المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads

احتمالات السقوط: مأزق اليمين الإسرائيلي في الانتخابات الإسرائيلية

الثلاثاء 17/مارس/2015 - 12:15 م
المركز العربي للبحوث والدراسات
محمود صافي
مع توجّه الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع يوم الثلاثاء 17 مارس لانتخاب أعضاء الكنيست الذين سيتصدرون المشهد السياسي في إسرائيل في السنوات القادمة، تثار العديد من التساؤلات حول توجهات الناخبين الإسرائيليين وطبيعة التحالفات الانتخابية التي بلورت نفسها منذ إعلان نتنتياهو حل الكنيست ودعوته للانتخابات العامة المبكرة، والتي ترواحت في العديد من التحالفات بين أحزاب اليسار الإسرائيلي واليسار الوسط أو من اليمين الإسرائيلي، وبروز القائمة العربية المشتركة التي مثلت مختلف القوى السياسية العربية الفاعلة في إسرائيل، ومدى سعي الجمهور الإسرائيلي للتغيير، وكيف سيتأثر المشهد الانتخابي الإسرائيلي بهذه المتغيرات ومدى تأثير النتائج المتوقعة للانتخابات على طبيعة الحكومة القادمة وعلى عملية السلام مع الفلسطينيين.

أولا- حزب الليكود وبوادر تراجع اليمين الإسرائيلي
قبيل الانتخابات التشريعية في إسرائيل يحتدم الصراع بين المرشحين نتنياهو وهرتزوخ للحصول على أغلبية نيابية في الكنيست وبالتالي منصب رئيس الوزراء، وفي هذا الإطار فإن جميع المؤشرات واستطلاعات الرأي التي تم إجراؤها حتى اللحظة وقبيل بدء المعركة الانتخابية تشير إلى وجود حالة من الإحباط والتخبط لدى حزب الليكود وأعضائه، الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته بينامين نتنياهو من احتمالات الخسارة التي تتزايد مع مرور الوقت، حيث أظهرت الاستطلاعات تراجعا ملحوظا لحزب الليكود وتقدما للمعسكر الصهيوني الذي يقوده كل من إسحق هرتزوخ رئيس حزب العمل، وتسيبي ليفني رئيسة حزب الحركة(يسار وسط) حيث أشار العديد من المحللين السياسيين إلى تزايد الفجوة بين الليكود والمعسكر الصهيوني، وأنه في هذه الحالة سينهي الليكود الانتخابات بحوالي 21 مقعدًا من مجموع 120 مقعدًا في الكنيست، ونتيجة لذلك يسعي الليكود جاهدًا منذ فترة لسد هذه الفجوة وفي المقابل فإن المعسكر الصهيوني يسعى لاستقطاب مصوتي اليسار الوسط ومحاولة إقناعهم بأنهم قادرون على إحداث انقلاب وإلحاق الهزيمة بالليكود.

أظهرت الاستطلاعات تراجعا ملحوظا لحزب الليكود وتقدما للمعسكر الصهيوني الذي يقوده كل من إسحق هرتزوخ رئيس حزب العمل، وتسيبي ليفني رئيسة حزب الحركة(يسار وسط)
وفي هذا السياق فإن الليكود وحلفاءه من الأحزاب اليمينية الأخرى مثل حزب إسرائيل بيتنا ، والبيت اليهودي، وحزب شاس يحاولون تصدير المخاوف إلى جموع الناخبين الإسرائيليين من احتمال تشكل حكومة يسار من ميرتس والقائمة العربية في حالة تعرضهم للخسارة، خاصة مع تزايد التكهنات في الأوساط اليمينية بأن موشي كحلون رئيس حزب كولانو سوف يوصي الرئيس الإسرائيلي على إسحق هيرتزوغ كمرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، وأنه يفضل الانضمام إلى حكومة برئاسة هيرتزوخ عن ائتلاف يميني برئاسة نتنياهو في حالة موافقة الطرفين على مطالبه ومن ضمنها توليه وزراة المالية.
لقد أشار آخر الاستطلاعات التي أجرتها شركة "ديالوغ" تحت إشراف البروفيسور كميل فوكس من جامعة تل أبيب، أن المؤشرات تشير إلى حصول المعسكر الصهيوني على 24 مقعدًا، في حين يحصل الليكود على 21 مقعدا فقط، وأن القائمة العربية المشتركة ستحصل على 13 مقعدًا، في مقابل 12 مقعدا لحزب" يشي عتيد" وكل من حزبي كولانو والبيت اليهودي على 11 مقعدًا في مقابل 7 مقاعد لشاس و6 مقاعد لميرتس اليسارى، وبناءً عليه فإن كل المؤشرات توحي بأن  الأحداث الآنية تسير ضد نتنياهو وأنه مع اقتراب الانتخابات يزداد نتنياهو ضعفاَ حيث توجد العديد من الدلالات التي توحي بوجود أزمة داخل الليكود، وأن أعضاءه باتوا يشعرون بأن الأرض تسلب من تحت أقدامهم واتجاه العديد من منتخبي حزب الليكود السابقين الذين قرروا أن يمنحوا أصواتهم لأحد الأحزاب المنافسة، وفي ذات السياق فقد كرر بنيامين نتنياهو أن هناك مسعى محلي ودولي لإسقاطه عن الحكم، وذلك في محاولة شبه يائسة منه لاستنهاض الهمم في صفوف حزب الليكود ومؤيديه من من أجل دفع الناخبين الذهاب إلى مراكز الاقتراع،  في ضوء تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي مقابل ارتفاع شعبية خصمه بقائمة المعسكر الصهيوني إسحق هرتزوخ، حيث إن نتنياهو لدية العديد من المخاوف من ابتعاد الناخبين التقليديين لليكود ونقل تأييدهم لحزب كولانو برئاسة موشيه كحلون الذي انشق عن الليكود.

 ثانيا- استراتيجيات نتنياهو الانتخابية
1- الرغبة في الاستحواذ على أصوات اليهود الفرنسيين
  فمع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الثلاثاء القادم تزداد حدة المنافسة بين المرشحين أكثر من أي وقت مضى لحصد أصوات الناخبين الفرنسين في ظل استمرار موجات الهجرة القياسية لليهود من فرنسا، حيث تجاوز عدد الوافدين لإسرائيل 10 آلاف خلال آخر سنتين، فقد حرصت العديد من الأحزاب الإسرائيلية على لقاء الناخبين من أصول فرنسية وحتى التوجه لهم باللغة الفرنسية، فرئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته نتنياهو قد جدد دعوته ليهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل في أحد لقاءاته بالفرنسيين بالقدس 8 فبراير الماضي بعد مقتل أربعة يهود على يد إرهابي في متجر يهودي بباريس، وهذا يدل على مدي إدراك نتنياهو لأهمية الجالية الفرنسية في إسرائيل، فمنذ إنشاء الدولة العبرية في عام 1948 هاجر أكثر من 105 آلاف يهودي فرنسي لإسرائيل، وتشير التقديرات إلى أن الذين وصلوا إليها من المتدينين والمؤيدين لليمين والحرص على التواصل الإعلامي معهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي في محاولة لجذب أصواتهم.
2- نتنياهو ومحاولة استثمار الملف النووي الإيراني لأهداف انتخابية

لقد أثار خطاب نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي أوائل هذا الشهر والذي يدفع باتجاه الحرب مع إيران وتأكيده أكثر من مرة في الخطاب عن قرب طهران من تطوير أسلحة نووية مما يمثل تهديدًا لأمن إسرائيل، دون أن يثبت ذلك قد أثر سلبًا على علاقة الإدارة الأمريكية الحالية بتل أبيب، وأدى إلى تفاقم وتوتر علاقة البلدين على خلفية تزايد التكهنات باحتمال توصل إدارة أوباما لاتفاق محتمل مع إيران حول الملف النووي الإيراني، حيث أعرب نتنياهو عن رفضه الاتفاق الأمريكي – الإيراني المحتمل ووصفها بالصفقة السيئة، حيث أدى هذا الخطاب إلى زيادة التوتر في العلاقات بين البلدين وانتقاد أوباما لخطاب نتنياهو، وأنه لم يقدم جديدًا ودعا إلى عدم التسرع قبل الحكم على الاتفاق مع إيران.
أعرب نتنياهو عن رفضه الاتفاق الأمريكي – الإيراني المحتمل ووصفها بالصفقة السيئة
وفي هذا الخصوص تكمن خشية نتنياهو من اتفاق يعطي إيران فترة كافية لتنمية عدائها مع إسرائيل والسعي نحو تحقيق طموحات طهران النووية، فقد حاول نتنياهو إثارة الفزع في أوساط الكونجرس الأمريكي خاصة بين الجمهوريين، وذلك للضغط على أعضائه واستثمارهم في حملته الانتخابية داخل إسرائيل، وللإيحاء بأن الرئيس أوباما لم يقم بواجبه لوقف طموحات طهران النووية.
يمكن القول إن خطاب نتنياهو الأخير في الكونجرس عن التهديد النووي الإيراني كانت بمثابة الفرصة الأخيرة ربما لتعزيز وضعية نتنياهو في الاتنخابات التشريعية، ورفع مستوى حظوظه وشعبيته وتدعيم أسهم حزبه من خلال إظهار مدي حرصه على مصلحة الشعب اليهودي، والذي يمتطي أغلب الساسة الإسرائيلين صهوة حرصهم عليه لبلوغ أهدافهم حول العالم، وقد قام بذلك سابقًا عندما ذهب لباريس عقب أحداث شارلي إبدو ودعوته لليهود الفرنسيين للهجرة لإسرائيل ومحاولته تحقيق مكاسب انتخابية من تلك التحركات السياسية.
 ثالثا- طبيعة التحالفات الانتخابية وسيناريوهات البرلمان والحكومة المقبلتين
1- المعسكر الصهيوني والسعي نحو إزاحة حكم اليمين

لقد كان التحالف بين حزب العمل برئاسة إسحق هيرتزوخ وحزب الحركة بزعامة تسيبي ليفني وخوضهما الانتخابات ضمن قائمة مشتركة تحمل اسم " المعسكر الصهيونى" بمثابة تحول كبير في المعركة الانتخابية الدائرة حاليًا في إسرائيل، عما كانت عليه في السنوات الماضية، فخلال الدورات الانتخابية الماضية كانت المعركة تدور أساسًا بين حزب الليكود الممثل القوي لليمين في إسرائيل وبين أحزاب الوسط الإسرائيلي مثل حزب كاديما، حيث شهدت تلك الفترة تراجعا تدريجيا وواضحا في تمثيل حزب العمل في الكنيست وضعف شعبيته بعد خروج أهم أعضائه البارزين مثل إيهود باراك وشمعون بيريز، ومن هنا يمكن القول إن تحالف حزب العمل الممثل التاريخي لمعسكر اليسار في إسرائيل مع حزب الحركة الذي يمثل الوسط الإسرائيلي هو بمثابة محاولة جدية لتغيير وجهة المعركة الانتخابية، وجعلها مواجهة بين معسكر اليمين بزعامة الليكود ومعسكر اليسار الوسط الممثل " بالمعسكر الصهيونى".
وبناءً على ما سبق يمكن تحليل الأسباب الداعية للتحالف بين حزب العمل وحزب الحركة إلى أن الحملات الانتخابية في إسرائيل غالبًا ما تشهد الكثير من التحالفات التي تنشأ لأغراض انتخابية ثم سرعان ما تتلاشى بعد ذلك، ومن أهم أسباب هذه التحالفات تعود إلى الرغبة في تحسين الفرص الانتخابية أو مواجهة تكتلات منافسة  أكبر أو سياسات معينة أو ببساطة الحصول على مغانم الحكم، فمنذ انتخابات الكنيست الأخيرة في 2013 نال حزب العمل 15 مقعدًا وحزب الحركة 6 مقاعد، وكان ظاهرًا لحزب العمل في ضوء تراجع عدد مقاعده في الكنيست مقابل صعود شعبية أحزاب الوسط، أنه من الصعب عليه التغلب على الليكود وأن يطرح نفسه بديلًا حقيقيًا لحكم اليمين من دون أن يوحّد قواه مع حزب وسطي يتمتع بشعبية وسط الجمهور الإسرائيلي، ومن هنا نشأت فكرة التحالف بين حزب العمل بزعامة هيرتزوخ وحزب الحركة بزعامة ليفنى.
فحزب العمل البعيد عن السلطة منذ أكثر من عقد من الزمان يسعى من خلال تحالفه مع ليفني إلى التقرب من الجمهور الإسرائيلي المؤيد لأحزاب الوسط، وهو يحاول تقديم صورة مختلفة عن صورته اليسارية التقليدية واكتساب صورة جديدة أكثر انفتاحًا وقربًا من توجهات الجمهور الإسرائيلي العريض نحو أحزاب الوسط التي تتبني رؤية اجتماعية واقتصادية تتلاقى مع حاجاتهم.
وعلى الجانب الآخر، فإن تحالف زعيمة حزب الحركة تسيبي ليفني مع حزب له قاعدة انتخابية ثابتة تقليديًا مثل حزب العمل من شأنه أن ينقذ حزبها الذي تراجعت شعبيته بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة إلى حد بروز شكوك جدية بشأن قدرته على تجاوز نسبة الحسم الجديدة في الانتخابات في حال خاض الانتخابات منفردًا والتي ارتفعت من نسبة 2% إلى 3.25% ، وعلى الرغم من الفوارق السياسية بين مواقف ليفني ذات الميول اليمينية الواضحة التي تحمل إرث حزب الليكود الرافض لتقديم تنازلات للفلسطينيين، وبين أيديولوجيا حزب العمل اليسارية التي تؤمن بتسوية سياسية مع الفلسطينيين ، لكن المعروف عن ليفني في هذا السياق تقلباتها السياسية، وأنها تضع مصالحها الانتخابية قبل قناعاتها الأيديولوجية.

ربما تشكل حكومة تغلب عليها سياسة اليمين – وسط، ويستبعد أن تكون قادرة على تحقيق مطالب بإجراء إصلاحات اجتماعية أو إحراز تقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين
إن تحالف ليفني مع حزب العمل يعطيها فرصة ذهبية لا سيما وأن الاتفاق بين الحزبين نص على التناوب في رئاسة الحكومة بين زعيمي الحزبين في حال فوز المعسكر الصهيوني بالانتخابات وتشكيله الحكومة الإسرائيلية القادمة، فليفني تحمل إلى المعسكر الصهيوني خبرتها عندما تولت المفاوضات مع الفلسطينيين في حكومة أولمرت وحكومة نتنياهو الأولى وعلاقاتها الجيدة بالإدارة الأمريكية والبيت الأبيض وبالدول الغربية.

2- سينايوهات نتائج الانتخابات وملامح تشكل الحكومة القادمة
أ‌-     سيناريو حكومة يسار وسط بقيادة المعسكر الصهيوني "هيرتزوخ وليفنى"
في إطار تأكيد نتنياهو على أنه لن ينضم إلى حكومة ائتلافية مع المعسكر الصهيونى، فإنه في ضوء نتائج الاستطلاعات، وتقدم المعسكر الصهيوني وفي حالة نجاحه في تحقيق النتائج المتوقعة ستقوم حكومة يسار برئاسة إسحق هيرتزوخ وتسيبي ليفني مع حزب ميرتس، واحتمال دخول القائمة العربية المشتركة خاصة مع حصول المعسكر الصهيوني على دعم الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز يوم السبت 14 مارس وتأييده لهذه القائمة، ومن ثم احتمال تولي هيرتزوخ رئاسة الحكومة، وفي حال تحقق هذا السيناريو سيكون له أثر إيجابي على التوجه السياسي للحكومة المفترضة تجاه عملية السلام والتسوية السياسية مع الفلسطينيين، خاصة أن هيرتزوخ قد أعلن من قبل تأييده لحل الدولتين والتسوية السياسية مع الفلسطينيين، واستئناف عملية االسلام على أساس الحوار الإقليمى، أما ليفني المعروف عنها رفضها تقديم تنازلات، فلها مواقف مؤيدة لإستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين.
ب‌-سيناريو حكومة وحدة وطنية بين نتنياهو وهيرتزوخ
على الرغم من نفي نتنياهو الدخول في ائتلاف حكومي مع هيرتزوخ فإنه ليس من المستبعد تشكيل حكومة وحدة في أعقاب انتخابات الكنيست في حالة تساوي النتائج بينهما، وأن يجري خلالها التناوب على رئاسة الحكومة بين نتنياهو وهيرتزوخ، حيث تشير العديد من التحليلات إلى أن تراجع شعبية نتنياهو وحزب الليكود لصالح المعسكر الصهيوني قد تجعل نتنياهو يفكر في التعاون مع المعسكر الصهيونى، وفي حال تحقق هذا السيناريو فإنه يعني تشكيل حكومة تغلب عليها سياسة اليمين – وسط، ويستبعد أن تكون قادرة على تحقيق مطالب بإجراء إصلاحات في المجالين الاجتماعي والاقتصادي ناهيك عن إمكانية إحراز تقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين واستبعاد وقف التغول الاستيطانى.
ج‌- سيناريو حكومة يمينية برئاسة نتنياهو
على الرغم من صعوبة تحقق هذا السيناريو في ضوء معطيات الواقع السياسي الإسرائيلي الحالي قبيل بدء الانتخابات وفي ضوء الاستطلاعات الراهنة، فإنه في حال تحقيق حزب الليكود لعدد كبير من المقاعد فإنه يمكنه من خلال التحالف مع العديد من الأحزاب اليمينية الأخرى مثل حزب البيت اليهودى، وحزب إسرائيل بيتنا ، وحزب شاس الديني أو أحزاب الوسط الأخرى من تشكيل حكومة يمينية جديدة، ولكنها ستكون أكثر تشددًا مع الفلسطينيين بخصوص التسوية السلمية مع استمرار سياسة الاستيطان.
لقد أشارت نتائج استطلاعات الرأي إلى أن المعسكر الصهيوني يتقدم بفارق طفيف على حزب الليكود، وأن هناك احتمالا أيضًا لفرص متساوية لكليما للفوز في الانتخابات ولكن توجد نسبة ما بين 12 و15 % من الاسرائيليين لم تحسم موقفها النهائي بعد من المرشح المفضل ، ولكن فرص حزب الليكود لتشكيل غالبية مكونة من الأحزاب القومية والأحزاب الدينية قد تحول دون وصول هرتزوخ إلى منصب رئاسة الوزراء.
وفي هذا الإطار فإن رئيس الوزراء المنتهية ولايته نتنياهو، قد حذر من أن تشكيل حكومة بقيادة المعارضة وبدعم من القائمة العربية المشتركة خطير بصورة حقيقية، وأن حكومة بقيادة الليكود هي القادرة على الحفاظ على أمن إسرائيل، حيث حذر نتنياهو الثلاثاء الماضي من أن قيام حكومة يقودها هيرتزوخ وليفني وتدعمها القائمة العربية ستعمل على إخلاء الضفة الغربية مما سيدفع إلى تشكل " حماسستان2" في إشارة إلى غزة بأنها حماسستان .

وعلى الجانب الآخر، فإنه على الرغم من التقدم الذي أشارت إليه العديد من الاستطلاعات حول تقدم المعسكر الصهيوني على الليكود ، فإن هذا التقدم لا يضمن إمكانية قيام حزب العمل بتشكيل الحكومة المقبلة للمرة الأولى منذ 15 عامًا فحصول هرتزوخ على أكبر عدد من مقاعد الكنيست ال 120 بالانتخابات يوم الثلاثاء القادم لا يكفي في الواقع لضمان حصول أي زعيم على منصب رئيس الوزراء ، فنظام التمثيل النسبي الشامل المعتمد بإسرائيل يعطي مجالًا كبيرًا للأحزاب الصغيرة لترجيح كفة الميزان إلى هذا الجانب أو ذاك.

 إن أهم ما يميز هذه الانتخابات هو بروز وتشكل القائمة العربية المشتركة التي تمثل حدثًا تاريخيًا في نضال القوى العربية بإسرائيل المعادية للتمييز والعنصرية، حيث إن هذة القائمة كانت بمثابة جواب سياسي على التدهور العنصري في البلاد وعلى جرائم الشرطة العنصرية وعلى حملة ليبرمان العنصرية الداعية إلى ترحيل العرب، فالأحزاب العربية لم تشارك قط في أي حكومة إسرائيلية، ولم تسع للمشاركة وهذا لن يتغير على الأرجح لكن القائمة العربية يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا بعد نتيجة الانتخابات، ففي انتخابات 2013 بلغت نسبة مشاركة العرب 57% فعرب الداخل " فلسطينيو 48" يشكلون 15% ممن يحق لهم التصويت وهو ما يعني أن إمكاناتهم الانتخابية يمكن أن تضمن لهم 18 مقعدًا ، وقد لمح رئيس القائمة العربية المشتركة أيمن عودة إلى أن القائمة قد تساند رئيس الاتحاد الصهيوني إسحق هيرتزوخ، ولكن في حال انتهت الانتخابات بالتعادل بين هيرتزوخ ونتنياهو وقيامهما بتشكيل ائتلاف كبير ستمتنع القائمة العربية من تأييد الحكومة لتصبح المعارضة الرسمية في البلاد ، وهي سابقة بالنسبة لحزب إسرائيلي في تاريخ اسرائيل.
خلاصة القول إنه في ضوء معطيات الواقع السياسي الراهن على الساحة الإسرائيلية فإن احتمالات سقوط نتنياهو تتزايد نتيجة للعديد من المساوئ التي تميز به حكمه خلال الفترة السابقة ، فبعد عملية الجرف الصامد في قطاع غزة والحرب مع حماس وعدم شعور المواطن الإسرائيلي بالأمان، وتبني الحكومة خطابا عنيفا وعنصريا دعا إلى القضاء على العرب وشنق اليساريين، بدا من الواضح للمجتمع الإسرائيلي أن وصول حكومة مشكلة من ائتلاف يميني إلى سدة الحكم مرة أخرى في إسرائيل أمر غير مقبول، فسياسات حكومة نتنياهو تسببت بعقوبات اقتصادية دولية شديدة وعزل إسرائيل واصطدمت بالمجتمع الدولى.


*باحث دكتوراه في العلوم السياسية

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟