المركز العربي
للبحوث والدراسات
رئيس مجلس الادارة
عبد الرحيم علي

المدير التنفيذي 
هاني سليمان
ads
د‏.‏ ضياء الدين القوصي
د‏.‏ ضياء الدين القوصي

القول الفصل فى ربط حوض الكونغو بالنيل

السبت 12/أبريل/2014 - 11:18 ص
يكاد يعترينى بعض الشك فى نيات الأفراد والمجموعات وربما الدول التى تطرح فى هذا التوقيت فكرة العزوف عن الدخول فى مهاترات مع اثيوبيا للحصول على قدر بسيط من (الحقوق) المائية والاتجاه إلى الطريق الأسهل للحصول على (كل) ما نريد من خيرات وفوائض نهر الكونغو من المياه.
ومصدر الشك هنا أن الترويج لهذا الفكر يأتى فى وقت يحس فيه كل مصرى بالإحباط الشديد من الموقف المتعنت للسادة الاثيوبيين الذين رفضوا ويرفضون كل ما يعرض عليهم من مقترحات وكل ما يقدم إليهم من حلول تتيح لهم كل مطالبهم المائية وكل احتياجاتهم المحلية من الطاقة التى ستولد من المساقط المائية فقط مقابل ألا يحرموا الجيران والأصدقاء والشركاء حقوقهم التاريخية وفى معمعة هذا الاحباط المتزايد يأتى من يبشر بأن لا داعى لهذا الحوار الساخن والصداع المستعر وذرونا نتجه جنوباً لاحتلاب هذا المصدر الذى لا ينضب والمعين الذى لا يفرغ ولا ينقضى من نهر يفيض كل عام بما يزيد عن 1400 مليار متر مكعب يصرفها طواعية إلى المحيط لا يستفيد منها إنس ولا جان.
إلا أن من عقلاء الأمة وحكمائها ومن مهندسيها ومتخصصيها من هم على دراية بالموضوع وهؤلاء يحذرون بين الحين والآخر على استحياء شديد خوفاً من مداهمة الدهماء لهم بأنهم لا يعرفون. أقول هذا ولدى فكر أظنه صحيحاً وأحسبه حقيقياً لاثنين من أساتذة المياه وشيوخها أحدهم هو الدكتور أحمد فخرى خطاب خبير السدود العالمى والثانى هو المهندس أحمد فهمى عبد الله الرئيس الأسبق لهيئة مياه النيل بوزارة الرى ويرى كلاهما ما يلي:
1ـ أن حوض الكونغو يشمل تسع دول كما أن حوض النيل يشمل إحدى عشرة دولة.
وهناك أربع دول مشتركة فى الحوضين هى جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وبوروندى وتنزانيا يضاف إليها خمس دول فى حوض الكونغو وسبع فى حوض النيل يلزم موافقتها جميعاً على نقل قطرة واحدة من المياه من حوض إلى الحوض الآخر وهذه قضية كبرى تحتاج إلى سنوات من النقاش 
2 ـ نعلم جميعاً أن دول حوض النيل رفضت وترفض باصرار مبدأ نقل قطرة واحدة من المياه خارج الحوض فإذا كان إقرار المبدأ وهو النقل بين الأحواض فلماذا إذن التعنت وعدم الموافقة على نقل مياه النيل إلى كل من يطلبها شرقاً وغرباً؟ وأقرب فروع نهر الكونغو إلى حوض النيل هى الروافد الشمالية وأهمها روافد نهر كوتو ونهر تشينكو اللذان ينبعان من هضاب قرب حدود بحر الغزال على حواف أوغندا وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجميع هذه الأنهار هى من روافد نهر أوبانجى الضخم الذى يبلغ تصرفه حوالى 116 مليار متر مكعب سنوياً.
3 ـ دون الدخول فى تفاصيل فنية قد تشغل بال القارئ غير المتخصص فإن هناك طريقين لنقل مياه نهر الكونغو إلى نهر النيل: الأول إلى بحر الغزال حيث يفقد الجزء الأكبر منها فى المستنقعات الكائنة بالحوض حالياً والثانى إلى بحر الجبل حيث يكون من الضرورى تمرير التصرف من خلال قناة جونجلى التى ترفض القبائل المتصارعة حالياً فى المنطقة (الدنكا والنوير) مجرد التفكير فى إحياء مشروعها لأسباب تظن هذه القبائل أنها موضوعة وأهمها أن تجفيف المستنقعات سيعمل على إضعاف الأنهمار المطرى وبالتالى يعم المنطقة حالة من الجفاف.
4 ـ لم تتم دراسة طبوغرافية لمنطقة التغذية بين النهرين إلا أن الدلائل تشير إلى ضرورة انشاء سد هائل لتخزين المياه ثم ضخها لارتفاعات ضخمة أو تمريرها فى أنفاق تجتاز مناطق صخرية أو فى قنوات مكشوفة تلتف حول هذه الهضاب الصخرية - وكل من هذه البدائل يحتاج إلى دراسات ميدانية متأنية.
يتضح مما سبق أن جميع الاقتراحات المذكورة لنقل المياه من نهر الكونغو إلى نهر النيل لم تتم دراستها بالقدر الكافى ولم يقم أحد بالأبحاث والتصاميم الخاصة بها ومن ثم لا يمكن اثبات جدواها الفنية نظراً لأن المياه سوف تضيع فى منطقة مستنقعات جنوب السودان مع عدم استطاعة تحمل مجرى النيل الأبيض لهذه الكميات الكبيرة من المياه حتى فى حالة اختراق المستنقعات.
إذا كان المشروع يواجه هذه العقبات السياسية والفنية التى تحتاج إلى دراسات تفصيلية بطريقة تخزين مياه نهر الكونغو ورفعها إلى حوض النيل مع تصميم جميع المنشآت وخطوط الأنابيب أو القنوات المكشوفة التى ستنقل هذه المياه فهل يكون مجدياً التفكير - مجرد التفكير - فيمن سيتحمل هذه التكاليف التى قد تصل إلى بضع مئات من المليارات من الدولارات لن يستفيد من ورائها سوى دولة واحدة التى تتمثل فى ضرورة الحصول على موافقة عشرين دولة هى دول حوضى الكونغو والنيل هى جمهورية مصر العربية المثقلة حالياً بالديون والمكبلة بتكاليف هائلة وإذا ظن البعض - على سبيل الجدل والنقاش العقيم ليس إلا - أن كل ذلك ممكن فهل يتحمل الإطار الزمنى الذى نحن بصدده الآن . أرجو أن نكف جميعاً عن مجرد الحديث فى هذا الموضوع فى الوقت الحاضر خصوصاً لا بديل عن الحق الأصيل والقانونى والشرعى والطبيعى لمصر فى حصتها من مياه النيل. نقلا عن الأهرام

إرسل لصديق

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟

ما توقعك لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني؟