنة لتقسيم الدوائر الفردي وفق حكم المحكمة الدستورية. وبعض آراء في المصريين الأحرار تتبني الدفع بعدد أكبر من الشباب(32).  وكذلك يسعى حزب الوفد إلى زيادة عدد مرشحيه على المقاعد الفردية(33)، جدير بالذكر أن  بعض القوى السياسية أثارت شكوكًا حول ترشح المصريين في الخارج ممن يحملون جنسيات لدول معروفة بسياساتها العدائية ضد مصر مما يهدد الأمن القومي للوطن . بينما رأى البعض الآخر أنه لا يجوز اعتبار الجنسية المزدوجة مساوية لازدواج الولاء، واعتبرت هذا الحكم خطوة صحيحة في اتجاه إعادة بناء ثقة المجتمع المصري في نفسه ومواجهة حالات الخوف التي تصيبه من كل ما يجري خارج الحدود حتى لو جاء من أبناء وطنه(34).
وترى الدراسة أنه طبقا للقانون 26 لسنة 1975 بشأن تنظيم الجنسية المصرية، والذي أجاز للمصري أن يحمل جنسية أخرى، شريطة أن يصرح له بذلك وزير الداخلية حيث أن القانون قد أوجب إصدار قرار يسمح بحمل الجنسية الأجنبية بجانب المصرية من وزير الداخلية، بناء على طلب من المتجنس بالجنسية الأجنبية. وهذا يعني أنه على المرشح مزدوج الجنسية أن يكون حاصلا على قرار من وزير الداخلية يسمح له حمل الجنسية الأجنبية بجانب الجنسية المصرية. لذلك يقترح أن يضاف ضمن شروط الترشح حال تعديل قانون مجلس النواب أن من يترشح للبرلمان من مزدوج الجنسية أن يأتي بقرار وزير الداخلية، والذي يفيد السماح له بحمل الجنسية الأجنبية ولا تقبل أوراق ترشحه إلا بناء على هذا القرار(35). ويري جانب من المحللين أن أحكام عدم الدستورية دلالة على استقلال السلطة القضائية، وهذا يفترض أن يحسب لصالح الإدارة السياسية الحالية، ولكنه من جانب آخر  في ظل والشكوك الذائعة في الداخل والخارج، فإن القرار صار تعبيرا عن رغبة في كسب شهور إضافية للحكم دون مجلس تشريعي يراقب ويحاسب(36). ورغم الاختلاف في رد فعل الأحزاب فإن الأرجح  قيام غالبية الأحزاب والتحالفات الانتخابية بالاستفادة من التأجيل لتغير خططها ومرشحيها ومراجعة قوائمها وتكثيف تحركاتها الانتخابية سواء في الفردي أو القائمة. ومع ذلك تستبعد الدراسة قدرة الأحزاب على تشكيل قائمة موحدة .
 وترى الدراسة أن القوى السياسية  خاصة القوائم التي  تجاوزت القانون وأنفقت أموالا قبل بدء الدعاية الانتخابية رسميًا ستستمر في مزيد من الإنفاق بتكلفة أعلى. ويجب على لجنة الانتخابات مراعاة التغير الطبيعي في قاعدة بيانات الناخبين مثل حالات الوفاة أو بلوغ 18 عام نتيجة تأجيل  موعد الانتخاب. ومن الضروري التأكد من دستورية الإطار القانوني المنظم للانتخابات كاملًا  حتى لا يتكرر ما سبق من تأجيل، والأسوأ من ذلك أن تتم الانتخابات ويعقد البرلمان ثم يطعن عليه وتقبل الدعوى.
المراجع
(1) - المستشار نبيل صليب رئيس اللجنة العليا للانتخابات،  وقائع المؤتمر الصحفي لإعلان نتيجة الاستفتاء بمقر الهيئة العامة للاستعلامات،  18 يناير 2014 .
(2) - المستشار أنور العاصى، رئيس الجنة العليا للانتخابات الرئاسية، المؤتمر الصحفي لإعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، القاهرة ، الهيئة العامة للاستعلامات، 4 يونيو 2014 .  
(3) - إصدار الحكم في القضية رقم 18 لسنة 37 قضائية دستورية،  الجريدة الرسمية، العدد 9 ( مكرر) ، 1 مارس 2015 .
(4) - حساب الثورة ، عمود رأي الوفد، الوفد، 6 يناير.
(5) - عطية أبو زيد، عمود كلام، الوصول إلى الغلابة مسألة وقت، الأهرام، 30 ديسمبر 2014.
(6) - محمود السقا، إلى من يفكرون في شراء البرلمان، الوفد، 24 ديسمبر 2014.
(7) - محمد الشرايدى، عام الخير والعمل، الوفد، 6 يناير2015.
(8) - محمود غلاب، الانتخابات على الأبواب، الوفد،  10 يناير2015.
(9) - كاميليا شكري،  لماذا المرحلة مصيرية، الوفد ، 15 يناير2015.
(10) - عمرو الشوبكي ،٢٠١٥ ما الذي تغير؟  المصري اليوم ، 5 يناير2015.
(11) - دستور جمهورية مصر العربية 2012 المعدل ، القاهرة : الهيئة العامة للاستعلامات ، 2014  ، المواد من 101 إلى 164.
(12) - محمود غلاب ، عمود الطريق الوحيد، الكرة في الملعب السياسي ، الوفد ، 4 يناير 2015.
(13) - حسين منصور ، كان عامًا للضباب، الوفد، 5 يناير2015.
(14) - ناصر فياض، كلام في المشهد الانتخابي ، الوفد 5 يناير2015.
(15) - مصطفى الطويل،  إطلالة على البرلمان القادم، الوفد ، 8 يناير 2015.
(16) - وحيد عبد المجيد، الاستهانة بالبرلمان، الأهرام ، 30 ديسمبر 2014.
(17) - محمد حبيب ، الأحزاب لن تتفق أو تتغير، الأهرام، 19 يناير2015.
(18) - الدستورية تقضي بعدم دستورية نص المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر، 1 مارس 2015
http://moheet.com/2015/03/01/2225075/%D8.html#.VPzK6XyUczc
(19) - إصدار الحكم في القضية رقم 18 لسنة 37 قضائية دستورية ،  الجريدة الرسمية ، العدد 9 ( مكرر) ، 1 مارس 2015 .ص ص 1- 14 .
(20) - إصدار الحكم في القضية رقـم 24 لسنة 37 قضائية "دستورية ،  المحكمة الدستورية العليا ، 7 مارس 2015
(21) - إصدار الحكم في القضية رقـم 24 لسنة 37 قضائية "دستورية ،  المحكمة الدستورية العليا ، 7 مارس 2015
(22) - لجنة تقسيم الدوائر الانتخابية تراجع حيثيات حكم الدستوريه، 8 مارس 2015
http://parliamenttoday.org/press-news/3772-2015-03-09-08-47-43.html
(23) - بيان إعلامي ، اللجنة العليا للانتخابات ، 1 مارس 2015
https://www.elections.eg/images/pdfs/press-releases/press_release-01Mar2015_1.pdf
(24) - قرار اللجنة العليا للانتخابات رقم (49 ) لسنة 2015 ، اللجنة العليا للانتخابات ، 4 مارس 2015
https://www.elections.eg/images/pdfs/decrees/hec-decree-49_2015.pdf
(25) - المستشار إبراهيم الهنيدي : تلقينا 40 مقترحا في لجنة تعديل قانون تقسيم الدوائر وتعديل الوزن النسبي للمقاعد، 8 مارس 2015
http://www.el-balad.com/1425990
(26) - مصطفى الشربيني، الأحزاب تستغل تأجيل الانتخابات للإطاحة بالمرشحين المغضوب عليهم ، 6 مارس 2015 .
http://elsaba7.com/NewsDtl.aspx?Id=135680
(27) - حسام الخولي ، حزب الوفد يبحث اليوم تطورات المشهد السياسي والانتخابى، 8 مارس 2015
http://www.youm7.com/story/2015/3/8/
(28) - مصطفى الشربيني، الأحزاب تستغل تأجيل الانتخابات للإطاحة بالمرشحين المغضوب عليهم ، 6 مارس 2015 .
http://elsaba7.com/NewsDtl.aspx?Id=135680
(29) - مصطفى عبد التواب، التحالفات الانتخابية تحاول إدراك ما فاتها، 10 مارس 2015
http://www.youm7.com/story/2015/3/10
(30) -  الأحزاب تحمّل الدولة مسئولية عدم دستورية القانون وتأجيل الانتخابات، 1 مارس 2015
http://www.tahrirnews.com/wiki/details.php?ID=367605#.VP7aa9KsVl8
(31) - مروة فهمي، تأجيل انتخابات مجلس النواب فرصة لتحالف الأحزاب ،
http://akhbarelyom.com/news/newdetails/384559/1/%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B1%D9%85--%D8%AA%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D9%84.html#.VP4PenyUczc
(32) - مصطفى الشربيني، الأحزاب تستغل تأجيل الانتخابات للإطاحة بالمرشحين المغضوب عليهم ، 6 مارس 2015 .
http://elsaba7.com/NewsDtl.aspx?Id=135680
(33) - حسام الخوليى، حزب الوفد يبحث اليوم تطورات المشهد السياسي والانتخابي، 8 مارس 2015
http://www.youm7.com/story/2015/3/8/
(34) - عمرو الشوبكي، مزدوجو الجنسية، المصري اليوم ، 11 مارس 2015
(35) - رامي محسن، المركز الوطني للاستشارات البرلمانية ، 10 مارس 2015
http://parliamenttoday.org
(36) - عبد المنعم سعيد، المأزق الدستوري الدائم، المصري اليوم ، 9 مارس 2015


إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟